الشريفة !
نتيجة منع الحديث :
ولما كان في ما جمعوه من السنن نقصاً وتشويهاً وتهافتاً حتى اشتهر
عن أبي حنيفة النعمان رأس المذهب الحنفي أنّه كان يترك السنن
وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويعمل برأيه وقياسه (1)مع وجود الحكم
الشرعي الذي نطقت به السُنّة الشريفة المحفوظة عند أهل البيت عليهم السلام
عدل القرآن الكريم ، كما اضطرّ غالب فقهائهم أيضاً إلى الرأي ، والقياس ،
والاستحسان، والمصالح المرسلة ، وسدّ الذرائع فأدخلوا هذه العناصر
كمصادر جديدة للتشريع ، وسموّها (أُصول الفقه) ومن تتبع جذور تلك
الاَُصول نجدها قد أسهمت وبشكل مباشر في هدم السُنّة ومحاولة
إماتتها؛ ذلك لاَن مانعي تدوين الحديث قد منحوا أنفسهم صلاحية
واسعة جداً في ميادين الاجتهاد في مقابل نصوص الشريعة الاِسلامية ،
فقاسوا الاَُمور باشباهها واستحسنوا أموراً أُخرى بأذواقهم ، مما أدّى ذلك
إلى تعرّضهم المستمر في بداية الاَمر إلى انتقادات الصحابة الآخرين
وإثبات أنّ تلك الاجتهادات إنّما هي بدع في الدين لمخالفتها الواضحة
لاَحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فكان التراجع عما اجتهدوا به حليفهم ، مما
حملهم على اتخاذ الاِجراءات الحاسمة لوقف حالة الاعتراض والتذمر
عند رؤوس الصحابة ، وذلك بحسم مادتها واقتلاع مصدرها وهو الحديث
الشريف ؛ لكي يسلم بذلك قياس زيد واستحسان عمر .
نعم كان من المناسب جداً لبقاء تلك الاجتهادات ـ بل التصرفات التي
(1) تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي 13 : 412 وما بعدها .