وإذا اتضح هذا فاعلم أنّه إذا كان إسناد البَدَاء إلى الله عزَّ وجل إسناداً
مجازياً ، فهو إنّما يكون كذلك في صورة التسليم بأنّ إسناده بنحو الحقيقة
يستلزم الجهل .
وأمّا إذا لم يسلَم ذلك ، على أساس القول بأنّ البَدَاء أعم من كونه ظهور
رأي بعد الجهل ، فالاَمر أوضح ، ولا يكون حينئذ في إسناده حقيقةً أدنى
محذور لما علمت على طبق رأي الزجاج من أنَّ ظهور قعقعة السلاح في
ساحة الجهاد والقتل في سبيل الله لا يكون ظهوراً لله عزَّ وجل بعد الجهل
به ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وإنّما يكون ظهوراً لله عزَّ وجل بعد
مرحلة لاحقة من العلم التفصيلي به ، ذلك هو علم الغيب الذي أحاط
بالاَشياء قبل إيجادها والذي لا حدّ له ولا أمد ، فأين التغيير في علم الله
(عزَّ وجل) يا ترى ؟!
ومن روائع الكافي ما أخرجه عن الكاهلي ، قال : «كتبت إلى أبي
الحسن (الاِمام الكاظم) عليه السلام في دعاء : الحمد لله منتهى علمه !!
قال : فكتب إليَّ عليه السلام : لا تقولن منتهى علمه ، فليس لعلمه ( عزَّ وجل )
م نتهى . ولكن قل : منتهى رضاه » (1).
إعتقاد العامّة بتغيير وتبديل ما قُضي وقُدّر :
ثم أين هؤلاء من أحاديث البخاري وأقوال علمائهم ؟ :
كحديث المعراج الصريح بتغيير ما فرض وقدر أربع مرات متوالية في
(1) اُصول الكافي 2 : 409 | 19 باب الدعاء للكرب .