جواب الاِشكال الخامس :
سبب بيعة الاِمام عليه السلام بعد الامتناع :
أما مسألة الاكراه على البيعة ، وعدم مبادرته إليها بنفسه ، فقد تناقلها
أهل التواريخ والسير :
أخرج البخاري : «أن علياً امتنَع عن البيعة لمدة ستة أشهر حتى توفيت
فاطمة الزهراء عليها السلام » (1).
وفي خطبةٍ للاِمام عليّ عليه السلام يبين بوضوح أسباب بيعته ، ويفصح عن
سرّها فلا يبقى تأويل لمتأوّل : فاستمع أيُّها المنصف لما يقول عليه السلام :
أ ـ وأيمُ الله لولا مخافة الفرقة ، وأن يعود الكفر ويبور الدين ، لغيّرنا
ذلك ، فصبرنا على بعض الاَلم (2).
ب ـ وقال عليه السلام في نهج البلاغة : «فنظرتُ ، فإذا ليس لي معين إلاّ أهل
بيتي، فضننتُ بهم عن الموت ، وأغضيتُ على القذى وشربتُ على الشجا ،
وصبرتُ على أخذ الكظم وعلى أمرَّ من طعم العلقم» (3) فهل يمكن أن
يُؤتى ببيان أوضح من هذا؟!
وإذن ، فما وجه الانتقاص بعد هذا التذمر والشكوى ؟ وهو عليه السلام أعلم
بالحال وبالمآل .
(1) صحيح البخاري 5 : 288 . وتاريخ الطبري 2 : 234 .
(2) مستدرك نهج البلاغة 1 : 248 للشيخ المحمودي .
(3) نهج البلاغة ، ضبط الدكتور صبحي الصالح : 68 الخطبة 26 .