مطارحات فی الفکر و العقیدة

مركز الرساله

نسخه متنی -صفحه : 155/ 153
نمايش فراداده

ومن هنا تجمّعت دواوين الحديث لديهم ، الصحاح والسنن والمسانيد، فاختلط بالصحيح كذب وباطل كثير ، ابتلوا به إثر تلك السياسة الظالمة الجاهلة الجائرة التي صوّرت لهم الحقّ باطلاً والباطل حقاً!

مخالفتهم للسُنّة العملية :

أمّا في السُنّة العمليّة ، فلقد خالفها أئمة العامّة كثيراً ، عامدين ، وعن علم ، كما فعل عمر بحذف «حيّ على خير العمل» من الاَذان ، وكما فعل عثمان بترك التقصير في الصلاة في موسم الحجّ ، وفي زيادة الاَذان يوم الجمعة ، وغسل القدمين في الوضوء بدل المسح ، وغيرها كثير ، وكما عمد إليه معاوية من تعمّد تبديل السنن خلافاً للاِمام عليّ عليه السلام فنقّص التكبير في الصلاة ، ومنع التلبية في الحج ، ورسّخ ما ابتدعه المتقدّمون ، وجاء أنصاره فوضعوا في ذلك أحاديث كثيرة تدعيماً لما أشاعوه .

فممّا حفظته مصادرهم الموثّقة : أنّ الحجاج السفاك قام خطيباً يعلّم الناس الوضوء ! فأمرهم بغسل القدمين ثلاثاً وشدّد على ذلك ، حتى قام أنس بن مالك ، الصحابي خادم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال : صدق الله ، وكذب الحجّاج ! قال الله : ( وامسَحُوا بِرُؤوسِكم وأرجُلَكُم ) (1).

وهكذا خلطوا السُنّة العملية بالباطل والبدع كما صنعوا بالسُنّة القولية

(1) المائدة 5 : 6 . وتكذيب أنس للحجاج في مسألة الوضوء في تفسير الطبري 10 : 58 | 11475 و 11476 و 11477 . وأحكام القرآن ، لابن العربي 2 : 577 . والناسخ والمنسوخ ، لابن العربي 2 : 198 . والمحرر الوجيز ، لابن عطية الاندلسي 5 : 48 . وتفسير الرازي 11 : 161 . والجامع لاَحكام القرآن ، للقرطبي المالكي 6 : 92 . وتفسير ابن كثير 2 : 27 قال : (اسناده صحيح) . والدر المنثور 3 : 28 أورده عن سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وغيرهم .