هویة التشیع

أحمد الوائلی‏

نسخه متنی -صفحه : 234/ 133
نمايش فراداده

المدينة، فكيف يترك أمر هذه الاُمة منبعده سدى ويعرضها إلى الفتن دون أن يوصي أويرشح للأمر شخصاً من بعده، وبما أنّ هذهالمسألة قد أشبعتها أقلام الباحثين منمختلف الفرق الإِسلامية فلا اُريد العودةإلى ما دار حولها، وكل ما يعنيني هنا أناُبيّن أنّ مسألة الوصية مصدرها القرآنوالسنة، أما القرآن فقد أشرك علياًبالولاية العامة وجعل إمامته امتداداًللنبوة حين تختم النبوة بموت الرسول فقالتعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذينآمنو الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاةوهم راكعون) وقد ذكرنا نزول هذه الآية فيعليٍّ عليه السلام وما يترتب عليها منلوازم في مكان آخر من هذا الكتاب، وأماالسنة الشريفة فإنّ الروايات المعتبرةمتظافرة بأنّ رسول الله صلّى الله عليهوآله وسلّم نص على عليٍّ بالوصية في أكثرمن مورد، ومن تلك الموارد:

ما نزل عليه قوله تعالى: (وأنذر عشيرتكالأقربين) الشعراء/214، فجمع أقاربه وعددهمأربعون على فخذ شاة وطلب منهم أن يؤازروهعلى الدعوة فلم يقم إليه إلا عليّ فأخذبرقبته وقال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكمفاسمعوا له وأطيعوا(1). فقام القوم يضحكونويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لا بنكوتطيع. هذا وقد ذكر ابن أبي الحديد فيكتابه شرح نهج البلاغة فصلاً ممتعاً فيموضوع وصاية الإِمام عليّ عليه السلامللنبي وأشبع الموضوع وبوسع القارئ الرجوعإليه، وها أنت قد سمعت أن الوصية جاءت علىلسان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّملفظاً ومعنى ومع ذلك ترى هؤلاء يقولون إنّموضوع الوصية اخترعه عبدالله بن سبأوستسمع لو قلت لهم إنّ الوصية لها مصادرهامن السنة: مَنْ يقول لك هذه أحاديث دسهاالشيعة على لسان السنة.

2 ـ العصمة

موضوع العصمة موضوع مهم في الفكر الشيعيخاصة والإِسلامي عامة

(1) انظر تاريخ الطبري 2/216، وتاريخ ابنالآثير 2/28، وتفسير الدر المنثور للسيوطي45/97 طبعة أوفست.