من خصائص الجسم الحي الحركة ، وعدم الحركة في الجسم الحي يعني شلله ، ويعني أنه أصبح عرضةً لفتك أنواع الموجودات الغريبة . والحج حركة دائبة ، حركة نحو الله . أي نحو التكامل الفردي والاجتماعي ، ومن مستلزمات الحركة إزالة العوائق من طريقها ، وتحشيد الطاقات نحو بلوغ أهدافها .
الامام الخميني ينظر الى الحج بهذا المنظار الاسلامي الأصيل ، ويعتقد أنّ الكعبة ينبغي أن تكون منطلق حركة الأمة نحو التخلص من سلبياتها والقضاء على مذليها وظالميها ، ونحو إزالة مايقف بوجه استعادة وجودها وكيانها30 يقول الامام(رحمه الله): «وأنتم يا حجاج بيت الله الحرام الذين بادرتم من كلّ أطراف الدنيا نحو بيت الله . . مركز التوحيد ، ومهبط الوحي ، ومقام إبراهيم ومحمد(صلى الله عليه وآله) أعظم رجلين; محطمي الأصنام ومعترضي المستكبرين . . أنتم الذين وقفتم على المواقف الكريمة حيث كان في عصر الوحي أراض جبلية جرداء ، وجدباء لا ماء فيها ولا زرع ، لكنها كانت محط هبوط ملائكة الله ، وهجوم جنود الله ، وتوقّف أنبياء الله ، وعباد الله الصالحين .
الآن عليكم أن تعرفوا هذه المشاعر وتعبئوا أنفسكم من مركز تحطيم الأصنام الكثيرة المتجسدة في صورة القوى الشيطانية والابتزازية المعادية للانسان ، ولا تخشوا هذه القوى الخاوية من الايمان ، واعقدوا في هذه المواقف العظيمة ـ بعد الاتكال على الله ـ عهد الاتفاق والاتحاد في مواجهة جنود الشرك والشيطان ، واحذروا التفرّق والتنازع {ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}.
وفي مناسبة أخرى يقول الامام(رضي الله عنه): «الآية الكريمة {جعل اللهُ الكعبة البيت الحرام قياماً للناس} توضّح سر الحج وبواعثه ، والغاية من الكعبة والبيت الحرام ، وهي نهوض المسلمين وقيامهم في سبيل مصالح الناس والجماهير المستضعفة في العالم» 31 .