لئن كانت الحركة مظهراً ضرورياً في حياة الأمة المسلمة ، فإنّ وحدة أجزاء الأمة أكثر ضرورة للحياة; لأنّ تفكك الأجزاء يعني فقدان الجسد الواحد . والأمة الاسلامية ينبغي أن تكون كالجسد الواحد . . إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى . والوحدة أيضاً ضرورة لازمة للوقوف بوجه أنواع التحديات التي تجابه المسلمين .
أهمية وحدة المسلمين تتجلى في تأكيد الاسلام على التجمعات الاسلامية في الجماعات والجمعة والأعياد ، وتأكيده على تكوين الجسد الواحد والبنيان المرصوص . كما تتجلّى أيضاً في المؤامرات الواسعة المدروسة ، التي يدبرها أعداء الاسلام لتفريق صفوف المسلمين .
الامام الخميني يؤكد مراراً في أحاديثه على أهمية رص صفوف الأمة ، ويحذّر الأمة من كلّ تفرّق وتشتت ، ويعتقد أنّ موسم الحج أفضل فرصة لتوثيق أواصر الوحدة والتفاهم والتعاون والتعاضد بين المسلمين ، يقول: «لماذا لا يلتزم المسلمون وحكوماتهم بالأحاديث النبوية الكريمة التي جاء فيها: المسلمون يد واحدة على من سواهم؟! لماذا لا يوجد بينهم إلاّ الخلاف المستمر؟!
إنّ مشكلة المسلمين تتمثل اليوم في نشوب الاختلافات بينهم ، والمستعمرون وضعوا خطة بث الخلافات بين المسلمين بعد الحرب العالمية ، حين واجهوا قوة الاسلام ، ففصلوا الحكومات الاسلامية عن بعضها ، وألقوا الخلافات بين المسلمين ، وجعلوا الحكومات الاسلامية متعادية مع بعضها .
يجب حل هذه المشكلة في يوم العيد ، في يوم عرفة في بيت الله ، حيث ينبغي أن يجتمع الحكام في مكة المعظمة تلبية لأمر الله تبارك وتعالى ، ويطرحوا المشاكل التي يواجهونها ، ووضع الخطط الكفيلة بالتغلّب على هذه المشاكل .
إذا تمّ هذا الأمر لا تتمكن أية قوّة أن تتحداكم» .
ويقول أيضاً:
«من واجبات المسلمين في تجمع (الحج) العظيم دعوة الشعوب والمجتمعات الاسلامية الى وحدة الكلمة ونبذ الخلافات بين المسلمين ، وعلى أصحاب القلم والبيان أن يبذلوا ما وسعهم على هذا الطريق ، وفي سبيل إيجاد «جبهة المستضعفين» ، ويحرروا أنفسهم بوحدة الكلمة وتحت شعار لا اله إلاّ الله من أسر القوى الشيطانية ومن براثن الأجانب والمستعمرين والمستغلين» .
و في جانب من النداء التاريخي يقول الامام مشيراً الى دور أمريكاً في بث الفرقة وزرع الفتنة: «الشيطان الأكبر (أمريكا) دعا فراخه لإلقاء بذور التفرقة بين المسلمين بكلّ الحيل والوسائل ، وجرّ الأمة الاسلامية والاخوة في الايمان الى الاختلاف والعداء; ليفتح أمامه السبيل الى مزيد من النهب والهيمنة» .
وبعد أن يضع يده على بعض أساليب الشيطان الأكبر وأتباعه في إثارة التناحر والتفرقة بين المسلمين . . . يوصي المسلمين بضرورة التسلح بالوعي: «على جميع المسلمين أن يعرفوا هؤلاء المنافقين ، وأن يحبطوا مؤامراتهم الخبيثة» .