الوعي; السلاح الأمضى
تضافرت جهود ضخمة ومخططات حقود على تغييب الوعي في أوساط المسلمين .
ولعل موسم الحج ـ بوضعه الفعلي ـ أفضل معبّر عمّا يعانيه المسلمون اليوم من
سطحية وضياع وركود وتشتت ، لا أثر للمنافع التي ذكرها الله تعالى في
الآية الكريمة { . . .ليشهدوا منافع
لهم} . ليس
هناك أي منافع على صعيد التوعية ، ولا على الصعيد السياسي ، ولا
على الصعيد الاقتصادي . . . اللهم إلاّ ما يجنيه معسكر الكفر
من أرباح اقتصادية في هذا الموسم ، من خلال تدفّق بضائعه الكاسدة على
أسواق مكة والمدينة وجدّة .
أكثر
حجاج بيت الله الحرام تضيع أوقاتهم في موسم الحج بين أداء جامد غير واع
للمناسك ، وبين تجوّل في الأسواق ، وتهافت على شراء البضائع
الأجنبية ، وبين جلسات سمر واسترخاء ، بأشكال متعددة ، هذا هو
الذي يعبّر عنه الامام الخميني بالغفلة إذ يقول:
«لا يمكن للمسلمين أن يحيوا حياة مشرفة إلاّ
بالاسلام ، لقد أضاعوا إسلامهم ، لقد عُدنا نجهل الاسلام ،
بسبب إيحاءات الغرب وتشويهاته ، ولذلك فإنّ المسلمين يجتمعون كلّ عام في
مكة المكرمة حيث جعلها الله ملتقى للمسلمين ، لكنهم لا يدرون ماذا
يفعلون ، لا يستفيدون من هذا الاجتماع إسلامياً ، ومثل هذا المركز
السياسي جعلوه مركز غفلة عن كلّ مسائل المسلمين . ولو استثمر المسلمون
عطاء الحج السياسي; لكان ذلك كفيلا بتحقيق استقلالهم ، لكننا أضعنا
الاسلام مع الأسف ، لقد أبعدوا الاسلام عن السياسة ، فقطعوا رأسه
وسلّموا لنا بقيته وجرّونا الى الوضع الذي نعيشه اليوم ، وما زال
المسلمون على هذه الحالة فلن يستعيدوا مجدهم» 33 .
و على
هذا المنوال ، يستعرض الامام مظاهر الهجوم الشرس من قبل أعداء الاسلام
على العالم الاسلامي ، من قبيل ما كان يجري ، يومئذ في
أفغانستان ، حيث الاجتياح السوفيتي ، وما تشنه الدولة العبرية من
هجوم واسع النطاق على المسلمين في فلسطين العزيزة ولبنان
العزيز . . . ومع إعلان إسرائيل عن مشروعها الاجرامي بشأن نقل
عاصمتها الى القدس . . . وما يقدمه عملاء أمريكا من خدمات
كبيرة لتنفيذ مخططها الإجرامي ، مع ما يتزامن مع ذلك كلّه من حصار وتآمر
ونشر دعايات سوء وأكاذيب وافتراءات ضد الثورة الاسلامية .
وهنا يقول الامام(رضي الله عنه): «على
المسلمين أن يكونوا يقظين أمام خيانات هؤلاء العملاء الأمريكيين بالاسلام
والمسلمين» .
ومتى ما
توفر الوعي واليقظة فإنّ قدراً مهماً من تفويت الفرصة على أعداء
الاسلام ، يكون قد تحقق على أرض الواقع ، وبخلاف ذلك ، فإنّ
المخطط المناوئ للاسلام يشقّ طريقه دون أية عوائق تذكر ، وهذا ما يدلّنا
على سر العداء الشديد الذي تكنّه الدوائر الاستكبارية للحركات
الاسلامية ، والتي دأبت على وصفها بالحركات الاصولية أو الراديكالية أو
الإرهابية . . .