شمولية النظرة العامة
لقد
استطاع أن يدمج شخصية العارف بشخصية الفقيه ، ثم انطلق من ذلك ليندفع ـ
من خلال هذه الشخصية الجديدة ـ الى الله ، في خط المعرفة والحركة
معاً ، ليعيش في حياته في شخصية الداعية الى الله والمجاهد في
سبيله .
ومن هذا
الموقع كان انفتاحه على الأمة كلها ، وعلى المستضعفين . .
وهكذا رأينا كيف كانت حياته كلّها خاضعة لعناوين ثلاثة تلخّص كل العناوين
الصغيرة في حركته .
وهي : «الله» ، و«الاسلام» ، و«الأمة في دائرة الاستضعاف»
ليقابلها «الشيطان» بأحجامه الكبيرة والصغيرة والمتوسطة ، في عالم
الغيب ، وفي عالم الحسّ والكفر بكلّ معانيه «الفكرية والعملية ،
وبكل إفرازاته الواقعية في دائرة الضلال والانحراف والظلم ، والطاغوت»
بكلّ رموزه الشخصية والاجتماعية والسياسية ، على مستوى الفرد والجماعة
والدولة .
وهذا هو
سر شمولية النظرة العامة للحياة عنده ، وشجاعة الموقف في حياته ،
وصلابة التمرّد في مواقفه ، وصفاء الشعور في إحساسه ، وامتداد
الأهداف في كلّ خطواته ، وانفتاح الثورة في مواجهته للواقع على مستوى
العالم كلّه .
فـ «الله» هو ربّ العالمين ، و«الشيطان» هو العدو الأساسي للانسان
كلّه . . و«الاسلام» هو رسالة الله الى الناس
كافة ، و«الكفر» هو خط الشيطان الذي يريد أن ينحرف بالحياة كلّها ،
وبالانسان كلّه عن «الله» . و«الأمة» تمثل العنوان الذي يشمل المسلمين
جميعاً ، كما أنّ ارتباط قضاياها بقضايا المستضعفين كلهم جعلها تنفتح
على كلّ قضاياهم في العالم كلّه . . والطاغوت الفردي والجماعي
والدولي يمثل كل مواقع الطغيان الفكري والعملي في واقع الانسانية
كلّه .
وهذا هو
الذي يجعلنا نلاحظ تكرر هذه الكلمات في كلّ كلماته ، بحيث لا تغيب
عن لسانه في كلّ مناسبة من مناسبات الصراع7 .
من الواضح أنّ الامام الخميني تحرّك ضمن مشروع سياسي نهضوي واسع
الأبعاد ، ومتعدد الجبهات والجهات ، ولقد كان الامام معنيّاً بهموم
ومشاكل وأزمات الوضع الاسلامي العام بالمستوى الذي كان معنيّاً بالوضع
السياسي لبلده الأم8 دون أن
يغفل هموم المستضعفين في إطارها الانساني
الواسع .