بعد السیاسی للحج فی منظار الإمام الخمینی (رضوان الله تعالی علیه)

جلال الأنصاری

نسخه متنی -صفحه : 21/ 10
نمايش فراداده

مسؤولية أصحاب الكلمة في الحج

ولتفعيل الخطى باتجاه هذا الهدف الكبير ، لابدّ أن ينبري الرساليون الى ممارسة دورهم الطليعي في توعية الأمة ، وبث روح العزيمة في جوانحها ، ويتعزّز ، هنا ، دور أصحاب الكلمة ، خاصة في الحج ، فأصحاب القلم والبيان ينبغي أن يعيشوا هموم الأمة المسلمة ، وينهضوا بمسؤولية توعية الجماهير على مشاكلها ، ودفعها على طريق عزتها وكرامتها . مسؤولية الالتزام الفكري تفرض على الكتاب والخطباء أن ينزلوا من الأبراج العاجية ، ويبتعدوا عن التزلّف لمراكز القوة ، ويندمجوا بالأمة الاسلامية الكبرى .

الحجّ أفضل فرصة لهؤلاء ، كي يتفاعلوا بالمسلمين في كافة الأقطار ، ويتفهموا ما يعاني منه المسلمون عن كثب ، وينهضوا بمسؤولية التوعية اللازمة على أوسع نطاق .

الامام الخميني ـ إذ يدعو الكتّاب والمفكرين والمثقفين الى انتهاج هذا الخط الجماهيري الملتزم ـ لا يقصد طبعاً أن يجتمع هؤلاء في أروقة مرمرية داخل القصور المشيّدة في الأرض المقدسة ، بل يطالب ذوي الكلمة أن يعيشوا بمعزل عن إيحاءات مراكز القوة ، وعن مراكز شراء الذمم والأقلام ، فيندمجوا في أوساط الجماهير ويبثّوا بينها التوعية اللازمة ، كي يكون موسم الحج مركز إشعاع فكري ومركز توعية عامة لكلّ الأقطار الاسلامية . يقول: «على العلماء (المسلمين) أن يشتركوا في هذا التّجمع من مختلف الأصقاع ، ويتبادلوا الآراء ويبثّوا التوعية بين المسلمين المتجمعين في مهبط الوحي; لتنتقل هذه التوعية بعد ذلك الى جميع الأقطار الاسلامية» 27 .

ويقول أيضاً: «على المسلمين الملتزمين الذين يجتمعون مرّة كلّ عام على صعيد المواقف الشريفة ، ويؤدون واجباتهم الاسلامية في هذا التجمع العام والحشد الالهي بمعزل عن الامتيازات ، وبمظهر واحد ، ودون اهتمام بما يميّز بينهم من لون أو لغة أو بلد أو منطقة ، وبأبسط المظاهر المادية وباندفاع نحو المعنوية . . عليهم أن لا يغفلوا عن الجوانب السياسية والاجتماعية لهذه العبادة .

على العلماء الأعلام والخطباء أن ينبّهوا المسلمين على مسائلهم السياسية وواجباتهم الخطيرة . . هذه الواجبات التي لو عمل بها المسلمون واهتموا بها لاستعادوا عزّتهم التي أرادها الله للمؤمنين ، ولبلغوا مفاخرهم الاسلامية الالهية التي هي من حق المسلمين ، ونالوا الاستقلال الواقعي والحرية الحقيقية في كنف الاسلام العزيز ، وتحت بيرق التوحيد وراية «لا إله إلاّ الله» ، وقطعوا أيدي المستكبرين وعملائهم في البلدان الإسلامية ، وأعادوا مجد الاسلام وعظمته» 28 .

ولا ينفك الامام الراحل عن تذكير قادة الرأي بمسؤولياتهم الجسام إزاء أمتهم وإسلامهم: «ينبغي أن يجتمع المفكرون والكتّاب والمثقفون والعلماء والمسؤولون في موسم الحج لدراسة مشاكل الاسلام والمسلمين السياسية والاجتماعية على الصعيد العالمي»29 .