فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیله‌‏

یوسف صانعی؛ تقریر کننده: ضیاء المرتضوی؛ شارح: روح الله خمینی(ره)

نسخه متنی -صفحه : 66/ 3
نمايش فراداده

كتاب الطلاق

وله شروط وأقسام ولواحق واحكام

ينبغي ذكر اُمور قبل البحث في الشروط :

الأوّل :

إنّ مشروعية الطلاق من ضروريات الاسلام ولاكلام فيها ، والحق أ نّه من الامور التشريعية الامضائية مع زيادة قيود وشروط وكذا بالنسبة إلى الاحكام فيه ، كما اشار اليه في الجواهر بأنه ليس في العقود والايقاعات حقيقة شرعية ، ضرورة وجودها في هذه المعاني قبل زمن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ولكن اعتبر في الصحيح منها اموراً وبهذا المعنى جعله الاصحاب معنى شرعياً مقابلا للمعنى اللغوي[1] .

فعلى هذا ، عند الشك في شرط من الشروط او قيد من القيود اومانع من الموانع وعدم الدليل عليه ، يرجع إلى ما هو المعمول عند العقلاء ، فإنّ في عدم ردع الشارع من تلك الامور شهادة على اعتبار الرضا منه ، وأمّا على كفاية محض عدم الردع وإن لم يكن كاشفاً عن الرضا كما يظهر من صاحب الكفاية[2] فالامر اوضح بل يمكن القول بالرجوع إلى ما عندهم في تلك الامور وإن كانت حادثة ولم تكن بمرأى ومنظر من المعصومين(عليهم السلام( ، وذلك لأنّ مثل الرضا والامضاء هو بناء من الابنية العقلائية مع كون التغيّر والتبدّل في خصوصياتها من ناحية مضيّ الدهر والزمان امراً طبيعيّاً ومعلوماً عادة ، فعدم الردع عن تلك الأمور كاشف عن الرضا مثل ما كان بالمرأى والمنظر منهم)عليهم السلام) .

لايقال : كيف يحصل العلم بالرضا مع عدم امكان الردع لعدم الوجود كما هو المفروض .

لأ نّه يقال : لمّا كانت الشريعة متكفّلة لكلّ الازمنة بالضرورة والبداهة وأنّ الرسول الخاتم(صلى الله عليه وآله وسلم( مرسل إلى الناس كافّة كما صرّح به قوله تعالى )وما أرسلناكَ إلاّ كافّةً للناس)[3] وانّه(صلى الله عليه وآله وسلم( خاتم النبيين كما أكّد عليه قوله تعالى )ولكنْ رسولُ الله وخاتمُ النبيين)[4] فلا بدّ من تبيين الاحكام لكل الازمنة باعطاء القواعد الكلية والضوابط العامّة وفي الاخبار ارشادات واشارات إلى هذا الامر .

ففي موثقة عبيد بن زرارة ، قال : قال ابوعبدالله(عليه السلام) : «احتفظوا بكتبكم فانّكم سوف تحتاجون اليها»[5] ، وفي خبر مفضّل بن عمر ، قال : قال لي ابوعبدالله(عليه السلام) : «اكتب وبثّ علمك في اخوانك فإن متّ فأورث كتبك بنيك ، فإنّه يأتي على الناس زمان هرج لايأنسون فيه إلاّ بكتبهم»[6] . بل وخبر أبي اسحاق السبيعي ، عن بعض اصحاب اميرالمؤمنين(عليه السلام(ممّن يوثق به أنّ أميرالمؤمنين)عليه السلام) تكلّم بهذا الكلام وحفظ عنه وخطب به على منبر الكوفة : «اللهمّ إنّه لابدّ لك من حجج في أرضك ، حجة بعد حجة على خلقك ، يهدونهم إلى دينك ويعلّمونهم علمك ، كى لايتفرّق أتباع اوليائك ، ظاهر غير مطاع أو مكتتم يترقّب ، إن غاب عن الناس شخصه في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوت علمهم ، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة ، فهم بها عاملون»[7] . وعلى كل حال ، عند حدوث امور في الطلاق في الاشتراط او عدمه وعدم الدليل على اعتباره يمكن الرجوع إلى ما هو المعتبر عندهم ، ولافرق في ذلك بين زمان الحضور والغيبة .

لايقال : إنّه لايوجد الدليل على الرضا منهم(عليهم السلام) فإنّ الشريعة متكفلة لكل الازمنة وذلك بواسطة بيان القواعد الكلية والضوابط العامة كما مرّ تفصيله .

الثاني :

قد ذكر مبحث الطلاق في «الشرائع» في الاول من القسم الثالث من الكتاب وهو الايقاعات وفيها احد عشر كتاباً ومنها الاقرار مع أ نّه إخبار وذكره فيها من جهة المشابهة للايقاع في الجملة ، ففي الجواهر بعد بيان معناه اللغوي قال : «وعلى كل حال فهو ليس من العقود والايقاعات لانّه ليس بانشاء ، إلاّ أ نّه لمّا كان مشابهاً للايقاع في الجملة ذكره المصنف فيها ، ولذا عرّفه في الوسيلة بأنّه اخبار بحقّ على نفسه»[8] . ومثله بقية التعاريف فكلّها مشتركة في أخذ «الإخبار» في تعريفه ، والبحث عن الطلاق في قسم الايقاعات هو الرائج في الكتب الفقهية قديماً وحديثاً لكن الفيض(قدس سره)في المفاتيح مشى طريقاً آخر في ترتيبه وجعله على فنّين : الاوّل في العبادات والسياسات ، والثاني في المعاملات والعادات ، وذكر الطلاق في الفنّ الثاني إلاّ أ نّه متروك والرائج هو الراجح .

الثالث :

إنّ مبحث الطلاق اقل رواية من النكاح وكذا في اختلاف الاقوال ويخطر بالبال أنّ قلة البحث في الطلاق تنشأ من قلة الفروع وذلك لقلّة ابتلاء المسلمين به في تلك الازمنة ، وأمّا في زماننا هذا ، وهو سنة خمس عشرة واربعمائة بعد الالف من الهجرة النبوية على هاجرها وآله الصلوة والسلام ، فالظاهر أ نّها كثيرة بالنسبة ، ولعل السرّ في ذلك هو شدّة تعبّدهم في تلك الازمنة باحكام الاسلام وما جاء به في الاخلاق الكريمة ، وقلة الاجهزة الاعلامية والارتباطية الموجبة لاطّلاع كثير من الناس على ما يجرى ويحدث في المجتمعات الذي يؤدي إلى التأثر منها وكذا التأثير فيها وهذا بخلاف زماننا هذا فالانتحال إلى الدين والتقيّد به وإن كان متحققاًمرتبته العليا لكن دور النشاطات الاعلامية والواسعة الحاصلة من تلك الاجهزة لايخلو من المشاكل الجديدة والسلبيات الحديثة .

وكيف كان ، فلابدّ من البحث في مسائله وفروعه وبيان ضوابطه واصوله مع لحاظ الزمان والمكان فانّهما مؤثران في الفقه موضوعاً واستنباطاً .

الرابع :

الطلاق في اللغة بمعنى الارسال والترك ، وقيل إنّه بمعنى حل العقد ايضاً ، وفي العرف عبارة عن ارسال الزوجة وتركها وفراقها . والظاهر أ نّه حقيقة في المعنى العرفي ويكون من باب تسمية الخاص باسم العام ، وما في المسالك من «أ نّه شرعاً ازالة قيد النكاح بصيغة طالق وشبهها» فليس بتمام لأنّ الصيغة سبب للازالة وهنا قد اخذ القيد في السبب ، مضافاً إلى انّه إن اريد اخذ القيود فيه فإنّها اكثر من ذلك مضافاً إلى انّه أمر عرفي ولايختص بالشرع فلامعنى للتقييد شرعاً . والامر بعد وضوح حقيقة الطلاق وكون تلك التعاريف من باب شرح الاسم ، سهل .

الخامس :

الاصل في الطلاق هو الفساد وذلك لاستصحاب بقاء الزوجية والنكاح واحكامهما كاصالة الفساد في العقود والمعاملات ، ولايخفى عليك أنّ اصالة الفساد فيه وفي العقود والايقاعات ليست بمعناها الحقيقي وهو استصحاب بقاء الفساد نفساً لكونه مشكوكاً فيه من اوّل الامر وفي الحالة السابقة كما هو المفروض بل هي بمعنى استصحاب ملازماته ومقارناته ، فالاصل يجرى في الحقيقة فيها لا في نفسه ، ومثلها اصالة اللزوم في العقود عند معناها الاستصحابي[9] . وهذا لاينافي ما قلناه في بناء العقلاء لانّه وارد عليه فإنّ بالرجوع اليه يرتفع الشك .

هذا ولكن مقتضى الاصل اللفظى هو الصحة ، قضاءً لاطلاق كتاب الله تعالى حيث قال : (يا أيها النبيّ إذا طلّقتُم النِساء فطلّقوهن لِعدّتهنّ)[10] وإن أبيت فلا اقلّ من الاطلاق المقامى ، وأمّا سائر آيات الطلاق وهي كثيرة فليس لها اطلاق لانّها في مقام بيان سائر الاحكام بعد الفراغ عن اصله . ومثلها روايات المسألة ، والحصر الموجود في بعض الروايات هو اضافي ناظر إلى اقوال العامة .

السادس :

قد تكاثرت الاخبار بكراهة الطلاق مع التلائم بين الزوجين ومن دون موجب له ، وبه صرّح جملة من علمائنا الابرار بل الظاهر كونه اجماعياً حتى من العامّة ففي النبوىّ العامى «ابغض الحلال عند الله الطلاق» [11] لكن تخالفها اخبار تدل على أنّ الحسن بن علي(عليهما السلام( كان مطلاقاً للنساء حتى نقل إنّه عطب به ابوه علىّ(عليهما السلام) على ظهر المنبر وبذلك يقع الاشكال في الجمع بينهما فإنّ المكروه لايصدر عن المعصوم(عليه السلام)بل لايريده فضلا عن صدوره منه ولايقع هو)عليه السلام) مورداً للعطب ايضاً ولم اجد من تعرّض لهذه المنافاة في الكتب المتداولة الفقهية المبسوطة وغير المبسوطة إلاّ صاحب الحدائق ، فلنذكر هاتين الطائفتين من الاخبار أوّلاً ثمّ نتكلّم فيها ثانياً .

أمّا الطائفة الاولى فمنها : ما رواه سعد بن طريف عن أبي جعفر(عليه السلام( قال : «مرّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) برجل فقال : ما فعلت امرأتك ؟ قال : طلّقتها يا رسول الله ، قال : من غير سوء ؟ قال : من غير سوء . «قال : ثمّ إنّ الرجل تزوّج فمرّ به النبىّ(صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : تزوّجت ؟ فقال : نعم ، ثمّ مرّ به ، فقال : ما فعلت امرأتك ؟ قال : طلّقتها ، قال : من غير سوء ؟ قال : من غير سوء ـ خ» فقال رسول الله)صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّ الله عزّ وجلّ يبغض أو يلعن كلّ ذوّاق من الرجال وكلّ ذوّاقة من النساء»[12] .

ومنها : مرسلة ابن ابي عمير ، عن غير واحد عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : «ما من شيء ممّا احلّه الله أبغض اليه من الطلاق وإنّ الله عزّ وجل يبغض المطلاق الذوّاق»[13] .

ومنها : ما رواه ابوهاشم ، عن ابي عبدالله(عليه السلام) قال : «إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ البيت الذي فيه العرس ويبغض البيت الذي فيه الطلاق ، وما من شيء أبغض إلى الله عزّوجلّ من الطلاق»[14] .

ومنها : ما عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال : سمعت أبي يقول : «إنّ الله عزّ وجلّ يبغض كلّ مطلاق وذوّاق»[15] .

ومنها : مابالاسناد ، عن ابي عبدالله(عليه السلام( قال : «بلغ النبىّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ ابا ايّوب يريد أن يطلّق امرأته ، فقال رسول الله)صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّ طلاق امّ أيّوب لحوب ـ اي إثم ـ »[16] .

ومنها : صحيحة صفوان بن مهران ، عن أبي عبدالله(عليه السلام( قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : «تزوّجوا وزوِّجوا ، ألا فمن حظّ امرئ مسلم انفاق قيمة أيمة وما من شيء احبّ إلى الله عزّ وجلّ من بيت يعمر بالنكاح ، وما من شيء أبغض إلى الله عزّ وجلّ من بيت يخرب في الاسلام بالفرقة يعني الطلاق ثمّ قال ابوعبدالله)عليه السلام) : إنّ الله عزّ وجلّ إنّما وكّد في الطلاق وكرّر القول فيه من بغضه الفرقة»[17] .

ومنها : ما رواه الفضل الطبرسي في مكارم الاخلاق ، قال : قال(عليه السلام( : «تزوّجوا ولاتطلّقوا فإنّ الطلاق يهتزّ منه العرش» . قال : وقال)عليه السلام) : «تزوّجوا ولاتطلّقوا فإنّ الله لايحبّ الذوّاقين والذوّاقات»[18] .

الطائفة الثانية ، فمنها : ما رواه احمد بن ابى عبدالله البرقي في المحاسن ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان عن ابي عبدالله(عليه السلام( قال : «أتى رجل أميرالمؤمنين(عليه السلام)فقال له : جئتك مستشيراً ، إنّ الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر خطبوا الي . فقال اميرالمؤمنين)عليه السلام) : المستشار مؤتمن ، أمّا الحسن ، فإنّه مطلاق للنساء ولكن زوّجها الحسين فإنّه خير لابنتك»[19] .

ومنها : ما رواه الكليني ، عن عدّة من اصحابنا ، عن احمد بن محمد ، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع ، عن جعفر بن بشير ، عن يحيي بن ابي العلاء ، عن ابي عبدالله(عليه السلام(قال : «إنّ الحسن بن علي(عليه السلام) طلّق خمسين امرأة ، فقام علىّ(عليه السلام) بالكوفة فقال : يا معشر اهل الكوفة ! لاتنكحوا الحسن فإنّه رجل مطلاق . فقام اليه رجل فقال : بلى والله لننكحنّه فإنّه ابن رسول الله)عليه السلام) وابن فاطمة فإن أعجبه أمسك وإن كره طلّق»[20] .

ومنها : ما عن الكليني ايضاً ، عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن محمد بن زياد بن عيسى ، عن عبدالله بن سنان ، عن ابي عبدالله(عليه السلام( قال : «إنّ عليّاً(عليه السلام) قال وهو على المنبر : لاتزوّجوا الحسن فإنّه رجل مطلاق . فقام رجل من همدان ، فقال : بلى والله لنزوّجنّه وهو ابن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وابن اميرالمؤمنين)عليه السلام) ، فإن شاء أمسك وإن شاء طلّق»[21] .

واحتمل العلامة المجلسي كون ذلك للاختبار ، قال : «ولعلّ غرضه(عليه السلام) كان استعلام حالهم ومراتب ايمانهم لا الانكار على ولده المعصوم المؤيّد من الحىّ القيّوم»[22] . وهو ليس بتمام ، لأ نّه إن كان اختباراً بامر واقعي فهذا نفس الاشكال وإن كان بامر غير واقعي فهو كما ترى ، فإنّه(عليه السلام( كيف يتّهم ابنه(عليه السلام) بما لم يرتكبه . هذا وقال صاحب الحدائق : «وربما حمل بعضهم هذه الاخبار على ما تقدّم في سابقها من سوء خلق في اولئك النساء أو نحوه ممّا يوجب اولويّة الطلاق ، ولايخفى بعده ، لانّه لو كان كذلك لكان عذراً شرعياً . فكيف ينهى اميرالمؤمنين)عليه السلام) عن تزويجه والحال كذلك . وبالجملة فالمقام محلّ اشكال ، ولايحضرني الآن الجواب عنه ، وحبس القلم عن ذلك أولى بالادب»[23] .

اقول : والتحقيق في حل الاشكال ودفعه وجهان : احدهما : أنّ الطائفة الثانية هي مخالفة للاصول والقواعد الشرعية القطعية وللكتاب والسنّة القطعية ، فإنّ الامام(عليه السلام(هو للناس وهو الحاكم بالقسط والعدل وهو لايرتكب الظلم ولايفعل المبغوض ابداً فإنّ عهد الله تعالى لاينال الظالمين . هذا مع وهنها بانه كيف لايردع الامام علىّ بن ابى طالب(عليه السلام) ابنه عن هذا الفعل القبيح وكيف يرتكبه الحسن)عليه السلام) مع انّه حليم وحكي في حلمه ما يعجب الانسان ، هذا ثانياً وممّا يوهنها ايضاً عدم نقل تلك الاخبار في الكتب الاربعة إلاّ في الكافي الشريف ، فلم يروها الشيخ في كتابيه التهذيب والاستبصار ولا الصدوق في فقيهه هذا مضافاً إلى أنّ الظاهر كون خبري عبدالله بن سنان ويحيى بن ابي العلا هما نقل قضية واحدة فتأمّل .

ثانيهما : الضعف في اسنادها أمّا رواية عبدالله بن سنان الاولى فسند البرقي إلى ابن محبوب ليس بمعلوم ، ويحيى بن ابي العلا في الثانية مجهول ومهمل[24] وأمّا الثالثة وهي رواية عبدالله بن سنان الثانية التي عبّر عنها في الحدائق ومرآة العقول بالموثقة ، ففيه : أنّ محمد بن زياد بن عيسى حاله غير مذكور في كتب الرجال .