و أما الاجماع المحصل على ذلك فهو ممنوع التحقق ايضا .
و يضاف إلى ما ذكرناه كله أنه لا ظهور لعبارات الفقهاء المحتوية لنقله في ذلك المدعى ، قال في الغنية ( 1 ) بعد أن اشترط في البيع أن يكون مما ينتفع به منفعة محللة : ( و قيدنا بكونها " المنفعة " مباحة تحفظا من المنافع المحرمة ، و يدخل في ذلك كل نجس لا يمكن تطهيره إلا ما أخرجه الدليل من بيع الكلب المعلم للصيد ، و الزيت النجس للاستصباح به تحت السماء ، و هو إجماع الطائفة ) .
و هذه العبارة و إن كانت صريحة في نقل الاجماع ، إلا أن الظاهر رجوعه إلى مطلع كلامه : أعني حرمة بيع النجس ، فلا دلالة فيها على حرمة الانتفاع بالمتنجس ، و يحتمل قريبا أن يرجع إلى آخر كلامه : أعني استثناء الكلب المعلم للصيد ، و الزيت المتنجس للاستصباح من حرمة البيع .
و قال الشيخ في الخلاف ( 2 ) : ( إذا ماتت الفأرة في سمن أو زيت أو شيرج أو بزرنجس كله ، و جاز الاستصباح به ، و لا يجوز أكله ، و لا الانتفاع به لغير الاستصباح ) .
ثم ذكر المخالفين في المسألة من العامة و غيرهم إلى أن قال : ( دليلنا إجماع الفرقة و أخبارهم ) .
و فيه أن محط كلامه إنما هو الدهن المتنجس فقط ، فلو صح ما ادعاه من الاجماع لدل على حرمة الانتفاع به خاصة ، لكونه هو المتيقن من مورد الاجماع ، فلا يشمل سائر المتنجسات و قد أجاب المصنف عما ادعاه الشيخ من الاجماع بأن ( معقده ما وقع الخلاف فيه بينه و بين منم ذكر من المخالفين ، إذ فرق بين دعوى الاجماع على محل التزاع بعد تحريره و بين دعواه ابتداء على الاحكام المذكورات في عنوان المسألة ، فان الثاني يشمل الاحكام كلها ، و الاول لا يشمل إلا الحكم الواقع مورد الخلاف ، لانه الظاهر من قوله دليلنا إجماع الفرقة ) و فيه أن ما افاده و إن كان صحيحا بحسب الكبرى ، إلا أنه خلاف ما يظهر من كلام الشيخ ( ره ) ، فان ظاهره دعوى الاجماع على جميع الاحكام المذكورة .
فالصحيح في الجواب هو ما ذكرناه .
على أنا لو سلمنا قيام الاجماع على ذلك فلا نسلم كونه لجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم " ع " .
إذ من المحتمل القريب جدا ، بل المظنون عادة أن مدركه هو الوجوه المذكورة في المقام لحرمة الانتفاع بمطلق المتنجس .
قوله : ( أن بل الصبغ و الحناء ) .
أقول : الصبغ و الحناء ليسا من محل النزاع هنا في شيء ء ، و لم يتقدم لهما ذكر سابق ، فلا نرى وجها صحيحا لذكرهما .
1 - ص 2 من البيع . ( 2 ) ج 2 ص 212 .