و قد استدل على ذلك أولا : بما في رواية تحف العقول من قوله " ع " : ( فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه ) و قوله " ع " فيها : ( إنما حرم الله الصناعة التي هي حرام كلها التي يجئ منها الفساد محضا نظير البرابط و المزامير و الشطرنج و كل ملهو به و الصلبان و الاصنام ) و قوله " ع " ايضا فيها : ( أو عمل التصاوير و الاصنام ) .
و فيه أولا : ان رواية تحف العقول ضعيفة السند فلا يمكن الاستناد إليها في الاحكام الشرعية ، و قد تقدم ذلك في أول الكتاب .
و ثانيا : أن النهي فيها ظاهر في الحرمة التكليفية فلا دلالة فيها على الحرمة الوضعية ، و هذا ايضا تقدم في أول الكتاب .
و ثانيا : بأن أكل المال بإزائها أكل له بالباطل ، لآية التجارة عن تراض ، و فيه أنك عرفت مرارا عديدة : أن الآية ليست عن شرائط العوضين في شيء ، و إنما هي راجعة إلى بيان أسباب المعاملات ، و ستعرف ذلك ايضا فيما يأتي .
و ثالثا : بقوله تعالى ( 1 ) : ( و اجتنبوا الرجس من الاوثان ) و بقوله تعالى ( 2 ) : ( إنما الخمر و الميسر و الانصاب و الازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) و بقوله تعالى ( 3 ) ( و الرجز فاهجر ) .
بناء على أن بيع هياكل العبادة و الاكتساب بها مناف للاجتناب المطلق ، كما أن المراد من الانصاب هي الاوثان و الاصنام ) ( 4 ) و المراد من الرجز الرجس ، و من الهجر الاجتناب .
و رابعا : بالنبوي المشهور المجعول ( إن الله إذا حرم على قوم شيئا حرم عليهم ثمنه ) .
و بقوله " ع " في دعائم الاسلام ( 5 ) : ( نهي عن بيع الاصنام ) .
1 - سورة الحج ، آية : 32 . ( 2 ) سورة المائدة ، آية 90 . 3 - سورة المدثر ، آية : 5 . 4 - في ج 1 تاج العروس ص 486 : الانصاب و هي حجارة كانت حول الكعبة تنصب فيهل عليها ، و يذبح لغير الله تعالى ، قاله ابن سيده . و امدها نصب كعنق و أعناق ، أو نصب بالضم كقفل و أقفال ، قال تعالى : و الانصاب ، و قوله : و ما ذبح على النصب . الانصاب الاوثان ، و قال القتيبي . النصب صنم أو حجر و كانت الجاهلية تنصبه تذبح عنده فيحمر بالدم و في مفردات الراغب : و النصيب الحجارة تنصب على الشيء ، و جمعه نصائب و نصب ، و كان للعرب حجارة تعبدها ، و تذبح عليها . و في حديث أبي الجارود في تفسير الآية : و أما الانصاب الاوثان التي يعبدها المشركون و سيأتي التعرض لهذا الحديث في البحث عن بيع آلات القمار . 5 - راجع ج 2 المستدرك ص 427 .