فلا تشمل الحرمة الوضعية ، و يضاف إلى ما ذكرناه كله أنها ضعيفة السند فلا يصح الاستدلال بها .
الوجه الخامس : دعوى واحد من الاعاظم الاجماع على ذلك .
و فيه ان المحصل منه حاصل و المنقول منه ليس بحجة ، على أنا لا نطمئن بوجود الاجماع التعبدي الكاشف عن الحجة المعتبرة ، لاحتمال استناد المجمعين إلى الوجوه المذكورة في المسألة .
و ربما يؤيد القول بالجواز بصحيحة محمد بن مسلم ( 1 ) الصريحة في جواز بيع الهر ، مع انه مما لا نفع فيه ، بل كثيرا ما يضر الناس ، و في التذكرة ( 2 ) : لا بأس ببيع الهر عند علمائنا و به قال ابن عباس و الحسن و ابن سيرين و الحكم و حماد و الثوري و مالك و الشافعي ( 3 ) و إسحاق و أصحاب الرأي .
و العجب من المصنف حيث منع عن بيع القرد لكون المصلحة المقصودة منه : أعني حفظ المتاع نادرة بخلاف الهرة ، لورود واحد من الروايات على جواز بيعها ، و وجه العجب أن منافع القرد المحللة ليست بنادرة ، بل هي من مهمات المنافع ! و إنما الوجه في المنع عن بيع القرد هو الروايات التي تقدمت في بيع المسوخ .
قوله : ( و لو فرض الشك في صدق المال على مثل هذه الاشياء المستلزم للشك في صدق البيع ) .
أقول : العلم بعدم صدق المال على شيء لا يمنع عن وقوع البيع عليه فضلا عن الشك في صدقه عليه ، و إذن فلا وجه لرفع اليد عن عموم ما دل على صحة البيع و التمسك بعمومات التجارة و الصلح و العود و الهبة المعوضة و غيرها كما صنعه المصنف .
قوله : ( لان ظاهر تحريمها عليهم تحريم أكلها أو سائر منافعها المتعارفة ) .
أقول :
1 - قد تقدمت الرواية في ص 94 . و في ج 2 المستدرك ص 430 عن دعائم الاسلام عن علي " ع " إنه راى رجلا يحمل هرة فقال : ما تصنع ؟ ؟ قال : أبيعها فلا حاجة لي بها ، قال : تصدق بثمنها . مرسلة . 2 - ج 1 ص 3 من البيع . 3 - في ج 2 فقه المذاهب ص 232 عن الحنفية : يصح بيع الحيوانات بأجمعها سوى الخنزير . و عن الحنابلة انه هل يصح بيع الهر خلاف و المختار انه لا يجوز . أقول : الظاهر ان القائلين بحرمة بيع الهر قد استندوا إلى جملة من الاحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه و آله ، و قد أخرجها البيهقي في ج 6 من سننه ص 11 : منها ما عن جابر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و آله عن ثمن الكلب و السنور . و منها ما عن عبد الرزاق باسناده عن النبي صلى الله عليه و آله نهى عن ثمن الهر . و منها ما عن جابر ايضا : نهى رسول الله عن أكل الهر و أكل ثمنه .