قوله : ( ثم إن البخس في العدد و الذرع يلحق به حكما و إن خرج عن موضوعه ) .
أقول : قد عرفت أن التطفيف و البخس مطلق التقليل و النقص على سبيل الخيانة و الظلم في إيفاء الحق و استيفائه .
و عليه فذكر الكيل و الوزن في الآية و غيرها إنما هو من جهة الغلبة ، فلا وجه لاخراج النقص في العدد و الذرع عن البخس و التطفيف موضوعا ، و إلحاقهما بهما حكما .
صحة المعاملة المطفف فيها و فسادها قوله : ( و لو وازن الربوي بجنسه فطفف في أحدهما فان جرت المعاوضة الخ ) .
أقول قد عرفت أنه لا إشكال في حرمة التطفيف تكليفا ، فاجارة نفسه عليه كإجارة نفسه على سائر الافعال المحرمة محرمة وضعا و تكليفا ، كما عرفت مرارا .
و أما الكلام في صحة المعاملة المطفف فيها و فسادها فنقول : إن المعاملة قد تقع على الكلي في الذمة ، و قد تقع على الكلي في المعين الخارجي ، و قد تقع على الشخص المعين الموجود في الخارج المشار اليه بالاشارة الحسية .
أما على الصورتين الاولتين فلا إشكال في صحة المعاملة و عدم فسادها بالتطفيف الخارجي فان المعاملة قد انعقدت صحيحة ، و لكن البائع ، أو من يباشر الاقباض و التسليم طفف في الكيل و الوزن ، أو في الذرع و العدد ، و هو لا يوجب فسادها ، بل يكون الدافع مشغول الذمة بما نقص عن الحق ، و لا يفرق في ذلك بين كون المعاملة ربوية أو ربوية كما هو واضح .
و على الجملة : إن هاتين الصورتين خارجتان عما نحن فيه .
و أما على الصورة الثالثة فربما يقال : ببطلان المعاملة إذا وقعت على المتاع الخارجي بما أنه مقدار بمقدار كذا فظهر عدم انطباق العنوان الملحوظ في البيع على المشار اليه الخارجي و وجه البطلان ان ما هو معنون بعنوان كذا موجود في الخارج .
و ما هو موجود في الخارج معنون بذلك العنوان ، و توهم إلغاء الاشارة أو الوصف فاسد ، فان اللازم هو الاخذ بكليهما ، لتعلق قصد المتبايعين بهما .
و فيه أنه لا وجه للبطلان إذا تخلف العنوان ، فانه ليس من العناوين المقومة ، بل هو إما أن يكون مأخوذا على نحو الشرطية ، أو على نحو الجزئية كما سيجئ .
و لا يقاس ذلك بتخلف العناوين التي تعد من الصور النوعية عند العرف ، كما إذا باع صندوقا فظهر أنه طبل ، أو باع ذهبا فظهر أنه مذهب ، أو باع بغلا فظهر أنه حمار فان البطلان في أمثالها ليس