للاطلاقات الدالة على حرمة الغيبة مطلقا .
نعم قد ذكرنا في معنى الغيبة أنها عبارة عن كشف ما ستره الله على العباد ، و أيدناه ببعض الروايات ، فيكون المتجاهر بالفسق خارجا عن حدود الغيبة تخصصا و موضوعا ، لانه قد كشف ستره بنفسه قبل أن يكشفه المغتاب ( بالكسر ) .
فروع الاول : هل يعتبر في جواز غيبة المتجاهر بالفسق قصد الغرض الصحيح من النهي عن المنكر و ردعه عن المعاصي ، أولا ؟ مقتضى العمل بالاطلاقات المتقدمة الدالة على نفي الغيبة عن المتجاهر بالفسق هو الثاني ، إذ لم تقيد بالقصد المذكور ، كما أن ذلك ايضا مقتضى ما ذكرنا من خروج ذكر المتجاهر بالفسق عن تعريف الغيبة موضوعا .
إذ لم يتقيد عنوان الغيبة بأكثر من كونها كشفا لما ستره الله .
الثاني : هل تجوز غيبة المتجاهر في جميع ما ارتكبه من المعاصي و إن لم يتجاهر إلا في بعضها كما عن الحدائق ، أولا تجوز إلا فيما تجاهر فيه كما عن الشهيد الثاني ( ره ) ؟ .
و فصل المصنف بين المعاصي التي هي دون ما تجاهر فيه في القبح و بين غيرها ، فيجوز اغتيابه في الاول ، و لا يجوز اغتيابه في الثاني .
و مثاله : من تجاهر باللواط جاز اغتيابه بالتعرض للاجنبيات ، و من تجاهر بقطع الطرق جاز اغتيابه بالسرقة .
و من تجاهر بكونه جلاد سلطان الجور يقتل الناس ، و يمثل بهم ، و ينكل جاز اغتيابه بشرب الخمر و الزناء و اللواط .
و من تجاهر بنفس المعصية جاز اغتيابه في مقدماتها .
و من تجاهر بالمعاصي الكبيرة جاز اغتيابه بالتعرض لجميع القبائح .
و لعل هذا هو المراد من قوله صلى الله عليه و آله : ( منا لقى جلباب الحياء فلا غيبة له ) .
لا من تجاهر بمعصية خاصة ؟ يعمله في غيرها ، كبعض عمال الظلمة .
انتهى ملخص كلامه .
أقول : أما القول بالتفصيل المذكور فلا دليل عليه بوجه ، فان بعض الناس قد يتجاهر بالذنوب الكبيرة ، كقتل النفوس المحترمة ، و شرب الخمور ، و أكل أموال الناس ، و مع ذلك يتستر فيما هو دونها ، كإيذاء الجار ، و النظر إلى الأَجنبيات ، و ترك العبادات الواجبة .
نعم إذا تجاهر في معصية جاز اغتيابه بها و بلوازمها ، فإذا تجاهر بشرب الخمر جاز اغتيابه بتهيئة مقدمات الشرب من الشراء و الحمل ، أو الصنع ، فان الالتزام بالشيء التزام بلوازمه .
و من القى جلباب الحياء في معصية القى جلبابه في لوازمه أيضا .
و عليه فيدور الامر بين