ثم ان تحقيق الكلام في هذه المسألة يقع في ثلاث جهات : الاولى في بيع المني إذا وقع في خارج الرحم ، و الثانية في بيعه بعد وقوعه فيه و يسمى بالملاقيح ، و الثالثة في بيع ماء الفحول في اصلا بها و يسمى بعسيب الفحل .
أما الجهة الاولى فحكم المصنف بحرمة بيعه لنجاسته ، و عدم الانتفاع به إذا وقع في خارج الرحم ، و كذلك يحرم بيعه عند كل من يرى النجاسة مانعة عن البيع ، و منهم المالكية و الحنابلة ( 1 ) الشافعية فانهم و إن ذهبوا إلى مانعية النجاسة عن البيع إلا انهم يرون طهارة المني في بعض الصور ( 2 ) أما النجاسة فظهر ما في مانعيتها عن البيع من المسائل المتقدمة ، و اما عدم الانتفاع به فمانعيته عنه تتوقف على أمرين : الاول إثبات حرمة الانتفاع به إذا وقع في خارج الرحم ، و الثاني اعتبار المالية في البيع ، فبانتفاء أحدهما يثبت جواز بيعه ، و حيث عرفت و ستعرف عدم اعتبار المالية فيه فيحكم بجواز بيعه في هذه الصورة ، على انه لو تم ذلك لمنع عن بيعه وضعا فقط كما هو واضح .
و اما الجهة الثانية ففي التذكرة ( 3 ) لا نعرف خلافا بين العلماء في فساد بيع الملاقيح للجهالة و عدم القدرة على التسليم .
و لكن التحقيق أن يقال انه ان قلنا بتبعية النماء للحيوان كما هو الحق فبمجرد وقوع المني في الرحم يصير ملكا لمالك الحيوان بالتبعية لكونه جزء منه ، كما كان قبل ذلك جزء من الفحل و ملكا لمالكه بالتبع ، و على هذا فلا يجوز بيعه لا من صاحب الانثى ، و لا من غيره ، و ان قلنا بعدم الجزئية و التبعية ، بل بكونه كالبذر المغروس في أرض الغير ، فالظاهر جواز بيعه مطلقا سواء كان من صاحب الانثى أو من غيره حتى بناء على اعتبار المالية في العوضين ، لكونه ما لا في هذه الصورة فتجوز المعاوضة عليه ، و أما منع جواز بيعه حينئذ لنجاسته كما في المتن فمن العجائب كيف فانها منتفية قطعا إذا خرج من الباطن إلى الباطن ، على انها لو كانت مانعة لمنعت عن بيعه لاجل المنافع التي تتوقف على عدمها لا مطلقا على انك عرفت عدم مانعيتها عن البيع ، و ستعرف اعتراف المصنف بذلك في بيع الميتة فانه قال
1 - ج 3 فقه المذاهب ص 331 وص 232 . 2 - الشافعية قالوا بطهارة مني الآدمي حيا و ميتا إن خرج بعد استكمال السن تسع سنين و لو خرج على صورة الدم إذا كان خروجه على هذه الحالة من طريقه المعتاد و إلا فنجس و قيس عليه مني خرج من حي آدمي لانه أصل للحيوان الطاهر إلا مني الكلب راجع ج 1 فقه المذاهب ص 13 . 3 - ج 1 ص 7 من البيع .