( فانه يقال ) لا منشأ لهذا الكلام إلا توهم إرجاع ضمير غيرها في قول السائل ( لا يجوز في أعمالنا غيرها ) إلى جلود الميتة و لكنه فاسد ، إذ لا خصوصية لها حتى لا يمكن جعل الاغماد من غيرها ، بل مرجع الضمير إنما هي جلود الحمير و البغال سواء كانت من الميتة أم من الذكي و يدل على ذلك قوله " ع " في رواية القاسم الصيقل ( فان كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا بأس ) إذ لو كانت لجلود الحمر الميتة ع خصوصية في جعل الاغماد منها لكان هذا الجواب لغوا .
نقد و دفع قد اشكل المصنف على الرواية بوجهين : الاول أن الجواب لا ظهور فيه في الجواز إلا من حيث التقرير الغير الظاهر في الرضا خصوصا في المكاتبات المحتملة للتقية .
و فيه أولا أن التقية في المكاتبات و إن كانت كثيرة لكونها معرضا لها من جهة البقاء ، و لكنها في خصوص هذه الرواية محتملة لورودها على جهة التقية لذهاب أهل السنة بأجمعهم إلى بطلان بيع الميتة كما عرفت ، و أعجب من ذلك تشكيكه في كاشفية التقرير عن الرضا و في كونه من الحجج الشرعية ، مع أنه كسائر الامارات مشمول لادلة الحجية .
و ثانيا ان فعلية التقية إنما هي بفعلية موضوعها ، و أما مجرد الاحتمال فغير قابل لان يكون موضوعا لها و سببا لرفع اليد عن الادلة الشرعية ، نعم إذا صارت فعلية وجب رفع اليد عما يخالفها مكاتبة كان أم غيرها .
الثاني ان مورد السوأل فمنها عمل السيوف و بيعها و شرائها لا خصوص الغلاف مستقلا و لا في ضمن السيف على أن يكون جزء من الثمن في مقابل عين الجلد فغاية ما يدل عليه جواز الانتفاع بجلد الميتة بجعله غمدا للسيف و هو لا ينافي عدم جواز معاوضته بالمال ، و قد تبعه بعض و قال لكن مع احتمال كون المبيع هو السيف و الغلاف تابع له بنحو الشرط .
و فيه ان هذا من الغرائب ، فان منشأ ذلك حسبان أن الضمائر في قول السائل ( فيحل لنا عملها و شرائها و بيعها و مسها بأيدينا ) إلى السيوف .
و لكنه فاسد فانه لا وجه لان يشتري السياف سيوفا من غيره ، كما لا وجه لسؤاله عن مسها و إصراره بالجواب عن كلما سأله ، بل هذه الضمائر إنما ترجع إلى جلود الحمر و البغال ميتة كانت أم غيرها ، كما يظهر ذلك لمن يلاحظ الرواية ، مع أن من المستبعد جدا بل من المستحيل عادة أن يجدوا جلود الميتة من الحمير و البغال بمقدار يكون وافيا بشغلهم بلا شرائها من الغير ، على أن مقتضى ذلك هي حرمة بيع الغلاف مستقلا مع انه فاسد إذ ربما تكون قيمة الغلاف أكثر من السيف فكيف يحكم بالتبعية