آیات الحج و مناسکه بین التفسیر الدلالی و التفسیر التطبیقی (فی نظر الإمام الخمینی)

عبدالسلام زین العابدین

نسخه متنی -صفحه : 15/ 6
نمايش فراداده

(المنافع) : البعد السياسي ـ الاجتماعي

لقد ركّز الإمام على البعد (السياسي ـ الاجتماعي) في قوله تعالى: {ليشهدوا منافع لهم}; أكثر ممّا ركّز على البعد (النفسي ـ العرفاني) ، رغم تصريحه بأنّ البعد الثاني هو الأساس ، وهو المنطلق لكلّ الأبعاد الأخرى ، حيث صرّح قائلاً «إنّ البعد (السياسي ـ الاجتماعي) لا يتحقّق إلاّ بتحقّق بُعده المعنوي الإلهي»17 .

وقد كان يؤكّد في كتبه أنّه: ما لم تتكسّر أصنام كعبة القلب ، لا يمكن للإنسان أن يكسِّر الأصنام الأخرى الحجرية والبشرية المتمثّلة بالطاغوت السياسي ـ الاجتماعي18 ، ذلك لأنّ الإنانية هي اُمّ الأوثان وأعدى أعداء الإنسان19 ، وأنّ «كلّ جهود الأنبياء من آدم حتّى الخاتم استهدفت كسر صنم الذاتية الذي هو أكبر الأصنام ، ثمّ كسر بقية الأصنام»20 .

ولهذا يرى أنّ الطواف حول الكعبة «يرمز إلى عدم الالتفاف حول غير الله»21 ، كما هو «رمزٌ إلى عشق الله وتنزيهٌ للنفس من أن تخاف غيره تعالى»22 ، كما أنّ الصفا والمروة يمثِّل«السعي لإيجاد المحبوب»23 .

بيد أنّ سر تركيز الإمام على البعد (السياسي ـ الاجتماعي) في فريضة الحج يكمن في إيمانه بأنّ أعداء الإسلام ما تآمروا على بُعد من أبعاد الحجّ أكثر ممّا تآمروا على هذا البعد السياسي الاجتماعي ، من أجل أن يفرغوا فريضة الحج منه ، حتى غدا الحج أبعد ما يكون عن السياسة والاجتماع!! يقول الإمام «إنّ من أكثر أبعاد الحجّ تعرّضاً للغفلة والهجران هو البعد السياسي لهذه المناسك العظيمة . ولقد عملت الأيدي الآثمة أكثر ما عملت ـ ولا زالت ـ على هجرانه» .

ولهذا فإنّ «المسلمين اليوم ، وفي هذا العصر ـ عصر الغاب ـ مسؤولون أكثر من أيّ وقت مضى على إبرازه وإزالة الحجب عنه» .