تغييب البعد السياسي: مؤامرة كبرى
يرى
الإمام(قدس سره) أنّ تغييب البعد السياسي الاجتماعي الثوري لفريضة الحجّ
ومناسكه إنّما هو مؤامرة كبرى تولّى كبرها عناصر ثلاثة العنصر الأوّل: الاستكبار
العالمي (المتلاعبون الدوليون) .العنصر الثاني: الحكّام
العملاء التابعون .العنصر الثالث: العلماء
(المزيّفون + المتحجّرون) .ولا
يخفى أنّ العنصر الثالث يتضمّن طائفتين أ ـالمزيّفون المأجورون (وعّاظ
السلاطين) ، أو (علماء البلاط) .ب ـالمتنسكون المتحجّرون
(المتزمتون) .ولا
يكاد يخلو خطاب سنوي تاريخي من خطابات الإمام في موسم الحج ، من تسليط
الأضواء على هذه المؤامرة الكبرى بأطرافها الثلاثة ، التي نجحت إلى حدٍّ
كبير في إفراغ الحج من محتواه السياسي ، ومضمونه الاجتماعي
الثوري .ففي
عام 1404هـ كشف الغطاء بصراحة عن مثلث التآمر ،
قائلاً «لقد
عملت الأيدي الآثمة أكثر ما عملت ـ وما زالت ـ على تغييبه وهجرانه ،
يساندهم في ذلك ـ عن علم أو غير علم ـ عملاؤهم الطامعون والغافلون
الجهلة ، وعلماء الدين المأجورون أو المنحرفون ، والمتنسكون
المتزمّتون المتحجّرون»24 .وهذا
النصّ يشير بصراحة إلى مثلث التآمر برؤوسه
الثلاثة .وفي
بداية ذات الخطاب أكّد على العنصر الأوّل والثاني باعتبارهما الأخطر; لأنّ
العدوّ الداخلي أخطر بكثير من العدوّ الخارجي ، حيث
يقول «ومن المؤسف أنّ
الأبعاد المختلفة والمتنوّعة لهذه الفريضة المصيرية العظيمة ، بقيت
مغيّبة من وراء حجب ، بسبب انحرافات حكومات الجور في البلدان الإسلامية
[العنصر الثاني] ، ووعاظ السلاطين السافلين [العنصر الثالث ـ
أ] ، وسوء فهم بعض علماء الدين المتزمّتين المتحجّرين في العالم
الإسلامي [العنصر الثالث ـ ب]»25 .ومن
دون شك فإنّ العنصر الأخطر في هذه المؤامرة هو العنصر الثالث بكلا
قسميه ، وقد عانى الإمام منهم ـ كما صرّح بذلك ـ أكثر ممّا عانى من
أمريكا!!يقول الإمام: «وقد بلغ الأمر بهؤلاء المنحرفين إلى
أن وقفوا معارضين لإقامة الحكومة الإسلامية ، واعتبروها أسوأ من حكومة
الطاغوت ، وحصروا فريضة الحج الكبرى بظواهر فارغة ، واعتبروا طرح
مشاكل المسلمين والبلدان الإسلامية (في هذا المؤتمر الإسلامي المليوني)
مخالفة للشريعة ، بل يصل إلى حدّ الكفر!!هؤلاء العملاء المرتبطون
بالحكومات الجائرة المنحرفة صوّروا صرخة المظلومين المجتمعين من أرجاء
العالم ، وفي مركز النداء هذا ، بأنّها زندقة مخالفة
للإسلام!!هؤلاء المهرِّجون ـ من أجل إبقاء
المسلمين على تخلّفهم ، وفتح الطريق أمام الغزاة
والسلطويين . . . حصروا الإسلام في زوايا المساجد
والمعابد ، واعتبروا الاهتمام بأمور المسلمين مخالفاً للإسلام ولواجبات
المسلمين وعلماء الإسلام!!»26 .