آیات الحج و مناسکه بین التفسیر الدلالی و التفسیر التطبیقی (فی نظر الإمام الخمینی) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آیات الحج و مناسکه بین التفسیر الدلالی و التفسیر التطبیقی (فی نظر الإمام الخمینی) - نسخه متنی

عبدالسلام زین العابدین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




مقارعة الأوثان المعاصرة


يرى
الإمام أنّ الاقتصار على الرؤية التاريخية القديمة للأصنام ومعابدها ،
يوصلنا إلى نتيجة خاطئة وهي: «عدم وجود صنم أو وثن
وعبادته في هذا العصر» ، ولذا يرى أنّه لا يوجد إنسان عاقل في
الدنيا «لا يدرك عبادة الأصنام الجديدة
وأحابيلها ، ولا يعرف هيمنة معابد الأصنام في واقعنا المعاصر ـ كالبيت
(الأسود) الأمريكي ـ على البلاد الإسلامية ، وعلى أرواح وأعراض المسلمين
والعالم الثالث . .»81.

يرى
الإمام أنّ عصرنا زاخرٌ بالأصنام والأوثان ومعابدها ، وأنّ الطاغوت
السياسي هو الصنم الكبير الذي دعانا القرآن إلى رفضه والثورة
عليه {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك
بالعروة الوثقى لا انفصام لها}82 .

{الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا
أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات}83 .

إنّه
الصراع التاريخي المرير بين أولياء الله وأولياء الطاغوت ، وما صراعنا
المعاصر إلاّ امتداد لذلك التصارع والتدافع ، وتبقى المصاديق للطاغوت
والظلمات ثابتة في مضمونها وإن اختلفت أشكالها .

ويعطي
الإمام المصاديق المتنوّعة للظلمات (الجهل) و(المعصية) و(التبعية للغرب والانبهار به) ، ويعتبر الأخير من
أشدّ الظلمات «لأنّ جميع مشاكلنا ومصائبنا تكمن في
أننا فقدنا أنفسنا ، ونسينا مفاخرنا ، وقضينا على كرامتنا
واستقلالنا ووطنيتنا . كلّ هذه ظلمات ، والطاغوت هو الذي أخرجنا من
نور الاستقلال والوطنية والإبداع العلمي ، إلى ظلمات التبعية والذيلية
والشعور بالدونية» .

بيد
أنّ أكبر هذه الظلمات وأحلكها وأخطرها هي ظلمة (الأنانية) لأنها «العدوّ الأسوء من كلّ الأعداء ، والوثن الأكبر من
كلّ الأوثان ، بل هي اُمّ الأوثان ، وما لم يحطِّم الإنسان هذا
الوثن لا يمكن أن يُصبح إلهياً; لأنّه لا يمكن الجمع بين الله والوثن ،
وبين الإلهية والأنانيّة»84 .

ومن
منطلق هذه الرؤية القرآنية الرائعة والمعاصرة لمعنى (الطاغوت) و(الوثن)
و(الصنم) يمتزج البعد السياسي ـ الاجتماعي لفريضة الحجّ بالبعد النفسي ـ
العرفاني; ليشهد الحجيج الآتون من كلّ فجّ عميق منافع على أصعدة
متعدّدة ، وساحات متنوّعة ، وميادين
شتّى .

إنّ
هذا الالتحام الرائع بين أبعاد الحجّ وآفاقه لا يتحقق إلاّ بوعينا لأبعاد
(الطاغوت) ومصاديقه ، التي تمتدُّ من ميدان النفس إلى ميادين القتال
والجهاد والنضال .

ومن
هنا ندرك مقولة الإمام ومدى دلالاتها العميقة «إنّ البعد (السياسي ـ الاجتماعي) للحج لا يتحقق إلاّ
بتحقق بعده (المعنوي ـ الإلهي)»!

ولهذا
يدعو حجّاج بيت الله الحرام قائلاً «لتكن تلبياتكم تلبية لدعوة
الله ، وليكن إحرامكم من أجل الوصول إلى ساحة الحضور الإلهي .
وأنتم تلبّون ارفضوا الشرك بجميع مراتبه ، وهاجروا من ذواتكم التي هي
مصدر الشرك الأكبر إلى الله عزّوجلّ» .

ويتمنّى للحجّاج المهاجرين الوصول إلى «الوفاة التي
تعقب الهجرة ، لينالوا ما وقع على الله من أجر»85 .

وهذه
إشارة واضحة إلى آية الهجرة: {ومن يخرج من بيته
مهاجراً إلى الله ورسوله ثمّ يدركه الموت فقد وقع أجره على الله}86 .

وآية
الهجرة هذه طالما ركّز عليها الإمام في خطاباته ورسائله وكتبه إلى درجة تكاد
تكون في المقام الثاني بعد آية القيام87 ،
ذلك لأنه يؤمن إيماناً عميقاً بأنّ وصول السالك إلى مرحلة الفناء
التام ، والمحو المطلق ، ثمّ الصحو بعد المحو ، هو الذي يجعله
ذا إرادة نافذة للحق تعالى ، حينما يزول غبار الكثرة ، وتتكسّر
أصنام كعبة القلب ، وما لم تتكسّر تلك الأصنام لا يمكن للإنسان أن يسعى
في تكسير الأصنام الاُخرى الحجرية أو البشرية المتمثِّلة بالطاغوت السياسي ـ
الاجتماعي88 .

من هذا
المنطلق يؤكّد الإمام على حقيقة بعثة الأنبياء والمرسلين ، والمقصد
الأساس وراء إنزال الكتب السماوية ، قائلاً «لقد بعث الأنبياء كافّة ، وأنزلت الكتب السماوية
كافة ، من أجل إخراج الإنسان من معبد الأصنام هذا ـ (الأنانية التي هي
اُمّ الأوثان) ـ وتحطيمها ، وتحويله إلى عابد لله» ، وعندما
يخرج الإنسان من ظلمات الأنانية «يصبح عاملاً
لله ، مقاتلاً في سبيل الله»89 .

من هذا
المنطلق ـ أيضاً ـ يخاطب الإمام حجّاج بيت الله قائلاً «ما دمتم مكبّلين بأغلال
ذاتياتكم وأهوائكم وأنانياتكم لا تستطيعون الجهاد في سبيل الله ، ولا
الدفاع عن حريم الله»90 .

«ولو تحقّق في الإنسان هذا
الجانب العرفاني والمعنوي وحده ، واقترنت التلبية ـ (لبّيك
اللهمّ لبّيك) ـ صدقاً بنداء الله تعالى ، فإنّ الإنسان سيحقّق الانتصار
في جميع الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية ، وحتّى
العسكرية . وإنّ مثل هذا الإنسان لا يفهم معنى الهزيمة
والفشل»91 .

«بتلبيتكم قولوا (لا) لكلّ
الأصنام . وأي صنم أكبر من الشيطان الأكبر أمريكا
الطامعة؟!

أرفضوا كلّ الطواغيت الصغار
والكبار .

اجعلوا قلوبكم في الطواف حول بيت
الله خالية من غير الله ، فإنّ الطواف يرمز إلى عشق
الله .

نزّهوا أنفسكم من أن تخاف من غير
الله تعالى .

تبرّأوا ـ مع عشق الله ـ من
الأصنام الكبيرة والصغيرة ، ومن الطواغيت
وأتباعهم . .

وفي لمسكم للحجر الأسود بايعوا
الله لأن تكونوا أعداءً لأعداء الله ورسوله والصالحين
والأحرار . .

اقتلعوا جذور
الخوف من قلوبكم فإنّ كيد أعداء الله ـ وعلى رأسهم الشيطان الأكبر ـ كان
ضعيفاً ، مهما تفوّقوا في وسائل القتل والدمار
والإجرام . .

وفي السعي بين (الصفا) و(المروة)
اسعوا ـ بصدق وإخلاص ـ لتجدوا المحبوب ، فإن وجدتموه يتقطع كلّ انشداد
إلى الدنيا ، وينقلع كلّ شكٍّ وتردّد ، وتنفصم كلّ القيود ،
وعندها تتفتّح براعم الحرية وتتحطّم الأغلال التي كبّل بها الطواغيت عباد
الله ، وأسروهم واستعبدوهم .

واتّجهوا إلى (المشعر الحرام)
و(عرفات) بشعور وعرفان ، وزيدوا دوماً من ثقتكم بوعد الله وحكومة
المستضعفين ، وتفكّروا بآيات الله في هدوء وسكون . . وفكّروا
في إنقاذ المحرومين والمستضعفين من مخالب
المستكبرين .

اِذهبوا إلى (منى) لتنالوا فيها
الأماني الحقّة المتمثِّلة في تقديم أعزّ ما عندكم قرباناً على طريق
المحبوب . .»92 .

«برجمكم (العقبات الثلاثة) عاهدوا الله على رجم وطرد شياطين الإنس والقوى
المستكبرة من بلدان العالم الإسلامي»93 .

وهكذا
تلتحم الثورة والعرفان ، وتتعانق السياسة والعبادة ، ويتزامن السعي
بين الصفا والمروة بالسعي نحو تحقيق
الأماني الحرّة ، ورجم العقبات برجم الطاغوت ، وطواف الكعبة
بالقيام والنهضة والثورة .

وهكذا
ـ أيضاً ـ يتحوّل عيد الأضحى المبارك إلى عيد التضحية والبذل والفداء والعطاء
في سبيل الله ، ومقارعة الظالمين والطاعنين; لأنّه «العيد الذي يذكّر الواعين بالتضحية الإبراهيمية ،
ويقدّم دروس الفداء والجهاد في سبيل الله إلى أبناء آدم وأصفياء الله
وأوليائه»94 .

لقد
علّمنا إبراهيم ـ شيخ الموحّدين ومحطّم الأصنام ومؤسس الإيثار ـ كيف نعيِّد
ومتى ، «علّمنا وعلّم الجميع أن نقدّم أعزّ
ثمار حياتنا في طريق الله ، ثمّ نعيِّد!!»95:
{فلمّا أسلما وتلّهُ للجبين* وناديناه أن يا إبراهيم* قد صدّقت الرؤيا إنّا
كذلك نجزي المحسنين* إنَّ هذا لهو البلاءُ المبين * وفديناه بذبح عظيم*
وتركنا عليه في الآخرين}96 .

/ 15