(المنافع) بنظر الإمام الخميني
ركّز الإمام على آية (شهود المنافع) كثيراً ، وذكرها في العديد من
خطاباته السنوية التاريخية في موسم الحج ، وأعطى دلالاتها وتطبيقاتها
معاً .وقد أكّد على شمولية هذه المنافع; لتشمل كلّ نفع للمسلمين والاُمّة الإسلامية
على جميع الأصعدة الروحية والسياسية والثورية والاجتماعية والاقتصادية ،
وقد دعا ـ بقوّة ـ الحجيج جميعاً إلى تحقيق تلكم المنافع المتنوّعة في
ذلك«المؤتمر الإسلامي الكبير ، في الأيام
المباركة والأرض المباركة» ، قائلاً «على
المسلمين الملبِّين لدعوة الله تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي
والاجتماعي ، إضافة إلى المحتوى العبادي ، وأن لا يكتفوا بالشكل
والصورة فحسب»12 .وقد أطلق الإمام في خطاباته زفرات الأسف واللوعة على ما آل إليه المسلمون في
الغفلة عن تلكم (المنافع) العظيمة ، التي توخّاها القرآن من تشريعه
لفريضة الحجّ . . إلى درجة بدا فيها (الحجّ الإبراهيمي ـ المحمّدي)
غريباً ومهجوراً ، حيث يصرّح قائلاً «إنّ
الحجّ (الإبراهيمي ـ المحمدي) غريبٌ ومهجور منذ سنين على الصعيد المعنوي
والعرفاني ، كما هو غريب ومهجور على الصعيد السياسي والاجتماعي ،
وعلى الحجّاج الأعزّاء من جميع أقطار العالم الإسلامي أن يزيلوا عن بيت الله
غربته على الأبعاد والأصعدة كافّة»
13 .ولهذا
حذّر من أن يكون هذا الاجتماع المليوني للمسلمين الآتين من كلِّ فجٍّ
عميق ، مصداقاً للرواية القائلة «ما أكثر
الضجيج وأقلّ الحجيج»14!وهناك
مقولة رائعة للإمام تعبّر عن مدى المنافع والعطاءات لفريضة الحج ، وعلى
جميع الأصعدة ، وهي: «الحجّ كالقرآن مائدة
ينتفع منها الجميع»15 ،
ولذا فإنّه يرى الاستفادة من جواهر بحره تختلف بحسب اختلاف مستويات الناس
الفكرية والثقافية ، وحملهم لهموم الأمّة الإسلامية ، وشعورهم
بآلامها وآمالها .كما
يرى أنّ الحجّ يشبه القرآن في غربته ومهجوريته ، حيث يقول:«الحجّ مهجور كالقرآن»16 .من هنا
ندرك أنّ الإمام يرى أنّ الحج كالقرآن في أعماقه ، وكالقرآن في
غربته .من هذا
المنطلق يوجب مفسّرنا الإمام على جميع المسلمين«أن
يسعوا من أجل إعادة الحياة إلى الحجّ والقرآن معاً» ، كما يدعو
علماء الإسلام الملتزمين إلى «أن يضطلعوا بمسؤولية
تقديم وإعطاء التفاسير السليمة والواقعية لفلسفة الحج ومناسكه ، بعيداً
عمّا تنسجه خيالات وتصوّرات (علماء البلاط) من
خرافات» .