آیات الحج و مناسکه بین التفسیر الدلالی و التفسیر التطبیقی (فی نظر الإمام الخمینی) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

آیات الحج و مناسکه بین التفسیر الدلالی و التفسیر التطبیقی (فی نظر الإمام الخمینی) - نسخه متنی

عبدالسلام زین العابدین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




المبحث الثاني: آية البراءة من المشركين


انطلاقاً من آية البراءة: {وأذانٌ من الله ورسوله
يوم الحجّ الأكبر أنّ الله بريءٌ من المشركين ورسولُه}44 ،
دعا الإمام الخميني الحجيج الآتين من كلِّ فجٍّ عميق ليشهدوا منافع
لهم ، إلى ضرورة إعلان البراءة من المشركين والمستكبرين في موسم
الحج ، وفي مكة المكرّمة; ليطلقوا «بجوار بيت
التوحيد صرخة البراءة من المشركين والملحدين من مستكبر رأسه أمريكا
المجرمة»45 .

وما
ركّز الإمام على آية من الآيات المباركة في فريضة الحج ، كما ركّز على
آية البراءة ، حيث إنّه سلّط الأضواء الكاشفة على هذه الآية ، ودعا
بكلّ قوّة وإصرار إلى تجسيدها في واقعنا المعاصر . . حتّى لا نعيش
التفسير الدلالي والمفاهيمي للقرآن بعيداً عن التجسيد
والتطبيق .

ولا
يكاد يخلو خطاب من خطابات الإمام في موسم الحج من ذكر لآية البراءة ودعوة إلى
تجسيدها في واقعنا المعاصر .

ويمكن
تلخيص تفسيره الدلالي والتطبيقي لآية البراءة بالنقاط
التالية أوّلاً: إعلان البراءة: إحياء لذكرى حادثة سياسية
كبرى
يرى
الإمام أنّ «إرسال سورة (براءة) لقراءتها في ذلك
الجمع إنّما كان يستهدف تعليمنا ضرورة قراءة سورة براءة في ذلك
المكان»46 .

كما
يرى أنّ إعلان البراءة في موسم الحج يعتبر «إحياءً لذكرى أهمّ
وأكبر حركة سياسية للرسول(صلى الله عليه وآله) ، التي عبّر عنها القرآن
بقوله: {وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحجّ الأكبر أنّ الله بريءٌ من
المشركين ورسولُه} ، ذلك لأنّ سنّة الرسول(صلى الله عليه وآله)وإعلان
البراءة لن يبليا»47 .

إنّ
«إعلان البراءة من المشركين في موسم الحج ، هو
إعلانٌ سياسي ـ عبادي»48 .

ومهما
اختلف المفسِّرون في تعيين المراد من يوم الحجّ الأكبر ـ يوم النحر كما جاء
في روايات أهل البيت(عليهم السلام) أو يوم عرفة أو جميع أيّام الحج ـ فإنّ
الآية المباركة واضحة في دلالتها في إعلان البراءة من المشركين في أكبر يوم
من أيّام الحج ، حيث يجتمع المسلمون الآتون من كلّ فجٍّ عميق; ليشتركوا
في مراسم إعلان صرخة البراءة تلك ، وليكونوا على اُهبة الاستعداد لإنفاذ
أمر الله فيهم بقتال أعداء الله بعد انسلاخ الأشهر الحرم {حيث وجدتموهم} في أي زمان ومكان ، في حلٍّ أو
حرم ، وبأيّ وسيلة ممكنة بالأخذ أو الحصر أو القعود لهم في كلِّ مرصد
{وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كلّ مرصد} حتّى
يفنوا عن آخرهم ، وتطهر الأرض من وجودهم .

وقد
ذكر المفسِّرون من الفريقين أنّ الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) كان قد
بعث أبا بكر مع (براءة) ليقرأها على الناس فنزل جبرئيل(عليه السلام) فقال: لا
يبلِّغ عنك إلاّ علي ، فأمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) عليّاً أن
يلحق أبا بكر ليأخذها منه ويقرأها على الناس .

فقد
جاء في الدر المنثور للسيوطي: أخرج عبدالله بن أحمد بن حنبل في زوائد
المسند ، وأبو الشيخ وابن مردويه عن علي(رضي الله عنه) قال: لمّا نزلت
عشر آيات من براءة على النبي(صلى الله عليه وآله) دعا أبا بكر ليقرأها على
أهل مكّة ، ثمّ دعاني فقال لي; أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب
منه . ورجع أبو بكر ، فقال: يارسول الله نزل فيَّ شيء؟ قال:
لا ، ولكن جبريل جاءني فقال لي: لن يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجلٌ
منك»49 .

وفي
الدرّ المنثور كذلك: أخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص أنّ
رسول الله(صلى الله عليه وآله) بعث أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة ،
ثمّ بعث علياً على أثره ، فأخذها منه فكأن أبا بكر وجد في نفسه ،
فقال النبي(صلى الله عليه وآله) : يا أبا بكر إنّه لا يؤدِّي عنّي إلاّ أنا
أو رجل منّي»50 .

من هذا
المنطلق يعتبر الإمام أنّ إعلان البراءة يمثِّل حدثاً تاريخياً عظيماً في
مسيرة الإسلام بقيادة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) ، قد حقّق
انعطافة في الموقف تجاه المشركين وأعداء الدين ، وأننا إذا قمنا بإعلان
البراءة في موسم الحجّ فإنّما هو تأس برسول الله(صلى الله عليه وآله) وإحياء
لسنّته .

ولهذا
يستنكر الإمام على فتاوى (وعّاظ السلاطين) و(علماء البلاط) من تحريمهم إعلان
البراءة في مكة ، وفي موسم الحجّ ، بحجّة الأمن والسلامة وقدسيّة
الكعبة المشرّفة!!

يخاطب
الإمام ذلك «الواعظ العميل الذي يرى الهتاف ضدّ
أمريكا واسرائيل مخالفاً لمراسم الحج» ، قائلاً: «وهل التأسّي برسول الله واتّباع أمر الله مخالف لمراسم
الحجّ؟!

هل أنت وأمثالك من
الوعّاظ الأمريكيين تخطِّئون فعل رسول الله(صلى الله عليه وآله)
وأمر الله؟!

هل التّأسّي بتلك الشخصية
الكبرى ، وإطاعة أمر الله تعالى مخالف للإسلام؟!

هل تنزّهون مراسم الحجّ من
البراءة من الكفّار؟!

أتغطون على أوامر الله ورسوله من
أجل مصالحكم الدنيوية ، وترون البراءة من أعداء الله من محاربي المسلمين
ومن الظالمين ولعنهم كفراً؟!» 51 .

ولم
يشجب الإمام (وعّاظ السلاطين) فحسب ، بل هناك ممّن يسمّيهم «المتنسكين
الجاهلين» يدّعون ـ كذلك ـ أنّ حرمة وقدسيّة الكعبة المعظّمة ، تنتهك
برفع الشعارات وإقامة التظاهرات والمسيرات وإعلان البراءة!!52
ويعتبر
الإمام أنّ «مثل هذه الأقاويل هي من إيحاءات وخبث
السياسات الخفيّة للناهبين الدوليين ، ولابدّ للمسلمين أن ينهضوا ،
وبكلّ ما لديهم من إمكانات . . . لخوض المواجهة
الجادّة ، والدفاع عن القيم الإلهية ومصالح المسلمين»53 .

ثانياً: الكعبة أجدر وأنسب بيت لإعلان البراءة
يتساءل
الإمام متعجّباً ومستنكراً على أولئك الذين يعتبرون إعلان البراءة في موسم
الحج يسيئ إلى فريضة الحج ومناسكها ، كما يسيئ إلى قداسة البيت
الحرام ، قائلاً «وأيّ
بيت أفضل وأنسب وأجدر من (الكعبة) المشرّفة ، بيت الأمن والطهارة
والناس54;
لإعلان البراءة ، قولاً وعملاً ، بوجه كلِّ أشكال
الظلم والاستغلال والعبودية والدناءة واللإنسانية؟!»55 .

«إذا لم يعلن
المسلمون براءتهم من أعداء الله ، في بيت الناس وبيت الله ، فأين
اذن يُعلنون البراءة؟!

وإذا لم
يكن الحرم والكعبة والمسجد والمحراب معاقل وسنداً لجنود الله والمدافعين عن
الحرم وحرمة الأنبياء ، فأين إذن يكمن مأمنهم وملجأهم؟!»56 .

ينطلق الإمام بنظرته هذه إلى دور
الكعبة والمسجد الحرام ، من منطلق القرآن ، الذي تعطي آياته بكلّ
صراحة ووضوح ذلك الدور العظيم الذي لا ينفكّ عن القيام والنهوض والبراءة من
المشركين والمستكبرين .

الآية الاُولى: {جَعَلَ الله الكعبة البيت الحرام قياماً
للناس}57 .

يرى
الإمام: أنّ الله عزّوجلّ في هذه الآية المباركة «يقرّر أنّ سرّ الحجّ
وبواعثه والغاية من الكعبة والبيت الحرام هي نهوض المسلمين وقيامهم في سبيل
مصالح الناس والجماهير المستضعفة في العالم»58 .

لقد
بدأ خطابه عام 1401 والموجّه إلى حجّاج بيت الله الحرام ، بآية
القيام ، أعطى فيه السبل التي تجعل من ذلك التجمّع المليوني في موسم
الحج مصدر نهوض المسلمين وقيامهم في سبيل مصالح الناس المستضعفين في
العالم .

ولن
يتحقّق ذلك القيام إلاّ إذا وعى المسلمون الآتون من كلِّ فجٍّ عميق مقاصد
وأهداف الحج الكبرى ، وعرفوا واجباتهم في ذلك «التجمّع الإلهي العظيم الذي لا تستطيع أيّ قدرة سوى قدرة
الله أن تعقده» .

ودراسة
مشاكل المسلمين ، وبذل الجهود في سبيل إيجاد الحلول لها ، هو
الواجب الأوّل الذي يجب أن يضطلع به أولئك الحافّون حول بيت الله
الحرام .

ويرى
الإمام: أنّ «إحدى أكبر هذه المشاكل وأكثرها أهمّية
هي عدم الوحدة بين المسلمين وتمزّقهم وتشتّتهم»59 .

«هذا المسجد
الحرام ومساجد عصر رسول الله(صلى الله عليه وآله) كانت مركز الحروب ،
ومركز السياسات والشؤون الاجتماعية والسياسية»60 .

«لو
أننا ذهبنا إلى الحج ، ولم نأخذ بنظر الاعتبار مصالح المسلمين ، بل
وخلافاً لمصالح المسلمين نغطّي على الجرائم التي ترتكب بحقّهم ، ولا ندع
المسلمين يتداولون ما ترتكبه بحقّهم الحكومات والقوى الكبرى من جرائم
ومظالم ، فليس هذا بحجٍّ; لأنّه صورة فاقدة للمعنى ، وشكل مفرّغ من
المضمون»61 .

الآية الثانية: {وإذْ
جعلنا البيت مثابةً للناس وأمناً واتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى وعهدنا إلى
إبراهيم وإسماعيل أن طهّرا بيتي للطائفين والعاكفين والركّع
السجود}62 .

انطلاقاً من هذه الآية المباركة يرى الإمام أنّ «الكعبة التي هي أُمّ القرى وما امتدّ منها حتّى آخر نقطة
في الأرض ـ وإلى آخر يوم من حياة العالم ـ ينبغي أن تطهّر من لوثة الأصنام
مهما كانت هياكل أم شمساً أم قمراً أم حيواناً أم إنساناً . وأيّ منهم
أسوأ من (الطواغيت) على مرّ التاريخ ، ابتداءً من زمان آدم صفي الله
ومروراً بإبراهيم خليل الله ومحمّد حبيب الله . . . حتى آخر
الزمان ، حيث يرفع محطّم الأصنام الأخير نداء التوحيد من
الكعبة؟!» .

ويشجب
الإمام النظرة الضيّقة الخاطئة للأصنام ، التي تحصرها بالأصنام الحجرية
فحسب ، حيث يتساءل: «أَليست القوى الكبرى في
زماننا هذا أصناماً كبرى تدعو الناس إلى طاعتها وعبادتها والخضوع لها ،
وتفرض نفسها عليهم بالقوّة والمال والتزوير؟!

مكّة المعظّمة هي المركز
الوحيد لتحطيم هذه الأصنام . إنّ إبراهيم الخليل(عليه السلام) ،
وحبيب الله محمّداً(صلى الله عليه وآله) ، وابنه العزيز المهدي الموعود
ـ روحي فداه ـ رفعوا وسيرفعون نداء التوحيد في آخر الزمان من الكعبة
المشرّفة» .

«والمهدي المنتظر على لسان كلِّ
الأديان وبإجماع المسلمين يَرفع نداءَه من الكعبة ، ويدعو البشرية إلى
التوحيد ، والجميع يرفعون نداءهم من مكّة ، وعلينا أن
نتّبعهم ، ونعلن كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة من ذلك المكان
المقدّس»63 .

«وما لم نعقد الاجتماعات الحيّة
المدويّة في مركز تجمّع المسلمين (مكة المكرّمة) ، وما لم نكسِّر
الأصنام ونرجم الشياطين وعلى رأسهم الشيطان الأكبر في (العقبات) ، لن
يكون حجّنا حجّ خليل الله وحبيب الله ووليّ الله المهدي العزيز ، ولقيل
في حقّنا: «ما أكثر الضجيج وأقلّ الحجيج»!64 .

الآية الثالثة: {إنّ أوّل بيت وضع للناس للّذي ببكّة مباركاً
وهُدًى للعالمين}65 .

هذه
الآية المباركة ـ كما يرى الإمام ـ تقرّر أنّه ليس هناك أولوية ببيت الله على
سائر الناس ، لشخص أو مجموعة أو طائفة . . فإنّ الناس
جميعاً ، أينما كانوا ، وفي أيّ بقعة من بقاع الأرض ، في
مشارقها ومغاربها ، مكلّفون أن يكونوا مسلمين ، وأن يجتمعوا في هذا
البيت الذي وُضع للناس ، وأن يزوروا هذا البيت
المقدّس .

«بيت
الله الحرام هو أوّل بيت وضع للناس ، إنّه بيتٌ عام ، ليس لشخص ولا
لنظام ولا لطائفة حقّ الأولوية فيه ، سواء فيه أهل البادية وسكنة
الصحراء والمتنقلون ، والعاكفون وسكنة المدن»: {سواءً العاكفُ فيه
والباد}66 .

«هذا
البيت المعظّم بني للناس ، ولقيام الناس ، وللنهوض العام ،
ولمنافع الناس ، وأيّ منافع أعظم وأسمى من قطع يد جبابرة العالم
والظالمين من السيطرة على البلدان المظلومة»67 .

ثالثاً: صرخة البراءة هي صرخة المستضعفين
المظلومين .

يرى
الإمام أنّ إعلان البراءة لا يتجزّأ; لأنّه يمثِّل صرخة براءة المستضعفين
والمحرومين بوجه المستكبرين الظالمين . . وبالتالي يُعبّر إعلان
البراءة في موسم الحج من قبل المسلمين الآتين من أصقاع الأرض الإسلامية عن
الرفض لكلّ الظالمين الذين يتحكّمون برقاب
المسلمين .

يقول
الإمام: «إنّ صرخة براءتنا من المشركين والكافرين
اليوم هي صرخة البراءة من الظلم والظالمين ، هي صرخةُ اُمّة ضاقت ذرعاً
باعتداءات الشرق والغرب ، وعلى رأسهم أمريكا وأذنابها ، وغضبُ مَن
نُهب بيتها وثرواتها» . ثمّ يقول «إنّ صرخة براءتنا هي صرخة الشعب
الأفغاني المظلوم ضد الاتحاد السوفيتي» .

«وإنّ صرخة براءتنا هي صرخة
الشعوب المسلمة المضطهدة في أفريقيا» .

«إنّ صرخة براءتنا هي صرخة
الشعبين اللبناني والفلسطيني . .» .

«إنّ صرخة براءتنا هي صرخة جميع
الذين ما عادوا يتحمّلون فرعنة أمريكا وتواجدها
السلطوي . .» .

«إنّ صرخة براءتنا هي صرخة
الدفاع عن الشعوب والكرامات
والنواميس . .» .

«إنّ صرخة براءتنا هي صرخة
الفقراء والجياع والمحرومين الذين نهب الجشعون والقراصنة الدوليون حصيلة كدِّ
يمينهم وعرق جبينهم» .

/ 15