(المنافع) : البعد السياسي ـ الاجتماعي
لقد
ركّز الإمام على البعد (السياسي ـ الاجتماعي) في قوله تعالى: {ليشهدوا منافع لهم}; أكثر ممّا ركّز على البعد
(النفسي ـ العرفاني) ، رغم تصريحه بأنّ البعد الثاني هو الأساس ،
وهو المنطلق لكلّ الأبعاد الأخرى ، حيث صرّح
قائلاً «إنّ البعد (السياسي ـ الاجتماعي) لا يتحقّق إلاّ بتحقّق بُعده المعنوي
الإلهي»17 .وقد كان يؤكّد
في كتبه أنّه: ما لم تتكسّر أصنام كعبة القلب ، لا يمكن للإنسان أن
يكسِّر الأصنام الأخرى الحجرية والبشرية المتمثّلة بالطاغوت
السياسي ـ الاجتماعي18 ، ذلك لأنّ
الإنانية هي اُمّ الأوثان وأعدى أعداء الإنسان19 ، وأنّ
«كلّ جهود الأنبياء من آدم حتّى الخاتم استهدفت كسر صنم
الذاتية الذي هو أكبر الأصنام ، ثمّ كسر بقية الأصنام»20 .ولهذا
يرى أنّ الطواف حول الكعبة «يرمز إلى عدم الالتفاف حول غير
الله»21 ، كما هو
«رمزٌ إلى عشق الله وتنزيهٌ للنفس من أن تخاف غيره
تعالى»22 ، كما أنّ
الصفا والمروة يمثِّل«السعي لإيجاد
المحبوب»23 .بيد
أنّ سر تركيز الإمام على البعد (السياسي ـ الاجتماعي) في فريضة الحج يكمن في
إيمانه بأنّ أعداء الإسلام ما تآمروا على بُعد من أبعاد الحجّ أكثر ممّا
تآمروا على هذا البعد السياسي الاجتماعي ، من أجل أن يفرغوا فريضة الحج
منه ، حتى غدا الحج أبعد ما يكون عن السياسة والاجتماع!! يقول
الإمام «إنّ من أكثر
أبعاد الحجّ تعرّضاً للغفلة والهجران هو البعد السياسي لهذه المناسك
العظيمة . ولقد عملت الأيدي الآثمة أكثر ما عملت ـ ولا زالت ـ على
هجرانه» .ولهذا
فإنّ «المسلمين اليوم ، وفي هذا العصر ـ عصر
الغاب ـ مسؤولون أكثر من أيّ وقت مضى على إبرازه وإزالة الحجب
عنه» .