بأن يأتي بعده ، ولاريب أن الترتيب هو الأصل لفعله (صلى الله عليه وآله) ، ولكن الكلام في أنه هل فعله (صلى الله عليه وآله) على نحو الوجوب أو أنه سنة؟
وقد نسب إلى جماعة من الإمامية جواز تقديم الحلق ، ولكن المشهور منعوا ذلك ، وأكد السيد الخوئي ذلك بأدلة منها:
أولا: السيرة .
ثانياً: الروايات ومنها:
1 ـ صحيحة عمر بن يزيد: (إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك . . .) (17) .
2 ـ صحيحة سعيد الأعرج: (فإن لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن ويقصرن) (18) .
3 ـ صحيحة جميل التي جاء فيها: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق؟ قال: لا ينبغي إلا أن يكون ناسياً ، ثم قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله)أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم: يا رسول الله ، إني حلقت قبل أن أذبح ، وقال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي ، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخروه إلا قدموه فقال: لا حرج) (19) .
في حالة الضرورة يمكن تأخير ذبح الهدي والقيام بالحلق والتقصير والخروج من الإحرام ورغم أن التعبير بـ (لا ينبغي) قد لا يدل على الوجوب ، إلا أن ملاحظة المقام تدل على أن وظيفتهم الأولية كانت تأخير الحلق(20) . ولكنا نرى أن الرواية تشير إلى عدم التأكيد الشديد على قضية الترتيب بحيث يمكن التغاضي عنه بأدنى ضرورة .
4 ـ صحيحة عبد الله بن سنان قال: (سألته عن رجل حلق رأسه قبل أن يضحي ، قال: لا بأس ، وليس عليه شيء ولا يعودن) (21) .
5 ـ رواية عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل حلق قبل أن يذبح قال: (يذبح ويعيد الموسى ، لأن الله تعالى يقول: { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } (22) .
وهناك روايات أخرى تدل على جواز الحلق إذا اشترى الهدي وربطه وإن لم يذبحه ، وقد عمل بها الشيخ الطوسي ومال إليها صاحب (الحدائق الناضرة) .
ولكن السيد الخوئي ناقش فيها ، وقال في النهاية: (ولا ريب في أن تأخير الحلق عن الذبح أحوط لولم يكن أقوى) (23) .
ولكن الملاحظ أن كل هذه الروايات ليس فيها إطلاق ، فهي موجهة إلى القادرين على الذبح الصحيح في اليوم العاشر ، فإذا تصورنا أن هناك نوعاً من الضرورة يلجيء إلى التقديم كأن تتوقف عملية الاستفادة الصحيحة من لحوم الأضاحي بالطريقة المناسبة على تنفيذ المشروع المعروف اليوم ، وكان يترتب على الحاج نوع من الحرج إذا أراد أن يشخص أن هديه قد ذبح أم لا ، فإن الملاحظ لجوّ النصوص يستطيع أن يطمئن نفسياً إلى جواز الحلق ، خصوصاً مع وجود شيء من الحرج حتى ولو لم يعلم الحاج قطعاً بأن هديه قد ذبح ، وربما منحتنا فتوى الشيخ وصاحب الحدائق الجرأة على هذا الإفتاء ، خصوصاً إذا لاحظنا ما أشارت إليه الرواية التي أجمع على نقلها وقبولها المسلمون من أن الترتيب أمر لا يملك شدة التركيز ، فيمكن التغاضي عنه عند أي نوع من الحرج .