مهدی المنتظر فی الفکر الإسلامی

ثامر هاشم العمیدی

نسخه متنی -صفحه : 167/ 155
نمايش فراداده

وهذا معنى ما قلناه من أنَّ الاِمامة المبكّرة ظاهرة واقعية في حياة أهل البيت عليهم السلام، وليست مجرّد افتراض، كما أنَّ هذه الظاهرة الواقعية لها جذورها وحالاتها المماثلة في تراث السماء الذي امتدّ عبر الرسالات والزعامات الربانية، ويكفي مثالاً لظاهرة الاِمامة المبكّرة في التراث الرباني: النبي يحيى عليه السلام، قال تعالى: (يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيناهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً..)(1).

ومتى ثبت أن الاِمامة المبكّرة ظاهرة واقعية وموجودة فعلاً في حياة أهل البيت، لم يَعُدْ هناك اعتراض فيما يخصّ حياة المهدي عليه السلام، وخلافته لاَبيه وهو صغير.

السؤال الثاني: طول العمر

إن أهم مايثيرونه في هذا المجال، ويروّجون له باستمرار قديماً وحديثاً، هو قولهم: إذا كان المهدي يُعبّرُ عن إنسان حيّ عاصرَ الاَجيال المتعاقبة منذ أكثر من أحدَ عشرَ قرناً فكيف تأتّى له هذا العمر الطويل ؟ وكيف نجا من القوانين الطبيعية التي تحتمّ مروره بمرحلة الشيخوخة (2)!!

ومن الجائز أن نطرح الشبهة بصورة سؤالٍ كأن يقال: هل بالاِمكان أن يعيش الانسانُ قروناً طويلة ؟!

جواب السؤال الثاني

وللاِجابة عن هذا السؤال لابدَّ من التمهيد ببحث مسألة الاِمكان هنا. فهناك ثلاثة أنواع متصورة للاِمكان:

الاَول: إطالة عمر الإنسان بحسب الإمكان العملي

ما يصطلح عليه بالاِمكان العملي، ويُراد به ما هو ممكن

(1) سورة مريم: 19 | 12. وقد مرّ في الفصل الثاني برقم 5 و 8 اعتراف أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي، وأحمد بن يوسف القرماني الحنفي بان المهدي عليه السلام اُعطي الحكمة وهو صبيٌّ، فراجع.

(2) هذه الشبهة مطروحة في كتب العقائد منذ القرون البعيدة، وقد ذكرها وتصدى للاجابة عنها كبار علماء الاِماميّة، بوجوهٍ جديدة ومن أبعاد مختلفة، ونحن نتعرّض لبعضها فقط.