هجوم علی بیت فاطمة (ع)

مهدی‏ عبد الزهراء

نسخه متنی -صفحه : 478/ 24
نمايش فراداده

رجعوا من الحجّ ودخلوا المدينة كتبوا صحيفة بينهم، وكان أوّل ما في الصحيفة النكث لولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) وأنّ الأمر إلى أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم معهم ليس بخارج منهم(1)، وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلاً أصحاب العقبة وعشرون رجلاً آخر، واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة ابن الجرّاح وجعلوه أمينهم عليها.

قال حذيفة: حدّثتني أسماء بنت عميس الخثعيمة امرأة أبي بكر: إنّ القوم اجتمعوا في منزل أبي بكر فتآمروا في ذلك، وأسماء تسمعهم وتسمع جميع ما يدبّرونه في ذلك حتّى اجتمع رأيهم على ذلك، فأمروا سعيد بن العاص الأموي فكتب هو الصحيفة باتفاق منهم.

وأهمّ ما فيها: هذا ما اتّفق عليه الملأ من أصحاب محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) من المهاجرين والأنصار بعد أن أجهدوا في رأيهم، وتشاوروا في أمرهم نظراً منهم إلى الإسلام وأهله، ليقتدي بهم من يأتي بعدهم.

إنّ الله لمّا أكمل دينه قبض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه من غير أن يستخلف أحداً وجعل الاختيار إلى المسلمين يختارون لأنفسهم من وثقوا برأيه ونصحه لهم، والذي يجب على المسلمين عند مضيّ خليفة من الخلفاء أن يجتمع ذوو الرأي والصلاح فيتشاوروا في أُمورهم، فمن رأوه مستحقّاً للخلافة ولّوه أُمورهم.

فإن ادّعى مدّع أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) استخلف رجلاً بعينه نصبه للناس ونصّ

1. أقول: وهذا هو السرّ فيما قاله عمر قبل وفاته: لو كان أبو عبيدة حيّاً استخلفته... لو كان سالم حيّاً استخلفته. وفي بعض المصادر ذكر معاذ بن جبل أيضاً، راجع مسند أحمد: 1/18 ; الإمامة والسياسة: 1/28 ; الطبري: 4/277 ; الكامل لابن الاثير: 3/65 ; المستدرك للحاكم: 3/268 ; تاريخ الإسلام للذهبي: 3/56 و 172 ; شرح نهج البلاغة: 1/190 و 16/265 ; كنز العمّال: 5/738 و 12/675 و 13/215 ـ 216 ; العقد الفريد: 4/274 ; جامع الأحاديث: 13/369، 373، 379، 382، 399.