کشف المراد فی شرح تجرید الإعتقاد

حسن بن یوسف علامه حلی

نسخه متنی -صفحه : 569/ 26
نمايش فراداده

الفصل الأول: في الوجود والعدم

الفصل الأول

في الوجود والعدم

وتحديدهما بالثابت العين والمنفي العين أو الذي يمكن أن يخبر عنه ونقيضه (1) أو بغير ذلك يشتمل على دور ظاهر.

المسألة الأولى: في أن الوجود والعدم لا يمكن تحديدهما

المسألة الأولى

في أن الوجود والعدم لا يمكن تحديدهما

أقول: في هذا الفصل مسائل مهمة جليلة، هذه أولاها وهي أن الوجود والعدم لا يمكن تحديدهما. وأعلم أن جماعة من المتكلمين والحكماء حدوا الوجود والعدم، أما المتكلمون فقالوا: الموجود هو الثابت العين، والمعدوم هو المنفي العين.

والحكماء قالوا: الموجود هو الذي يمكن أن يخبر عنه، والمعدوم هو الذي لا يمكن أن يخبر عنه، إلى غير ذلك من حدود فاسدة لا فائدة في ذكرها، وهذه الحدود كلها باطلة لاشتمالها على الدور، فإن الثابت مرادف للموجود، والمنفي للمعدوم، ولفظة (الذي) إنما يشار بها إلى متحقق ثابت، فيؤخذ الوجود في حد نفسه.

قال: بل المراد تعريف اللفظ إذ لا شئ أعرف من الوجود (2).

(1) أي نقيض الذي يمكن أن يخبر عنه، وذلك النقيض هو الذي لا يمكن أن يخبر عنه. وهو تعريف للمعدوم.

وقوله: أو بغير ذلك، مثل قولهم: الموجود هو الذي يكون فاعلا أو منفعلا، أو الذي ينقسم إلى الفاعل والمنفعل، أو ينقسم إلى الحادث والقديم، والمعدوم على خلافها.

(2) لا شئ أعرف من الوجود إذ لا معنى أعم منه، والأعم لكون شروطه ومعانداته أقل يناسب جوهر النفس الناطقة البسيطة، كما أن كل قوة مدركة تجانس مدركها، وحكم المجانسة بين الغذاء والمغتذي سار في كل واحدة منهما، لذا قال الشيخ في إلهيات الشفاء (ج 2 ص 75 ط 1): يشبه أن تكون الكثرة أعرف عند تخيلنا، والوحدة أعرف عند عقولنا.

وفي الحكمة المنظومة للمتأله السبزواري (ص 103):

وسر أعرفية الأعم سنخية لذاتك الأتم ووحدة عند العقول أعرف وكثرة عند الخيال أكشف

واعلم أن التعبير عن متن الأعيان وحقيقة الحقائق وجوهر الجواهر عسير جدا، والتعبير عنه بالوجود تعبير عن الشئ بأخص أوصافه الذي هو أعم المفهومات، إذ لو وجد لفظ يكون ذا مفهوم محصل أشمل من ذلك وأبين لكان أقرب إليه وأخص به، وكان ذلك هو الصالح لأن يعبر به عنه. ولما لم يكن بين الألفاظ المتداولة لفظ أحق من الوجود إذ معناه أعم المفهومات حيطة وشمولا وأبينها تصورا وأقدمها تعقلا وحصولا، اختاروه وعبروا به عنه.

ويعبرون عنه بالحق أيضا فالوجود هو الحق، وإن شئت قلت: الوجود من حيث هو هو، هو الحق سبحانه، والوجود الذهني والخارجي والأسمائي ظلاله. فالوجود هو عين كل شئ في الظهور، ما هو عين الأشياء في ذواتها، سبحانه وتعالى بل هو هو، والأشياء أشياء، فتدبر.

والخوض غير حري بالمقام. وينبغي ها هنا الفرق بين المفهوم والعين، والتوجه إلى عدم المناسبة بين المتناهي وغير المتناهي. والمطلق ومقيده، وإن كان كل واحد من المطلق والمقيد مرآة للآخر بوجه، فافهم.