ورد توقيت (يلملم) محرماً في الأحاديث التي تكفلت بذكر المواقيت الخمسة ، وهي أمثال :
ـ صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) : قال : «من تمام الحج والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، لا تجاوزها إلاّ وأنت محرم ، فإنه وقت لأهل العراق ـ ولم يكن يومئذ عراق ـ بطن العقيق من قبل أهل العراق ، ووقّت لأهل اليمن يلملم ، ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقّت لأهل المغرب الجحفة ـ وهي مهيعة ـ ووقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ومن كان منزله خلف هذه المواقيت من ما يلي مكة فوقته منزله»4 .
ـ حسن الحلبي عن أبي عبدالله الصادق(عليه السلام) : «الإحرام من مواقيت خمسة ، وقتها رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، لا ينبغي لحاج ولا لمعتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها .
وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة ، يصلى فيه ويفرض الحج ، ووقّت لأهل الشام الجحفة ، ووقّت لأهل نجد العقيق ، ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقّت لأهل اليمن يلملم ، ولا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول الله(صلى الله عليه وآله)» 5.
وبهذين الحديثين الشريفين وأمثالهما احتج فقهاؤنا على مشروعية توقيت يلملم محرماً ، وشرعية الإحرام منه .
وهناك أحاديث أخرى ذكر فيها أن وقت أهل اليمن هو قرن المنازل ، كالذي رواه عبدالله بن جعفر في (قرب الإسناد) عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن ابن محبوب عن علي بن رئاب ، قال : سألت أبا عبدالله (الصادق)(عليه السلام) عن الأوقات التي وقتها رسول الله(صلى الله عليه وآله) للناس ، فقال : إن رسول الله(صلى الله عليه وآله) وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة وهي الشجرة ، ووقّت لأهل الشام الجحفة ، ووقّت لأهل اليمن قرن المنازل ، ولأهل نجد العقيق»6 .
والجمع بين الطائفتين من أحاديث التوقيت لأهل اليمن ، هو أن الأحاديث التي ذكر فيها أن يلملم هو وقت أهل اليمن أريد بها من يمر من أهل اليمن على طريق تهامة ـ وهو الطريق الساحلي ـ والأول من الطرق الثلاثة التي ذكرتها آنفاً نقلا عن (مناسك الحربي) .
أما الأحاديث التي ذكر فيها أن ميقات أهل اليمن هو قرن المنازل ، فأريد بها من يسلك من أهل اليمن أحد الطريقين الآخرين اللذين يمران بقرن المنازل ، وهما : طريق صنعاء ـ صعدة ، وطريق حضرموت ـ نجران ، أو غيرهما من الطرق المارة بالطائف .
وبهذا تكون الأحاديث بمجموعتيها قد غطّت جميع الطرق من اليمن إلى مكّة المكرّمة ، التي كانت على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) أو في العصر الإسلامي الأول وما بعده حتى عصرنا هذا .