دلائل الصدق لنهج الحق

محمدحسن المظفر

جلد 1 -صفحه : 486/ 11
نمايش فراداده

ومن هنا وجب على "المجادل" أن يحتجّ منها بما هو حجّة على الطرف الآخر..

وبعبارة أخرى، فإنّ احتجاج المسلمين بعضهم على بعض في المسائل المختلفة يدور في الأغلب مدار القرآن والسُنّة، أمّا القرآن فقد اتّفقوا على حجّيّته، وأمّا السُنّة فمنها ما اتّفقوا على تصديقه، فيكون مرجعاً في الخصومة، ومها ما اختلفوا فيه، وفي هذا القسم لابُدّ من أن يحتج كلُّ بما يصدّقه الآخر، وإلاّ لم تكن "حجّة معتبرة"، وهذا أمر مسلَّم به عند الكلّ، ونكتفي هنا بإيراد تصريح به من أحد مشاهير العلماء:

قال ابن حزم الأندلسي ـ في معرض الحديث عن احتجاج أهل السُنّة على الإمامية ـ:

"لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا، فهم لا يصدّقونها، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم، فنحن لا نصدّقها، وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدّقه الذي تقام عليه الحجّة به، سواء صدّقه المحتجّ أو لم يصدّقه ; لأنّ من صدّق بشيء لزمه القول به أو بما يوجبه العلم الضروري، فيصير حينئذ مكابراً منقطعاً إن ثبت على ما كان عليه"(1).

فهذه هي "الحجّة المعتبرة" عند "الجدال بالحقّ".

آداب المناظرة والجدل:

وأمّا الآداب التي يجب على الطرفين الالتزام بها ـ في الجدل المقصود

1- الفصل في الملل والأهواء والنحل 3/12.