معدودة، ومطالب واضحة محدودة.
وأوضحت فيه لطائفة المقلِّدين من طوائف المخالفين، إنكار رؤسائهم ومقلَّـديهم القضايا البديهية، والمكابرة في المشاهدات الحسّـيّة، ودخولهم تحت فرق السوفسطائية(1)، وارتكاب الأحكام التي لا يرتضيها لنفسه ذو عقل ورويّة ; لعلمي بأنّ المنصف منهم إذا وقف على مذهب مَن يقلّده تبرّأ منه، [وحاد عنه،] وعرف أنّه ارتكب الخطأ والزلل، وخالف الحقّ في القول والعمل.
فإن اعتمدوا الإنصاف، وتركوا المعاندة والخلاف، وراجعوا أذهانهم الصحيحة، وما تقتضيه جودة القريحة، ورفضوا تقليد الآباء، والاعتماد على أقوال الرؤساء، الّذين طلبوا اللذّة العاجلة، وأهملوا أحوال الآجلة، حازوا القسط الأوفى من الإخلاص، وحصلوا بالنصيب الأسنى من النجاة والخـلاص.
وإنْ أبَوا إلاّ استمراراً على التقليد، فالويل لهم من نار الوعيد، وصدق عليهم قوله تعالى: ( إذ تبرّأ الّذين اتُّبِعوا من الّذين اتَّبَعُوا ورأوُا العذابَ وتقطّعتْ بِهمُ الأسباب )(2).
وإنّما وضعنا هذا الكتاب حسـبةً لله، ورجاءً لثوابه، وطلباً للخلاص
(1) السفسطة: هي المغالطة والتمويه والتلبيس بالقول والإيهام، واللفظ مركّب في اليونانية من " سوفيا " وهي الحكمة، ومن " أسطس " وهي المموِّه ; فمعناها حكمة مموِّهة، وكلّ من له قدرة على التمويه والمغالطة بالقول في أيّ شيء كان، قيل له: إنّه سوفسطائي.
انظر: معجم المصطلحات العلمية العربية: 90 ـ 91، التعريفات ـ للجرجاني ـ: 118.
(2) سورة البقرة 2: 166.