دلائل الصدق لنهج الحق

محمدحسن المظفر

جلد 3 -صفحه : 396/ 379
نمايش فراداده

وقال الفضـل(1):

شرط الفعل الذي يقع به التكليف أن يكون ممّا يترتّب عليه الثواب في عادة الله تعالى، لا أنّه يجب على الله تعالى إثابة المكلّف المطيع; لأنّه لا يجب عليه شيء، بل جرى عادة الله تعالى بإعطاء الثواب عقيب العمل الصالح، وليس للمكلّفين على الله تعالى دَين يجب عليه قضاؤه.

ولو كان إلاّ كذلك، للزم أن يكون العباد متاجرين مع الله تعالى، كالأُجراء الّذين يأخذون أُجرتهم عند الفراغ من العمل، ولو لم يعط المؤجّر أُجرتهم لكان ظالماً وجائراً.

وهذا مذهب باطل لا يذهب إليه من يعرف نِعَـمَ الله تعالى على عباده، ويعرف علوّ الشأن الإلهي، وأنّ الناس كلّهم عبـيد الله، يعطي من يشاء ويمنع من يشاء، وليس لهم عليه حقّ ولا استحقاق، بل الثواب بفضله وجرى عادته أن يعطي العبد المطيع عقيب طاعته، كما جرى عادته بإعطاء الشبع عقيب أكل الخبز.

وهل يحسن أن يقال: إنّه إذا لم يجب على الله تعالى إعطاء الشبع عقيب أكل الخبز، تموت الناس من الجوع؟!

كذلك لا يحسن أن يقال: لو لم يجب على الله تعالى إثابة المطيع وجزاء العاصي، لارتفع الفرق بين المطيع والعاصي، ولكان فعل الخيرات وإثارة المبرّات ضائعاً عبثاً؟!

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 177.