دلائل الصدق لنهج الحق

محمدحسن المظفر

جلد 3 -صفحه : 396/ 396
نمايش فراداده

بلا عوض، وهما منافيان لحقّ الرعاية وإنصاف المملوك؟!

فلا بُـدّ عقلا من ثبوت عوض عن الألم يرضى به العبد.

ولقوله تعالى: ( كتب ربّـكم على نفسه الرحمة )(1)، ومن الرحمة إعطاء العوض على الآلام، فيكون ممّا كتبه وأوجبه على نفسه تعالى.

وممّا يشهد بضرورة حكم العقل بوجوب العوض، تفريع الخصم خلافاً لمذهبه قوله: " فلا يلزم منه جور ولا ظلم " على ما أثبته من الفوائد في تعذيب الأطفال والأنبياء والأولياء، فإنّ تفريع ذلك على هذا يستدعي لزوم الجور والظلم بدون الفوائد، وإلاّ لم يكن محلّ للتفريع.

وأمّا ما ذكره من العادة التي هي غيب، فقد عرفت ما فيه مراراً.

وأمّا قوله: " وأمّا حديث العوض في أفعال الله تعالى، فقد مرّ بطلانه "..

فـفيه: إنّه لم يتقدّم ذِكر العوض على أفعال الله تعالى ـ وهي الآلام ـ الذي عرّفه المتكلّمون بالنفع المستحقّ، لا على وجه التعظيم والإجلال.

وإنّما تقدّم في الشرط الخامس للتكليف ذِكر الثواب على أفعال العبد المكلّف بها، الذي عرّفوه بالنفع المستحقّ على وجه التعظيم والإجلال(2)، فكيف يزعم أنّ حديث العوض في أفعال الله تعالى ـ الذي وقع به كلام المصنّف هنا ـ قد مرّ بطلانه؟!

ولكنّه اشتبه عليه الأمر وخلط من حيث لا يعلم، وعلى هذا الخلط جرى في قوله: " كالتاجر والعامل، أعطى الأعمالَ والآن يريد جزاء الواجب

(1) سورة الأنعام 6: 54.

(2) تقدّم في ردّ الفضل في الصفحة 389 من هذا الجزء.