دلائل الصدق لنهج الحق

محمدحسن المظفر

جلد 3 -صفحه : 396/ 7
نمايش فراداده

وأقـول:

لا يخفى أنّ الأشاعرة لمّا زعموا أنّ الله تعالى خلق الأعمال جميعها، حسنها وقبيحها، لزمهم ما ذكره المصنّف من القول: بأنّ الله تعالى فاعل للقبائح بأسرها، وأجاب الفضل عنه بجوابين:

الأوّل: إنّه لا يقبح من الله فعل القبيح، إذ لا قبيح منه ولا استقباح بالنسبة إليه; لأنّ قبح الفعل مبنيٌّ على قاعدة التحسين والتقبيح العقليَّين، والأشاعرة لا يقولون بها.

الثاني: إنّ خلق القبيح غير فعله.

وهذان الجوابان ـ مع تضمّن أوّلهما الإقرار بفعل الله سبحانه للقبيح ـ باطلان.

أمّا الأوّل: فلِما عرفت من حكم العقل بالحسن والقبح العقليَّين في الأفعال، وقد أقرّ الخصم به في تحقيقه السابق(1).

وأمّا الثاني: فلأنّ كون الخلق غير الفعل لا يتصوّر أن يكون مبنياً إلاّ على اعتبار أن يكون الفعل قائماً في الفاعل وحالاًّ في ذاته، بخلاف الخلق، وهو باطل; لأنّ القتل فعل للقاتل وهو حالٌّ بالمقتول.

ولو سُلِّمت المغايرة، فخلق القبيح صفة نقص في الخالق، وهو من القبح العقلي المسلّم عندهم على ما أسلفه الخصم.

فإن قلت: الخلق من أفعاله تعالى لا صفاته.

(1) راجع ج 2 / 411 فما بعدها من هذا الكتاب.