تغيّر الولاة وخاصة الذين يغتنون أو يبدوا عليهم آثار النعمة والتبذير، فقد كنت تصادر منهم نصف أموالهم وتعزلهم عن ولاياتهم إلاّ معاوية بن أبي سفيان فقد تركته في ولايته على دمشق بعد أخيه يزيد مدة حكم أبي بكر وحكمك، بالرغم مما كان يأتيك من أخباره وتبذيره وما تراه أنت حتى وصفته أنت (بكسرى العرب)، ولم تعزله حتى صار له نفوذ كبير مما أسس فيما بعد لقيام دولة بني أمية؟
ج ـ نعم هذا صحيح فقد كنت أعزل من تأتيني الأخبار عنهم بأنهم قد خالفوا ما أمرتهم به من خشونة العيش، ولكن من كنت أعزله كان ممن لا أخاف منه الفتنة وتقليب الأمور علي. أما معاوية فقد كنت اكسب به ولاء بني أمية أجمعين لذلك تركته في مقامه، ولو أني وأبا بكر لم ندع ما في أيدي أبي سفيان من الصدقات وجعلنا ابنيه قادة للجيش الذاهب إلى الشام لما استقام لنا الأمر، ولم نفز بهذا التحالف ضد علي وابنيه ولما استقام لنا الأمر.
س ـ كيف كانت هذه الشورى وكيف ضمنت إقصاء الخلافة عن علي مع وجوده ضمن أصحاب الشورى الذين سميتهم؟
ج ـ لما طعنني أبو لؤلؤة قال لي الناس:
استخلف. وهنا رجعت ذاكرتي إلى السقيفة، فقد كان ثالثنا أبو عبيدة بن الجراح فقلت لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته، وبقي أمامي أول من بايع من المهاجرين وهو عثمان بن عفان، ولأنه هو الذي كتب عهد أبي بكر وقد جعلني فيه وأمضاه أبو بكر فأردت أن أوصي له، فدبّرت الأمر بنفسي ورتبته حيث ينتهي إليه، وأكون أمام الصحابة وبني هاشم قد جعلتها شورى، لذلك قلت لمن كان عندي: إن رسول الله مات وهو راض عن هؤلاء الستة من قريش: علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبدالرحمن بن عوف.