موسوعة من حیاة المستبصرین

جلد 3 -صفحه : 575/ 397
نمايش فراداده

مثلي أجتهد في العقائد حتى توصل إلى رأى ما؟ بل الاشعري بنفسه كان في بداية أمره معتزلياً ثم تحوّل بعدها إلى مذهب أهل الحديث وألف كتابه "الابانة عن أصول الديانة" وسرد فيه عقيدته على نهج أهل الحديث ومدح أحمد بن حنبل وأيّد عقائده وآرائه، ولم تمض فتره حتى غير عقيدته وعمد إلى تأليف كتابه "اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع" فتبلورت عنده عقيدة مركبة من أفكار المعتزلة وآراء الحنابلة.

فيقول الشيخ محمد كوزل: "بدأت أسأل نفسي، ما الداعي للجمود على تقليد المذهب الأشعري، وعدم مواصلة البحث وتوسيع دائرة الوعي في مجال العقيدة، لأن المذهب الأشعري ليس إلاّ اجتهاد بشري توصل إليه الأشعري في فترة من حياته بعد أن أمضى فترة طويلة في الاعتزال، وما يدرينا لو كان الأشعري بقى مدة أطول لكان استبدل عقيدته بعقيدة أخرى".

ومن هذا المنطلق بدء الأخ محمد يبحث في مجال العقيدة من دون تهيب مخالفة أحد، بل توجه نحو البحث من منطلق "إن دين الله لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله".

غربلة المسائل واقتحام المسلمات

قام الشيخ محمد في البدء عند بحثه بغربلة المسائل التي كان يحسبها من الحقائق القطعية وبعض القضايا التي كان يعتبرها ـ تبعاً للنهج السائد ـ من المسلمات التاريخية، فكانت النتيجة بعد الفحص والتحقيق أنه وجد الحق خلاف ذلك.

بل أنه وجد أن منهج العامة في دراستها لتاريخ السلف هو محاولة تبرير الأخطاء الواقعة واضفاء المشروعية عليها، اندفاعاً من خشية اذعانها ببعض الأمور المخلة بقداسة سلفها، وهذا ما أدى بها إلى الانحراف عن الصراط المستقيم.