قال أبو رية: أورد الذهبي في تذكرة الحفاظ عن سعيد بن إبراهيم عن أبيه: أن عمر حبس ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الانصاري، فقال قد أكثرتم الحديث عن الرسول(صلى الله عليه وآله).
وقال في الهامش: قال أبو بكر بن العربي: فقد روي أن عمر بن الخطاب سجن ابن مسعود في نفر من الصحابة سنة بالمدينة(1).
أقول: كان على الخليفة أن يكافئهم ويجازيهم بالخير بدل السجن، لأنّ عليّاً(عليه السلام)قال: خرج علينا رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال: "اللهم ارحم خلفائي" ـ ثلاث مرات ـ قيل يا رسول الله، ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي ويعلّمونها الناس"(2)...
وعن قرظة بن كعب، قال: خرجنا نريد العراق، فمشى معنا عمر بن الخطاب الى صرار، فتوضأ ثم قال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قالوا: نعم نحن أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) مشيت معنا، قال: إنكم تأتون أهل قرية لهم دويٌّ بالقرآن كدوي النحل، فلا تبدونهم بالأحاديث فيشغلونكم، جردوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وامضوا وانا شريككم، فلما قدم قرظة، قالوا: حدِّثنا، قال: نهانا ابن الخطاب(3)...
ولا يخفى أن جمود هؤلاء العراقيين على كتاب الله وتجريده من السنة كان سبباً لنشأة ذهنية الخوارج في العراق.
فهكذا كان حال السنة في عصر الصحابة.
1- اضواء على السنة المحمدية: 54، العواصم من القواصم: 75 و 76. 2- كنز العمال: 10 / 294 ـ 295 ح: 29488، المعجم الأوسط: 6 / 395، ح: 5842، شرف أصحاب الحديث: 30 ـ 31، ح: 58. 3- المستدرك مع تلخيص الذهبي: 1 / 102، تذكرة الحفاظ: 1 / 7، سنن ابن ماجة: 1 / 3 ح28، سنن الدارمي: 1 / 85.