في سرية اسامة.
ومن المؤيدات على أن الأمر كان من الواضحات تعجّب الإمام عليّ(عليه السلام) من رجوع العرب عن حقه في بعض خطبه(1)، وقدوم أبو سفيان رأس بني امية يدعوه إلى المطالبة بحقّه(2) ممّا يدلّ أنّ هذا الأمر كان واضحاً حتى عند أكثر أعداء رسول الله(صلى الله عليه وآله)وان لم تكن نواياه سليمة.
وانكار البراء بن عازب عقله عندما رأى رهط السقيفة يزفون أبا بكر إلى المسجد، فأقبل يركض مشتداً ليطرق الباب على بني هاشم المشغولين بجنازة الرسول(صلى الله عليه وآله) ليخبرهم بما جرى لوضوح الأمر عنده بأنّ هذا الأمر من حقّ عليّ(عليه السلام)لا غير.
لكن طبيعة الاختلاف الموجودة في الناس والتي تشير إليها الكثير من آيات القرآن الكريم خبطت هذا الحقّ الواضح بباطل السقيفة، فتنكّرت معالم الدين وضاعت سبل الحقيقة فكان انقلاب اصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) على اعقابهم فتركوا نصرة الحق واتبعوا الأهواء والمصالح الدنيوية القريبة، وبغوا على آل الرسول(صلى الله عليه وآله)وهم المأمورون بمودّتهم، وابتدعوا ما يسمى بالشورى إتباعاً للمتشابه من القرآن فقلبوها عن واقعها، فكانت النتيجة حرمان الامة من ولاية عليّ(عليه السلام) التي ورد عليها النص تلو النص باتباع آراء الصحابة المتضادّ لها.
أضف إلى ذلك لو عمل بمقاييس السقيفة والشورى لكان عليّاً هو الأحق بالخلافة، فهو الأقرب من الرسول(صلى الله عليه وآله) والأعلم والأفضل وفق كل المقاييس، لكن انقلاب الناس حتى على المقاييس التي يرفعون عقيدتهم في تأييدها يضيع الحق ويجعله مشتبهاً حتى على العلماء من أمثال ابن أبي الحديد المعتزلي الذي يقول
1- راجع الخطبة الشقشقية وغيرها في نهج البلاغة. 2- تاريخ الطبري: 2 / 902، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.