نوادر الأثر فی علم عمر

عبدالحسین امینی

نسخه متنی -صفحه : 167/ 125
نمايش فراداده

قليلها وكثيرها والمسكر من كل شراب).

وإنما أحل عمر الطلاء حين طبخ وذهب ثلثاه ولما قدم الشام شكوا له وباء الأرض إلى أن قالوا: هل لك أن تجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأمرهم عمر أن يشربوه وكتب إلى عماله أن يرزقوا الناس الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه (1).

وقال محمود بن لبيد الأنصاري: إن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها. وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر: اشربوا هذا العسل.

قالوا: لا يصلحنا العسل. فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم. فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر إصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط، فقال: هذا الطلاء هذا مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله، فقال عمر: كلا والله: أللهم! إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم.

أخرجه إمام المالكية مالك في الموطأ 2 ص 180 في جامع تحريم الخمر.

فحج أبو مسلم الخولاني فدخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها فجعل يخبرها فقالت: كيف تصبرون على بردها؟ فقال: يا أم المؤمنين إنهم يشربون شرابا لهم يقال له: الطلاء. فقالت: صدق الله وبلغ حبي سمعت حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها. (2)

م - وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن القوم سيفتنون بعدي بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم و يتمنون رحمته، ويأمنون سطوته، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة، والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع. نهج البلاغة 2: 65).

وسئل ابن عباس عن الطلاء فقال: وما طلاؤكم هذا إذ سألتموني؟ فبينوا لي الذي تسألوني عنه. قالوا: هو العنب يعصر ثم يطبخ ثم يجعل في الدنان. قال: وما الدنان؟

(1) سنن البيهقي 8 ص 300، 301، سنن النسائي 8 ص 329، سنن سعيد بن منصور كما في كنز العمال 3 ص 109، 110، تيسير الوصول 2 ص 178، جامع مسانيد أبي حنيفة 2 ص 191.

(2) وفي لفظ أبي نعيم: ستشرب أمتي من بعدي الخمر يسمونها بغير اسمها يكون عونهم على شربها أمراءهم. الإصابة 3 ص 546.