في ذكر يوم النحر وصفة الاضحية
وَمِنْ تَمَامِ الاُضْحِيَةِ [601] اسْتِشْرَافُ أُذُنِهَا [602] ، وَسَلاَمَةُ عَيْنِهَا ، فَإِذَا سَلِمَتِ الاُْذُنُ وَالْعَيْنُ سَلِمَتِ الاَْضْحِيَةُ وَتَمَّتْ ، وَلَوْ كَانَتْ عَضْبَاءَ الْقَرْنِ [603] تَجُرُّ رِجْلَهَا إِلَى الْمَنْسَكِ [604] .
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه : والمنسك ها هنا المذبح .
وفيها يصف أصحابه بصفين حين طال منعهم له من قتال أهل الشام
فَتَدَاكُّوا [605] عَلَيَّ تَدَاكَّ الاِْبِلِ الْهِيمِ [606] يَوْمَ وِرْدِهَا [607] ، وَقَدْ أَرْسَلَهَا رَاعِيهَا ، وَخُلِعَتْ مَثَانِيهَا [608] ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِلِي ، أَوْ بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْض لَدَيَّ . وَقَدْ قَلَّبْتُ هـذَا الاَْمْرَ بَطْنَهُ وَظَهْرَهُ حَتَّى مَنَعَنِي النَّوْمَ . فَمَا وَجَدْتُنِي يَسَعُني إِلاَّ قِتَالُهُمْ أَوِ الْجُحُودُ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه واله ; فَكَانَتْ مُعَالَجَةُ الْقِتَالِ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مُعَالَجَةِ الْعِقَابِ ، وَمَوْتَاتُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ مَوْتَاتِ الاخِرَةِ .
وقد استبطأ أصحابه إذنه لهم في القتال بصفين
أَمَّا قَوْلُكُمْ : أَكُلَّ ذلِكَ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ ؟ فَوَاللهِ مَا أُبَالِي ; دَخَلْتُ إِلَى الْمَوْتِ أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَيَّ . وَأَمَّا قَوْلُكُمْ شَكَّاً في أَهْلِ الشَّامِ ! فَوَاللهِ مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً إِلاَّ وَأَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي ، وَتَعْشُوَ [609] إِلَى ضَوْئِي ، وَذلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلاَلِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ [610] بِآثَامِهَا .
يصف أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وذلك يوم صفين حين أمر الناس بالصلح
وَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ صلى الله عليه واله ; نَقْتُلُ آبَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَأَعْمَامَنَا : مَا يَزِيدُنَا ذلِكَ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ، وَمُضِيّاً عَلَى اللَّقَمِ [611] ، وَصَبْراً عَلَى مَضَضِ الاَْلَمِ [612] ، وَجِدّاً في جِهَادِ الْعَدُوِّ ; وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَالاخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا يَتَصَاوَلاَنِ تَصَاوُلَ [613] الْفَحْلَيْنِ ، يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا [614] : أَيُّهُمَا يَسْقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ ، فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا ، وَمَرَّةً لِعَدُوِّنا مِنَّا ، فَلَمَّا رَأَى اللهُ
صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ [615] ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ ، حَتَّى اسْتَقَرَّ الاسْلاَمُ مُلْقِياً جِرَانَهُ [616] ، وَمُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ . وَلَعَمْرِي لَوْ كُنَّا نَأْتِي مَا أَتَيْتُمْ ، مَا قَامَ لِلدِّينِ عَمُودٌ ، وَلاَ اخْضَرَّ لِلاِيمَانِ عُودٌ . وَايْمُ اللهِ لَتَحْتَلِبُنَّهَا دَماً [617] ، وَلَتُتْبِعُنَّهَا نَدَماً !
في صفة رجل مذموم ، ثم في فضله هو عليه السلام
أَما إِنَّهُ سَيَظْهَرُ [618] عَلَيْكُمْ بَعْدِي رَجُلٌ رَحْبُ الْبُلْعُومِ [619] ، مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ [620] ، يَأْكُلُ مَا يَجِدُ ، وَيَطْلُبُ مَا لاَ يَجِدُ ، فَاقْتُلُوهُ ، وَلَنْ تَقْتُلُوهُ ! ألاَ وَإنَّهُ سَيَأْمُرُكُمْ بِسَبِّي وَالْبَرَاءَةِ مِنِّي ; فَأَمَّا السَّبُّ فَسُبُّونِي ، فَإِنَّهُ لِي زَكَاةٌ ، وَلَكُم نَجَاةٌ ; وَأَمَّا الْبَرَاءَةُ فَلاَ تَتَبَرَّؤوا مِنِّي ; فَإِنِّي وُلِدْتُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، وَسَبَقْتُ إِلَى الايمَانِ وَالْهِجْرَةِ .
كلم به الخوارج حين اعتزلوا الحكومة وتنادوا : أن لا حكم إلا لله
أَصَابَكُمْ حَاصِبٌ [621] ، وَلاَ بَقِيَ مِنْكُمْ آثِرٌ [622] . أَبَعْدَ إِيمَانِي بِاللهِ وَجِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله ، أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ ! (لَقَدْ ظَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)
[623] فَأُوبُوا شَرَّ مَآب [624] ، وَارْجِعُوا عَلَى أَثَرِ الاَْعْقَابِ [625] أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلاًّ شَامِلاً ، وَسَيْفاً قَاطِعاً ، وَأَثَرَةً [626] يَتَّخِذُهَا الظَّالِمونَ فِيكُمْ سُنَّةً .
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه : قوله عليه السلام : « ولا بقي منكم آبر » يروى على ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون كما ذكرناه (آبِرٌ)
بالراء ، من قولهم للذي يأبر النخل ـ أي : يصلحه ـ ويروى «آثِرٌ» وهو الذي يأثر الحديث ويرويه أي يحكيه ، وهو أصح الوجوه عندي ، كأنه عليه السلام قال : لا بقي منكم مخبر ! ويروى «آبِز» ـ بالزاي المعجمة ـ وهو الواثب . والهالك أيضاً يقال له : آبز .
لما عزم على حرب الخوارج ، وقيل له : إن القوم عبروا جسر النهروان !
مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ ، وَاللهِ لاَ يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ ، وَلاَ يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ .
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه : يعني بالنطفة ماء النهر ، وهي أفصح كناية عن الماء وإن كان كثيراً جماً . وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدّم عند مضيّ ما أشبهه .
لما قتل الخوارج فقيل له : يا أمير المؤمنين ، هلك القوم بأجمعهم !
كَلاَّ وَالله ; إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي أَصْلاَبِ الرِّجَالِ ، وَقَرَارَاتِ النِّسَاءِ [627] كُلَّمَا نَجَمَ [628] مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ ، حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلاَّبِينَ .
لاَ تُقَاتِلُوا الْخَوَارِجَ بَعْدِي ; فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ ، كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ فَأَدْرَكَهُ .
قال السيد الشريف الرضي رضي الله عنه : يعني معاوية وأصحابه .
لما خُوّف من الغيلة [629]
وَإِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللهِ جُنَّةً [630] حَصِينَةً ، فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي انْفَرَجَتْ عَنِّي وَأَسْلَمَتْنِي ، فَحِينَئِذ لاَ يَطِيشُ السَّهْمُ [631] ، وَلاَ يَبْرَأُ الْكَلْمُ [632] .
يحذر من فتنة الدنيا
أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ لاَ يُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ فِيهَا ، وَلاَ يُنْجَى بِشَىْء كَانَ لَهَا : ابْتُلِيَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً ، فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَحُوسِبُوا عَلَيْهِ ، وَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ وَأَقَامُوا فِيهِ ; فَإِنَّهَا عِنْدَ ذُوِي الْعُقُولِ كَفَيءِ الظِّلِّ ، بَيْنَا تَرَاهُ سَابِغاً [633] حَتَّى قَلَصَ [634] ، وَزَائِداً حَتَّى نَقَصَ .
في المبادرة إلى صالح الاعمال
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ [635] ، وَابْتَاعُوا [636] مَا يَبْقَى لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ ، وَتَرَحَّلُوا [637] فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ [638] ، وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ [639] ، وَكُونُوا قَوْماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا ، وَعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَار فَاسْتَبْدَلُوا ; فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدىً [640] ، وَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ . وَإِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ ، وَتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ ، لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ . وَإِنَّ غَائِباً يَحْدُوهُ [641] الْجَدِيدَانِ : اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، لَحَرِيٌّ [642] بِسُرْعَةِ الاَْوْبَةِ [643] . وَإِنَّ قَادِماً يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ لَمُسْتَحِقٌّ لاَِفْضَلِ الْعُدَّةِ . فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا ، مِنَ الدُّنْيَا ، مَا تَحْرُزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً [644] . فَاتَّقَى عَبْدٌ رَبَّهُ ، نَصَحَ نَفْسَهُ ، وَقَدَّمَ تَوْبَتَهُ ، وَغَلَبَ شَهْوَتَهُ ، فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ ، وَأَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ ، وَالشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ بِهِ ، يُزَيِّنُ لَهُ الْمَعْصِيَةَ لِيَرْكَبَهَا ، وَيُمَنِّيهِ التَّوْبَةَ لِيُسَوِّفَهَا [645] ، حَتَّى )
إِذَا( هَجَمَتْ مَنِيَّتُهُ عَلَيْهِ أَغْفَلَ مَا يَكُونُ عَنْهَا . فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَة أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً ، وَأَنْ تُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى الشِّقْوَةِ ! نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لاَ تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ [646] ، وَلاَ تُقَصِّرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَايَةٌ ، وَلاَ تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ وَلاَ كَآبَةٌ .
وفيها مباحث لطيفة من العلم الالهي
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ تَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حَالاً ، فَيَكُونَ أَوَّلاً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً ، وَيَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِناً ; كُلُّ مُسَمّىً بِالْوَحْدَةِ غَيْرُهُ قَلِيلٌ ، وَكُلُّ عَزِيز غَيْرُهُ ذَلِيلٌ ، وَكُلُّ قَوِيٍّ غَيْرُهُ ضَعِيفٌ ، وَكُلُّ مَالِك غَيْرُهُ مَمْلُوكٌ ، وَكُلُّ عَالِم غَيْرُهُ مُتَعَلِّمٌ ، وَكُلُّ قَادِر غَيْرُهُ يَقْدِرُ ويَعْجَزُ ، وَكُلُّ سَمِيع غَيْرُهُ يَصَمُّ [647] عَنْ لَطِيفِ الاَْصْوَاتِ ، وَيُصِمُّهُ كَبِيرُهَا ، وَيَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ مِنْهَا ، وَكُلُّ بَصِير غَيْرُهُ يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الاَْلْوَانِ وَلَطِيفِ الاَْجْسَامِ ، وَكُلُّ ظَاهِر غَيْرُهُ بَاطِنٌ ، وَكُلٌ بِاطِن غَيْرُهُ غَيْرُ ظَاهِر . لَمْ يَخْلُقُ مَا خَلَقَهُ لِتَشْدِيدِ سُلْطَان ، وَلاَ تَخَوُّف مِنْ عَوَاقِبَ زَمَان ، وَلاَ اسْتِعَانَة عَلَى نِدٍّ [648] مُثَاوِر [649] ، وَلاَ شَرِيك مُكَاثِر [650] ، )
مُكابِر( وَلاَ ضِدٍّ مُنَافِر [651] ; وَلكِنْ خَلاَئِقُ مَرْبُوبُونَ [652] ، وَعِبَادٌ دَاخِرُونَ [653] ، لَمْ يَحْلُلْ فِي الاَْشْيَاءِ فَيُقَالَ : هُوَ فيها كَائِنٌ ، وَلَمْ يَنْأَ [654] عَنْهَا فَيُقَالَ : هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ [655] . لَمْ يَؤُدْهُ [656] خَلْقُ َا ابْتَدَأَ ، وَلاَ تَدْبِيرُ مَا ذَرَأَ [657] ، وَلاَ وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ ، وَلاَ وَلَجَتْ [658] عَلَيْهِ شُبْهَةٌ فِيمَا قَضَى وَقَدَّرَ ، بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ ، وَعِلْمٌ مُحْكَمٌ ، وَأَمْرٌ مُبْرَمٌ [659] . الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ ، الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ!
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ : اسْتَشْعِرُوا الْخَشْيَةَ [660] ، وَتَجَلْبَبُوا [661] السَّكِينَةَ ، وَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ [662] ، فَإِنَّهُ أَنْبَى [663] لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ [664] وَأَكْمِلُوا اللاَّْمَةَ [665] ، وَقَلْقِلُوا [666] السُّيُوفَ فِي أَغْمَادِهَا [667] قَبْلَ سَلِّهَا وَالْحَظُوا الْخَزْرَ [668] ، وَاطْعَنُوا الشَّزْرَ [669] ، وَنَافِحُوا بِالظُّبَا [670] ، وَصِلُوا السُّيُوفَ بِالْخُطَا [671] ، وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللهِ ، وَمَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ . فَعَاوِدُوا الْكَرَّ ، وَاسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ [672] ، فَإِنَّهُ عَارٌ فِي الاَْعْقَابِ [673] ، وَنَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ . وَطِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً ، وَامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً [674] ، وَعَلَيْكُمْ بِهـذَا السَّوَادِ الاَْعْظَمِ ، وَالرَّوَاقِ المُطَنَّبِ [675] ، فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ [676] ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فى كِسْرِهِ [677] ، وَقَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَداً ، وَأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلاً . فَصَمْداً صَمْداً [678] ! حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ (وَأَنْتُمُ الاَْعْلَوْنَ ، وَاللهُ مَعَكُمْ ، وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ [679] )
[680] .
[601] الاضحية : الشاة التي طلب الشارع ذبحها بعد شروق الشمس من عيد الاضحى .
[602] اسْتِشراف أُذُنِها : تَفَقّدُها حتى لا تكون مجدوعةً أو مشقوقة .
[603] عَضْباء القَرْن : مكسورته .
[604] تَجُرّ رِجْلَها إلى المَنْسَك : أي عرجاء; والمنسك : المذبح .
[605] تَدَاكّوا : تزاحموا عليه ليبايعوه رغبةً فيه .
[606] الهِيم : العِطاش من الابل .
[607] يوم وِرْدِها : يوم شربها الماء .
[608] المَثاني : جمع المثناة - بفتح الميم وكسرها : حبل من صوف أو شعر يُعْقَلُ به البعير .
[609] تَعْشُو إلى ضوْئي: تستدل عليه ببصر ضعيف.
[610] تَبُوء بآثامها: ترجع.
[611] اللّقَم - بالتحريك وبوزنْ صُرَد أيضاً- : معظم الطريق أو جادّته .
[612] مَضَض الالم : لذعته وبُرَحاؤه .
[613] التّصاول : أن يحمل كل واحد من النّدّين على صاحبه .
[614] يتخالَسان أنْفُسَهُما : كل منهما يطلب اختلاس روح الاخر .
[615] الكَبْت : الاذلال .
[616] جِران البعير - بالكسر- : مقدّمُ عنقه من مذبحه إلى مَنْحَره، وإلقاء الجِران : كناية عن التمكّن .
[617] الاحتلاب : استخراج ما في الضّرْعِ من اللبن .
[618] سَيَظْهَرُ عليكُم : سيغلب .
[619] رَحْبُ البُلْعُوم : واسعُهُ .
[620] مُنْدَحِقُ البَطْن : عظيم البطن بارزه، كأنه لِعِظَمِهِ مُنْدَلق من بدنه يكاد يَبِينُ عنه - وأصل «اندحق» بمعنى انزلق .
[621] الحاصِبُ : ريح شديدة تحمل التراب والحصى ، والجملة دعاء عليهم بالهلاك .
[622] الاثِر : الذي يأثر الحديث، أي يرويه ويحكيه . والمراد : لا بقي منكم مخبر يروي أثراً . وهذا اللفظ آثر أقرب إلى السياق هنا من آبر و آبز . وقد اختاره السيد الشريف الرضيرضي الله عنه ووجده أصح الوجوه .
[623] أنعام : 56 .
[624] فأوبُوا شرّ مَآب : انقلبوا شرّ منقلب بضلالتكم في زعمكم .
[625] الاعقاب : جمع عقِب - بكسر القاف - وهو مؤخر القدم .
[626] الاثَرة : الاستبداد بفوائد المُلك .
[627] قَرارات النساء : كناية عن الارحام .
[628] «كُلّما نَجَمَ منهم قَرْنٌ قُطِعَ» : كلما ظهر أو طلع منهم رئيس قُتل .
[629] الغَيْلة : القتل على غِرّة بغير شعور من المقتول كيف يأتيه القاتل .
[630] الجُنّة - بالضم - : الوقاية والملجأ والحصن، وقد سبقت .
[631] طاش السهم عن الهدف - من باب باع - أي جاوره ولم يصبه .
[632] الكَلْمُ - بالفتح - : الجرح .
[633] سابغاً : ممتداً ساتراً للارض وعامّاً، شاملاً .
[634] قَلَصَ : انقبض .
[635] «بَادِرُوا آجالَكُم بأعمالِكْم» أي : سابقوها وعاجلوها بها .
[636] ابتاعوا : اشتروا ما يبقى من النعيم الابدي، بما يفنى من لذة الحياة الدنيا وشهواتها المنقضية .
[637] الترحّل : الانتقال، والمراد هنا لازمه، وهو : إعداد الزاد الذي لا بد منه للراحل .
[638] جُدّ بكم : أي حُثِثْتم وأُزْعجتم إلى الرحيل .
[639] أظَلكم : قرب منكم من كأنّ له ظلا قد ألقاه عليكم .
[640] سُدىً : مهملين .
[641] يحدوه: يسوقه ، والجديدان : الليل والنهار .
[642] حَرِيّ : جدير .
[643] الاوْبَة : الرجعة .
[644] «ما تَحْرُزْون به أنفسَكُمْ» أي : تحفظونها به .
[645] يُسَوّفها : يؤجّلها، ويؤخرها .
[646] لا تُبْطِرُهُ النعمة : لا تطغيه، ولا تسدل على بصيرته حجاب الغفلة عما هو صائر إليه .
[647] يَصَمّ - بفتح الصاد - مضارع «صَمّ» - من باب علم - : إذا أصيب بالصمم وفقد السمع; وما عظم من الاصوات حتى فات المألوف الذي يستطيع احتماله يحدث فيها الصمم بصدعه لها .
[648] النِّد - بكسر النون - : النظير والمثل، ولا يكون إلا مخالفاً، وجمعه أنداد مثل : حِمْل وأحْمال .
[649] المُثَاور : المُوَاثِب والمُحارِب .
[650] الشريك المكاثِر : المُفاخِرُ بالكثرة، هذا إذا قرىء بالثاء المثلثة، ويروى «المكابر» - بالباء الموحدة - أي : المفاخر بالكِبْر والعظمة .
[651] الضّدّ المُنافِر : الذي يحاكي ضده في الرفعة والنسب فيغلبه .
[652] مَرْبُوبُون : أي مملوكون .
[653] داخِرون : أذِلاّء - من دخر - .
[654] «لم يَنْأ عنها» أي : لم ينفصل انفصالَ الجسم .
[655] بائن : منفصل .
[656] لم يؤدْه : لم يُثْقِلْهُ، آدَهُ الامرُ يَؤودُهُ : أثقله وأتعبه .
[657] ذرأ: خلق .
[658] ولَجَتْ عليه : دَخَلَتْ .
[659] مُبْرَمِ : محتوم، وأصله من «أبْرَمَ الحبلَ» جعله طاقَيْن، ثم فتله . وبهذا أحكمه .
[660] اسْتَشْعِرُوا الخَشْيَةَ : اجعلوها من شِعاركم . والشعار هو ما يلي البدنَ من الثياب .
[661] تَجَلْببَ : لبِسَ الجِلْبَابَ، وهو ما تغطي به المرأة ثيابها من فوق .
[662] النوجذ : جمع ناجذ، وهو أقصى الاضراس . ولكل إنسان أربعة نواجذ وهي بعد الارْحاءِ . ويسمى الناجذ ضرْسَ العقل . وإذَا عضضت على ناجِذك تصلّبَتْ أعصابك وعضلاتك المتصلة بدماغك .
[663] أنْبَى للسيوف : أبعد عنها .
[664] الهام : جمع هامة : وهي الرأس .
[665] اللامَة : الدّرع . وإكمالها أن يُزَاد عليها البَيْضَةُ ونحوها . وقد يراد من اللامة آلات الحرب والدفاع وإكمالها على هذا استيفاؤها .
[666] قَلْقِلُوا السيوف : حرّكوها في أغمادها .
[667] الاغْماد - جمع غمد : وهو بيت السيف .
[668] الخَزَر - محركةً، وسكّنها مراعاةً للسجعة الثانية - : النظر من أحد الشقّيْن، وهو علامة الغضب .
[669] الشّزْر - بفتح الشين - : الطعن في الجوانب يميناًو شمالاً .
[670] نافحوا بالظّبا : نافحوا : كافحوا وضاربوا، والظّبا - بالضم - : جمع ظبة، وهي طرف السيف وحدّه .
[671] صِلُوا السّيُوفَ بالخُطَا : صلوا من الوصل - أي : اجعلوا سيوفكم متصلةً بخطا أعدائكم، جمع خطوة .
[672] الفَرّ : الفرار .
[673] «عارٌ في الاعْقاب» : هنا الاولاد لانهم يُعَيّرُون بفرار آبائهم .
[674] السُجُح - بضمتين - : السهل .
[675] الرّوَاق اُلمطَنّب : الرواق ككتاب وغراب الفسطاط . واُلمطَنّب : المشدود بالاطْنَاب جمع طُنُب - بضمتين - وهو حبل يشدّ به سُرَادِقُ البيت .
[676] الثَبَج - بالتحريك - الوسط .
[677] كِسْرُه - بالكسر - شِقّة الاسفل، كناية عن الجوانب التي يفر إليها المنهزمون .
[678] الصَّمْد : القصد - أي فاثبتوا على قصدكم .
[679] «لن يَتِركُم أعمالكم» : لن ينقصكم شيئاً من جزائها .
[680] محمدصلى الله عليه وآله وسلم : 35 .