خطبه

السید جعفر الحسینی

نسخه متنی -صفحه : 35/ 19
نمايش فراداده

ومن خطبة له عليه السلام

وهي من خطب الملاحم

الْحَمْدُ لله الْمُتَجَلِّي لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ ، وَالظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِهِ . خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّة ، إِذْ كَانَتِ الرَّوِيَّاتُ لاَتَلِيقُ إِلاَّ بِذَوي الضَّمَائِرِ [1491] وَلَيْسَ بِذِي ضَمِير فِي نَفْسِهِ . خَرَقَ عِلْمُهُ بَاطِنَ غَيْبِ السُّتُرَات [1492] ، وَأَحَاطَ بِغُمُوض عَقَائِدِ السَّرِيرَاتِ .

ومنها

في ذكر النبي صلى الله عليه واله وسلم :

اخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ الاَْنْبِيَاءِ ، وَمِشْكَاةِ الضِّيَاءِ [1493] ، وَذُؤَابَةِ الْعَلْيَاءِ [1494] وَسُرَّةِ الْبَطْحَاءِ [1495] ، وَمَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ ، وَيَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ .

ومنها

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ ، قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ ، وَأَحْمَى مَوَاسِمَهُ [1496] ، يَضَعُ ذلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ ، مِنْ قُلُوب عُمْي ، وَآذَان صُمٍّ ، وَأَلْسِنَة بُكْم; مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ ، وَمَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ; لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِأَضْوَاءِ الْحِكْمَةِ; وَلَمْ يَقْدَحُوا بِزِنَادِ الْعُلُومِ الثَّاقِبَةِ; فَهُمْ فِي ذلِكَ كَالاَْنْعَامِ السَّائِمَةِ ، وَالصُّخُورِ الْقَاسِيَةِ.

قَدِ انْجَابَتِ السَّرَائِرُ [1497] لاَِهْلِ الْبَصَائِرِ ، وَوَضَحَتْ مَحَجَّةُ الْحَقِّ لِخَابِطِهَا [1498] ، وَأَسْفَرَتِ السَّاعَةُ عَنْ وَجْهِهَا ، وَظَهَرَتِ الْعَلاَمَةُ لِمتَوَسِّمِهَا . مَا لِي أَرَاكُمْ أَشْبَاحاً بِلاَ أَرْوَاح ؟ وَأَرْوَاحاً بَلاَ أَشْبَاح ، وَنُسَّاكاً بِلاَ صَلاَح ، وَتُجَّاراً بِلاَ أَرْبَاح ، وَأَيْقَاظاً نُوَّماً ، وَشُهُوداً غُيَّباً ، وَنَاظِرَةً عَمْيَاءَ ، وسَامِعَةً صَمَّاءَ ، وَنَاطِقَةً بَكْمَاءَ ؟!! رَايَةُ ضَلاَل )

رأيت ضلالةً( قَدْ قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا [1499] ، وَتَفَرَّقَتْ بِشُعَبِهَا [1500] ، تَكِيلُكُمْ بِصَاعِهَا [1501] ، وَتَخْبِطُكُمْ بِبَاعِهَا [1502] . قَائِدُهَا خَارجٌ مِنْ الْمِلَّةِ ، قَائِمٌ عَلَى الضِّلَّةِ; فَـلاَ يَبْقَى يَوْمَئِذ مِنْكُمْ إِلاَّ ثُفَالَةٌ [1503] كَثُفَالَةِ الْقِدْرِ ، أَوْ نُفَاضَةٌ كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ [1504] ، تَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الاَْدِيمِ [1505] ، وَتَدُوسُكُمْ دَوْسَ الْحَصِيدِ [1506] ، وَتَسْتَخْلِصُ الْمُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمُ اسْتِخْـلاَصَ الطَّيْرِ الْحَبَّةَ الْبَطِينَةَ [1507] مِنْ بَيْنِ هَزِيلِ الْحَبِّ .

أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ ، وَتَتِيهُ بِكُمُ الْغَيَاهِبُ وَتَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ ؟ وَمِنْ أَيْنَ تُؤْتَوْنَ ، وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ؟ فَلِكُلِّ أَجَل كِتَابٌ ، وَلِكُلِّ غَيْبَة إِيَابٌ ، فَاسْتَمِعُوا )

فاستمعوه( مِنْ رَبَّانِيِّكُمْ [1508] ، وَأَحْضِرُوهُ قُلُوبَكُمْ ، وَاسْتَيْقِظُوا إِنْ هَتَفَ بِكُمْ [1509] . وَلْيَصْدُقْ رَائِدٌ [1510] أَهْلَهُ ، وَلْيَجْمَعْ شَمْلَهُ ، وَلْيُحْضِرْ ذِهْنَهُ ، فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمُ الاَْمْرَ فَلْقَ الْخَرَزَةِ ، وَقَرَفَهُ قَرْفَ الصَّمْغَةِ [1511] . فَعِنْدَ ذلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَهُ ، وَرَكِبَ الْجَهْلُ مَرَاكِبَهُ ، وَعَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ ، وَقَلَّتِ الدَّاعِيَةُ ، وَصَالَ الدَّهْرُ صِيَالَ السَّبُعِ الْعَقُورِ ، وَهَدَرَ فَنِيقُ [1512] الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُوم [1513] ، وَتَوَاخَى النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ ، وَتَهَاجَرُوا عَلَى الدِّينِ ، وَتَحَابُّوا عَلَى الْكَذِبِ ، وَتَبَاغَضُوا عَلَى الصِّدْقِ .فَإِذَا كَانَ ذلِكَ كَانَ الْوَلَدُ غَيْظاً [1514] ، وَالْمَطَرُ قَيْظاً [1515] ، وَتَفِيضُ اللِّئَامُ فَيْضاً ، وَتَغِيضُ الْكِرَامُ غَيْضاً [1516] ، وَكَانَ أَهْلُ ذلِكَ الزَّمَانِ ذِئَاباً ، وَسَلاَطِينُهُ سِبَاعاً ، وَأَوْسَاطُهُ أُكَّالاً ، وَفُقَرَاؤُهُ أَمْوَاتاً; وَغَارً الصِّدْقُ ، وَفَاض الْكَذِبُ ، وَاسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ بِاللِّسَانِ ، وَتَشَاجَرَ النَّاسُ بِالْقُلُوبِ ، وَصَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً ، وَالْعَفَافُ عَجَباً ، وَلُبِسَ الاِْسْلاَمُ لُبْسَ الْفَرْوِ مَقْلُوباً .

ومن خطبة له عليه السلام

في بيان قدرة الله وانفراده بالعظمة واوصاف الملائكة وعصيان الخلق وأمر البعث وفضائل النبي صلى الله عليه واله وسلم واهل بيته الاطهار :

كُلُّ شَيْء خَاشِعٌ )

خاضِعٌ( لَهُ ، وَكُلُّ شَيْء قَائِمٌ بِهِ : غِنى كُلِّ فَقِير ، وَعِزُّ كُلِّ ذَلِيل ، وَقُوَّةُ كُلِّ ضَعِيف ، وَمَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوف . مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَهُ ، وَمَنْ سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ ، وَمَنْ عَاشَ فَعَلَيْهِ رِزْقُهُ ، وَمَنْ مَاتَ فَإِلَيْهِ مُنْقَلَبُهُ . لَمْ تَرَكَ الْعُيُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ ، بَلْ كُنْتَ قَبْلَ الْوَاصِفِينَ مِنْ خَلْقِكَ . لَمْ تَخْلُقِ الْخَلْقَ لِوَحْشَة ، وَلاَ اسْتَعْمَلْتَهُمْ لِمَنْفَعَة ، وَلاَ يَسْبِقُكَ مَنْ طلَبْتَ ، وَلاَ يُفْلِتُكَ [1517] مَنْ أَخَذْتَ ، وَلاَ يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ عَصَاكَ ، وَلاَ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ مَنْ أَطَاعَكَ ، وَلاَ يَرُدُّ أَمْرَكَ مَنْ سَخِطَ قَضَاءَكَ ، وَلاَ يَسْتَغْنِي عَنْكَ مَنْ تَوَلَّى عَنْ أَمْرِكَ . كُلُّ سِرٍّ عِنْدَكَ عَلاَنِيَةٌ ، وَكُلُّ غَيْب عِنْدَكَ شَهَادَةٌ . أَنْتَ الاَْبَدُ فَـلاَ أَمَدَ لَكَ ، وَأَنْتَ الْمُنْتَهَى فَـلاَ مَحِيصَ عَنْكَ ، وَأَنْتَ الْمَوْعِدُ فَـلاَ مَنْجَى مِنْكَ إِلاّ إِلَيْكَ . بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّة ، وَإِلَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَة .)

سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأ نَكَ (سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ مَا نَرَى مِنْ خَلْقِكَ ؟ وَمَا أصْغَرَ كُلَّ عَظِيمَة )

وما أصْغَر عِظَمَهُ( فِي جَنْبِ قُدْرَتِكَ ؟ وَمَا أَهْوَلَ مَا نَرَى مِنْ مَلَكُوتِكَ ؟ وَمَا أَحْقَرَ ذلِكَ فِيَما غَابَ عَنَّا مِنْ سُلْطَانِكَ ؟ وَمَا أَسْبَغَ نِعَمَكَ فِي الدُّنْيَا ، وَمَا أَصْغَرَهَا فِي نِعَمِ )

نعيم( الاخِرَةِ !

ومنها :

مِنْ مَلاَئِكَة أَسْكَنْتَهُمْ سَمَاوَاتِكَ ، وَرَفَعْتَهُمْ عَنْ أَرْضِكَ; هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ ، وَأَخْوَفُهُمْ لَكَ ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنْكَ; لَمْ يَسْكُنُوا الاَْصْلاَبَ ، وَلَمْ يُضَمَّنُوا الاَْرْحَامَ ، وَلَمْ يُخْلَقُوا مِنْ مَاء مَهين [1518] ، وَلَمْ يَتَشَعَّبْهُمْ رَيْبُ الْمَنُونِ [1519] ; وَإِنَّهُمْ عَلَى مَكَانِهمْ مِنْكَ ، وَمَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَكَ ، وَاسْتِجَمَاعِ أَهْوَائِهِمْ فِيكَ ، وَكَثْرَةِ طَاعَتِهِمْ لَكَ ، وَقِلَّةِ غَفْلَتِهِمْ عَنْ أَمْرِكَ ، لَوْ عَايَنُوا كُنْهَ مَا خَفِيَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ لَحَقَّرُوا أَعْمَالَهُمْ ، وَلَزَرَوْا [1520] عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَلَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ ، وَلَمْ يُطِيعُوكَ حَقَّ طَاعَتِكَ .

عصيان الخلق

سُبْحَانَكَ خَالِقاً وَمَعْبُوداً ! بِحُسْنِ بَلاَئِكَ [1521] عِنْدَ خَلْقِكَ خَلَقْتَ دَاراً ، وَجَعَلْتَ فِيهَا مَأْدُبَةً [1522] : مَشْرَباً وَمَطْعَماً ، وَأَزْوَاجاً وَخَدَماً ، وَقُصُوراً ، وَأَنْهَاراً ، وَزُرُوعاً ، وَثِمَاراً; ثُمَّ أَرْسَلْتَ دَاعِياً يَدْعُو إِلَيْهَا ، فَـلاَ الدَّاعِيَ أَجَابُوا ، وَلاَ فِيَما رَغَّبْتَ رَغِبُوا ، وَلاَ إِلَى مَا شَوَّقْتَ إِلَيْهِ اشْتَاقُوا . أَقْبَلُوا عَلَى جِيفَة قَدْ افْتَضَحُوا بِأَكْلِهَا ، وَاصْطَلَحُوا عَلَى حُبِّهَا ، وَمَنْ عَشِقَ شَيئاً أَعْشَى [1523] بَصَرَهُ ، وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ ، فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَيْن غَيْرِ صَحِيحَة ، وَيَسْمَعُ بِأُذُن غَيْرِ سَمِيعَة ، قَدْ خَرَقَتِ الشَّهَوَاتُ عَقْلَهُ ، وَأَمَاتَتِ الدُّنْيَا قَلْبَهُ ، وَوَلِهَتْ عَلَيْهَا نَفْسُهُ ، فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا ، وَلِمَنْ فِي يَدَيْهِ )

يَدِهِ( شَيْءٌ مِنْهَا ، حَيْثُما زَالَتْ زَالَ إِلَيْهَا ، وَحَيْثُما أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَيْهَا; لاَ يَنْزَجِرُ مِنَ اللهِ بِزَاجِر ، وَلاَيَتَّعِظُ مِنْهُ بِوَاعِظ ، وَهُوَ يَرَى الْمَأْخُوذِينَ عَلَى الْغِرَّةِ [1524] - حَيْثُ لاَ إِقَالَةَ وَلاَ رَجْعَةَ - كَيْفَ نَزَلَ بِهمْ مَا كَانُوا يَجْهَلُونَ ، وَجَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا مَا كَانُوا يَأْمَنُونَ ، وَقَدِمُوا مِنَ الاخِرَةِ عَلَى مَا كَانُوايُوعَدُونَ . فَغَيْرُ مَوْصُوف مَا نَزَلَ بِهمْ : اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَحَسْرَةُ الْفَوْتِ ، فَفَتَرَتْ لَهَا أَطْرَافُهُمْ ، وَتَغَيَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ ، ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ فِيهِمْ وُلُوجاً [1525] ، فَحِيلَ بَيْنَ أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ مَنْطِقِهِ ، وَإِنَّهُ لَبَيْنَ أَهْلِهِ يَنْظُرُ بِبَصَرِهِ ، وَيَسْمَعُ بِأُذُنِهِ ، عَلَى صِحَّة مِنْ عَقْلِهِ ، وَبَقَاء مِنْ لُبِّهِ ، يُفَكِّرُ فِيمَ أَفْنَى عُمْرَهُ ، وَفِيمَ أَذْهَبَ دَهْرَهُ ! وَيَتَذَكَّرُ أَمْوَالاً جَمَعَهَا ، أَغْمَضَ [1526] فِي مَطَالِبِهَا ، وَأَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا وَمُشْتَبِهَاتِهَا ، قَدْ لَزِمَتْهُ تَبِعَاتُ [1527] جَمْعِهَا ، وَأَشْرَفَ عَلَى فِرَاقِهَا ، تَبْقَى لِمَنْ وَرَاءَهُ يَنْعَمُونَ فِيهَا ، وَيَتَمَتَّعُونَ بِهَا ، فَيَكُونُ الْمَهْنَأُ [1528] لِغَيْرِهِ ، وَالْعِبءُ [1529] عَلَى ظَهْرِهِ . وَالْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُهُ [1530] بِهَا ، فَهُوَ يَعَضُّ يَدَهُ نَدَامَةً عَلَى مَا أَصْحَرَ [1531] لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِهِ ، وَيَزْهَدُ فِيَما كَانَ يَرْغَبُ فِيهِ أَيَّامَ عُمُرِهِ ، وَيَتَمَنَّى أَنَّ الَّذِي كَانَ يَغْبِطُهُ بِهَا وَيَحْسُدُهُ عَلَيْهَا قَدْ حَازَهَا دُونَهُ ! فَلَمْ يَزَلِ الْمَوْتُ يُبَالِغُ فِي جَسَدِهِ حَتَّى خَالَطَ لِسَانُهُ سَمْعَهُ [1532] ، فَصَارَ بَيْنَ أَهْلِهِ لاَ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ ، وَلاَ يَسْمَعُ بِسَمْعِهِ : يُرَدِّدُ طَرْفَهُ بِالنَّظَرِ فِيوَجُوهِهِمْ ، يَرَى حَرَكَاتِ ألسِنَتِهِمْ ، وَلاَ يَسْمَعُ رَجْعَ كَـلاَمِهِمْ ثُمَّ ازْدَادَ المَوْتُ الْتِيَاطاً [1533] )

بِهِ( ، فَقُبِضَ بَصَرُهُ كَمَا قُبِضَ سَمْعُهُ ، وَخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ ، فَصَارَ جِيفَةً بَيْنَ أَهْلِهِ ، قَدْ أَوْحَشُوا مِنْ جَانِبِهِ ، وَتَبَاعَدُوا مِنْ قُرْبِهِ . لاَ يُسْعِدُ بَاكِياً ، وَلاَ يُجِيبُ دَاعِياً . ثُمَّ حَمَلُوهُ إِلَى مَخطّ )

مَحَطّ ( فِي الارْض ، فَأَسْلَمُوهُ فِيهِ إِلَى عَمَلِهِ ، وَانْقَطَعُوا عَنْ زَوْرَتِهِ [1534] .

القيامة

حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ، وَالاَْمْرُ مَقَادِيرَهُ ، وَاُلحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ ، وَجَاءَ مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا يُرِيدُهُ مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِهِ ، أَمَادَ [1535] السَّمَاءَ وَفَطَرَهَا [1536] ، وَأَرَجَّ الاَْرْضَ وَأَرْجَفَهَا ، وَقَلَعَ جِبَالَها وَنَسَفَهَا ، وَدَكَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلاَلَتِهِ وَمَخُوفِ سَطْوَتِهِ ، وَأَخْرَجَ مَنْ فِيهَا ، فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلاَقِهمْ [1537] ، وَجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ ، ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِما يُريدُهُ مِنْ مَسْألتِهِمْ عَنْ خَفَايَا الاعْمَالِ وَخَبَايَا الافْعَالِ ، وَجَعَلَهُمْ فَرِيقَيْنِ : أنْعَمَ عَلَى هؤُلاَءِ وَانْتَقَمَ مِنْ هؤُلاَءِ . فَأَمَّا أَهْلُ الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ ، وَخَلَّدَهُمْ فِي دَارِهِ ، حَيْثُ لاَيَظْعَنُ النُّزَّالُ ، وَلاَ تَتَغَيْرُ بِهِمُ الْحَالُ ، وَلاَ تَنُوبُهُمُ الاَْفْزَاعُ [1538] ، وَلاَ تَنَالُهُمُ الاَْسْقَامُ ، وَلاَ تَعْرِضُ لَهُمُ الاَْخْطَارُ ، وَلاَ تُشْخِصُهُمُ [1539] الاَْسْفَارُ . وَأَمَّا أَهْلُ الْمَعْصِيَةِ فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ دَار ، وَغَلَّ الاَْيْدِيَ إِلَى الاَْعْنَاقِ ، وَقَرَنَ النَّوَاصِيَ بِالاَْقْدَامِ ، وَأَلْبَسَهُمْ سَرَابِيلَ الْقَطِرَانِ [1540] ، وَمُقَطَّعَاتِ [1541] النِّيرَانِ ، فِي عَذَاب قَدِ اشْتَدَّ حَرُّهُ ، وَبَاب قَدْ أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِهِ ، فِي نَار لَهَا كَلَبٌ [1542] وَلَجَبٌ [1543] ، وَلَهَبٌ سَاطِعٌ ، وَقَصِيفٌ [1544] هَائِلٌ ، لاَ يَظْعَنُ مُقِيمُهَا وَلاَ يُفَادَى أَسِيرُهَا ، وَلاَتُفْصَمُ كُبُولُهَا [1545] . لاَ مُدَّةَ لِلدَّارِ فَتَفْنَى ، وَلاَ أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَيُقْضَى .

ومنها

في ذكر النبي صلى الله عليه واله وسلم

قَدْ حَقَّرَ الدُّنْيَا وَصَغَّرَهَا وَأَهْوَنَ بِهَا )

وأهونها( وَهَوَّنَهَا ، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ زَوَاهَا [1546] عَنْهُ اخْتِيَاراً ، وَبَسَطَهَا لِغَِيْرِهِ احْتِقَاراً ، فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ ، وَأَمَاتَ ذِكْرَهَا عَنْ نَفْسِهِ ، وَأَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ ، لِكَيْلاَ يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً [1547] ، أَوْ يَرْجُوَ فِيهَا مَقَاماً . بَلَّغَ عَنْ رَبِّهِ مُعْذِراً [1548] ، وَنَصَحَ لاُِمَّتِهِ مُنْذِراً ، وَدَعاَ إِلَى الْجَنَّةِ مُبَشِّراً )

وَخَوَّفَ مِنَ النَّارِ مُحَذِّراً(.

أهل البيت

نَحْنُ شَجَرَةُ النّبُوَّةِ ، وَمَحَطُّ الرِّسَالَةِ ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلاَئِكَةِ [1549] ، وَمَعَادِنُ الْعِلْمِ ، وَيَنَابِيعُ الْحُكْمِ )

الحِكَمْ( نَاصِرُنا وَمُحِبُّنَا يَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ وَعَدُوُّنا وَمُبْغِضُنَا يَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ .

ومن خطبة له عليه السلام

في أركان الدين

الاسلام

إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ، الاِْيمَانُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، وَالْجِهادُ فِي سَبِيلِهِ ، فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الاِْسْلاَمِ; وَكَلِمَةُ الاِْخْلاَص فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ; وَإِقَامُ الْصَّلاَةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ; وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ; وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ الْعِقَابِ; وَحَجُّ الْبَيْتِ وَاعْتَِمارُهُ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَرْحَضَانِ الذَّنْبَ [1550] ; وَصِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهَا مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ ، وَمَنْسَأَةٌ [1551] فِي الاَْجَلِ; وَصَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُكَفِّرُ الْخَطِيئَةَ ; وَصَدَقَةُ الْعَلاَنِيَةِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ; وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ .

أَفِيضُوا فِي ذِكْرِ اللهِ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الذِّكْرِ . وَارْغَبُوا فِيَما وَعَدَ الْمُتَّقِينَ فَإِنَّ وَعْدَهُ أَصْدَقُ الْوَعْدِ . وَاقْتَدُوا بِهَدْيِ نَبِيِّكُمْ فَإِنَّةُ أَفْضَلُ الْهَدْيِ . وَاسْتَنُّوا بِسُنَّتِهِ فَإِنَّهَا اَهْدَى السُّنَنِ . وَتَعَلَّمُوا الْقرْآن فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ ، وَأَحْسِنُوا تِلاَوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَص . وَإِنَّ )

فانّ( الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لاَ يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ ; بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ ، وَالْحَسْرَةُ لَهُ أَلْزَمُ ، وَهُوَ عِنْدَ اللهِ ألوَمُ [1552] .

ومن خطبة له عليه السلام

في ذم الدنيا :

أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا ، فَإِنَّهَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ ، وَتَحَبَّبَتْ بِالْعَاجِلَةِ ، وَرَاقَتْ بِالْقَلِيلِ ، وَتَحَلَّتْ بِالامَالِ ، وَتَزَيَّنَتْ بِالْغُرُورِ . لاَ تَدُومُ حَبْرَتُهَا [1553] ، وَلاَ تُؤمَنُ فَجْعَتُهَا . غَرَّارَةٌ ضَرَّارَةٌ ، حَائِلَةٌ [1554] زَائِلَةٌ ، نَافِدَةٌ [1555] بَائِدَةٌ [1556] ، أَكَّالَةٌ غَوَّالَةٌ [1557] . لاَ تَعْدُو ـ إِذَا تَنَاهَتْ إِلَى أُمْنِيَّةِ أَهْلِ الرَّغْبَةِ فِيهَا وَالرِّضَاءِ بِهَا - أَنْ تَكُونَ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى سُبْحَانَهُ : (كَمَاء أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الاَْرْض فَأَصْبَحَ هَشِيماً [1558] تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْء مُقْتَدِراً)

[1559] . لَمْ يَكُنِ امْرُؤٌ مِنْهَا فِي حَبْرَة إِلاَّ أَعْقَبَتْهُ بَعْدَهَا عَبْرَةً [1560] ; وَلَمْ يَلْقَ في سَرَّائِهَا بَطْناً [1561] ، إِلاَّ مَنَحَتْهُ مِنْ ضَرَّائِهَا ظَهْراً [1562] ; وَلَمْ تَطُلَّهُ [1563] فِيهَا دِيمَةُ [1564] رَخَاء [1565] ، إِلاَّ هَتَنَتْ [1566] عَلَيهِ مُزْنَةُ بَلاَء ! وَحَرِيٌّ إِذَا أَصْبَحَتْ لَهُ مُنْتَصِرَةً أَنْ تُمْسِيَ لَهُ مُتَنَكِّرَةً ، وَإِنْ جَانِبٌ مِنْهَا اعْذَوْذَبَ وَاحْلَوْلَى ، أَمَرَّ مِنْهَا جَانِبٌ فَأَوْبَى [1567] ! لاَ يَنَالُ امْرُؤٌ مِنْ غَضَارَتِهَا [1568] رَغَباً [1569] ، إِلاَّ أَرْهَقَتْهُ [1570] مِنْ نَوَائِبِهَا تَعَباً ! وَلاَ يُمْسِي مِنْهَا فِي جَنَاحِ أَمْن ، إِلاَّ أَصْبَحَ عَلَى قَوَادِمِ [1571] خَوْف ! غَرَّارَةٌ ، غُرُورٌ مَا فِيهَا ، فَانِيَةٌ ، فَان مَنْ عَلَيْهَا ، لاَ خَيْرَ فِي شَيْء مِنْ أَزْوَادِهَا إِلاَّ التَّقْوَى . مَنْ أَقَلَّ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُؤمِنُهُ ! وَمَنِ اسْتَكْثَرَ مِنْهَا اسْتَكْثَرَ مِمَّا يُوبِقُهُ [1572] ، وَزَالَ عَمَّا قَلِيل عَنْهُ . كَمْ مِنْ وَاثِق بِهَا قَدْ فَجَعَتْهُ ، وَذِي طُمَأْنِينَة إِلَيْهَا قَدْ صَرَعَتْهُ ، وَذِي اُبّهَة [1573] قَدْ جَعَلَتْهُ حَقِيراً ، وَذِي نَخْوَة [1574] قَدْ رَدَّتْهُ ذَلِيلاً ! سُلْطَانُهَا دُوَّلٌ [1575] ، وَعَيْشُهَا رَنِقٌ [1576] ، وَعَذْبُهَا أُجَاجٌ [1577] ، وَحُلْوُهَا صَبِرٌ [1578] ، وَغِذَاؤُهَا سِمَامٌ [1579] ،وَأَسْبَابُهَا رِمَامٌ [1580] ! حَيُّهَا بِعَرَض مَوْت ، وَصَحِيحُهَا بِعَرَض سُقْم ! مُلْكُهَا مَسْلُوبٌ ، وَعَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ ، وَمَوْفُورُهَا [1581] مَنْكُوبٌ ، وَجَارُهَا مَحْرُوبٌ [1582] ! أَلَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ أَعْمَاراً ، وَأَبْقَى آثَاراً ، وَأَبْعَدَ آمَالاً ، وَأَعَدَّ عَدِيداً ، وَأَكْثَفَ جُنُوداً ! تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّد ، وَآثَرُوهَا أَيَّ إِيثَار ، ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِغَيْرِ زَاد مُبَلِّغ وَلاَ ظَهْر قَاطِع [1583] . فَهَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً بِفِدْيَة [1584] ، أَوْ أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَة ، أَوْ أَحْسَنَتْ لَهُمْ صُحْبَةً ؟ بَلْ أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ [1585] ، وَأَوْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ [1586] ، وَضَعْضَعَتْهُمْ [1587] بِالنَّوَائِبِ ، وعَفَّرَتْهُمْ [1588] لِلْمَنَاخِرِ ، وَوَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ [1589] ، وَأَعَانَتْ عَلَيْهِمْ رَيْبَ الْمَنُونِ . فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ لَهَا [1590] ، وَآثَرَهَا وَأَخْلَدَ إِلَيْهَا [1591] ، حِينَ ظَعَنُوا عَنْهَا لِفِرَاقِ الابَدِ . وَهَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلاَّ السَّغَبَ [1592] ، أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلاَّ الضَّنْكَ [1593] ، أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلاَّ الظُّلمَةَ ، أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلاَّ النَّدَامَةَ ! أَفَهذِهِ تُؤْثِرُونَ ، أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ ، أَمْ عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ ؟ فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَّهِمْهَا ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا عَلَى وَجَل مِنْهَا ! فَاعْلَمُوا ـ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ـ بِأَنَّكُمْ تَارِكُوهَا وَظَاعِنُونَ عَنْهَا ، وَاتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِينَ قَالُوا : مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً : حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ فَـلاَ يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً [1594] ، وَأُنْزِلُوا الاَْجْدَاثَ [1595] فَـلاَ يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً ، وَجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ [1596] أَجْنَانٌ [1597] ، وَمِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ وَمِنَ الرُّفَاتِ [1598] جِيرَانٌ ، فَهُمْ جِيرَةٌ لاَ يُجِيبُونَ دَاعِياً ، وَلاَ يَمْنَعُونَ ضَيْماً ، وَلاَ يُبَالُونَ مَنْدَبَةً . إِنْ جِيدُوا [1599] لَمْ يَفْرَحُوا ، وَإِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا . جَمِيعٌ وَهُمْ آحَادٌ ، وَجِيرَةٌ وَهُمْ أَبْعَادٌ . مُتَدَانُونَ لاَ يَتَزَاوَرُونَ ، وَقَرِيبُونَ لاَ يَتَقَارَبُونَ . حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ ، وَجُهَلاءُ قَدْ مَاتَتْ أَحْقَادُهُمْ . لاَ يُخْشَى فَجْعُهُمْ [1600] ، وَلاَ يُرْجَى دَفْعُهُمْ ، اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الاَْرْض بَطْناً ، وَبِالسَّعَةِ ضِيقاً ، وَبِالاَْهْلِ غُرْبَةً ، وَبِالنُّورِ ظُلمَةً ، فَجَاؤُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا ، حُفَاةً عُرَاةً ، قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ الْدَّائِمَةِ وَالدَّارِ الْبَاقِيَةِ ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُوَتَعَالَى : (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْق نُعِيدُهُ ، وَعْداً عَلَيْنَا ، إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ)

[1601] .

[1491] المراد «بذوي الضمائر» ذوو القلوب والحواسّ البدائية .

[1492] السّترات : جمع سُتْرة ، ما يُسْتَرُ به ، أيّاً كان .

[1493] المِشْكاة : كل كُوّة غير نافذة ومن العادة أن يوضع فيها المصباح .

[1494] الذّؤابة : الناصية ، أو مَنْبِتُها من الرأس .

[1495] البَطْحاء : مابين أخْشَبَيْ مكة ، كانت تسكنه قبائل من قريش ، ويقال لهم قريش البِطاح .

[1496] مَوَاسِمُه : جمع مِيسَم - بكسر الميم - وهو المِكْواة ، يجمع على مواسم وَمَيَاسم .

[1497] انجابَتْ : من قولهم : انجابت الناقة ، إذا مدت عُنُقَها للحَلْب .

[1498] خابطها : السائر عليها .

[1499] قامت على قُطْبها: تمثيل لانتظام أمرها واستحكام قوتها .

[1500] شُعَب : جمع شُعْبة : وهو الفرع .

[1501] تَكيلكم : أي تأخذكم للهلاك جملةً كما يأخذ الكيّال ما يكيله من الحَبّ .

[1502] تَخْبِطكم : من «خَبَطَ الشجرة» ضربها بالعصيّ ليتناثر ورقها ، أو من خبط البعير بيده الارضَ أي ضربها . وعبّر بالباع ليفيد استطالتها عليهم ، وتناولها لقريبهم وبعيدهم .

[1503] الثُفالة - بالضم - كالثّفل والثافل : هو ما أستقرّ تحت الشيء من كُدْرة . وثُفالة القدْر : ما يبقى في قَعْرِهِ من عُكارة . والمراد الارذال والسِّفْلة.

[1504] النّفَاضة : ما يسقط بالنفض . والعِكْم - بالكسر - العِدْل بالكسر أيضاً ، وَنَمَطٌ تجعل فيه المرأة ذخيرتها . والمراد ما يبقى بعد تفريغه في خلال نسيجه فينفض لينظف .

[1505] العَرْك : شديد الدّلْك . وَعَركَه حَكّهُ حتى عفاه . والاديم : الجلد .

[1506] الحَصِيد : المحصود .

[1507] البَطينة : السمينة .

[1508] الرّبّاني : - بتشديد الباء - المتألّهِ العارف بالله عز وجل .

[1509] هتف بكم : صاح بكم .

[1510] الرائد : من يتقدم القوم ليكشف لهم مواضع الكَلا، ويتعرف سهولة الوصول إليها من صعوبته .

[1511] قرف الصّمْغة : قشرها . وخصّ هذا بالذكر لان الصمغة إذا قُشرت لا يبقى لها أثر .

[1512] الفَنِيق : الفحل من الابل .

[1513] كُظُوم : إمساك وسكون .

[1514] كان الولد غيظاً : يغيظ والده لشُبُوبِهِ على العقوق .

[1515] القَيْظ : شدة الحر : والمراد بكون المطر قَيْظاً عدم فائدته .

[1516] تغيض : من «غاض الماء» إذا غار في الارض وجفّت ينابيعُهُ .

[1517] لا يُفْلِتُكَ : لا يَنْفَلِتُ منكَ .

[1518] المَهِين : الحقير ، يريد النُطْفَة .

[1519] المَنُون : الدهر . والرّيْب : صَرْفُهُ أي لم تفرّقهم صروف الزمان .

[1520] زَرَى عليه - كرمى - عَابَهُ .

[1521] البلاء يكون نعمة ويكون نقمةً ، ويتعيّن الاول بإضافة الحسن اليه . أي ما عبدوك إلا شكراً لنعمتك عليهم .

[1522] المَأدُبة : بضم الدال وفتحها : ما يصنع من الطعام للمدعوِّين في عرس ونحوه ، والمراد منها هنا نعيم الجنة .

[1523] أعْشاه : أعماه .

[1524] على الغِرّة : بكسر الغين - بغتة وعلى غفلة .

[1525] وُلُوجاً : دُخُولاً .

[1526] أغْمَضَ : لم يفرّق بين حلال وحرام ، كأنه أغمض عينيه فلا يميّز .

[1527] تَبِعاتها - بفتح فكسر - ما يطالبه به الناس من حقوقهم فيها ، وما يحاسبه به الله من منع حقه منها وتخطّي حدود شرعه في جمعها .

[1528] المَهْنَأ : ما أتاك من خير بلا مشقة .

[1529] العِبء : الحِمْل والثِّقَل .

[1530] غَلِقَتْ رهُونُهُ : استحقّها مُرْتَهِنُهَا ، وأعْوَزَتْهُ القدرةُ على تخليصها ، كناية عن تعذّر الخلاص .

[1531] أصْحَرَ له : من «أصْحَرَ» إذا برز في الصحراء ، أي على ما ظهر له وأنكشف من أمره .

[1532] «خالَطَ لسانُه سَمْعَهُ» : شارك السمع اللسان في العجز عن أداء وظيفته .

[1533] الْتِياطاً : التصاقاً به .

[1534] زَوْرَته : زيارته .

[1535] أمادها : حركها على غير انتظام .

[1536] فَطَرَها : صَدَعَهَا .

[1537] إخْلاقهم : من قولهم : «ثوب خَلَق ، وثياب أخلاق» ، والمراد أن البِلى يشملهم كما يشمل الثياب البالية .

[1538] لا تَنُوبهم الافْزَاع : جمع فَزَع ، بمعنى الخوف . تنوبهم : تنتابهم .

[1539] أشْخَصَهُ : أزعجه .

[1540] السّرْبال : القميص . والقَطِران معروف .

[1541] المقَطّعات : كل ثوب يُقَطّعُ كالقميص والجبة ونحوها ، بخلاف ما لا يُقَطّع كالازار والرداء .

[1542] عبّر «بالكَلَب» - محركاً - عَن هَيَجَانها .

[1543] اللّجَب : الصوت المرتفع .

[1544] القَصِيف : أشدّ الصوت .

[1545] كُبُول : جمع كَبْل - بفتح فسكون : القيد . وتُفْصَمُ : تنقطع .

[1546] زَوَاها : قَبَضَهَا .

[1547] الرِّيَاش : اللباس الفاخر .

[1548] مُعْذِراً : مبيّناً لله حجةً تقوم مقام العذر في عقابهم إن خالفوا أمره .

[1549] مُخْتَلَف الملائكة - بفتح اللام - : محل اختلافهم أي ورود واحد منهم بعد الاخر ، فيكون الثاني كأنه خَلَف للاول ، وهكذا .

[1550] رَحَضَه - كمنعه - غَسَلَه .

[1551] مَنْسَأة : مُطَالٌ فيه ومَزيد .

[1552] ألْوَمُ : أشد لوماً لنفسه ، لانه لا يجد عذراً يقبل أو يرد .

[1553] الحَبْرَة ـ بالفتح - السرور والنعمة .

[1554] حائلة : متغيّرة .

[1555] نافذة : فانية .

[1556] بائدة : هالكة .

[1557] غَوّالة : مُهْلِكة .

[1558] الهَشِيم : النبت اليابس المكسّر .

[1559] الكهف : 45.

[1560] العَبْرَة - بالفتح - : الدمعة قبل أن تفيض .

[1561] كنى «بالبطن» عن الاقبال .

[1562] كنى «بالظهر» عن الادبار .

[1563] الطَلّ : المطر الخفيف . وطَلّتْهُ السماء : أمطرتْه مطراً قليلاً .

[1564] الدّيمة : مطر يدوم في سكون ، لا رعد ولا برق معه .

[1565] الرّخاء : السّعة .

[1566] هَتَنَتِ المُزْن : أنصبّت .

[1567] أوْبى : صار كثير الوباء ، والوباء هو المعروف بالريح الاصفر .

[1568] الغَضَارة : النعمة والسّعة .

[1569] الرّغَب ـ بالتحريك - الرغبة والمرغوب .

[1570] أرْهَقَتْهُ التعبَ : ألحقَتْهُ به .

[1571] القَوَادِم : جمع قادمة ، الواحدة من أربع أو عشر ريشَات في مقدّم جناح الطائر ، وهي القوادم ، والعَشْر التي تحتها هي الخَوَافي .

[1572] يُوبِقُهُ : يُهْلكه .

[1573] أُبّهَة : ـ بضم فتشديد - عَظَمَة .

[1574] النَّخْوَة ـ بفتح النون - الافتخار .

[1575] دُوّل ـ بضم الدال وفتح الواو المشددة - المتحول .

[1576] رَنِق - بفتح فكسر - كّدِر .

[1577] أُجاج : شديد المُلوحة .

[1578] الصّبِر ـ كّكَتِف - عُصارة شجر مُرّ .

[1579] سِمام : جمع سم ، مثلَث السين وهو من المواد ما إذا خالط المزاجَ أفسده فقتل صاحبه .

[1580] رِمام : جمع رُمّة بالضم : وهي القطعة البالية من الحبل .

[1581] مَوْفُورها: ما كثر منها . مصاب بالنكبة ، وهي المصيبة: أي في مَعْرِض لذلك .

[1582] مَحْرُوب : من «حَرَبَهُ حَرْباً» - بالتحريك - إذا سلب ماله .

[1583] ظهر قاطع : راحلة تُرْكَبُ لقطع الطريق .

[1584] الفِدْية : الفِداء .

[1585] أرْهَقَتْهُـمْ : غَشِيَتْهُمْ ، القوادح : جمع قادح وهو أكال - كزُكام - يقع في الشجر والاسنان .

[1586] أوْهَقَتْهُمْ : جعلتهم في الوَهَق - بفتح الهاء - وهو حبل كالطِّوَل . والقوارع : المِحَن والدّواهي .

[1587] ضَعْضَعَتْهُمْ : ذَلّلَتْهُمْ .

[1588] عَفّرَتْهم : كَبّتْهُمْ على مَنَاخِرِهِم في العَفَر ، وهو التراب .

[1589] المَنَاسِم : جمع مِنْسَمْ ، وهو مقدم خف البعير ، أو الخُفّ نفسه .

[1590] دانَ لها : خضع .

[1591] أخلدَ لها : ركن اليها .

[1592] السّغَب - بالتحريك - الجوع .

[1593] الضّنْكَ : الضّيق .

[1594] لا يُدْعَوْنَ رُكباناً : لا يقال لهم رُكْبان : جمع راكب ، لان الراكب من يكون مختاراً ، وله التصرّف في مركوبه .

[1595] الاجْدَاث : القبور .

[1596] الصّفِيح : وَجْهُ كل شيء عريض ، والمراد وجه الارض .

[1597] الاجْنان : جمع جَنَن - بالتحريك - وهو القبر .

[1598] الرُفات : العظام المندقّة المحطومة .

[1599] جِيدُوا - بالبناء للمجهول - مُطِرُوا .

[1600] لا يُخْشى فَجْعُهم : لا تَخافُ منه أن يَفْجعوك بضرر .

[1601] الانبياء : 104.