تسمى القاصعـة [2606]
وهي تتضمن ذم إبليسَ - لعنه الله - عَلى استكباره وتركه السجـود لادم 7 وإنه أول من أظهر العصبية [2607] وتبع الحمية ، وتحذير الناس من سلوك طريقته :
الْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَبِسَ الْعِزَّ وَالْكِبْرِيَاءَ ، وَاخْتَارَهُمَا لنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ ، وَجَعَلَهُمَا حِمىً [2608] وَحَرَماً عَلَى غَيْرِهِ ، وَاصْطَفَاهُمَا [2609] لِجَـلاَلِهِ . وَجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ . ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذلِكَ مَـلاَئِكَتَهُ الْمُقَرَّبِينَ ، لِيُميِّزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَهُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ القُلُوبِ ، وَمَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ : (إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِين فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَـلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ)
[2610] اعْتَرَضَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بَخَلْقِهِ ، وَتَعَصَّبَ عَلَيْهِ لاَِصْلِهِ . فَعَدُوُّ اللهِ إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ ، وَسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ ، الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ ، وَنازَعَ اللهَ رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ ، وَادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ ، وَخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ .
أَلاَ تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اللهُ بِتَكبُّرِهِ ، وَوَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ ، فَجَعَلَهُ فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً ، وَأَعَدَّ لَهُ فِي الاخِرَةِ سَعِيراً ؟ !
وَلَوْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُور يَخْطَفُ الابْصَارَ ضِيَاؤُهُ ، وَيَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ [2611] ، وَطِيب يَأْخُذُ الانْفَاسَ عَرْفُهُ [2612] ، لَفَعَلَ . وَلَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ الاَْعْنَاقُ خَاضِعَةً ، وَلَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيهِ عَلَى المَلائِكَةِ . وَلكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ ، تَمْيِيزاً بِالاِخْتِبَارِ لَهُمْ ، وَنَفْياً لِلاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ ، وَإِبْعَاداً لِلْخُيَـلاَءِ مِنْهُمْ .
فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللهِ بِإِبْلِيسَ إِذْ أَحْبَطَ [2613] عَمَلَهُ الطَّوِيلَ ، وَجَهْدَهُ الْجَهِيدَ وَكَانَ قَدْ عَبَدَ اللهَ سِتَّةَ آلاَفِ سَنَة ، لاَ يُدْرَى أمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الاخِرَةِ ، عَنْ كِبْرِ سَاعَة وَاحِدَة . فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ ؟ كَـلاَّ ، مَا كَانَ اللهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بَأَمْر أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً . إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وأَهْلِ الاَْرْض لَوَاحِدٌ . وَمَا بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ أَحَد مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ [2614] فِي إِبَاحَةِ حِمىً حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ .
فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللهِ عَدُوَّ اللهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ [2615] ، وَأَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ [2616] بِنِدَائِهِ ، وَأَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ [2617] . فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ [2618] لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ ، وَأَغْرَقَ [2619] إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ [2620] الشَّدِيدِ ، وَرَمَاكُمْ مِنْ مَكَان قَرِيب ، فَقَالَ : (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لاَُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الاَْرْض وَلاَُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)
[2621] ، قَذْفاً بِغَيْب بَعِيد ، وَرَجْماً بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيب ، صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ ، وَإِخْوَانُ الْعَصَبِيَّةِ ، وَفُرْسَانُ الْكِبْرِ وَالْجَاهِلِيَّةِ . حَتَّى إِذَا انْقَادَتْ لَهُ الْجَامِحَةُ [2622] مِنْكُمْ ، وَاسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَّةُ [2623] مِنْهُ فِيكُمْ ، فَنَجَمَتِ [2624] الْحَالُ مِنَ السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الاَْمْرِ الْجَلِيِّ ، اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَيْكُمْ ، وَدَلَفَ [2625] بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ ،فَأَقْحَمُوكُمْ [2626] وَلَجَاتِ [2627] الذُّلِّ ، وَأَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ ، وَأَوْطَؤُوكُمْ [2628] إِثْخَانَ [2629] الْجِرَاحَةِ ، طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ ، وَحَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ ، وَدَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ ، وَقَصْداًلِمَقَاتِلِكُمْ ، وَسْوقاً بِخَزَائمِ [2630] الْقَهْرِ إِلَى النَّارِ المُعَدَّةِ لَكُمْ . فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِي دِينِكُمْ جَرْحاً ، وَأَوْرَى [2631] فِي دُنْيَاكُمْ قَدْحاً ، مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ [2632] ، وَعَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ [2633] . فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ حَدَّكُمْ [2634] ، وَلَهُ جَدَّكُمْ [2635] ، فَلَعَمْرُ اللهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ ، وَوَقَعَ في حَسَبِكُمْ ، وَدَفَعَ فِي نَسَبِكُمْ ، وَأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ عَلَيْكُمْ ، وَقَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِيلَكُمْ ، يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَان ، وَيَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَان [2636] . لاَ تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَة ، وَلاَ تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَة ، فِي حَوْمَةِ ذُلٍّ [2637] ، وَحَلْقَةِ ضِيق ، وَعَرْصَةِ مَوْت ، وَجَوْلَةِ بَـلاَء . فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ ، وَأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمَيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ وَنَخَواتِهِ [2638] ، وَنَزَغَاتِهِ [2639] وَنَفَثَاتِهِ [2640] . وَاعْتَمِدُوا وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُؤُوسِكُمْ ، وَإِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحَتْ أَقْدَامِكُمْ ، وَخَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ ; وَاتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً [2641] بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ ; فَإِنَّ لَهُ مِنْ كُلِّ أُمَّة جُنُوداً وأَعْوَاناً ، وَرَجِلاً وَفُرْسَاناً ، وَلاَ تَكُونُوا كالْمُتَكَبِّرِ عَلَى ابْنِ أُمَّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْل جَعَلَهُ اللهُ فِيهِ سِوِى مَا ألحَقَتِ الْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ الْحَسَدِ ، وَقَدَحَتِ الْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نَارِ الْغَضَبِ ، وَنَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي أَنْفِهِ مِنْ رِيحِ الْكِبْرِ الَّذِي أَعْقَبَهُ اللهُ بِهِ النَّدَامَةَ ، وَألزَمَهُ آثَامَ الْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
أَلاَ وَقَدْ أَمْعَنْتُمْ [2642] فِي الْبَغْيِ ، وَأَفْسَدْتُمْ فِي الاَْرْض ، مُصَارَحَةً [2643] للهِ بَالْمُنَاصَبَةِ ، وَمُبَارَزَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالُمحَارَبَةِ . فَاللهَ اللهَ في كِبْرِ الْحَمِيَّةِ ، وَفَخْرِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَإِنَّهُ مَـلاَقِحُ [2644] الشَّنَآنِ [2645] ، وَمَنَافِخُ الشَّيْطَانِ ، الَّتِي خَدَعَ بِهَا الاُْمَمَ المَاضِيَةَ ، والقُرُونَ الْخَالِيَةَ ; حَتَّى أَعْنَقُوا [2646] فِي حَنَادِس [2647] جَهَالَتِهِ ، وَمهَاوِي [2648] ضَـلاَلَتِهِ ، ذُلُلاً [2649] عَنْ سِيَاقِهِ ، سُلُساً [2650] فِي قِيَادِهِ . أَمْراً تَشَابَهَتِ الْقُلُوبُ فِيهِ ، وَتَتَابَعَتِ الْقُرُونُ عَلَيْهِ ، وَكِبْراً تَضَايَقَتِ الصُّدُورُ بِهِ .
أَلاَ فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ طَاعَةِ سَادَاتِكُمْ وَكُبَرَائِكُمْ ! الَّذِينَ تَكَبَّرُوا عَنْ حَسَبِهِمْ ، وَتَرَفَّعُوا فَوْقَ نَسَبِهِمْ ، وَأَلْقَوُا الْهَجِينَةَ [2651] عَلَى رَبِّهِمْ ، وَجَاحَدُوا اللهَ عَلَى مَا صَنَعَ بِهمْ ، مُكَابَرَةً لِقَضَائِهِ ، وَمُغَالَبَةً لاِلائِهِ [2652] . فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاس الْعَصَبِيَّةِ ، وَدَعَائِمُ أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ ، وَسُيُوفُ إعْتِزَاءِ [2653] الْجَاهِلِيَّةِ . فَاتَّقُوا اللهَ وَلاَ تَكُونُوا لِنِعَمِهِ عَليْكُمْ أَضْدَاداً ، وَلاَ لِفَضْلِهِ عِنْدَكُمْ حُسَّاداً . وَلاَ تُطِيعُوا الاَْدْعِيَاءَ [2654] الَّذِينَ شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ [2655] ، وَخَلَطْتُمْ بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ ، وَأَدْخَلْتُمْ فِي حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ ، وَهُمْ أَسَاسُ [2656] الْفُسُوقِ ، وَأَحْلاَسُ الْعُقُوقِ [2657] اتَّخَذَهُمْ إِبْلِيسُ مَطَايَا ضَلاَل ، وَجُنْداً بِهمْ يَصُولُ عَلَى النَّاس ، وَتَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَتِهمْ ، اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ وَدُخُولاً فِي عُيُونِكُمْ ، وَنَفْثاً فِي أَسْمَاعِكُمْ . فَجَعَلَكُمْ مَرْمَى نَبْلِهِ [2658] ، وَمَوْطِىءَ قَدَمِهِ ، وَمأْخَذَ يَدِهِ .
فَاعْتَبِرُوا بَمَا أَصَابَ الاُْمَمَ المُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ بَأْس اللهِ وَصَوْلاَتِهِ ، وَوَقَائِعِهِ وَمَثُـلاَتِهِ [2659] ، وَاتَّعِظُوا بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ [2660] ، وَمَصَارِعِ جُنُوبِهِمْ [2661] ، وَاسْتَعِيذُوا بِاللهِ مِنْ لَوَاقِحِ الْكبْرِ [2662] ، كَمَا تَسْتَعِيذُونَهُ مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ ، فَلَوْ رَخَّصَ اللهُ فِي الْكِبْرِ لاَِحَد مِنْ عِبَادِهِ لَرَخَّصَ فِيهِ لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ ; وَلكِنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّهَ إِلَيْهِمُ التَّكَابُرَ ، وَرَضِيَ لَهُمُ التَّوَاضُعَ ، فَأَلْصَقُوا بِالاَْرْض خُدُودَهُمْ ، وَعَفَّرُوا فِي التُّرَابِ وَجُوهَهُمْ . وَخَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَكَانُوا قَوْماً مُسْتَضْعَفِينَ . قَدِ اخْتَبَرَهُمُ اللهُ بِالمخْمَصَةِ [2663] ، وَابْتَـلاَهُمْ بِالمجْهَدَةِ [2664] ، وَامْتَحَنَهُمْ بِالمخَاوِفِ ، وَمَخَضَهُمْ [2665] بِالْمَكَارِهِ . فَـلاَ تَعْتَبِرُوا الرِّضَى وَالسَخَطَ بِالمَالِ وَالْوَلَدِ جَهْلاً بِمَوَاقِعِ الْفِتْنَةِ ، وَالاِْخْتِبَارِ فِي مَواضِعِ الْغِنَى وَالاِقْتِدَارِ )
والاقتار( فَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّ مَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَال وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لاَ يَشْعُرُونَ)
[2666] فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ فِي أَنْفُسِهمْ بِأَوْلِيَائِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي أَعْيُنِهِمْ .
وَلَقَدْ دَخَلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَمَعَهُ أَخُوهُ هَارُون8 عَلَى فِرْعَوْنَ ، وَعَلَيْهِمَا مَدَارِعُ الصُّوفِ ، وَبِأَيْدِيهِمَا الْعِصِيُّ ، فَشَرَطَا لَهُ إِنْ أَسْلَمَ بَقَاءَ مُلْكِهِ ، وَدَوامَ عِزِّهِ ; فَقَالَ : أَلاَ تَعْجَبُونَ مِنْ هذَيْنِ يَشْرِطَانِ لِي دَوَامَ الْعِزِّ ، وَبَقَاءَ الْمُلْكِ ; وَهُمَا بِمَا تَرَوْنَ مِنْ حَالِ الْفَقْرِ وَالذُّلِّ ، فَهَلاَّ ألْقِيَ عَلَيْهِمَا أَسَاوِرَةٌ مِنْ ذَهَب ؟ إِعْظَاماً لِلذَّهَبِ وَجَمْعِهِ ، وَاحْتِقَاراً لِلصُّوفِ وَلُبْسِهِ ! وَلَوْ أَرَادَ اللهُ سُبْحَانَهُ لاِنْبِيَائِهِ حَيْثُ بَعَثَهُمْ أَنْ يَفْتَحَ لَهُمْ كُنُوزَ الْذهْبَانِ [2667] ، وَمَعَادِنَ الْعِقْيَانِ [2668] ، وَمَغَارِسَ الْجِنَانِ ، وَأَنْ يَحْشُرَ مَعَهُمْ طُيُورَ السَّمَاءِ وَوُحُوشَ الاَْرَضِينَ )
الارض( لَفَعَلَ ، وَلَوْ فَعَلَ لَسَقَطَ الْبَلاَءُ [2669] ، وَبَطَلَ الْجَزَاءُ ، وَاضْمَحَلَّتِ الانْبَاءُ ، وَلَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلِينَ ، وَلاَ اسْتَحَقَّ الْمُؤمِنُونَ ثَوَابَ الُْمحْسِنِينَ ، وَلاَ لَزِمَتِ الاَْسْمَاءُ مَعَانِيَهَا . وَلكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ رُسُلَهُ أُولِي قُوَّة فِي عَزَائِمِهمْ ، وَضَعَفَةً فِيَما تَرَى الاَْعْيُنُ مِنْ حَالاَتِهِمْ ، مَعَ قَنَاعَة تَمْلاُ الْقُلُوبَ وَالْعُيُونَ غِنىً ، وَخَصَاصَة [2670] تَمْلاَُ الاَْبْصَارَ وَالاَْسْمَاعَ أَذىً .
وَلَوْ كَانَتِ الانْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّة لاَ تُرَامُ ، وَعِزَّة لاَ تُضَامُ ، وَمُلْك تُمَدُّ )
تمتدُّ (نَحْوَهُ أَعْنَاقُ الرِّجَالِ ، وَتُشَدُّ إِلَيْهِ عُقَدُ الرِّحَالِ ، لَكَانَ ذلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ فِي الاْعْتِبَارِ ، وَأَبْعَدَ لَهُمْ فِي الاِْسْتِكْبَارِ ، وَلامَنُوا عَنْ رَهْبَة قَاهِرَة لَهُمْ ، أَوْ رَغْبَة مَائِلَة بِهِمْ ، فَكَانَتِ النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً ، وَالْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً . وَلكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الاِْتِّبَاعُ لِرُسُلِهِ ، وَالْتَّصْدِيقُ بِكُتُبِهِ ، وَالْخُشُوعُ لِوَجْهِهِ ، وَالاِْسْتِكَانَةُ لاَِمْرِهِ ، وَالاِْسْتِسْـلاَمُ لِطَاعَتِهِ ، أُمُوراً لَهُ خَاصَّةً ، لاَ تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ . وَكُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى وَالاِْخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمُثُوبَةُ وَالْجَزَاءُ أَجْزَلَ .
أَلاَ تَرَوْنَ أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ ، اخْتَبَرَ الاَْوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ، إِلَى الاخِرِينَ مِنْ هذا الْعَالَمِ ; بَأَحْجَار لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ ، وَلاَ تُبْصِرُ وَلاَ تَسْمَعُ ، فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاس قِيَاماً . ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الاَْرْض حَجَراً ، وَأَقَلِّ نَتَائِقِ [2671] الدُّنْيَا مَدَراً [2672] ، وَأَضْيَقِ بُطُونِ الاَْوْدِيَةِ قُطْراً . بَيْنَ جِبَال خَشِنَة ، وَرِمَال دَمِثَة [2673] ، وَعُيُون وَشِلَة [2674] ، وَقُرىً مُنْقَطِعَة ; لا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ ، وَلاَ حَافِرٌ وَلاَ ظِلْفٌ [2675] . ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَوَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ [2676] نَحْوَهُ ، فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ [2677] أَسْفَارِهمْ ، وَغَايَةً لِمُلْقَى [2678] رِحَالِهِمْ . تَهْوِي [2679] إِليهِ ثِمارُ الاَْفْئِدَةِ مِنْ مَفَاوِزِ [2680] قِفَار سَحِيقَة [2681] ، وَمَهَاوِي [2682] فِجَاج [2683] عَمِيقَة ، وَجَزَائِرِ بِحَار مُنْقَطِعَة ، حَتَّى يَهُزُّوا مَنَاكِبَهُمْ [2684] ذُلُلاً يُهَلِّلُونَ حَوْلَهُ ، وَيَرْمُلُونَ [2685] عَلَى أَقْدَامِهمْ شُعْثاً [2686] غُبْراً [2687] لَهُ . قَدْ نَبَذُوا السَّرَابِيلَ [2688] وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ، وَشَوَّهُوا بِإِعْفَاءِ الشُّعُورِ [2689] مَحَاسِنَ خَلْقِهِمُ ، ابْتِلاَءً عَظِيماً ، وَامْتِحاناً شَدِيداً ، وَاخْتِبَاراً مُبِيناً ، وَتَمْحِيصاً بَلِيغاً ، جَعَلَهُ اللهُ سَبَباً لِرَحْمَتِهِ ، وَوُصْلَةً إِلَى جَنَّتِهِ . وَلَوْ أَرَادَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَضَعَ بَيْتَهُ الْحَرَامَ ، وَمَشَاعِرَهُ الْعِظَامَ ، بَيْنَ جَنَّات وَأنهَار ، وَسَهْل وَقَرَارِ [2690] ، جَمِّ [2691] الاَْشْجَارِ دَانِي الثمَارِ ، مُلْتَفّ الْبُنَى [2692] ، مُتَّصِلِ الْقُرَى ، بَيْنَ بُرَّة [2693] سَمْرَاءَ ، وَرَوْضَة خَضْرَاءَ ، وَأَرْيَاف [2694] مُحْدِقَة ، وَعِرَاص [2695] مُغْدِقَة [2696] ، وَرِيَاض )
وزروع (نَاضِرَة ، وَطُرُق عَامِرَة ، لَكَانَ قَدْ صَغَّرَ قَدْرَ الْجَزَاءِ عَلَى حَسَبِ ضَعْفِ الْبَلاَءِ . وَلَوْ كَانَ الاِْسَاسُ [2697] الْمحْمُولُ عَلَيْهَا ، وَالاَْحْجَارُ الْمَرْفُوعُ بِهَا ، بَيْنَ زُمُرُّدَة خَضْرَاءَ ، وَيَاقُوتَة حَمْرَاءَ ، وَنُور وَضِيَاء ، لَخَفَّفَ ذلِكَ مُصَارَعَةَ الشَّكِّ فِي الصُّدُورِ ، وَلَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِيسَ عَنِ الْقُلُوبِ ، وَلَنَفَى مُعْتَلَجَ [2698] الرَّيْبِ مِنَ الْنَّاس ، وَلكِنَّ اللهَ يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ ، وَيَتَعَبَّدُهُمْ بِأنـْوَاعِ المَجَاهِدِ ، وَيَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِهِ ، إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ ، وَإِسْكَاناً لِلتَّذَلُلِ فِي نُفُوسِهمْ ، وَلِيَجْعَلَ ذلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً [2699] إِلَى فَضْلِهِ ، وَأَسْبَاباً ذُلُلاً لِعَفْوِهِ .
[2606] القاصعة: من قصع فلان فلاناً: أي حقّره ، لانه عليه السلام حقر فيها حال المتكبرين .
[2607] العَصَبية: الاعتزاز بالعصبة وهي قوم الرجل الذين يدافعون عنه . واستعمال قوتهم في الباطل والفساد فهي هنا عصبية الجهل .
[2608] الحِمَى: ما حَمَيْتَه عن وصول الغير اليه والتصرف فيه .
[2609] اصطفاهما: اختارهما .
[2610] ص: 73 .
[2611] الرُوَاء ـ بضم ففتح ـ: حُسْن المنظر .
[2612] العَرْف ـ بالفتح ـ: الرائحة .
[2613] أحبَطَ عَمَلَهُ: أضاع عمله .
[2614] الهَوَادة ـ بالفتح ـ: اللين والرخصة .
[2615] يُعْديكم بدائه: أي يصيبكم بشيء من دائه بالمخالطة كما يعدي الاجرب السليم ، والضمير لابليس .
[2616] يستفزّكم: يستنهضكم لما يريد .
[2617] أجلَبَ عليكم بخيله: أي رُكْبَانه ، ورَجِلِه: أي مُشاته ، والمراد أعوان السوء .
[2618] فَوّقَ السهمَ: جعل له فُوقاً ، والفُوق موضع الوتر من السهم .
[2619] أغرقَ النازعُ: إذا استوفى مدّ قوسه .
[2620] النزع في القوس: مدّها .
[2621] الحجر: 39 .
[2622] الجامحة : من «جَمَحَ الفرس» ، وأراد بها هنا انقياد الطائفة التي لم تطعه .
[2623] الطَماعيَة: الطمع .
[2624] «نجمَت من السرّ الخفيّ إلى الامر الجَليّ»: أي بعد أن كانت وسوسة في الصدور ، وهمساً في القول ، ظهرت إلى المجاهرة بالنداء ورفع الايدي بالسلاح .
[2625] دَلَفَت الكتيبة في الحرب: تقدمت .
[2626] أقْحَمُوكم: أدخلوكم بغتة .
[2627] الوَلَجَات ـ جمع وَلجة -: بالتحريك كهف يستتر فيه المارة من مطر ونحوه .
[2628] أوْطَأه : أركبه .
[2629] إثْخَان الجِرَاحة: المبالغة فيها ، أي أركبوكم الجراحات البالغة ، كناية عن إشعال الفتنة بينهم حتى يتقاتلوا .
[2630] الخزائم ـ جمع خِزَامة ككتابة ـ: وهي حَلْقة توضع في وترة أنف البعير فيشد فيها الزمام .
[2631] أوْرَى: أي أشدّ قدحاً للنار .
[2632] مُنَاصِبِين: مجاهرين لهم بالعداوة .
[2633] مُتَألِّبين: مجتمعين .
[2634] حَدّكم: غضبكم وحدّتكم .
[2635] جَدّكم ـ بفتح الجيم ـ: أي قطعكم ، يريد قطع الوصلة بينكم وبينه .
[2636] البَنَان: الاصابع .
[2637] حَوْمَة الشيء: معظمه وأشدّ موضع فيه . وأكثر مايستعمل في حومة القتال والبحر والرمل .
[2638] النَخْوة: التكبر والتعاظم .
[2639] النَزْعة: المرة من النَزْع بمعنى الافساد .
[2640] النَفْثة: النفخة .
[2641] المَسْلَحة: الثغر يدافع العدو عنده والقوم ذووا السلاح .
[2642] أمْعَنْتم: بالَغتم .
[2643] المصارحة: التظاهر .
[2644] المَلاقِح ـ جمع مُلْقَح كمُكْرَم: الفحول التي تلقح الاناث وتستولد الاولاد .
[2645] الشَنَآن: البغض .
[2646] أعْنَقُوا: من أعْنَقَت الثريا: غابت . أي غابوا واختفوا .
[2647] الحَنَادِس ـ جمع حِنْدِس بكسر الحاء ـ: الظلام الشديد .
[2648] المَهَاوِي ـ جمع مَهْواة ـ: الهوة التي يتردى فيها الصيد .
[2649] الذُلُل ـ جمع ذَلُول ـ من الذُلّ ـ بالضم ـ ضد الصعوبة ، والسِياق هنا السَوْق .
[2650] سُلُس ـ بضمتين - جمع سَلِس ، كَكَتِف ـ: وهو الشيء السهل .
[2651] الهجِينة: الفعلة القبيحة المستهجنة .
[2652] الالا ء: النعم .
[2653] اعْتزاء الجاهلية: تفاخرهم بأنسابهم ، كل منهم يعتزي أي ينتسب إلى أبيه وما فوقه من أجداده .
[2654] الادْعِياء ـ جمع دَعِيّ ـ: وهو من ينتسب إلى غير أبيه ، والمراد منهم الاخِسّاء المنتسبون إلى الاشراف ، والاشرار المنتسبون إلى الاخيار .
[2655] «شربتم بصفْوِكم كَدَرَهم»: أي خلطوا صافيَ إخلاصكم بكَدَرِ نفاقهم ، وبسلامة أخلاقكم مرضَ أخلاقهم .
[2656] أساس ـ بالمد ـ : - جمع أساس ـ دِعامة الشيء .
[2657] الاحْلاس ـ جمع حِلْس بالكسر : كساء رقيق يكون على ظهر البعير ملازماً له ، فقيل لكل ملازم لشيء : هو حِلْسُهُ . والعقوق : العصيان .
[2658] النَبْلَ ـ بالفتح ـ: السهام .
[2659] المَثُلات ـ بفتح فضم ـ: العقوبات .
[2660] مَثَاوِي ـ جمع مَثْوَى ـ: بمعنى المنزل . ومنازل الخُدود: مواضعها من الارض بعد الموت .
[2661] مصارع الجُنُوب: مطارحها على التراب .
[2662] لواقِح الكبر: محدثاته في النفوس .
[2663] الَمخْمَصَة: الجوع .
[2664] الَمجْهَدَة: المشقة .
[2665] محض اللبن: تحريكه ليخرج زُبْدُه . والمكاره تستخلص إيمان الصادقين وتظهر مزاياهم العقلية والنفسية .
[2666] المؤمنون: 55 .
[2667] الذِهْبَانُ ـ بكسر الذال ـ: جمع ذهب .
[2668] العِقْيَان: نوع من الذهب ينمو في معدنه .
[2669] سَقَط البَلاء: أي الامتحان الذي به يتميز الخبيث من الطيب .
[2670] خَصَاصَة: فقر وحاجة .
[2671] النَتَائِق ـ جمع نَتِيقة ـ: البقاع المرتفعة . ومكة مرتفعة بالنسبة لما انحط عنها من البلدان .
[2672] المَدَر: قطع الطين اليابس . وأقل الارض مَدَراً لا ينبت إلا قليلاً .
[2673] دَمِثَة: لَيّنَة يصعب السير فيها والاستنبات منها .
[2674] وَشِلَة ـ كفرحة ـ: قليلة الماء .
[2675] لا يزْكو: لا ينمو . والخُفّ عبارة عن الجمال . والحافر عبارة عن الخيل وما شاكلها . والظِلْف عبارة عن البقر والغنم ، تعبير عن الحيوان بما رُكّبت عليه قوائمه .
[2676] ثَنى عِطْفَه اليه: مال وتوجه اليه .
[2677] مُنْتَجَع الاسْفار: محل الفائدة منها .
[2678] مُلْقى : مصدر ميمي من ألقى أي نهاية حصر حالهم عن ظهور إبلهم .
[2679] تَهْوِي: تسرع سيراً اليه . والمراد بالثمار هنا الارواح .
[2680] المَفَاوِز ـ جمع مَفازة ـ: الفلاة لا ماء بها .
[2681] السحيقة: البعيدة .
[2682] المَهَاوِي ـ كالهُوّات ـ: مُنْخفضات الاراضي .
[2683] الفِجاج: الطرق الواسعة بين الجبال .
[2684] مَنَاكِبهم : رؤوس أكتافهم .
[2685] الرَمَل: ضرب من السير فوق المشي ودون الجرْي .
[2686] الاشْعَث: المنتشر الشعر مع تلبّد فيه .
[2687] الاغْبر: من عَلا بَدَنَهُ الغُبارُ .
[2688] السَرَابِيل: الثياب .
[2689] إعْفاء الشعور: تركها بلا حلق ولا قص .
[2690] القَرار: المطمئن من الارض .
[2691] جمّ الاشجار: كثيرها .
[2692] البُنى ـ جمع بُنْيَة بضم الباء وكسرها ـ: ما ابتنيته . وملتفّ البُنى: كثير العمران .
[2693] البُرّة: الحِنْطة ، والسمراء أجْوَدُها .
[2694] الارْياف: الاراضي الخِصْبة .
[2695] العِراص ـ جمع عَرْصة ـ: الساحة ليس بها بناء .
[2696] المُغْدِقة: من «أغْدَقَ المطرُ» كثر مَاؤه .
[2697] الاساس ـ بكسر الهمزة جمع أُسّ مثلثها ، أو أساس .
[2698] مُعْتَلَج : مصدر ميمي من الاعتلاج : الالتطام . اعتلجت الامواج : التطمت ، أي : زال تلاطم الريب والشك من صدور الناس .
[2699] فُتُحاً ـ بضمتين ـ: أي مفتوحة واسعة .