عبأ : العين والباء والهمزة والحرف المعتلّ غير المهموز أصل واحد ، يدلُّ على اجتماع في ثِقَل . من ذلك العِبْءُ ، وهو كلُّ حِمْل ، من غُرْم أو حَمالة ، والجمع الأعباء . قال :
ومن الباب : ما عبأْت به شيئاً ، إذا لم تبالِهِ ، كأنّك لم تجِدْ له ثِقْلاً . ومن الباب : عبأت الطِّيب وفَرَّقوا بين ذلك وبين الجيش ، فقالوا : عَبَّيْت الكتيبةَ أُعبِّيها تعبيَةً ، إذا هيّأتَها . وقد قالوا : عبّأت الجيش أيضاً ، ذكرها ابنُ الأعرابي . وقال في عَبَأت الطِّيب :
والعَباءة : ضَربٌ من الأكسِية . وقياسُه صحيح؛ لأنَّه يشتمل على لابسه ويجمعُه . والله أعلم بالصواب .
عبّ : العين والباء أصل صحيح واحد يدلُّ على كثرة ومعظم في ماء وغيره . من ذلك العَبُّ ، وهو شُرب الماء من غير مصّ . يقال : عَبَّ في الإناء يَعُبُّ عَبّاً ، إذا شرب شُرباً عنيفاً . وفي الحديث : « اشربوا الماء مصّاً ولا تَعُبُّوه عَبّاً؛ فإنّ الكُبادَ من العَبِّ » . قال :
إذا يعُبُّ في الطَّوِيِّ هَرهَرا
ويقال : عَبَّ الغَرْب يَعُبّ عَبّاً ، إذا صوَّتَ عند غَرف الماء . والعُباب في السَّير : السُّرعة . قال الفرّاء : العُباب : معظَم السَّيل . ومن الباب اليَعبوب : الفرس الجواد الكثير الجري ، وقيل : الطَّويل ، وقيل : هو البعيد القَدْر في الجري . وأنشد :
واليعبوب : النّهر الكثير الماء الشّديد الجِرية . قال :
ويقولون : إنّ العَبْعَب من الرِّجال : الذي يُعَبْعِب في كلامه ويتكلَّم في حَلْقه . ويقال : ثوبٌ عَبْعَبٌ وعَبعاب؛ أَي واسِعٌ . قال : والعبعاب من الرِّجال : الطويل . والعَبعَب : كساء من أكسية الصوف ناعم دقيق . وأنشد :
مطارفَ الخَزّ فجرِّي واسحبي
وممّا شذّ عن هذا الباب العُبَب : شجرة تشبه الحَرمل إلاّ أنّها أطوَلُ في السّماء ، تخرج خيطاناً ، ولها سِنَفَة مثل سِنَفَة الحرمل ، وورقها كثيف . قال ابن مَيّادة :
وربّما قالوا إنّ العُبَّ الكُمُّ .
وممّا يقارب الباب الأوّلَ ولا يبعُد عن قياسه ، ما حكاه الخليل أنّ العبعب : نَعْمة الشَّباب . والعَبعَب من الشُّبان : التامّ .
عبث : العين والباء والثاء أصلٌ صحيحٌ واحد ، يدلُّ على الخَلط يقال : عَبَثَ الأَقِط ، وأنا أعبِثُه عَبْثاً ، وهو عبيث ، وهو يُخلَط ويجفَّف في الشَّمس . والعَبِيث : كلُّ خِلْط . ويقال : في هذا الوادي عَبِيثةٌ؛ أَي خِلْطٌ من حَيَّيْن .
وممّا قيسَ على هذا : العَبَث ، هو الفعل لا يُفعَل على استواء وخُلوص صواب . تقول : عَبِثَ يعبَث عَبَثاً ، وهو عابثٌ بما لا يَعْنيه وليس من بالِهِ ، وفي القرآن: ) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً( المؤمنون : 115؛ أَي لَعِباً . والقياس في ذلك كلّه واحد .
عبج : العين والباء والجيم ليس عند الخليل فيه شيء . وقد قيل العَبَجَة : الأحمق .
عبد : العين والباء والدال أصلانِ صحيحان ، كأنَّهما متضادّان ، و الأوّل من ذينك الأصلينِ يدلُّ على لِين وذُلّ ، والآخر على شِدّة وغِلَظ .
فالأوّل العَبد ، وهو المملوك ، والجماعةُ العبيدُ ، وثلاثةُ أعبد وهم العِبادُ . قال الخليل : إلاّ أنّ العامّة اجتمعوا على تفرقةِ ما بين عباد الله والعبيدِ المملوكين . يقال : هذا عبدٌ بيِّن العُبُودَة . ولم نسمَعْهم يشتقُّون منه فعلاً ، ولو اشتقّ لقيل عَبُد؛ أَي صار عبداً ، وأقرَّ بالعُبُودة ، ولكنّه أُمِيت الفعلُ فلم يُستعمل . قال : وأمّا عَبَدَ يَعبُد عبادةً فلا يقال إلاّ لمن يعبُد اللهَ تعالى . يقال منه عَبَد يعبُد عبادة ، وتعبَّد يتعبّد تعبّداً . فالمتعبِّد : المتفرِّد بالعبادة . واستعبدتُ فلاناً : اتخذتُه عبداً . وأمّا عَبْد في معنى خَدَم مولاه فلا يقال عبَدَه ، ولا يقال يعبُد مَولاه . وتعبَّدَ فلانٌ فلاناً ، إذا صيَّره كالعبد له وإن كان حُرّاً . قال :
ويقال : أعْبَدَ فلانٌ فلاناً؛ أَي جعله عبداً . ويقال للمشركين : عَبَدة الطّاغوتِ والأوثان ، وللمسلمين : عُبّادٌ يعبدون الله تعالى . وذكر بعضُهم : عابد وعَبَد ، كخادم وخَدَم . وتأنيثُ العَبْد عَبْدَةٌ ، كما يقال : مملوك ومملوكة . قال الخليل : والعِبِدَّاء : جماعة العَبِيد الذين وُلِدُوا في العُبودة .
ومن الباب البعير المعبَّد؛ أَي المهنُوء بالقَطِران . وهذا أيضاً يدلُّ على ما قلناه لأنّ ذلك يُذِلُّه ويَخفِض منه . قال طرفة :
والمعبّد : الذّلول ، يوصَف به البعير أيضاً .
ومن الباب : الطريق المُعَبَّد ، وهو المسلوك المذلَّل .
والأصل الآخَر العَبَدة ، وهي القُوّة والصّلابة؛ يقال هذا ثوبٌ له عَبَدة ، إذا كان صَفيقاً قويّاً . ومنه علقمة بن عَبَدَة ، بفتح الباء .
ومن هذا القياس العَبَد ، مثل الأنَف والحميّة . يقال : هو يَعْبَدُ لهذا الأمر . وفسِّر قوله تعالى : ) قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمـنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ( الزخرف : 81؛ أَي أوّلُ مَن غَضِبَ عَنْ هذا وأنِف من قولِه . وذُكر عن عليٍّ (عليه السلام) أنّه قال : « عَبِدتُ فصَمَتُّ »؛ أَي أنِفْتُ فسَكَتُّ . وقال :
وقال آخر :
وأعبَدُ أن تُهجَى كليبٌ بدارِمِ
أي آنف من ذلك وأغضبُ منه .
عبر : العين والباء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على النفوذ والمضيِّ في الشَّيء . يقال : عَبَرت النّهرَ عُبُوراً . وعَِبْر النهر : شَطُّه . ويقال : ناقةٌ عُبْرُ أسفار : لا يزال يُسافَرُ عليها . قال الطّرِمّاح :
والمَعْبَر : شطّ نهر هُيئ للعُبور . والمِعْبَر : سفينة يُعبَر عليها النّهر . ورجل عابرُ سبيل؛ أَي مارّ . قال الله تعالى: ) وَلاَ جُنُباً إلاّ عابِرِي سَبِيل( النساء: 43. ومن الباب العَبْرَة ، قال الخليل : عَبْرَة الدَّمع : جَرْيُه . قال : والدَّمع أيضاً نفسُه عَبْرَة . قال امرؤ القيس :
وهذا من القياس؛ لأنَّ الدّمع يعبُرُ؛ أَي ينفُذ ويَجري . والذي قاله الخليل صحيحٌ يدلُّ على صِحّة القياس الذي ذكرناه .
وقولهم : عَبِرَ فلانٌ يَعْبَرُ عَبَراً من الحزن ، وهو عَبْرانُ ، والمرأةُ عَبْرَى وعَبِرَةٌ ، لهذا لا يكون إلاّ وثَمَّ بكاء . ويقال : استَعْبَرَ ، إذا جَرَتْ عَبْرَتُه . ويقال من هذا : امرأةٌ عابر؛ أَي بها العَبَر . وقال :
فهذا الأصل الذي ذكرناه . ثمّ يقال لضرب من السدر عُبْرِيٌّ ، وإنّما يكون كذلك إذا نَبَتَ على شُطوط الأنهار . والشّطُّ يُعْبَرُ ويعبر إليه . قال العجّاج :
لاث بها الأشاءُ والعُبْرِيُّ
الأَشاء : الفَسِيل ، الواحدة أشاءة وقد ذكرناه . ويقال إنّ العُبْريّ لا يكون إلاّ طويلاً ، وما كان أصغَرَ منه فهو الضّالُ . قال ذو الرُّمّة :
ويقال : بل الضّالُ ما كان في البَرّ .
ومن الباب : عَبَرَ الرُّؤْيا يعبرها عَبْراً وعِبارة ، ويُعبِّرُها تعبيراً ، إذا فسَّرَها . ووجه القياس في هذا عُبُور النَّهْر؛ لأنَّه يصير من عَِبْر إلى عَِبْر . كذلك مفسِّر الرُّؤيا يأخُذُ بها من وجه إلى وجه ، كأن يُسأل عن الماء ، فيقول : حياة . ألا تراه قد عَبَر في هذا من شيء إلى شيء .
وممّا حُمِل على هذه : العِبارة ، قال الخليل : تقول : عَبَّرت عن فلان تعبيراً ، إذا عَيَّ بحُجّته فتكلَّمت بها عنه . وهذا قياسُ ما ذكرناه؛ لأنَّه لم يقدِر على النُّفوذ في كلامه فنفَذَ الآخَر بها عنه .
فأمّا الاعتبار والعِبْرة فعندنا مقيسانِ من عَِبْريِ النَّهر؛ لأنّ كلَّ واحد منهما عِبرٌ مساو لصاحبه فذاك عِبرٌ لهذا ، وهذا عِبرٌ لذاك . فإذا قلت اعتبرت الشَّيءَ ، فكأنّك نظرتَ إلى الشَّيء فجعلتَ ما يَعْنِيك عِبراً لذاك : فتساويا عندك . هذا عندنا اشتقاقُ الاعتبار . قال الله تعالى : ) فاعْتَبِرُوا يا أُولِي الاَْبْصارِ( الحشر : 2 ، كأنّه قال : انظروا إلى مَنْ فعل ما فَعل فعُوقِب بما عوقب به ، فتجنَّبوا مثلَ صنيعهم لئلاَّ ينزل بكم مثلُ ما نَزَل بأُولئك . ومن الدَّليل على صِحَّة هذا القياس الذي ذكرناه ، قولُ الخليل : عَبَّرت الدَّنانيرَ تعبيراً ، إذا وزَنْتَها ديناراً ديناراً . قال : والعِبرة : الاعتبارُ بما مضى .
وممّا شذَّ عن الأصل : المُعْبَر من الجِمال : الكثير الوَبر . والمُعْبَر من الغِلمان : الذي لم يُخْتَن . وما أدرِي ما وجهُ القياس في هذا . وقال في المُعْبَر الذي لم يُختَن بشرُ بن أبي خازم :
وارمُ العَفْل مُعْبَرُ
ومن هذا الشّاذّ : العبير ، قال قوم : هو الزَّعفران . وقال قوم : هي أخلاطُ طِيب . وقال الأعشَى :
عبس : العين والباء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تكرُّه في شيء . وأصله العَبَس : ما يَبِس على هُلْب الذَّنَب من بَعَْر وغيره ، وهو من الإبل كالوَذَحِ من الشّاء . قال أبو النَّجم :
وفي الحديث : «أنّه مرّ بإبل قد عَبَست في أبوالها» . وقال جرير يذكر راعية :
ثمّ اشتُقَّ من هذا : اليوم العَبُوس ، وهو الشديد الكَرِيه . واشتقّ منه عَبَسَ الرجل يَعْبِس عُبوساً ، وهو عابس الوجه : غضبان . وعبّاسٌ ، إذا كَثُر ذلك منه .
عبسر : العُبْسُورة والعُبْسُرة : النّاقة السريعة . قال :
والسين في ذلك زائدة ، وإنّما هو من ناقة عُبْر أسفار . وقد مرَّ تفسيره .
عبشم : من الشَّيءِ الذي كأَنَّه متَّفَقٌ عليه قولهم : عَبْشَميّ ، وقوله :
تَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ
عبط : العين والباء والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شِدّة تُصيبُ من غير استحقاق . وهذه عبارةٌ ذكرها الخليل ، وهي صحيحةٌ منقاسة . فالعَبْط : أن تُعبَط النّاقةُ صحيحةً من غير داء ولا كَسْر . قالوا : والعَبِيط : الطرِيُّ من كلِّ شيء . وهذا الذي ذكروهُ في الطريِّ توسُّعٌ منهم ، وإنّما الأصل ما ذكِر . يقال من الأوّل : عُبِطت النّاقةُ واعتُبِطت اعتباطاً ، إذا نُحِرت سمينةً فَتِيّةً من غير داء . قالوا : والرّجُل يَعبِط بنفسه في الحرب عَبْطاً ، إذا ألقاها فيها غير مُكْرَه . والرّجلُ يَعْبِط الأرضَ عَبْطاً ، إذا حفر فيها موضعاً لم يُحفَر قبلَ ذلك . قال مَرَّار :
ويقال : مات فلانُ عَبْطةً؛ أَي شابّاً سليماً . واعتبطَه الموت . قال أُميَّة :
ومن ذلك الدّم العَبِيط : الطرِيّ . قال الخليل ـ وهي العبارة التي قدَّمْنا ذكرها ـ : يقال عَبَطته الدَّواهي ، إذا نالته من غير استحقاق لذلك . قال حُمَيد :
والعَبِيطة : الشّاة أو النّاقة المعتَبَطة . قال الشّاعر :
الرِّقاق : الصِّغار من الإبل .
عبق : العين والباء والقاف أصل صحيح واحد ، وهو لزوم الشَّيء للشيء . من ذلك عَبِق الطيب به ، إذا لَصِق ولازَمَ . قال :
وقال طَرفة :