( )
ومن هذا الباب قولهم : ما بقي لهم عَبَقَة؛ أَي ما بقيت لهم بقيّةٌ من المال . والمعنى في ذلك البقيَّة من السَّمْن تبقى في النِّحْي قد عَبِقَت به . ويقولون : إنّ العَباقِية : شجرٌ له شَوك . وهذا إنْ حُمِل على القياس صَحَّ؛ لأنَّه يَعْلَق بالشَّيءِ ويُعْلَق به . ويُنشَد :
غَداةَ شُواحِط فنجَوْتَ شَدّاً
وَثوبُكَ في عباقية هَرِيدُ
وَثوبُكَ في عباقية هَرِيدُ
وَثوبُكَ في عباقية هَرِيدُ
ويقال : العَباقِيَةُ : بقيّة الطِّيب والدَّيْن ، وقد ذكرنا وجه قياسه .
ومن الباب العَباقية من الرِّجال . قال الخليل : العباقِيَة : الداهي المنكَر ، على وزن عَلانِيَة . وإنّما سمِّي بذلك لأنَّه تعلَّق كلَّ شيء . وقال :
أُتِيحَ لها عَباقيَةٌ سَرَنْدَى
جرِيُّ الصَّدرِ منبسطُ اليَمينِ
جرِيُّ الصَّدرِ منبسطُ اليَمينِ
جرِيُّ الصَّدرِ منبسطُ اليَمينِ
وقال الأصمعيّ : شانَه شيناً عَباقِيةً؛ أَي شيناً شديداً ، والأجود أن يقال شيناً لازماً لا يُفارِق . قال الكسائيّ : ويقال إنّ العباقية جُرح يُصِيب الرَّجُل في حُرِّ وجهه . وهذا صحيح؛ لأنَّه شينٌ باق يلازم .
عبك : العين والباء والكاف أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على ما يدلُّ عليه الذي قبله ، وليس ببعيد أن يكون من باب الإبدال . قال الخليل : ما ذقت عَبَكة ولا لَبَكةً . وقال ابن الأعرابيّ : يقال : ما أغنيتَ عنِّي عبكةً ولا لَبَكة أي شيئاً . وأصلُه قولهم الذي يَبقَى في النِّحْي من السَّمْن : عَبَكَة . وقد يقال ذلك للطِّينة من الوحل .
والصحيح في هذا الباب هذا ، وقد ذُكِرت فيه كلماتٌ عن أعراب مجهولين لا أصل لها فلذلك تركناها .
عبل : العين والباء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ضِخَم وامتداد وشِدّة . من ذلك العَبْلُ من الأجسام ، وهو الضَّخم . تقول : عَبُل يَعْبُل عَبالَة . قـال :
خبطناهمْ بكلِّ أرَحَّ لأم
كمِرْضاحِ النَّوى عَبْل وَقاحِ
كمِرْضاحِ النَّوى عَبْل وَقاحِ
كمِرْضاحِ النَّوى عَبْل وَقاحِ
الأرَحّ : الحافر الواسع .
ومن الباب الأَعْبَل ، وهو الحجر الصُّلب ذُو البياض . ويقال جبلٌ أعبلُ وصخرةٌ عَبْلاء . وقال أبو كبير الهذليّ يصف نابَ الذِّئبة :
أخرجتُ منها سِلْقةً مهزولةً
عجفاءَ يبرق نابُها كالأعبَلِ
عجفاءَ يبرق نابُها كالأعبَلِ
عجفاءَ يبرق نابُها كالأعبَلِ
ومنه قولهم : هو عَبْلُ الذِّراعين؛ أَي غليظُهما مدِيدُهما . ومنه : ألقى عليه عَبالَّته ؛ أَي ثِقْله . ومحتمل أن يكون العَبَل ، وهو ثمر الأَرْطى ، من هذا ، ولعلّ فيه امتداداً وطُولاً .
عبم : العين والباء والميم كلمة تدلُّ على غِلَظِ وجفاء . من ذلك العَبامُ وهو الرَّجُل الغليظ الخِلْقة في حُمْق . تقول : عَبُمَ يَعْبُمُ عَبامة . قال :
فأنكرتُ إنكارَ الكريم ولم أكن
كَفَدْم عَبام سِيلَ شيئاً فجمجما
كَفَدْم عَبام سِيلَ شيئاً فجمجما
كَفَدْم عَبام سِيلَ شيئاً فجمجما
ويقال : إنّ العَبام الماء الكثير ، فإن كان صحيحاً فهو قريبٌ ، وإلاّ فهو من الإبدال .
عبن : العين والباء والنون صحيحٌ ، فيه كلمةٌ واحدة . يقولون : إنّ العَبَنَّ : الجملُ الضَّخم الجسيم . ويقال العَبَنّ ويقال : العَبَنَّى ، والأُنثى عَبَنّاة . وكلُّ ذلك واحد . وربّما وصَفوا به الرّجل . وقال حُميدٌ في صفة بعير :
أمينٌ عَبَنُّ الخَلْقِ مختلِف الشَّبا
يقول المُمارِي طال ما كان مُقْرَما
يقول المُمارِي طال ما كان مُقْرَما
يقول المُمارِي طال ما كان مُقْرَما
عبهر : العَبْهَر : الضَّخم الخَلْقِ وكلُّ عظيم عَبْهْر . وامرأةٌ عبهرة . قال الأعشى :
عَبْهَرَة الخلق لُباخِيّة
تَزِينُه بالخُلُق الظّاهرِ
تَزِينُه بالخُلُق الظّاهرِ
تَزِينُه بالخُلُق الظّاهرِ
وهذا ممّا زيدت العينُ في أوّله ، وأصله من البَهْر؛ أَي إنّها تبهر بخَلْقها . وقد فسّرنا البَهْر .
عبهل : العَباهل : جمع العَبْهَل ، وهي الإبل التي أُهملت تَرِد كيف شاءت ، ومتى شاءت . قال :
عَباهل عَبْهَلها الوُرّاد
وبه شُبِّهت الملوكُ الذين لا فَوقَ يدِهم يدٌ . هذا ممّا زيدت فيه الباء ، والأصْل العَيْهَل والعَيْهَلة : التي لا تستقرّ . وقد فسَّرناه .
عتب : العين والتاء والباء أصلٌ صحيحٌ ، ويرجع كلّه إلى الأمر فيه بعضُ الصُّعوبة من كلام أو غيره . من ذلك العَتَبة ، وهي أسكُفَّة الباب ، وإنّما سمِّيت بذلك لارتفاعها عن المكان المطمئنّ السَّهل . وعَتَبات الدُّرْجة : مَراقيها ، كلُّ مِرقاة من الدُّرْجة عتَبة . ويشبّه بذلك العتَباتُ تكون في الجبال ، والواحدة عَتَبة ، وتجمع أيضاً على عَتَب . وكلُّ شيء جَسا وجفا فهو يشتقُّ له هذا اللفظ . يقال فيه عَتَبٌ إذا اعتراه ما يغيِّره عن الخُلوص . قال :
فما في حُسْن طاعتِنا
ولا في سَمْعِنا عَتَب
ولا في سَمْعِنا عَتَب
ولا في سَمْعِنا عَتَب
وقال في وصف سيف :
مُجرّبَ الوَقْعِ غيرَ ذي عَتَبِ
أي غير ملتو عن الضَّريبة ولا ناب عنها .
ويقولون : حُمِل فلانٌ على عَتَبة كريهة وعَتَب كريه من بلاء وشرّ . قال المتلمِّس :
يُعْلَى على العَتَب الكريهِ ويُوبَسُ
يقال للفَحل المعقول أو الظّالع إذا مَشَى على ثلاثِ قوائم كأنّه يَقفِز : عَتَب عَتَباناً . قال الخليل : وهذا تشبيهٌ ، كأنّه يمشي على عتبات الدّرجةِ فينزُو من عَتبة إلى عتبة . ويقال عتِّب لنا عَتبةً؛ أَي اتَّخذْها .
ومن الباب ، وهو القياسُ الصحيح : العَتْب : المَوْجِدة . تقول : عَتَبتُ على فلان عَتْباً ومَعْتَِبَة؛ أي وَجَدْت عليه . ثمّ يشتقّ منها فيقال : أعتَبَنِي؛ أَي ترك ما كنت أجد عليه ورجع إلى مَسَرَّتي ؛ وهو مُعْتِب راجعٌ عن الإساءة . وأنشد :
عتبتُ على جُمْل ولستُ بشامت
بجُمل وإن كانت بها النّعلُ زلَّتِ
بجُمل وإن كانت بها النّعلُ زلَّتِ
بجُمل وإن كانت بها النّعلُ زلَّتِ
ويقولون : أعطانِي العُتْبَى؛ أَي أعتَبَني . ولك العُتْبَى؛ أَي أعطيتك العتبى . والتعتُّب ، إذا قال هذا وهذا يَصِفان الموجِدة . وكذلك المعاتبة ، إذا لامك واستزادك قلت عاتِبْني . قال :
إذا ذهب العتابُ فليس حُبٌّ
ويبقى الحبُّ ما بقي العتابُ
ويبقى الحبُّ ما بقي العتابُ
ويبقى الحبُّ ما بقي العتابُ
ويقال للرّجُل إذا طَلب أنْ يُعتَب : قد استَعتَب . قال أبو الأسود :
فعاتبتُه ثمّ راجعته
عتاباً رقيقاً وقولاً أصيلا
عتاباً رقيقاً وقولاً أصيلا
عتاباً رقيقاً وقولاً أصيلا
فألفيتُه غيرَ مستعتب
ولا ذاكِرَ اللهَِ إلاّ قليلا
ولا ذاكِرَ اللهَِ إلاّ قليلا
ولا ذاكِرَ اللهَِ إلاّ قليلا
وقال بعضهم : ما رأيت عند فلان عُتْباناً ، إذا أردت أنّه أعتبك ولم تر لذلك بَياناً .
عتّ : العين والتاء أصلان : أحدهما صحيح يدلُّ على مراجعةِ كلام وخصام ، والآخر شيءٌ قد قيل من صفات الشُّبّان ، ولعلّهُ أن يكون صحيحاً .
فالأوّل ما حكاه الخليل عتّ يُعتّ عتّاً ، وذلك إذا ردَّدَ القولَ مرَّة بعد مرّة . وعَتَتُّ على فلان قولَه ، إذا ردَّدتَ عليه القولَ مرَّةً بعد مرَّة . ومنه التَّعتُّت في الكلام ، يقال : تَعَتَّتَ يعتَّت تعتُّتاً ، إذا لم يستمرّ فيه . وأنشد :
خليليَّ عُتّاً لي سُهَيْلة فانظرا
أجازعةٌ بعدي كما أنا جازعُ
أجازعةٌ بعدي كما أنا جازعُ
أجازعةٌ بعدي كما أنا جازعُ
يقول : رادَّاها الكلامَ . يقال : منه عاتَتْه أُعاتُّه معاتّةً . قال أبو عبيد : ما زِلت أُعاتُّ فلاناً وأُصاتُّه ، عِتاتاً وصِتاتاً ، وهما الخصومة . وأصل الصَّتْ الصَّدْم .
وأمّا الأصل الذي لَعلّه أن يكون صحيحاً فيقولون : إنّ العُتْعُت : الشّابّ . قال :
لمّا رَأتْه مُودَناً عِظْيَرّا
قالت أُريد العُتعت الذِّفِرَّا
قالت أُريد العُتعت الذِّفِرَّا
قالت أُريد العُتعت الذِّفِرَّا
الذّفِرّ : الطَّويل . والمُودَن والعِظْيَرّ : القصير . ويقولون : إنّ العُتعُت : الجدي .
عتد : العين والتاء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حضور وقُرب . قال الخليل : تقول عَتُدَ الشَّيءُ ، وهو يعتُد عَتاداً ، فهو عَتيدٌ حاضر . قال : ومن ذلك سمِّيت العتيدة : التي يكون يكون فيها الطِّيب والأدهان . ويقال للشَّيء المعْتَد : إنّه لعتيد ، وقد أعتَدْناه ، وهيّأناه لأمر إنْ حَزَب . وجمع العَتاد عُتُدٌ وأعْتِدة . قال النّابغة :
عَتادَ امرئ لا ينقُضُ البُعدُ هَمَّه
طَلُوبِ الأعادِي واضح غيرِ خاملِ
طَلُوبِ الأعادِي واضح غيرِ خاملِ
طَلُوبِ الأعادِي واضح غيرِ خاملِ
قال الخليل : يقولون هذا الفرس عَتَدٌ؛ أَي مُعَدّ متى شاء صاحبهُ رَكِبَه ، الذَّكرُ والأُنثى فيه سواء . قال سلامة بن جندل :
بكل مُحَنَّب كالسيِّدِ نَهْد
وكُلِّ طُوالة عَتَد مِزاقِ
وكُلِّ طُوالة عَتَد مِزاقِ
وكُلِّ طُوالة عَتَد مِزاقِ
فأمّا العَتُود فذكَرَ الخليلُ فيه قياساً صحيحاً ، وهو الذي بَلغ السِّفادَ . فإن كان كذا فكأنَّه شيءٌ أُعِدّ للسِّفاد ، والجمع عِدَّان على وزن فِعْلان ، وكان الأصل عِتْدان فأُدغمت التاء في الدال . قال الأخطل :
واذكر غُدانَةَ عِدّاناً مزَنَّمة
من الْحَبَلَّقِ تُبنَى حولَها الصِّيَرُ
من الْحَبَلَّقِ تُبنَى حولَها الصِّيَرُ
من الْحَبَلَّقِ تُبنَى حولَها الصِّيَرُ
عتر : العين والتاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنيين ، أحدهما الأصل والنِّصاب ، والآخر التفرُّق .
فالأوّل ما ذكره الخليل أنَّ عِتْرَ كلِّ شيء : نصابه . قال : وعِتْرَةُ المِسْحاةِ : خشبتها التي تسمَّى يَدَ المسحاة . قال : ومن ثَمَّ قيل : عترة فلان؛ أَي مَنْصِبه . وقال أيضاً : هم أقرباؤه ، مِن ولدِه وولدِ ولده وبني عمِّه . هذا قولُ الخليل في اشتقاق العِتْرَة ، وذكر غيرُه أنَّ القياسَ في العِترة ما نذكره من بعد .
والأصل الثاني : العِتْر ، قال قومٌ : هو الذي يقال له : « المَرْزَنْجُوش . قال : وهو لا ينبُت إلاّمتفرِّقاً . قال : وقياس عِترة الإنسان من هذا ، لأنّهم أقرباؤه متفرِّقي الأنساب ، هذا من أبيه وهذا من نسله كولده . وأنشد في العِتْر :
فما كنتُ أخشَى أن أُقِيمَ خِلافهم
لستّةِ أبيات كما ينبت العِتْرُ
لستّةِ أبيات كما ينبت العِتْرُ
لستّةِ أبيات كما ينبت العِتْرُ
فهذا يدلُّ على التفرُّق ، وهو وجهٌ جميل في قياس العِترة .
وممّا يُشبهه عِتْرُ المسك ، وهي حَصاةٌ تكون متفرِّقة فيه . ولعلَّ عِتْرُ المِسك أن تكون عربيَّة صحيحة فإنّها غير بعيدة ممّا ذكرناه ، ولم نسمَعها من عالم .
ومن هذا الأصل قولهم : عَتَرَ الرُّمحُ فهو يَعْتِرُ عَتْراً وعَتَراناً ، إذا اضطَرَبَ وترأَّدَ في اهتزاز . قال :
وكلّ خطّيٍّ إذا هُزَّ عَتَرْ
وإنّما قلنا إنّه من الباب لأنَّه إذا هُزّ خيّل أنّه تتفرّق أجزاؤه . وهذا مشاهَد ، فإن صحَّ ما تأوَّلْناه وإلاّ فهو من باب الإبدال يكون من عَسَل ، وتكون التاء بدلاً من السينِ والرَّاءُ بدلاً من اللام .
وممّا يصلح حملُه على هذا : العَتيرة؛ لأنّ دَمها يُعْتَر؛ أَي يُسالُ حتى يتفرَّق . قال الخليل : العاتر : الذي يَعْتِرُ شاةً فيذبحُها ، كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ، يذبحُها ثمّ يصبُّ دمَها على رأس الصَّنَم ، فتلك الشّاةُ هي العَتيرة والمعتورة ، والجمع عتائر . وكان بعضُهم يقول : العتير هو الصنم الذي تُعْتَرُ له العتائر في رجَب . وأنشد لِزُهير :
فَزَلَّ عنها وأوفَى رأسَ مَرقَبة
كمَنْصَبِ العِتْرِ دَمَّى رأسه النُّسُكُ
كمَنْصَبِ العِتْرِ دَمَّى رأسه النُّسُكُ
كمَنْصَبِ العِتْرِ دَمَّى رأسه النُّسُكُ
فإن كان صحيحاً هذا فهو من الباب الأوّل ، وقد أفصح الشاعر بقياسه حيث قال :
كمنصب العِتْرِ دَمَّى رأسَه النُّسكُ
عترس : العَتْرَسَة : الغلَبة و الأخذُ مِن فَوق . وجاء رجلٌ بغريم له إلى عمر فقال عمر : « أتُعَتْرِسُه »؛ أَي تغضبه وتَقْهَرُه . والعِتْرِيس من الغيلان : الذكر . ومنه العَنْتَريس : النّاقة الوثيقة ، وقد يوصَف به الفَرَس . وقال :
كلّ طِرْف موثّق عنتريس
مستطيل الأقرابِ والبُلعومِ
مستطيل الأقرابِ والبُلعومِ
مستطيل الأقرابِ والبُلعومِ
العنتريس : الدَّاهية . وهذا كلُّه ممّا زيدت فيه التاء ، وإنّما هو من عَرِس بالشّيء ، إذا لازمَه . والنون أيضاً زائدة في العنتريس .
عتق : العين والتاء والقاف أصل صحيح يجمع معنى الكرم خِلْقَةً وخُلُقاً ، ومعنى القِدَم . وما شذَّ من ذلك فقد ذُكِر على حدة .
قال الخليل : عَتَق العبد يَعْتِق عَتاقاً وعَتاقةً وعُتوقاً ، وأعتقه صاحبُه إعتاقاً . قال الأصمعيّ : عَتَق فلانٌ بعد استعلاج ، إذا صار رقيقَ الخِلْقة بعد ما كان جافياً . ويقال : حلف بالعَتاق ، وهو مولى عَتاقة . وصار العبد عتيقاً . ولا يقال عاتق في موضع عتيق إلاّ أن تنوي فعلهُ في قابل ، فتقول عاتقٌ غداً . وامرأة عتيقةٌ حُرَّةٌ من الأُمُوَّة . وامرأةٌ عتيقة أيضاً؛ أَي جميلة كريمة . وفرس عتيق : رائع بيِّن العِتْق ، وثوب ناعمٌ عتيق . والعتيق أيضاً : الكريم من كلِّ شيء . وقد عَتَق وعَتُق ، إذا أتَى عليه زمن .
قال الخليل : جاريةٌ عاتق؛ أَي شابّة أوّلَ ما أدركت . قال ابنُ الأعرابيِّ : إنّما سمِّيت عاتقاً لأنّها عَتَقت من الصِّبا وبلغت أنْ تَدَرَّع . قالوا : والجوارح من الطير عِتاقٌ لأنّها تصيد ولا تصاد ، فهي أكرمُ الطَّير ، وكأنّها عتَقت أن تُصاد ، وذلك كالبازِي وما أشبهه . قال لبيد :
فانتضَلْنا وابنُ سلمى قاعدٌ
كعَتيق الطَّيرِ يُغضِي ويُجَلّْ
كعَتيق الطَّيرِ يُغضِي ويُجَلّْ
كعَتيق الطَّيرِ يُغضِي ويُجَلّْ
قال أبو عبيد : أعتقت المالَ فعَتق؛ أَي أصلحتُه فصَلَح . ويقال : عَتَقت الفرسُ ، إذا سَبَقت .
قال الأصمعيّ : وكنت بالمِرْبد فأُجرِيَ فَرَسان ، فقال أعرابيّ : هذا أوان عَتَقت الشَّقْراء؛ أَي سبقت . ويقال : فلانٌ مِعتاقُ الوَسِيقة ، إذا طرد طريدةً أنجاها وسَلِمَ بها . ويقال : ما أبْيَنَ العِتْق في وجه فلان؛ أَي الكرم .
قال الخليل : البيت العتيق : الكعبة؛ لأنَّه أوّلُ بيت وُضِع للنّاس . قال الله تعالى : ) ولْيَطَّوَّفُوا بالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ( الحج : 29 . ويقال : سمِّي بذلك لأنَّه أُعتِق من الغَرَق أيّامَ الطوفان فرُفع . ويقال أُعتِق من الحبشة عامَ الفيل . ويقال : أُعتِقَ من أنْ يدَّعِيَه أحدٌ فهو بيتُ الله تعالى .
قال أبو عبيدة : من أمثالهم : « لولا عِتْقُه لقد بلى » ، يقال ذلك للرّجل إذا ثَبَتَ ودام . وقال الخليل : العاتق من الطَّير فوقَ النّاهض . وقال الأصمعيّ : يقال أخذ فرْخ قطاة عاتقاً ، إذا استقلَّ وطار . ونرى أنّه من عَتَقت الفرسُ .
قال أبو حاتم : طيرٌ عاتِق ، إذا كان فوقَ النّاهض ، لأنَّه قد خرج عن حد الزقّ . فأمّا العاتق من الزِّقاق فهو الواسع الجيِّد ، وهذا على معنى التَّشبيه بالشيء الكريم . قال لبيد :
أُغلِي السِّباءَ بكلِّ أدكَنَ عاتق
أو جَونة قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها
أو جَونة قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها
أو جَونة قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها
وقال الخليل : شرابٌ عاتقٌ؛ أَي عتيق . قال أبو زُبَيد :
لا تَبعدَنَّ إداوةٌ مطروحة
كانت زماناً للشَّراب العاتق
كانت زماناً للشَّراب العاتق
كانت زماناً للشَّراب العاتق
ويقال للبِئر القديمة عاتقة . والخمر العتيقة : التي عُتّقَت زماناً حتى عَتَقت . قال الأعشى :
وسبيئة ممّا تُعَتِّقُ بابلٌ
كدمَ الذَّبيحِ سلبتُها جِريالَها
كدمَ الذَّبيحِ سلبتُها جِريالَها
كدمَ الذَّبيحِ سلبتُها جِريالَها
قال بعضهم : العاتق في وصف الخمر التي لم تُفَضَّ ولم تُبزَل ، ذَهَبَ إلى الجارية العاتق التي لم تَبِنْ عن أبويها . ويقال : بل الخمر العاتق من القِدم ، وكلُّ شيء تقادَمَ فهو عاتق وعتيق . قال ابنُ الأعرابيّ : كلُّ شيء بلغ إناهُ فقد عَتَق ، وسمِّي العبدُ عتيقاً لأنَّهُ بلغَ غايَته . فأمّا قولُ عنترة :
كَذَبَ العتيقُ وماءُ شَنٍّ باردٌ
إن كنتِ سائلتِي غَبوقاً فاذهَبِي
إن كنتِ سائلتِي غَبوقاً فاذهَبِي
إن كنتِ سائلتِي غَبوقاً فاذهَبِي
فقال قوم : إنَّه نوعٌ من التَّمر العتيق . ومعنى كَذَب؛ أَي عليك بهذا النَّوع . ويقال بل العتيق : الماء؛ وسمِّيَ بذلك لأنَّه أجلُّ الأشربة ، وفيه الحياة .
ومن القِدَم الذي ذكرناه قولُهم : عَتُقَتْ عليه يمينٌ؛ أَي قَدُمَت ووجَبَت . قال :
عليَّ أَلِيَّةٌ عتقَتْ قديماً
فليس لها وإن طُلِبت مَرامُ
فليس لها وإن طُلِبت مَرامُ
فليس لها وإن طُلِبت مَرامُ
ويقال لكلِّ كريم عتيق .
وممّا شذَّ عن هذا الأصل : عاتقا الإنسان ، وهما ما بين المَنكِبَين والعُنق ، والجمع العواتق . ويقال العاتق يذكَّر ويؤنَّث . وقال الأصمعيُّ : يقال فلانٌ أمْيَل العاتق إذا كان موضعُ الرداء منه معوَّجاً . وقال في تأنيث العاتق :
لا صُلحَ بيني فاعلمُوه ولا
بينكم ما حَمَلَتْ عاتقي
بينكم ما حَمَلَتْ عاتقي
بينكم ما حَمَلَتْ عاتقي
سَيفي وما كُنّا بنجد وما
قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشّاهقِ
قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشّاهقِ
قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشّاهقِ
قال ابن الأعرابيّ : العاتق : القَوس التي تغيَّر لونها واسودَّت ، وهذا أيضاً من القِدَم راجعٌ إلى الباب الأوّل .
عتك : العين والتاء والكاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قريب من الذي قبله ، وليس ببعيد أن يكونَ من باب الإبدال ، وهو من الإقدام والقِدَم .
قال الخليلُ وغيره : عَتَك فلانٌ بفلان ، إذا أقْدَمَ عليه ضرباً لا يُنهنِهُه شيء . قال الأصمعيّ : هو أن يَحمِلَ عليه حملةَ أخْذ وبَطْش . قال الخليل : عَتَكَ الرّجُل يَعْتِك عَتْكاً وعُتُوكاً ، إذا ذَهَب في الأرض . والقوس العاتكة طالَ عليها العهدُ حتَّى احمرَّت . قال الهذليّ :
وصَفراء البُرايةِ عُودِ نَبْع
كوَقْف العاجِ عاتكة
كوَقْف العاجِ عاتكة
كوَقْف العاجِ عاتكة