كتاب الغين
غبّ : الغين والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على زمان وفَترة فيه . من ذلك الغِبُّ ، هو أن تَرِدَ الإبلُ يوماً وتدع يوماً . والمغبَّبة : الشاة تُحلَب يوماً وتُتركُ يوماً . وأغبَبْتُ الزِّيارة من الغِبِّ أيضاً . ومنه أيضاً قولُهم : غبَّبَ في الأمر إذا لم يُبالِغْ فيه ، كأنَّه زِيدَتْ فترة أوقَعَها فيه .
ومن الباب قولهم : « رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغُِبّ » ، وذلك أن يُتركَ إنشادُه حتَّى يأتيَ عليه وقت . ويقولون : غَبَّ الأمرُ ، إذا بلغ آخِرَه . ولحمٌ غابٌّ ، إذا لم يُؤكَلْ لوَقْتِه ، بل تُرِك وقتاً وفَتْرةً .
غبث : الغين والباء والثاء ليس بشيء . وذكروا عن الفَرّاء أنَّه قال : غَبَثَت الأقط مثل عَبَثْته .
غبر : الغين والباء والراء أصلانِ صحيحان ، أحدُهما يدلّ على البقاء ، والآخرُ على لون من الألوان .
فالأوَّل غَبَر ، إذا بَقِيَ . قال الله تعالى : ) إِلاَّ امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الغابِرِينَ ( العنكبوت : 33 ويقال بالنّاقة غُبْر؛ أَي بقيَّة . وبِهِ غُبَّرٌ من مرض؛ أَي بقِيَّة . قال ابن مُقبِل أو غيرُه :
فإن سألَتْ عَنِّي سُليمَى فقلْ لها
به غُبَّرٌ من دائه وهو صالحُ
به غُبَّرٌ من دائه وهو صالحُ
به غُبَّرٌ من دائه وهو صالحُ
ومن الباب : عِرْقٌ غَبِر؛ أَي لا يزال ينتقض ، كأنَّ به أبداً غُبَّراً . وتغبَّرَت المرأةُ الشَّيْخَ : أخذَتْ بقيَّةَ مائه .
والأصل الآخر الغُبار سمِّي لغُبْرته . وهي لونُه . والأغْبر : كل لون لونُ غُبار . وقول طرفة :
رأيتُ بنِي غَبْراءَ لا يُنكِرونني
ولا أهلُ هذاكَ الطِّرافِ الممدَّدِ
ولا أهلُ هذاكَ الطِّرافِ الممدَّدِ
ولا أهلُ هذاكَ الطِّرافِ الممدَّدِ
فبَنِي غَبراءَ المَحاوِيجُ الفُقَراء ، وذلك أنَّهم مغبرَّةٌ ألوانُهم ، وهم أهلُ المَتْرَبَة . والغَبْراء : الأرض . والغُبَيراء : نبيذ الذُّرَة ، ولعلَّ في لونه غُبْرة .
فأمّا داهيةُ الغَبَر ، فهو عندي من هذا الباب ، ويراد أنَّها غبراءُ؛ أَي مُظْلِمة مشبِّهة لا يُرَى وَجْهُ المأْتي لها .
وممّا شذَّ عن هذين الأصلين ما حكاهُ ابن السّكّيت : أَغْبَرَتُ في طلَب الحاجة : جَدَدْتُ .
غبس : الغين والباء والسين كلمةٌ تدلُّ على لون من الألوان . قالوا : الغُبْسَة : لونٌ كلون الرَّماد . ويقال فرسٌ أَغْبَسُ . قال بعضهم : هو الذي يقال له : « سَمَنْد » . فأمّا قولُهم : لا أفْعَله ما غَبا غُبَيسٌ » فهو الدَّهر . قال ابنُ الأعرابيّ : ما أدرِي ما أصْلُه .
غبش : الغين والباء والشين كلمةٌ تدلُّ على ظلْمة وإظلام . من ذلك الغَبَش : شدَّة الظُّلمة . وأَغْباشُ اللَّيل ظُلَمُه . قال ذو الرُّمّة :
أغْباشَ ليلِ تَمام كانَ طارَقَه
تَطَخْطُخُ الغَيمِ حتَّى ما لَه جُوَبُ
تَطَخْطُخُ الغَيمِ حتَّى ما لَه جُوَبُ
تَطَخْطُخُ الغَيمِ حتَّى ما لَه جُوَبُ
قال أبو عبيد : الغَبَش : البقيّة من اللَّيْل ، وجمعه أغباش .
غبط : الغين والباء والطاء أصلٌ صحيحٌ له ثلاثة وجوه : أحدها دوامُ الشَّيءِ ولزومُه ، والآخَر الجَسُّ ، والآخَر نوعٌ من الحَسَد .
فالأوّل قولهم : أَغْبَطَتْ عليه الحُمَّى؛ أَي دامَت . وأغبَطْتُ الرَّحْلَ على ظَهر البَعِيرِ ، إذا أدمْتَه عليه ولم تَحُطَّه عنه . ولذلك سُمِّي الرَّحْل غَبيطاً ، والجمع غُبُط . قال الحارثُ بن وَعْلة :
أم هل تركتَ نساء الحيّ ضاحيَةً
في قاعة الدَّارِ يستوقدون بالغُبُطِ
في قاعة الدَّارِ يستوقدون بالغُبُطِ
في قاعة الدَّارِ يستوقدون بالغُبُطِ
ومن هذا الغِبْطة : حُسْن الحالِ ودوامُ المَسَرَّة والخَيْر .
والأصل الآخر الغَبْط ، يقال : غبَطْتُ الشّاةَ ، إذا جسستَها بيدك تنظر بها سِمَنٌ . قال :
إنِّي وأَتْيِي بُجَيْراً حينَ أسألُه
كالغابِطِ الكلبَ يرجو الطِّرْق في الذَّنَبِ
كالغابِطِ الكلبَ يرجو الطِّرْق في الذَّنَبِ
كالغابِطِ الكلبَ يرجو الطِّرْق في الذَّنَبِ
ومن هذا الباب : الغَبِيط : أرضٌ مطمئنّة ، كأنّها غُبِطَتْ حتّى اطمأَنَّت .
والثالث الغَبْط ، وهو حَسَدٌ يقال إنّه غيرُ مذموم ، لأنَّه يَتمنَّى ولا يُريد زوالَ النِّعمة عن غيره ، والْحَسَدُ بخلاف هذا . وفي الدعاء : « اللّهمّ غَبْطاً لا هَبْطاً » ، ومعناه اللّهمّ نَسْأَلُك أن نُغبَط ولا نهْبَطَ؛ أَي لا نُحَطّ .
غبق : الغين والباء والقاف كلمةٌ واحدة ، وهي الغَبُوق : شُرب العشيّ . يقال : غَبَقْتُ القوْمَ غَبْقاً ، واغْتَبَق اغتباقاً .
غبن : الغين والباء والنون كلمةٌ تدُلُّ على ضَعف واهتضام . يقال : غبِنَ الرّجُل في بَيعه ، فهو يُغْبَنُ غَبْناً ، وذلك إذا اهتُضم فيه . وغَبنَ في رأيه ، وذلك إذا ضَعُف رأيُه . والقياسُ في الكلمتين واحد . والغَبِينة من الغَبْن كالشَّتيمة من الشَّتم . والمَغابِن : الأرفاغ ، سمِّيَتْ بذلك للينها وضَعْفها عن قوّةِ غيرها .
غبى : الغين والباء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تستُّرِ شيء حتّى لا يُهتدَى له . من ذلك الغَبْية وهي الزُّبْية ، وسمِّيت لأنَّ المَصِيدَ جهِلَها حتّى وقَعَ فيها . ومنه : غَبِيَ فلانٌ غَباوةً ، إذا كان قليلَ الفِطْنَةِ ، وهو غَبِيّ . وغَبِيتُ عن الخَبَر ، إذا جهلتَه . ويقال : جاءت غَبْية من مَطَر ، وذلك إذا جاءت بظُلْمَة واشتداد وتكاثُف .
غتّ : الغين والتاء ليس بشيء ، إنّما هو إبدال تاء من طاء . تقول : غَطَطْتُه وغَتَتُّه . ومنه شيءٌ يجرِي مَجرى الْحِكاية . يقال غَتَّ في الضَّحِك ، إذا ضَحِكَ في خفاء . وغَتَّ : أَتْبَعَ القولَ القولَ ، أو الشُّربَ الشُّرب .
غتم : الغين والتاء والميم أصلٌ يدلُّ على انفلاق في الشَّيء وانسداد . من ذلك الغُتْمة ، وهي العُجْمة في المَنْطِق . ويقال للأخْذ بالنَّفْس : الغَتْم . ويقال للرَّجُل إذا مات : « ورَدَ حِياضَ غُتَيْم » ، وهو ذلك القياسُ لأنَّه يأتي بيته مسدوداً .
غثّ : الغين والثاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَساد في الشَّيء . من ذلك قولُهم : لبِسْتُ فلاناً على غَثيثة فيه؛ أَي فَسادِ عقل ورأي . والغَثيثةَ : المِدَّة في الجُرح . ومن ذلك اللَّحم الغَثُّ : ليس بالسّمين . ويقولون : أغَثَّ الحِدِيثُ؛ أَي صار غثّاً فاسداً . قال :
خَوْد بُغِثُّ الحديثُ ما صَمَتَتْ
وهو بفيها ذو لَذّة طَرِفُ
وهو بفيها ذو لَذّة طَرِفُ
وهو بفيها ذو لَذّة طَرِفُ
ويقال : فلانٌ لا يَغِثُّ عليه شيءٌ؛ أَي لا يمتنع من شيء ، حتَّى الغثُّ عِندَه سمين .
وأمّا الغَثغَثَة فتجري مَجرى الحكاية ، يقال : غَثْغَثْتُ الثَّوبَ ، إذا غسلتَه وردَّدْتَه في يديك . ويقال : إنّ الغَثْغَثةَ : القِتالُ الضَّعيف بلا سلاح ، شُبِّه بغَثْغثة الثَّوب حين يُغْسَل .
غثر : الغين والثاء والراء أُصَيْلٌ يدلُّ على تجمُّع من ناس غير كرام . يقولون : الغَثْراء : سَفِلَة النّاس ، وجماعتُهمْ غَيْثَرة؛ وأصله من الأغثَر ، وهو الطُّحْلُبَ المجتمع . والأغْثَر من الأكسية : ما كثُر صُوفُه .
غثم : الغين والثاء والميم كلمتانِ متباينتانِ . فالأغثم من الشَّعَْر : ما غلَبَ بياضُه سوادَه . قال :
إمّا تَرَيْ دهراً عَلاَني أغْثَمُهْ
والكلمة الأُخرى : غَثَمْتُ له من مالي : أعطيتُه .
غثمر : المُغَثْمَرُ ، وهو الثَّوْب الخشنُ الرَّديءُ النَّسْج . قال :
عَمْداً كسوتُ مُرْهِباً مُغَثْمَرَاً
ولو أشاءُ حِكْتُهُ مُحَبَّرَا
ولو أشاءُ حِكْتُهُ مُحَبَّرَا
ولو أشاءُ حِكْتُهُ مُحَبَّرَا
يقول : ألبستُهُ المغَثْمَرَ لأدفع به عنه العينَ . وهذه منحوتةٌ من كلمتين : من غَثمَ وغَثَرَ . أمّا غَثَرَ فمن الغُثْر ، وهو كلُّ شيء دُون . وأمّا غَثَمَ فمن الأغثم : المختلط السَّواد بالبياض .
غثى : الغين والثاء والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعِ شيء دَنِيٍّ فوق شيء . من ذلك الغُثاء : غُثاء السَّيْل . يقال : غثا الوادِي يغثو ، وأغثى يُغْثِي أيضاً . قال :
كأنَّ طَمِيَّةَ المُجَيْمِرِ غُدْوَةً
من السَّيْل والإغْثاءِ فَِلْكَةُ مِغْزَلِ
من السَّيْل والإغْثاءِ فَِلْكَةُ مِغْزَلِ
من السَّيْل والإغْثاءِ فَِلْكَةُ مِغْزَلِ
ويروى : « والغُثّاء » . ويقال لسَفِلة النّاس : الغُثاء ، تشبيهاً بالذي ذكرناه ومن الباب : غَثَتْ نَفسُه تَغْثِي ، كأنَّها جاشت بشيء مؤذ .
غدّ : الغين والدال كلمةٌ ، وهي الغُدَّة في اللَّحم ، معروفة . قال الرّاجز :
فهَبْ له حليلةً مِغدادا
قالوا : هي الدَّائمة الغَضَب ، كأنَّ في حَلْقها غـدّة .
غدر : الغين والدال والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تَرك الشَّيء . من ذلك الغَدْر : نَقْضُ العَهْد وتَرْك الوفاءِ به . يقال : غَدَر يَغْدِرُ غَدْراً . ويقولون في الذَّمِّ : يا غُدَرُ ، وفي الجمع : يالَ غُدَرَ . ويقال : ليلةٌ غَدِرَةٌ : بيِّنَة الغَدَر ، أي مُظْلمة . وقيل لها ذلك لأنّها تُغادِرُ النّاسَ في بيوتهم فلا يَخْرُجُون من شدَّة ظُلْمتها . والغَدير : مُستنقَع ماء المطر ، وسمِّي بذلك لأنّ السَّيل غادَرَه ، أي ترَكَه . ومن الباب غَدِرَتِ الشّاة ، إذا تخلَّفَتْ عن الغَنم . فإنْ تَرَكها الرَّاعي فهي غَدِيرة . والغَدَر : الموضِع الظَّلِفُ الكثير الحِجارة . وسمِّي بذلك لأنّه لا يكاد يُسْلَك ، فهو قد غودر ، أي تُرِك . ويقال : رجل ثَبْتُ الغَدَر؛ أَي ثابتٌ في كلام وقتال . وهذا مشتقٌّ من الكلمة التي قبله؛ أَي إنّه لا يبالي أن يسلُكَ الموضعَ الصَّعبَ الذي غادَرَهُ الناسُ من صُعوبته . والغَدائر : عقائصُ الشَّعر ، لأنَّها تُعْقَص وتُغْدَر؛ أَي تُتْرَك كذلك زماناً . قال :
غدائرُهُ مستَشْزِراتٌ إلى العُلى
تَضِلُّ العِقاصُ في مُثَنّىً وَمُرْسَلِ
تَضِلُّ العِقاصُ في مُثَنّىً وَمُرْسَلِ
تَضِلُّ العِقاصُ في مُثَنّىً وَمُرْسَلِ
غدف : الغين والدال والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَتْر وتغطية . يقال : أغدَفَتِ المرأة قِناعَها : أرسلَتْه . قال :
إن تُغْدِفي دوني القِناعَ فإنَّني
طبٌّ يأَخْذِ الفارسِ المستلئِمِ
طبٌّ يأَخْذِ الفارسِ المستلئِمِ
طبٌّ يأَخْذِ الفارسِ المستلئِمِ
وأغْدَف اللَّيْلُ : أرْخَى سُدولَه . وأمّا الغُراب الضَّخم فإنَّه يُسمَّى غُدافاً ، وهذا تشبيه بإغداف اللَّيل : إظْلامِه .
غدق : الغين والدال والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غُزْر وكثرة ونَعْمَة . من ذلك الغَدَق ، وهو الغَزير الكثير . قال الله تعالى : ) لاََسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً( الجن : 16 . والغَدَق والغَيْداق : النّاعم من كلِّ شيء . ويقال : غَدِقت عين الماء تَغْدَق غَدَقاً . والغَيْداق : الرَّجلُ الكريم الخُلُق . وزعَم ناسٌ أَنَّ الضبَّ يسمَّى غَيداقاً ، ولعلّ ذلك لا يكون إلاّ لسِمَن ونَعْمة فيه .
غدن : الغين والدال والنون أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على لِين واسترسال وفَتْرَة . من ذلك المُغْدَوْدِن : الشَّعَْر الطَّويل الناعم المسترسل . قال حسّان :
وقامت تُرائيكَ مُغْدَوْدناً
إذا ما تنوءُ به آدَها
إذا ما تنوءُ به آدَها
إذا ما تنوءُ به آدَها
والشَّبابُ الغُدانيُّ : الغَضُّ . قال :
بعد غُدانيِّ الشَّباب الأبْلَهِ
وأصلُ ذلك كلّه من الغَدَن ، وهو الاسترخاء والفَتْرَة .
غدو : الغين والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على زمان . من ذلك الغُدُوّ ، يقال غدا يغدو . والغُدْوة والغَداة ، وجمع الغُدوة غُدىً ، وجمع الغَداة غَدَوات . والغادية : سحابةٌ تنشَأ صَباحاً . وأفعلُ ذلك غداً . والأصل غَدْواً . قال :
بها حيث حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ
والغَداء : الطّعام بعينه ، سمِّي بذلك لأنَّه يُؤكَل في ذلك الزمان .
غذّ : الغين والذال كلمةٌ ، وهي إغذاذ السَّير . وذلك ألا يكونَ فيه وَنْيَةٌ ولا فَتْرَة . ومنه : غَذَّ الجُرْحُ وأغذَّ ، إذا بَرَأَ ولم يسكُنْ نَداه ، فهو يَنْدَى أبداً .
غذم : الغين والذال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جنس من الأكل والشُّرب . من ذلك : الغَذْم : الأكل بجفاء وشِدّة . ويقال : اغتَذَم الفصيل ما في ضَرْع أُمِّه ، إذا شرِبَه كُلَّه .
غذمر : الغَذْمَرَة ، يقال : إنَّه رُكوب الأمرِ على غير تثبُّت . وقد يكون في الكلامِ المختلطِ . وهذه منحوتةٌ من كلمتين : من غَذَم وذَمَر . أمّا الغَذْم فقد قلنا إنَّه الأكل بجفاء وشِدَّة . ويقولون : كيلٌ غُذامِرٌ ، إذا كان هَيْلاً كثيراً . وأمّا الذَّمْر فمن ذَمَرته ، إذا أغضبتَه . كأنَّه غَذُوم ذَمَر . ثمّ نحتت من الكلمتين كلمةٌ .
غذى : الغين والذال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شيء من المأكل ، وعلى جنس من الحركة .
فأمّا المأكل فالغِذاء ، وهو الطَّعام والشَّراب . وغَذِيُّ المالِ وغَذَوِيُّه : صِغاره ، كالسِّخال ونحوها . وسمِّي غَذَوِيّاً لأنَّه يُغْذَى .
وأمّا الآخر فالغَذَوانُ : النَّشيط من الخَيل ، سمِّي لشبابه وحركته . ويقال غَذَّى البَعيرُ ببوله يُغَذِّي ، إذا رَمَى به متقطِّعاً . وغَذا العِرْق يغذو؛ أَي يَسيل دماً . قال :
وطَعن كفم الزّقِّ
غَذا والزِّقُّ ملآنُ
غَذا والزِّقُّ ملآنُ
غَذا والزِّقُّ ملآنُ
غرب : الغين والراء والباء أصلٌ صحيحٌ ، وكَلِمُهُ غير منقاسة لكنَّها متجانسة ، فلذلك كتَبْناه على جهته من غير طلب لقياسه .
فالغَرْب : حَدُّ الشَّيء . يقال : هذا غَرْبُ السَّيف . ويقولون : كفَفْتُ من غَرْبه؛ أَي أكْلَلْتُ حَدَّه . وقولهم : استَغْرَب الرّجُل ، إذا بالَغَ في الضَّحِك ، ممكنٌ أن يكون من هذا ، كأنَّهُ بلغ آخِرَ حدِّ الضَّحِك . والغَرْب : الدَّلو العظيمة . والغَرْبانِ من العين : مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها . وغُروب الأسنان : ماؤُها . فأمّا الغُروب فَمَجارِي العَين . قال :
ما لَكَ لا تذكُرُ أُمَّ عمرِو
إلاّ لعينَيْك غَروبٌ تَجْرِي
إلاّ لعينَيْك غَروبٌ تَجْرِي
إلاّ لعينَيْك غَروبٌ تَجْرِي
والغَرْب أيضاً بسكون الراء ، في قولهم : أتاهُ سَهْمٌ غَرْب ، إذا لم يُدْرَ مَن رماه به .
وأمّا الغَرَب بفتح الراء ، فيقال : إنّ الغَرَبَ : الرَّاوية . والغَرَب : ما انصبَّ من الماء عند البئر فتغيَّرَتْ رائحتُه . قال ذو الرُّمّة :
واسْتُنْشِئَ الغَرَبُ
والغَرْب : شَجَر . ويقولون ـ والله أعلَمُ بصحّته ـ : إنّ الغَرَب : إناءٌ من ذهب أو فِضَّة . ويُنشِدون :
فدعْدَعا سُرَّةَ الرَّكيِّ كَما
دَعْدَعَ ساقِي الأعاجم الغَرَبا
دَعْدَعَ ساقِي الأعاجم الغَرَبا
دَعْدَعَ ساقِي الأعاجم الغَرَبا
والغَرْب : الوَرَم في المَأْق ، يقال : منه غَرِبَت العينُ غَرَباً . والغَرْب : عرْقٌ يَسقِي ولا يَنقطِع . والغُرْبة : البُعد عن الوطن ، يقال : غَرَبَت الدَّار . ومن هذا الباب : غُروب الشَّمس ، كأنَّه بُعْدُها عن وجه الأرض . وشَأْوٌ مُغَرَّـِ بٌ ؛ أَي بعيد . قـال :
أعْهَدَكَ مِن أُولَى الشَّبيبةِ تطلبُ
على دُبُر هيهاتَ شَأْوٌ مغرَّـِ بُ
على دُبُر هيهاتَ شَأْوٌ مغرَّـِ بُ
على دُبُر هيهاتَ شَأْوٌ مغرَّـِ بُ
ويقولون : « هل من مُغَرِّبةِ خَبَر » ، يريدون خبراً أتَى من بُعد .
وفي كتاب الخليل : « إذا أمْعَنَت الكلابُ في طلب الصَّيد قيل : غرَّبَت » . وفيه نظر .
والغارب : أعلى الظَّهر والسَّنام . يقال : ألْقَى حبلَه على غاربه ، إذا خلاَّه . والغُراب معروف . والغُرابانِ : نُقرتانِ عند صَلَوَى العَجُز من الفَرَس . والغُراب : رأس الفأس : ورِجْل الغُراب : نوعٌ من الصَّرِّ . قال الكميت :
صُرَّ رِجْلَ الغُرابِ
والغِرْبيب : الأسود ، كأنّه مشتقٌّ من لون الغُراب . والمُغْرَب : الأبيض الأشفار من كلِّ شيء . والغَرْبيّ : الفضيخ من البُسْر يُنْبَذ . والغَرْبيُّ : صِبْغٌ أحمر .
غرث : الغين والراء والثاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الجُوع . والغَرَث : الجوع . ورجلٌ غَرْثانُ . ويستعيرون هذا فيقولون : جاريةٌ غَرْثَى الوِشاح ، لأنَّها دقيقةُ الخَصْرِ لا يُملاَ وِشاحُها ، وكأنَّ وِشاحَها غَرثان .
غرد : الغين والراء والدال كلمتان : إحداهما صوت ، والأُخرى نبت . فالأُولى : غرَّد الطّائر في صوته يُغَرِّد تغريداً . والكلمة الأُخرى : الغَرْدَ : الكمأة ، الواحدة غَرَْدة . والمَغاريد : نبتٌ ، الواحدة مُغْرود ، وزعموا أنَّها هي الكمأة أيضاً .
غردق : ممّا وُضع وضعاً وليس ببعيد أن يكون له قياس غَرْدَقْتُ السِّتْرَ : أرسلتُه .
غرّ : الغين والراء أُصولٌ ثلاثةٌ صحيحة : الأوّل المِثالِ ، والثاني النقصان ، والثالث العِتْق والبَياضُ والكرَم .
فالأوّل : الغِرار : المِثال الذي يُطبَع عليه السِّهام . ويقال : وَلَدَتْ فلانة أولادَها على غرار واحد؛ أَي جاءت بهم واحداً بعد واحد على مِثال واحد . وأصل هذا الغَرُّ ، وهو الكَسْرُ في الثَّوب . يقال : اطوِ الثَّوْبَ على غَرِّهِ؛ أَي كَسرِهِ ومِثالِه الأوَّل . والغُرَّة : سُنَّة الإنسان ، وهي وجهه ، ثمّ يعبَّر عن الجسم كلِّه به . من ذلك : « في الجنين غُرَّةٌ : عبدٌ أو أمَةٌ »؛ أَي عليه في دِيَته نَسَمَةٌ : عبدٌ أو أَمَة . قال :
كلُّ قتيل في كُليب غرَّهْ
حتَّى يَنال القتلَُ آلَُ مُرَّهْ
حتَّى يَنال القتلَُ آلَُ مُرَّهْ
حتَّى يَنال القتلَُ آلَُ مُرَّهْ
ومن الباب : الغَرِير ، وهو الضَّمين ، يقال : أنا غريرُك من فلان؛ أَي كفيلُك . وإنّما سمِّيَ غريراً لأنَّه مِثالُ المضمونِ عنه ، يؤخذ بالمال مثلَ ما يؤخذ المضمون عنه . ومحتملٌ أن يكون غِرارُ السَّيف ، وهو حدُّه ، من هذا . وكلُّ شيء له حَدٌّ فَحَدُّه غِرارٌ؛ لأنَّه شيء إليه انتهى طَبْعُ السَّيف ومثالُه .