كتاب الذال
ذأب : الذال والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على قِلّةِ استقرار ، وألاّ يكونَ للشَّيء في حركته جهةٌ واحدة. من ذلك الذِّئب ، سمِّي بذلك لتذَؤُّبِه من غير جهة واحدة. ويقال : ذُئِبَ الرّجُل ، إذا وقَع في غنَمه الذئب. ويقال : تذأَّبت الرِّيح : أتت من كلّ جانب. وأرض مَذْأَبَةٌ : كثيرة الذئاب. وذَؤُب الرّجُل ، إذا صار ذئباً خبيثاً. وجمع الذِّئب أذؤبٌ وذِئاب وذُؤبَانٌ . ويقال : تذاءبْتُ النّاقَة تذاؤُباً ، على تفاعلْتُ ، إذا ظأرتَها على ولدها فَتَشَبَّهْتَ لها بالذئب ، ليكون أرأَمَ لها عليه. وقال قومٌ : الإذْآب : الفِرار. وأُنشِد :
إنّي إذا ما ليثُ قوم أذْأبا
وسقَطَتْ نَخْوتُهُ وهَرَبا
هذا أصل الباب ، ثمّ يشبَّه الشَّيءُ بالذِّئب. فالذِّئبة من القَتَب : ما تحت مُلْتَقى الحِنْوَين ، وهو يقع على المِنْسَج.
ذأر : الذال والهمزة والراء أصلٌ واحد يدلُّ على تجنُّب وتَقَال . يقولون : ذَئِرْتُ الشَّيءَ؛ أَي كرهتُه وانصرفتُ عنه. وفي الحديث : « أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمّا نَهَى عن ضَرْب النساء ذَئِر النِّساءُ علَى أَزْواجِهنَّ » ، يعني نَفَرْن ونَشَزْنَ واجترَأْنَ. وقال الشّاعر :
ولقد أتانَا عن تميم أنَّهمُ
ذَئِرُوا لِقَتْلَى عامر وتغَضَّبُوا
ويقال : ناقةٌ مُذائِرٌ ، وهي التي ترْأم بأنْفِها ولا يصدُق حُبُّها. ويقال : بل هي التي تَنفِر عن الولد ساعَةَ تضعُه. وقوله : « ذئروا القَتْلَى » يعني نفروا وأنكروا ، ويقال : أنِفُوا.
ذأل : الذال والهمزة واللام أصلٌ يقِلُّ كَلِمُهُ ، ولكنّه منقاسٌ يدلُّ على سُرعة. يقال : ذَأَلَ يَذْأَلُ ، إذا مَشَى بسُرعة ومَيْس. فإِنْ كان في انخزال قيل يَذؤُل. ومن ذلك سمِّي الذِّئْب ذُؤالة.
ذأم : الذال والهمزة والميم أصلٌ يدلُّ على كراهَة وعَيب. يقال : أذْأمْتَنِي على كذا؛ أَي أكرَهْتَني عليه. ويقولون : ذأمْتُه؛ أَي حَقَرْتُه. والذّأْم العَيب ، وهو مذؤومٌ. فأمّا الذَّانُ بالنون ، فليس أصلاً ، لأنَّ النونَ فيه مبدلة من ميم. قال :
ردَدْنا الكتيبةَ مَلمومةً
بها أَفْنُها وبها ذانُها
ذأى : الذال والهمزة والحرف المعتلّ يدلُّ على ضرب من السَّير. يقال : ذَأَى يَذْأَى ذَأْياً. ويقال : الذَّأْوُ : السَّوق الشَّديد.
ذبّ : الذال والباء في المضاعف أُصولٌ ثلاثة : أحدها طُوَيئرٌ ، ثمّ يُحمَل عليه ويشبَّه به غيرُه ، والآخَر الحَدُّ والحِدّة ، والثالث الاضطرابُ والحرَكة.
فالأوّل الذُّباب ، معروف ، وواحدته ذُبابة ، وجمع الجمع أذِبّة. وممّا يشبّه به ويُحمَل عليه ذُباب العَين : إنسانُها. ويقال : ذَبَبْتُ عنه ، إذا دفَعْتَ عنه ، كأنّك طردت عنه الذُّباب التي يتأذّى به. وقول النابغة :
ضَرَّابَة بالمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ
فهو جمع ذُباب. والمذبوبُ من الإبل : الذي يدخل الذباب منخره. والمذبوب : الأحمق ، كأنّه شُبِّه بالجمل المذبوب.
وأمّا الحَدُّ فذُبَاب أسنانِ البعير : حَدُّها. قال الشاعر :
وتَسْمَعُ للذُّباب إذا تَغَنَّى
كتَغريد الحمامِ على الغُصُونِ
وذُباب السَّيف : حَدُّه.
والأصل الثالث : الذَّبذَبة : نَوْس الشَّيءِ المعلَّق في الهواء. والرجل المذَبْذَب : المتردِّد بين أمرين. والذَّبْذَبُ : الذَّكَر؛ لأنَّه يتذَبْذَب أي يتردَّد. والذَّباذِبُ : أشياء تُعلَّق في هَودَج أو رأس بعير. والذَّبُّ : الثَّور الوحشيّ ، ويسمَّى ذَبّ الرِّياد. قال ابنُ مقبل :
يُمشِّي بها ذَبُّ الرِّيادِ كأنَّه
فَتىً فارسيٌّ ذُو سِوَارَيْنِ رَامحُ
وقالوا : سُمِّيَ ذبَّ الرِّياد لأنَّه يجيء ويذهب ، لا يثبُت في موضع واحد.
ومن هذا الأصل الثالث قولُهم : ذَبَّت شفَتُه ، إذا ذَبَلَُتْ من العطَش. وأنشد :
هُمُ سَقَوْنِي عَلَلاً بَعْدَ نَهَلْ
مِنْ بَعْدِ ما ذَبَّ اللِّسانُ وذَبَُلْ
ويقال : ذَبَّ النَّبْت ، إذا ذَوَى. وذَبّ جِسمُه؛ أَي هَزُل.
ومن الاضطراب والحركة قولهم : ذبَّبْنا ليلتَنا؛ أَي أتعبْنا في السَّير. ولا ينالون الماءَ إلاّ بقَرَب مذبِّب؛ أَي مُسْرِع. قال :
مُذَبِّبَةً أضَرَّ بها بُكُورِي
وتَهْجيرِي إذا اليَعفُورُ قالا
وقال :
يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إثْرِه
وأَمْكَنَه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ
والله أعلم بالصّواب.
ذبح : الذال والباء والحاء أصلٌ واحد ، وهو يدلُّ على الشّقّ. فالذَّبح : مصدر ذبَحْت الشّاةَ ذبحاً. والذِّبح : المذبوح. والذُّبَّاح : شُقوقٌ في أُصول الأصابع. ويقال : ذُبِحَ الدَّنُّ ، إذا بُزِلَ. والمذابح : سيولٌ صغار تشقُّ الأرض شقّاً. وسعدٌ الذّابحُ : أَحد السُّعود . والذِّبَح : نبتٌ ، ولعلّه أن يكون شاذّاً من الأصل.
ذبل : الذال والباء واللام أصلٌ واحد يدلّ على ضُمْر في الشَّيء.
ذحق : الذال والحاء والقاف ليس أصلاً. وربَّما قالوا : ذَحقَ اللسان ، إذا انقشر من داء يُصِيبُه.
ذحل : الذال والحاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على مقابلة بِمِثْل الجِناية ، يقال : طَلَبَ بذَحْلِه.
والله أعلم.
ذخر : الذال والخاء والراء يدلُّ على إحرازِ شيء يحفظه. يقال : ذَخَرْتُ الشَّيءَ أذْخَرُه ذَخْراً. فإذا قلت افتعلت من ذلك قلت ادّخرتُ. ومن الباب المذاخِر ، وهو اسمٌ يجمع جَوفَ الإنسان وعُروقَه. قال منظور :
فلمَّا سقيناها العَكِيس تملاََّتْ
مَذاخِرُها وازداد رَشْحاً وريدُها
ويقولون : ملأ البَعيرُ مَذاخِرَه؛ أَي جوفَه. والإذْخِرُ ، ليس من الباب : نبتٌ.
ذرأ : الذال والراء والهمزة أصلان : أحدهما لونٌ إلى البياض ، والآخر كالشَّيء يُبذَرُ ويُزْرَع.
فالأوّل الذُّرْأة ، وهو البياضُ من شَيب وغيره. ومنه ملح ذَرَآنِيٌّ وذَرْآنيّ. والذُّرْأة : البياض.ورجل أذرَأُ : أشيب. والمرأة ذَرْآء. وقال الشّيبانيّ : شَعْرَةٌ ذَرْآءُ ، على وزن ذرعاء؛ أَي بيضاء. والفِعل منه ذَرِئَ يَذْرَأُ. ويقال : إنّ الذَّرْآءَ من الغنم : البَيضاء الأُذُن.
والأصل الآخر : قولهم : ذَرَأْنا الأرضَ؛ أَي بذَرْناها. وزرعٌ ذرِيءٌ ، على فعيل. وأنشد :
شقَقْت القلبَ ثمّ ذرَأْتِ فِيهِ
هَواكِ فِليمَ فالتَامَ الفُطُورُ
ومن هذا الباب : ذرَأَ اللهُ الخَلْق يذرؤُهُم. قال الله تعالى : ) يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ ( الشورى : 11.
وممّا شذّ عن الباب قولهم : أذْرَأْتُ فلاناً بكذا : أوْلَعْتُه به. وحُكِيَ عن ابن الأعرابيّ : ما بيني وبينه ذَرْءٌ؛ أَي حائلٌ.
ذرب : الذال والراء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الصَّلاح في تصرُّفه ، مِن إقدام وجرأة على ما لا ينبغي. فالذَّرَبُ : فسادُ المَعدة. قال أبو زيد : في لِسانِ فلان ذَرَبٌ ، وهو الفُحْش. وأنشد :
أرِحْنِي واستَرِحْ مِنِّي فإنِّي
ثَقِيلٌ مَحْمَلِي ذَرِبٌ لِسانِي
وحكَى ابنُ الأعرابيّ : الذَّرَبُ : الصَّدَأُ الذي يكونُ في السَّيفِ. ويقال : ذَرِبَ الجُرحُ ، إذا كان يزدادُ اتِّساعاً ولا يَقبلُ دواءً. قال :
أنت الطبيبُ لأدْواء القلوب إذا
خِيفَ المُطَاوِلُ من أدوائِها الذّرِبُ
وبقيت في الباب كلمةٌ ليس ببعيد قياسُها عن سائر ما ذكرناه؛ لأنّها لا تدلُّ على صلاح ، وهي الذَّرَبَيّا ، وهي الدَّاهية. يقال : رماه بالذَّرَبَيَّا. قال الكميت :
رمانِيَ بالآفاتِ مِن كلِّ جانِب
وبِالذَّرَبَيَّا مُرْدُ فِهْر وشِيبُها
ذرح : الذال والراء والحاء معظَمُ بابِهِ أصلٌ واحد ، وهو تفريق الشَّيء على الشَّيء يكسُوه صِبْغاً . يقال : ذَرَّحْتُ الزّعفرانَ في الماء ، إذا جعلت فيه شيئاً منه يسيراً. ثمّ يقال : أحْمَرُ ذَرِيحِيٌّ ، كأنَّ الحُمْرَة ذُرِّحتْ عليه. والذَّرِيح : فحل ينسب إليه الإبل. وممكنٌ أن يكون ذلك للونه ، كما يقال أحمر . قال :
من الذَّرِيحيّاتِ ضَخْماً آرِكا
والذَّرائِحُ : الهِضابُ ، واحِدتُها ذَريحَة. وقد يمكن أن تُسمَّى للَوْنها. قال الله عزّوجلّ : ) وَمِنَ الجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وحُمْرٌ ( فاطر : 27.
ومن الباب أيضاً : الذَّرَارِيح ، واحدتها ذُرُّوحَةٌ وذُرَّاحَةٌ وذُرَحْرَحة . يقال : ذَرّحَ طعامَه ، إذا جعل فيه ذلك. وحكى ناسٌ عَسَلٌ مُذَرَّحٌ ، أُكْثِر عليه الماء.
والله أعلم بالصّواب.
ذرّ : الذال والراء المشدّدة أصلٌ واحد يدلُّ على لطافة وانتشار. ومن ذلك الذَّرُّ : صِغار النَّمل ، الواحدة ذَرّةٌ. وذَرَرْتُ المِلْحَ والدّواءَ. والذرِيرة معروفة ، وكلُّ ذلك قياسٌ واحد.
ومن الباب : ذرّت الشّمْسُ ذُروراً ، إذا طَلَعَتْ ، وهو ضوءٌ لطيفٌ منتشر. وذلك قولُهم : « لا أفعله ما ذَرَّ شارقٌ » ، وما ذَرّ قرنُ الشّمْس. وحكى عن أبي زيد : ذَرّ البَقْلُ ، إذا طَلَعَ من الأرض. وهو من الباب؛ لأنَّه يكون حينئذ صُغَاراً منتشِراً. فأمَّا قولُهم : ذَارَّتِ النّاقةُ وهي مُذَارٌّ ، إذا ساء خُلُقها ، فقد قيل إنَّه كذا مثقّل. فإن كان صحيحاً فهو شاذٌّ عن الأصل الذي أصَّلناه. إلاّ أنّ الحطيئة قال :
ذَارَتْ بأَنْفها
مخفّفاً. وأراه الصحيح ، ويكون حينئذ من ذئِرت ، إذا تغضَّبت ، فيكون على تخفيف الهمزة. إلاّ أنّ أبا زيد قال : في نفسِ فُلان ذِرارٌ؛ أَي إعراضٌ غَضَباً ، كذِرار النّاقة. وهذا يدلُّ على القول الأوّل. والله أعلم.
ذرع : الذال والراء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتداد وتحرُّك إلى قُدُم ، ثمّ ترجع الفروعُ إلى هذا الأصل. فالذِّراع ذِراع الإنسان ، معروفة. والذَّرع : مصدر ذَرَعْتُ الثَّوبَ والحائطَ وغيرَه. ثمّ يقال : ضاق بهذا الأمر ذَرْعاً ، إذا تكلَّفَ أكثَرَ ممّا يطيق فَعَجَز. ويقال : ذَرَعَهُ القَيء : سبقَه. ومَذَارِعُ الدَّابة : قوائمها ، والواحد مِذْراع. وتَذَرّعَتِ الإبلُ الماءَ : خاضت بأذْرُعها . ومَذَارع الأرض : نواحيها ، كأنَّ كلَّ ناحية منها كالذِّراع. ويقال : ذَرَعْتُ البعير : وَطِئْتُ على ذِراعه ليركَبَ صاحبي. وتذَرَّعَتِ المرأةُ الخُوصَ ، إذا تنقَّتْه ، وذلك أنّها تُمِرّه مع ذراعها. قال :
تذرُّعُ خِرصان بأيدِي الشَّواطبِ
والذَّريعة : ناقةٌ يتَسَتَّر بها الرّامِي يرمي الصَّيد. وذلك أنَّه يتذرّع معها ماشياً.
ومن الباب : تذرَّعَ الرّجُل في كلامه. والإِذْراع : كثرةُ الكلام. وفرس ذَريعٌ : واسع الخَطْو بَيِّن الذَّرَاعَة. وقوائِمُ ذَرِعاتٌ : خفيفات. والذِّراعان : نجمان ، يقال : هما ذِراعا الأسد. ويقال للمرأة الخفيفة اليدِ بالغَزْل : ذَِرَاع. قاله الكِسائيّ. ويقال : ثورٌ مذرَّع ، إذا كان في أذرعِهِ لُمَعٌ سُودٌ. ومطرٌ مذرِّع ، وهو الذي إذا حُفِرَ عنه بلغ من الأرض قدر ذِراع. والمذرَّع من الرّجال : الذي يكون أُمُّه عربيّة وأبوه خسيساً غيرَ عربيّ. وإنَّما سُمِّي مذرَّعاً بالرَّقْمَتينِ في ذِراع البغل؛ لأنّهما أتَتَا من قِبَل الحِمار.ويقال للرجل تَعِدهُ أمراً حاضراً : هو لَكَ مِنِّي على حَبْل الذِّراع. ويقال لصَدْر القناة ذِراع العامل. والذِّراعان : هَضَبَتَانِ . قال :
إلى مَشْرَب بينَ الذِّراعَين بارِدِ
والمَذَارع : ما قرُب من الأمصار ، مثل القادسيّة من الكوفة. والمَذارع من النَّخل : القريبة من البيوت. وزقٌّ مِذْرَاعٌ ؛ أَي طويل ضَخْم. ويقال : ذَرَّعَ لي فلانٌ شيئاً من خَبَر؛ أَي خَبَّرَني. ويقال : ذرّع الرجل في سَعْيِهِ ، إذا عدا فاستعانَ بيديه وحرَّكهما. ويقال للبَشير إذا أومَأَ بيده : قد ذَرّع البَشيرُ. وهو علامةُ البُِشارة.
ذرف : الذال والراء والفاء ثلاثُ كلمات ، لا ينقاس. فالأُولى ذَرَفَت العينُ دمْعَها. وذَرَفَ الدّمعُ يَذْرِف ذَرْفاً. ومَذَارف العَينِ : مدامعها. والثانية ذَرَفَ يَذْرِفُ ذَرَفَاناً ، وذلك إذا مشَى مَشْياً ضعيفاً. والثالثة ذرّف على المئة؛ أَي زادَ عليها.
ذرق : الذال والراء والقاف ليس بشيء. أمّا الذي لِلطائر فأصله الزاء ، وقد ذكر في بابه. والذَّرَق : نبْت ، يقال : أذرقَتَ الأرضُ ، إذا أنبَتَتْهُ.
ذرو : الذال والراء والحرف المعتلّ أصلان : أحدهما الشَّيءُ يُشرِف على الشَّيء ويُظِلّه ، والآخر الشَّيء يتساقط متفرّقاً.
فالذُِّروة : أعْلَى السَّنامِ وغيره ، والجمع ذُرىً. والذَّرَا : كلُّ شيء استترْتَ به. تقول : أنا في ظِلِّ فُلان؛ أَي ذَرَاه. والمِذْرَوَانِ : أطراف الأَلْيتَينِ؛ لأنّهما يُشرفان على ما بينهما.
وأمّا الآخر فيقول : ذَرَا نابُ الجَمَل ، إذا انكسَرَ حدُّه. قال أوسٌ :
إذا مُقْرَمٌ منَّا ذَرا حَدُّ نابِهِ
تخمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ
ومن الباب ذَرَت الرِّيحُ الشَّيءَ تَذْرُوه. والذَّرَا : اسمٌ لما ذَرَتْهُ الرِّيح. ويقال : أذْرَت العينُ دمْعَها تُذْريه. وأَذْرَيْتُ الرّجُلَ عن فرَسه : رميتُه. ويقال : إنّ الذَّرَى اسمٌ لما صُبّ من الدّمع.
ومن الباب قولُهم : بلغَنِي عنه ذَرْوٌ مِن قول ، وذلك ما يُساقِطُه من أطراف كلامه غيرَ متكامِل.
ذعر : الذال والعين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على فَزَع ، وهو الذُّعر. يقال : ذُعِر الرّجُل فهو مذعور. والذَّعور من الإبل : التي إذا مُسَّت غارَّتْ . وامرأةٌ ذَعُورٌ : تُذْعَر من الرِّيَبة. قال :
تَنُولُ بمعروف الحَديث وإنْ تُرِدْ
سِوى ذَاكَ تُذْعَرْ منك وهي ذَعُورُ
ذعط : الذال والعين والطاء كلمةٌ واحدةٌ. يقال : ذعطه ، إذا ذَبَحه. وذَعطَتْه المنِيّة : قتلَتْه. قال الشاعر :
إذا بلغُوا مِصْرهم عُوجِلوا
من الموت بالهِمْيَعِ الذَّاعطِ
وقريب من هذا الذال والعين والتّاء؛ فإنّهم يقولون : ذَعَته يذَعَتُه ، إذا خنقَه.
ذعّ : الذال والعين في المطابق أصلٌ واحد يدلُّ على تفريق الشَّيء. يقال : ذعْذعت الرِّيحُ الشَّيءَ إذا فرّقَتْه ، فتذعْذع؛ أَي تفرّق. قال النابغة :
تُذَعْذِعُها مُذَعْذِعَةٌ حَنُونُ
ويقال : إنّ الذَُّعَاع الفُرْجة بين النَّخْلة والنَّخلةِ ، في شعر طَرَفَة ، على اختلاف فيه؛ فقد قال بعضُهم إنّه بالدّال ، وقد مضى ذِكْرُه .
وحكى ابنُ دريد : ذَعْذَع السِّرَّ : أذاعَه. والذعاع : الفِرَقُ من الناس ، الواحدةُ ذَعاعة.
ذعف : الذال والعين والفاء كلمةٌ واحدةٌ : الذُّعَاف : السمُّ القاتل. طعام مذعوف. وذُعِف الرَّجُل : سُقِي ذلك.
ذعق : الذال والعين والقاف ، ليس أصلاً ولا فيه لغة ، لكنّ الخليلَ زعم أنَّ الذُّعاف لغة في الذُّعاق ، ثمّ قال : ما أَدْرِي أَلغة هي أم لُثْغَةٌ. وكان ابنُ دريد يقول : الذُّعاق كالزُّعاق ، وهو الصِّياح. يقال : ذَعَق وزعَق ، إذا صاحَ ، بمعنىً.
ذعلب : ما زاد على ثلاثة أحرُف كلماتٌ يسيرةٌ تدلّ على انطلاق وذَهاب ، وأمرها في الاشتقاقِ خفيٌّ جدّاً فلذلك لم نعرِضْ لذِكْره. فالذَِّعْلِبَة : النّاقةُ السريعة. يقال : تذَعْلَبَتْ تذعلُباً. واذلَولَت اذْلِيلاءً ، وهو انطلاقٌ في استِخفاء. ويقال : إنّ الذِّعْلِبَة النّعامة ، وبها شُبِّهت النّاقة. والذَّعالب : قِطَع الخِرق ، وهي قولُه :
مُنْسَرِحاً إلاّ ذَعالِيبَ الخِرَقْ
واذْلَعَبَّ الجَملُ في سيره اذْلِعْباباً ، وهو قريبٌ من الذي قبلَه. والله أعلم بالصَّواب.
ذعن : الذال والعين والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الإصحاب والانقياد. يقال : أذعَنَ الرّجُل ، إذا انقاد ، يُذْعِن إذعاناً. وبناؤه ذَعَنَ ، إلاّ أنَّ استعماله أَذْعَنَ. ويقال : ناقةٌ مِذعانٌ : سَلِسَة الرأس منقادة.
ذفر : الذال والفاء والراء كلمةٌ تدلُّ على رائحة. يقولون : الذَّفَرُ : حِدَّةُ الرائحةِ الطَّيِّبةِ. ويقولونَ : مِسْكٌ أَذْفَرُ. ويقولون : رَوضةٌ ذَفِرةٌ : لها رائحةٌ طيِّبةٌ. والذَّفْراءُ : بقلةٌ. فأمّا الذِّفْرَى فهو الموضع الذي يَعرقُ من قَفَا البعير. ولابدّ أن تكون لذلك المكانِ رائحةٌ. والذِّفِرُّ : البعير القويّ ذلك الموضعُ منه ، ثمَّ استُعِير ذلك فقيل له في الإنسان أيضاً ذِفْرَى. قال :
والقُرط في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ
تباعَدَ الحبْلُ عنه فهو مضطربُ
ذفّ : الذال والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على خِفّة وسُرعة. فالذَّفِيف إِتباعٌ للخفيف. ويقال : الذَّفيف السَّريع. ومنه يقال : ذفَّفْتُ على الجريح ، إذا أسرعتَ قَتْلَه. واشتقاق « ذُفافَة » منه. ويقال للماء القليل ذُفافٌ ، ومياهٌ أذِفَّةٌ.
وحُكي عن الأعرابيّ : الذَّفُّ : القتل. واستَذَفَّ الأمر : استقامَ وتهيَّأَ. ويقال الذَِّفَاف : الشَّيء اليسير من كلِّ شيء. يقولون : ما ذُقْتُ ذَِفافاً؛ أَي أدْنَى ما يؤكل. قال أبو ذُؤيب :
يقولون لما جُشَّت البِئْرُ أَوْرِدُوا
وليسَ بها أدنَى ذِفاف لوارِدِ
يقول : ليس بها شيءٌ.
ذفل : الذال والفاء واللام ليس أصلاً. على أنّهم يقولون إنّ الذَِّفْل : القَطِرانُ. ويُنشِدون لابن مقبل :
تَمَشَّى به الظِّلْمانُ كالدُّهم قارَفَتْ
بزَيْت الرُّهاءِ الجَوْنِ والذِّفْلِ طاليَا
والله أعلم.
ذقن : الذال والقاف والنون كلمةٌ واحدةٌ إليها يرجع سائرُ ما يشتقّ من الباب. فالذَّقَنُ ذَقَن الإنسان وغيرِه : مَجمَع لَحْيَيه. ويقال : ناقةٌ ذَقُونٌ : تحرِّك رأسَها إذا سارت. والذّاقنة : طَرَف الحلقومِ الناتئُ. وهو في حديث عائشة : « تُوفِّيَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) بين سَحْرِي ونَحْري وحاقِنَتِي وذاقِنَتِي ». وتقول : ذَقَنْتُ الرّجل أَذْقُنُه ، إذا دفَعْتَ بجُمْع كفِّك في لِهْزمَتِه. ودَلْوٌ ذَقونٌ ، إذا لم تكُنْ مستويةً ، بل تكون ضخمةً مائلة.