والغِمْر : الْحِقد في الصَّدر ، وسمِّي لأنَّ الصَّدرَ يَنطوِي عليه . يقال : غَمِرَ عليه صدرُه . والغِمْر : العَطَش ، وهو مشبَّه بالغِمْر الذي هو الحِقد ، والجمع الأغمار . قال :
حَتَّى إذا ما بلَّتِ الأغماراً
ومن الباب غَمَرُ اللَّحم ، وهو رائحتُه تَبْقَى في اليد ، كأنَّها تغطِّي اليد . فأمّا الغُمَر فهو القَدَح الصَّغير ، وليس ببعيد أن يكون من قياسِ الباب ، كأنَّ الماءَ القليلَ يَغمُره . ويجوز أن يكون شاذّاً عن ذلك الأصل . قال :
غمز : الغين والميم والزاء أصلٌ صحيحٌ ، وهو كالنَّخْس في الشَّيء بشيء ، ثمّ يُستعار . من ذلك : غَمَزْتُ الشَّيءَ بيدي غمزاً . ثمّ يقال : غمزَ ، إذا عاب وذَكَر بغير الجميل . والمَغامز : المعايب . وفي عقل فلان غَمِيزةٌ ، كأنَّه يُستضعَف . وممّا يستعار : غَمَزَ بجفنه : أشار . ومنه : غَمَزَ الدابةُ من رجله ، كأنّه يغمز الأرضَ برجله .
غمس : الغين والميم والسين أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على غَطِّ الشَّيء . يقال : غَمَست الثَّوبَ واليدَ في الماء ، إذا غططتَه فيه . وفي الحديث : « إذا استيقَظَ أحدُكم من نومه فلا يَغمِسْ يَدَه في الإناء » . والغَمِير تحتَ اليَبيس يُقال له : الغَمِيس .
ومن الباب الغَمِيس ، وهو مَسِيلٌ صغيرٌ بين مجامع الشَّجر . والمُغامَسَة : رَمْي الرّجلُ نفسَه في سِطَة الحرب . ويمينٌ غَموسٌ قال قوم : معناه أنّها تَغمِس صاحبَها في الإثم . وقال قومٌ : الغَمُوس : النافذة . والمعنيان وإن اختلفا فالقياسُ واحد ، لأنّها إذا نفذت فقد انغمست . قال :
ويقال للأمر الشديد الذي يغُطّ الإنسانَ بشدّته : غَموس . قال :
غمص : الغين والميم والصاد أُصَيْلٌ يدلُّ على حقارة . يقال : غَمَصت الشَّيءَ ، إذا احتقرته . وفي الحديث : « إنّما ذلك مَنْ غَمَصَ النّاسَ »؛ أَي حَقَرَهم . والغَمَصُ في العين كالرَّمَصِ . ومنه : الشِّعرَى الغُمَيْصاء ، كأنَّها ليس لها ضوءُ العَبُور ، فهي الغُميصاء كالعين التي بها غَمَص .
غمض : الغين والميم والضاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تطامُن في الشَّيء وتداخُل . فالغَمْض : ما تطامَنَ من الأرض ، وجمعه غُموض . ثمّ يقال : غَمَض الشَّيءُ من العِلم وغيرِه ، فهو غامض . ودارٌ غامضةٌ ، إذا لم تكن شارعةً بارزة . ونسبٌ غامضٌ : لا يُعَرف . وغمّض عينه وأغمَضَها بمعنىً . وهو قياس الباب . ويقال : ما ذُقْتُ غُمْضاً من النَّوم ولا غَِماضاً؛ أَي كقدر ما تُغمَض فيه العين . ويقال : أغْمِضْ لي فيما بِعتَني ، كأنَّك تزيدُ الزِّيادةَ منه لرداءته والحطَّ من ثمنه . وهو أيضاً من إغماض العَين؛ أَي اتركْه كأنَّك لا تراه . والمغَمِّضات : الذُّنوب يركبها الرَّجلُ وهو يَعرِفها لكنّه يغمّض عنها كأنّه لم يَرَها . ويقال : غُمِّضَت النّاقةُ ، إذا رُدَّت عن الحَوض فحَمَلَت على الذَّائد مَغَمِّضة عينَيْها فورَدَتْ . قال أبو النجم :
يُرسِلُها التَّغميضُ إن لم تُرسَلِ
وأغْمَضْت حدَّ السَّيف ، إذا رقّقته؛ أَي كأنَّك لرقَّته أخفيتَه عن العُيون .
غمط : الغين والميم والطاء كلمةٌ واحدة . يقال : غَمَطَ النِّعمة : احتقرها . وغَمَطَ النّاسَ : احتقرهم . فأمّا قولهم : أَغمَطت عليه الحُمَّى ، إذا لزِمَتْهُ ودامت عليه ، فليس من هذا ، لأنَّ الميم فيه بدلٌ من باء ، الأصل أغبَطَت . وقد ذُكِرَ .
غمق : الغين والميم والقاف كلمةٌ واحدة ، وهي الغَمَق : كثْرة النَّدى . يقال أرضٌ غَمِقَةٌ ، ونباتٌ غمق . وليلةٌ غَمِقَة : لِثقة .
غمل : الغين والميم واللام أُصَيْلٌ يدلُّ على ضِيق في الشَّيء وغُموض . يقال لِما ضاقَ من الأودية : غُمْلُول . واشتُقَّ من هذا : غَمَلْتُ الأدِيمَ ، إذا غَمَمْتَه ليتفَسَّخَ عنه صوفُه . وهو غَمِيلٌ . ويقال : الغُمْلُول : كلُّ ما اجتَمَع من شجر ، أو غمام ، أو ظُلْمة ، حتَّى تسمَّى الزَّاوية غُملولاً . والله أعلم بالصَّواب .
غملج : الغَمَلّج ، وهو ممّا نُحِتَ من كلمتين : من غَمَج وغلَج ، وهو البعير الطَّويل العُنق . فأمّا غَمَجُه فاضطرابُه . يقال : غَمَج ، إذا جاء وذهب . والغَلَج كالبَغْي في الإنسان وغيره .
غمّ : الغين والميم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تغطية وإطباق . تقول : غَمَمتُ الشَّيْءَ أُغمُّه؛ أَي غطَّيته . والغَمَمُ : أن يُغطِّي الشَّعر القفا والجبهةَ في بنائِه . يقال : رجلٌ أغمُّ وجبهةٌ غماء . قال :
ومن الباب : الغمام : جمع غَمامة . وقياسُه واضح . ومنه الغِمامةُ ، وهي الخِرقة تُشَدُّ على أنف النّاقة شدّاً كي لا تجدَ الرِّيح . قال قومٌ : كلُّ ما سدَّ الأنف فهو غِمامة . وغُمَّ الهلالُ ، إذا لم يُرَ . وفي الحديث : « فإنْ غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له » . أي غُطيَ الهلال . ويقال : يومٌ غَمٌّ وليلة غمّة ، إذا كانا مظلِمَين . وغمَّهُ الأمرُ يَغمُّه غمّاً ، وهو شيء يَغشى القلب ، معروف . وأمّا الغَمغمة فهي أصواتُ الثِّيران عند الذُّعر ، والأبطالِ عند الوغى . وقد قلنا إنّ هذه الحكاياتِ لا تكاد يكون لها قياس .
غمن : الغين والميم والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها . يقولون : غَمَنْتُ الجِلدَ ، إذا ليَّنتَه ، فهو غمينٌ .
غمى : الغين والميم والحرف المعتلّ يدلُّ على تغطية وتغْشِيَة . من ذلك : غَمَيْتُ البيتَ ، إذا سقَّفتَه ، والسَّقَفُ غِماءٌ . ومنه أُغمِي على المريض فهو مغمىً عليه ، إذا غُشِيَ عليه .
غنج : الغين والنون والجيم كلمةٌ واحدة ، الغُنْج ، وهو الشِّكْل والدَّلُّ .
غنظ : الغين والنون والظّاء كلمةٌ واحدة . يقال : إنّ الغَنْطَ : الهمُّ اللازم . غَنَطَه الأمرُ يَغْنِظه . قال :
غنم : الغين والنون والميم أصلٌ واحد يدلُّ على إفادة شيء لم يُملَك من قبل ، ثمّ يختصّ به ما أُخِذ من مال المشركين بقَهْر وغَلَبة . قال الله تعالى : ) واعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْء فَأَنَّ للهِِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ( الأنفال : 41 . ويقولون : غُناماكَ أَنْ تفعل كذا؛ أَي غايتُك والأمر الذي تتغنَّمه . وَغَنْمٌ : قبيلة . ولعلَّ اشتقاقَ الغَنَم من هذا ، وليس ببعيد .
غنّ : الغين والنون أُصَيلٌ صحيح ، وهو يدلُّ على صوت كأنّه غير مفهوم ، إمّا لاِختلاطِه ، وإمّا لعلّة تصاحبه . من ذلك قولُهم : قريةٌ غَنّاء ، يراد بذلك تجمُّع أصواتهم واختلاطُ جَلبتهم . وواد أغَنُّ : ملتَفُّ النَّبات ، فتَرى الرِّيح تجري فيه ولها غُنَّة؛ ويكون ذلك من كَثرة ذُبابه . ومنه الغُنَّة في الرَّجُل الأغنِّ ، وهو خروجُ كلامِهِ كأنّه بأنفه .
غنى : الغين والنون والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان ، أحدُهما يدلُّ على الكِفاية ، والآخر صوت .
فالأوّل الغِنى في المال . يقال : غَنِيَ يَغْنَى غِنىً . والغَناء بفتح الغَين مع المدّ : الكِفاية . يقال : لا يُغْنِي فلانٌ غَناءَ فلان؛ أَي لا يَكفِي كِفايَتَه . وغَنِيَ عن كذا فهو غان . وغَنِيَ القومُ في دارهم : أقاموا ، كأنَّهُم اسْتَغْنَوْا بها . ومَغانيهم : مَنازِلُهم . والغانية : المرأة . قال قومٌ : معناه أنّها استغنَتْ بمنزلِ أبويها . وقال آخرون : استغنَتْ ببعلها . ويقال استغْنَتْ بجمالها عن لُبْسِ الحلْي . قال الأعشى :
والغُنْيانُ : الغِنَى . قال قيس :
ويقال : تَغَنَّيْتُ بكذا ، وتغانيتُ به ، إذا أنت استغنيت به . قال الأعشى :
وقال في التّغاني :
والأصل الآخر : الغِناء من الصَّوت . والأُغْنِيَة اللون من الغِناء .
غهب : الغين والهاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ظَلام وقِلّة ضياء ، ثمّ يُستعار . فالغَيْهَب : الظُّلمة . يقال للأدهم من الخَيل الشَّديد الدُّهمة : غَيْهَب . ويستعار هذا فيقال للغَفْلة عن الشَّيء : غَهَبٌ . يقال : غَهِبَ عنه ، إذا غَفَل .
غوث : الغين والواو والثاء كلمةٌ واحدة ، وهي الغوث من الإغاثة ، وهي الإعانة والنُّصرة عند الشِّدة . وغَوْثٌ : قبيلة .
غوج : الغين والواو والجيم كلمةٌ واحدة ، وهي الفَرَس الغَوْج ، إذا كان عريضَ الصَّدر . وربَّما سمَّوا كلَّ ليِّن غَوْجاً .
غود : الغين والواو والدال أُصَيْلٌ يدلُّ على لينِ شيء وتثنٍّ . فالأغْيَد : الوَسنانُ المائل العُنُق ، والجمع غِيدٌ . والغَيْداء : الفتاةُ النّاعمة ، كأنَّها تتثنَّى . والمصدر الغَيَد .
غور : الغين والواو والراء أصلانِ صحيحان : أحدهما خُفُوضٌ في الشَّيء وانحطاطٌ وتطامن ، والأصل الآخر إقدامٌ على أخذِ مال قَهْراً أو حَرَباً .
فالأوّل قولهم لقَعْر الشَّيء : غَوره . ويقال : غارَ الماءُ غَوْراً ، وغارت عينُه غُؤوراً . قال الله تعالى : ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً( الملك : 30 . ويقال : غارَت الشَّمْسُ غِياراً : غابت . قال الْهُذَلِيّ :
والغَوْر : تِهامَةُ وما يلي اليَمن ، سمِّيت بذلك لأنَّها خِلافُ النَّجْد . والنَّجْد : مرتَفِعٌ من الأرض . يقال : غارَ الرّجُل ، إذا أتَى الغَوْر ، وأغار . قال :
وغَوّر الرّجُل ، إذا نزَلَ للقائلة ، كأنَّه نزل مكاناً هابطاً . ولا يكادون يفعلون إلاّ كذا . وغَوْرُ القُرْحَةِ من هذا أيضاً .
والأصل الآخَر الإغارة . يقال : أَغارَ بنو فلان على بني فلان إغارةً وغارة . وإغارة الثَّعلب : عَدْوَه . وهو من هذا أيضاً .
غوص : الغين والواو والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على هجوم على أمر متسفِّل . من ذلك الغَوْص : الدُّخول تحتَ الماء . والهاجم على الشَّيء غائص . وغاصَ على العلمِ الغامِضِ حتّى استنبطه .
غوط : الغين والواو والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اطمئنان وغَور من ذلك الغائط : المطمئِنُّ من الأرض ، والجمع غِيطان وأغواط . وغُوطَة دِمَشْقَ يقالُ إنّها مِن هذا ، كأنّها أرضٌ منخفضة . وربّما قالوا : انغاطَ العُودُ ، إذا تثَنَّى ، وإذا تثنّى فقد انخفَضَ ، وقياسُه صحيح .
غول : الغين والواو واللام أصلٌ يدلُّ على خَتْل وأَخْذ من حيثُ لا يدري . يقال : غالَهُ يَغُوله : أخَذَهُ من حيث لم يدرِ . قالوا : والغَوْل : بُعْدُ المَفازَة ، لأنَّهُ يغتالُ من مَرَّ به . قال :
به تمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ
والغُول من السَّعالي سمِّيت لأنّها تغتال . والغِيلة : الاغتيال ، والياء واوٌ في الأصل . والمِغْوَل : سيفٌ دقيق له قَفاً؛ وأظنّه سمِّي مِغْوَلاً لأنَّهُ يُسْتَرُ بقراب حتّى لا يُدرى ما فيه . والله أعلم .
غوى : العين والواو والحرف المعتلّ بعدهما أصلانِ : أحدهما يدلُّ على خِلاف الرُّشد وإظلام الأمْر ، والآخرُ على فساد في شيء .
فالأوَّل الغَيّ ، وهو خلاَف الرُّشد ، والجَهلُ بالأمر ، والانهماكُ في الباطل . يقال : غَوى يَغْوي غَيّاً . قال :
وذلك عندنا مشتقٌّ من الغَياية ، وهي الغُبْرة والظلمةُ تَغشيان ، كأنَّ ذا الغَيِّ قد غَشِيه ما لا يرى معه سبيلَ حقّ . ويقال : تغايا القومُ فوق رأس فلان بالسُّيوف ، كأنَّهم أظلّوه بها . ويقال : وقَعَ القوم في أُغْوِيّة؛ أَي داهية وأمر مظلم . والتَّغاوي : التجمُّع ، ولا يكون ذلك في سبيلِ رُشْد . والمُغَوَّاة : حُفرةُ الصّائد ، والجمع مُغَوَّيات . وفي الحديث : « يحبّون أن يكونوا مُغَوَّيات » ، يراد أنَّهم يحتَجِنون الأموال ، كالصّائد الذي يَصيد .
فأمّا الغايَة فهي الرَّاية ، وسمِّيت بذلك لأنّها تُظِلُّ مَن تحتَها . قال :
ثمّ سمِّيت نهايةُ الشَّيءِ غايةً . وهذا من المحمول على غيرِه ، إنَّما سمّيت غايةً بغاية الحرب ، وهي الرّاية ، لأنَّه يُنْتَهَى إليها كما يَرجِع القومُ إلى رايَتِهم في الحرب .
والأصل الآخر : قولهم : غَوِيَ الفَصِيلُ ، إذا أكثر من شُربِ اللّبَن ففَسَد جوفُه . والمصدر الغَوَي . قال :
غيب : الغين والياء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تستُّر الشَّيء عن العُيون ، ثمّ يقاس . من ذلك الغَيْب : ما غابَ ، ممّا لا يعلمه إلاّ الله . ويقال : غابت الشَّمس تَغِيب غَيْبَةً وغُيُوباً وغَيْباً . وغابَ الرَّجل عن بلده . وأغابَتِ المرأةُ فهي مُغِيبةٌ ، إذا غابَ بعلُها . ووقَعْنا في غَيْبَة وغَيابة؛ أَي هَبْطة من الأرض يُغابُ فيها . قال الله تعالى في قصّة يُوسُفَ (عليه السلام) : ) وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَةِ الجُبِّ( يوسف : 10 . والغابة : الأجَمة ، والجمع غاباتٌ وغابٌ . وسمِّيت لأنَّه يُغاب فيها . والغِيبة : الوَقعية في النّاس من هذا؛ لأنّها لا تقال إلاّ في غَيْبَة .
غيث : الغين والياء والثاء أصلٌ صحيحٌ ، وهو الحَيا النّازِلُ من السَّماء . يقال : جادَنا غيثٌ ، وهذه أرضٌ مَغِيثَةٌ ومغيوثة . وغِثْنا؛ أَي أصابنا الغَيْث . قال ذو الرُّمّة : « ما رأيتُ أفصَحَ مِن أَمَةِ آل فلان ، قلتُ لها : كيف كان المطر عندكم ؟ قالت : غِثْنا ما شِينا » .
غار : الغين والألف والراء . والألف في هذا الباب لا تكون إلاّ مبدلةً . فالغار : نباتٌ طيِّب . قال :
والغار : لغةٌ في الغَيْرة ، وقد مرَّ تفسيرُها . قـال :
والغارُ : الجيش العظيم . ومن ذلك حديثُ عليٍّ (عليه السلام) : « ما ظنّك بامرئ جَمَعَ بين هذين الغارَيْن » . والغار : غار الفَمِ . والغار : أصلُ الرَّجُل وقبيلتُه . والغار : الكهْفُ . وقد مضى قياسُ ذلك كلِّه . والله أعلم .
غير : الغين والياء والراء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على صلاح وإصلاح ومنفعة ، والآخر على اختلافِ شيئين .
فالأوَّل الغِيرَة ، وهي الميرَة بها صلاحُ العِيال . يقال : غِرْتُ أهلي غِيرَةً وغِياراً؛ أَي مِرْتُهُم . وغارَهم الله تعالى بالغيث يَغِيرهم ويَغُورهم؛ أَي أصلَح شأنَهم ونفَعَهم . ويقال : ما يَغِيرك كذا؛ أَي ما ينفعُك . قال :
ومن هذا الباب الغَيْرة : غَيرةُ الرَّجُل على أهله . تقول : غِرْتُ على أهلي غَيْرَةً . وهذا عندنا من الباب؛ لأنَّها صلاح ومنفعة .
والأصل الآخر : قولُنا : هذا الشَّيءُ غيرُ ذاك؛ أَي هو سِواه وخلافُه . ومن الباب : الاستثناءُ بغَير ، تقول : عَشرة غير واحد ، ليس هو من العَشَرة . ومنه قولُه تعالى : ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضّالِّينَ ( الفاتحة : 7 .
فأمّا الدِّيَة فإنّها تسمَّى الغِيرَ . قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل طلَبَ القَوَدَ بوليٍّ له قُتِلَ : « ألا الغِيرَ » يريد : ألاَ تَقبلُ الغِير . فهذا محتملٌ أنْ يكون من الأوّل ، لأنَّ في الدِّيةِ صلاحاً للقاتل وبقاءً له ولِدَمِه . ويحتمل أنْ يكون من الأصل الثّاني ، لأنَّه قَوَد فَغيِّر إلى الدِّية؛ أَي أُخِذَ غيرُ القَوَد؛ أَي سِواه . قال في الغِيَر :
غيس : الغين والياء والسين ، يقولون : إنّ غَيْسانَ الشّبابِ : حِدَّتُه وعُنفوانُه .
غيض : الغين والياء والضاد أُصَيْلٌ يدلُّ على نُقصان في شيء ، وغموض وقِلّة . يقال غاضَ الماءُ يَغِيض : خلافُ فاضَ . وغِيضَ ، إذا نَقَصَهُ غيرُه . قال الله تعالى : ) وَغِيضَ الماءُ ( هود : 44 .
وأمّا الغُموضُ فالغَيْضَة : الأَجَمة ، سمِّيت لغُموضِها ، ولأنَّ السّائرَ فيها لا يكاد يُرَى .
غيظ : الغين والياء والظاء أُصَيْلٌ فيه كلمةٌ واحدة ، يدلُّ على كَرْب يلحقُ الإنسانَ مِن غيره . يقال : غاظَنِي يَغِيظُني . وقد غِظْتَني يا هذا .ورجلٌ غائظ وغَيّاظ . قال :
غيف : الغين والياء والفاء أُصَيْلٌ صحيحٌ يدلُّ على مَيْل ومَيَل وعُدُول عن الشَّيء . من ذلك تَغَيَّفَ ، إذا تَمَيَّل . وتَغَيَّفت الشّجرةُ بأغصانِها يميناً وشمالاً . ومن الباب : غَيَّفَ الرَّجلُ ، إذا جبُن فمالَ عن نَهْج القِتال . قال القُطاميّ :
فيغيِّفُون ونَرْجِعُ السَّرَعانا
غيق : الغين والياء والقاف كلمةٌ واحدة . يقولون : غَيَّق في رأيه تغييقاً : اختلط فيه .
غيل : الغين والياء واللام أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على اجتماع ، والآخَر نوع من الإرضاع .
فالأوَّل الغِيل : الشجر المجتمِع الملتفّ . وما يبعُد أن يكون أصلُ هذا الواو ويعودَ إلى غالَه يَغُوله ، والغيْل : السّاعد الرَّيّان الممتلِئ . قال :
بيضاءُ ذاتُ ساعدَيْنِ غَيلَيْن
ومن الباب : الغَيْل : الماءُ الجارِي .
والأصل الآخَر : أَنْ يُجامِعَ الرَّجُل امرأتَه وهي مُرْضِع ، وهي الغِيلَة . وفي الحديث : « لقد هممتُ أن أنْهى عن الغِيلة » . قال :
غيم : الغين والياء والميم كلمةٌ تدلُّ على سَتْر شيء لشيء . من ذلك : الغيم ، وهو معروف . يقال : غامَت السَّماءُ ، وتغيَّمت ، وأغامَت .
ومن الباب : الغَيْم ، وهو العَطَش وحرارةُ الجَوْف ، لأنَّه شيءٌ يَغْشَى القَلْبُ .
غين : الغين والياء والنون قريبٌ من الذي قبلَه . فالغَيْن : الغَيْم . قال :
والغَيْن : العَطَش . ويقال : غِينَ على قلْبه ، كأنَّ شيئاً غشِيَه . وفي الحديث : « إنَّهُ ليُغانُ على قلبي » . ومن الباب : شجرةٌ غَيْناء ، وهي الكثيرة الورَق الملتفَّةُ الأغصان ، والجمع غِينٌ . ويقال : إنّ الغَيْنة : الرَّوضة . والقياس في ذلك كلِّه واحد . والله أعلم .
غيّ : الغين والياء المشدّدة أو المضاعفة أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إظلالِ الشَّيء لغيره . وفي الحديث : « تجيء البقرةُ وآلُ عمران يومَ القيامة كأنَّهما غمامتان ـ أو غيايَتان » . والجمع غَيايات . قال لبيد :