يريد في نساء أيِّ نسَاء. وقال رؤبةُ :
إذا تَدَاعَى في الصِّمادِ مأتمُهْ أَحَنَّ غِيراناً تنادي زُجَّمُه
شبّه البُومَ بنساء يَنُحْنَ. وقوله : أحَنَّ غِيراناً، يريدُ أن البُوم إذا صوّتَتْ أحنَّت الغِيرانَ بمجاوَبَة الصَّدَى، وهو الصَّوت الذي تسمعه من الجبل أو الغَارِ بَعْدَ صوتِك.
أتن : الهمزة والتاء والنون أصل واحد، وهو الأُنثى من الْحُمر، أو شيءٌ استعير له هذا الاسم. قال الخليل : الأتَان معروفة، والجمع الأُتن. قال ابن السكِّيت : هذه أتانٌ وثلاثُ آتُن، والجمع أُتن واُتْن بالتخفيف ولا يجوز أتانةُ، لأنَّه اسم خصّ به المؤنّث. قال أبو عبيد : استأتن فلانٌ أتاناً أي اتّخذها. واستأتن الحمارُ : صار أتاناً بعد أن كان حماراً. والمأتُوناء : الأُتُن. وأتَانُ الضَّحْلِ : صخرةٌ كبيرةٌ تكون في الماء القليلِ يَركبُها الطُّحْلُبُ. قال أوس :
بِجَسْرَة كَأَتَانِ الضَّحْلِ صَلَّبَها أكْلُ السَّوَادِيِّ رَضُّوهُ بمِرْضاحِ
قال يونس : الأتان مَقامُ المستَقِي على فم الرّكيّة. قال النَّضْر : الأتان : قاعدة الهودج ، والجمع الأُتُن. قال أبو عُبيد : الأتَنَانُ تقارُب الخطو في غَضَب، يقال : أَتَنَ يَأتِن. وهذا ليس من الباب، لأنّ النون مبدّلةٌ من اللام، والأصل الأتَلان. وقد مضى ذِكره .
أته : الهمزة والتاء والهاء، يقال : إنّ التأتُّه الكِبْر والخيَلاء.
أتو : الهمزة والتاء والواو والألف والياء يدلُّ على مجيء الشَّيءِ وإصْحابِه وطاعَتِه. الأَتْو الاستقامة في السَّير، يقال : أتَا البعيرُ يأتُو. قال :
توكَّلْنَ واستَدْبَرْنَه كيف أَتْوُه بها رَبِذاً سَهْوَ الأراجيحِ مِرْجَما
ويقال : ما أحسن أَتْوَ يدَيْها في السير. وقال مزاحم :
فلا سَدْوَ إِلا سَدْوُهُ وهو مدبرٌ ولا أَتْوَ إِلا أتْوُهُ وهو مقبلُ
وتقول العرب : أتَوْتُ فلاناً بمعنَى أتيته. قال :
يا قَوم مَا لِي وأبَا ذُؤيبِ كُنْتُ إذَا أتَوْتُهُ مِنْ غَيْبِ
قال الضَّبّي : يقال للسِّقاء إذا تمخّض : قد جاء أَتْوُهُ. الخليل : الإِتاوة : الخَراج، والرِّشوة، والجَعالة، وكلُّ قسمة تقسم على قوم فتُجْبَى كذلك. قال :
يُؤَدُّون الإتاوةَ صاغرينا
وأنشد :
وفي كلِّ أسْواقِ العِراقِ إِتاوَةٌ وفي كلّ ما باع امرؤٌ مَكْسُ درْهَمِ
قال الأصمعيّ : يقال : أتَوْته أتْواً، أعطيتُه الإتاوة.
أتى : تقول : أتانِي فلانٌ إِتْياناً وأَتْياً وأَتْيَةً وأَتْوَةً واحدة، ولا يقال : إِتيانةً واحدة إلاّ في اضطرارِ شاعر، وهو قبيح لأنّ المصادر كلّها إذا جعلت واحدةً رُدّت إلَى بناءِ فعلِها، وذلك إذا كان الفِعْل على فعل، فإذا دخلت في الفعل زياداتٌ فوقَ ذلك أُدخِلت فيها زياداتُها في الواحدة، كقولنا إقبالةً واحدة. قال شاعرٌ في الأتْيِ :
إِنِّي وأَتْيَ ابنِ غَلاَّق ليَقْرِيَنِي كغَابِطِ الكَلْبِ يَرْجُو الطِّرْقَ فِي الذَّنَبِ
وحكَى اللِّحيانيّ إتْيَانَة. قال أبو زيد : يقال : تِنِي بفلان ائتني، وللاثنين تِيانِي به، وللجمع تُوني به، وللمرأة تِيني به، وللجمع تِينَنِي. وأتيت الأمرَ منْ مأتاهُ ومأْتاتِه. قال :
قال الخليل : آتَيت فلاناً على أمره مؤاتاةً، وهو حُسْن المطاوعة. ولا يُقال : وَاتَيْتَهُ إلاّ في لغة قبيحة في اليمن. وما جاء من نحو آسيت وآكلت وآمرت وآخيت، إنّما يجعلونها واواً على تخفيف الهمزة في يُوَاكل ويُوَامر ونحو ذلك. قال اللِّحيانيّ : ما أتيتَنا حَتّى استأتيناك؛ أَي استبْطَأناك وسألْناكَ الإتيان. ويُقال : تأتَّ لهذا الأمر؛ أَي ترفَّقْ له. والإيتاء الإعطاء، تقول : آتَى يُؤتِي إيْتاءً. وتقول : هاتِ بمعنَى آتِ أي فاعِلْ، فدخلت الهاء على الألف. وتقول : تأتَّى لفلان أمرُه، وقد أتَّاه الله تأْتيةً. ومنه قوله :
وتَأْتَى له الدَّهرُ حَتَّى جَبَرْ
وهو مخفّف من تأتَّى. قال لَبيد :
بمؤتَّر تَأْتَى لَهُ إبهامُها
قال الخليل : الأتِيّ ما وقع في النَّهر من خشب أوْ وَرَق ممّا يَحبِس الماء. تقول : أَتِّ لهذا الماء أي سهِّل جَرْيَهُ. والأَتِيّ عند العامّة : النهر الذي يجري فيه الماء إلَى الحوض، والجمع الأُتِيُّ والآتَاءُ. والأتِيُّ أيضاً : السَّيل الذي يأتِي من بلد غيرِ بلدك. قال النابغة :
قال بعضهم : أراد أتِيّ النُّؤى، وهو مَجراهُ. ويقال : عَنَى به ما يحبِس المَجرَى من ورق أو حشيش. وأتَّيت للماء تأتيةً إذا وجَّهت له مَجْرَى. اللِّحيانيّ : رجل أَتِيٌّ إذا كان نافذاً. قال الخليل : رجلٌ أتيٌّ؛ أَي غريبٌ في قوم ليس منهم. وأتاوِيٌّ كذلك. وأنشد الأصمعي :
وفي حديث ثابت بن الدّحْدَاح : « إنّما هو أتِيٌّ فينا ». والإِتاء : نَماء الزَّرع والنخل. يقال : نخلٌ ذو إتاء أي نماء. قال الفرّاء : أتَتِ الأَرْضُ والنخلُ أتْوًا، وأتى الماء إتاءً؛ أَي كثُر. قال :
وقال آخر :
أثّ : هذا بابٌ يتفرّع من الاجتماع واللين، وهو أصلٌ واحد. قال ابن دُريد : أثّ النبتُ أثّاً إذا كثُر. ونبتٌ أثيث، وكلُّ شيء موطّأ أثيثٌ وقد أُثِّث تأثيثاً. وأثاث البيت من هذا، يقال : إنّ واحده أثَاثَة، ويقالُ : لا واحدَ له من لفظه. وقال الراجز في الأثيث :
أي مجثوثاً مقلوعاً. ويقال : نِساءٌ أثائث، وثيرات اللحم. وأنشد :
وفي الأثاث يقول الثَّقفيّ :
أثر : الهمزة والثاء والراء، له ثلاثة اُصول : تقديم الشَّيء، وذكر الشَّيء، ورسم الشَّيء الباقي. قال الخليل : لقد أثِرْتُ بأن أفعل كذا، وهو همٌّ في عَزْم. وتقول : افعل يا فلان هذا آثِراً وآثِرَ ذي أثير؛ أَي إنْ اخترتَ ذلك الفعل فافعل هذا إمّا لا. قال ابنُ الأعرابيّ : معناه أفعلْه أوَّلَ كلِّ شيء. قال عُروة بن الورد :
والآثِر بوزن فاعل. وأمّا حديث عمر : « ما حَلَفتُ بعدها آثِراً ولا ذاكراً » فإنّه يعني بقوله آثِراً مُخْبِراً عن غيري أنّه حَلَف به. يقول : لم أقل إنّ فلاناً قال وأنِّي لأفعلنّ. من قولك : أثَرْتُ الحديثَ، وحديثٌ مأثور. وقوله : « ولا ذاكراً » أي لم أذكُرْ ذلك عن نفسي. قال الخليل : والآثر الذي يؤثِّر خُفّ البعير . والأثير من الدوابّ : العظيم الأثر في الأرض بخفِّهِ أو حافِرِه. قال الخليل : والأثَر بقيّة ما يُرَى من كلِّ شيء وما لا يرَى بعد أن تبقَى فيه علقة. والأَثَار الأَثَر، كالفَلاَح والفَلَح، والسَّدَاد والسَّدَد. قال الخليل : أثَر السَّيف ضَرْبته. وتقول : « من يشتري سَيْفي وهذا أَثَرُه » يضرب للمُجرَّب المخْتَبَر. قال الخليل : المئثرة مهموز : سكّين يؤثَّر بها في باطن فِرْسِنِ البَعير ، فحيثما ذهبَ عُرِف بها أثَرُه؛ والجمع المآثر. قال الخليل : والأَثَر الاستقفاء والاتّباع، وفيه لغتان أَثَر وإِثْر، ولا يشتقّ من حروفه فعلٌ في هذا المعنَى، ولكن يُقال : ذهبت في إثرِه. ويقولون : « تَدَعُ الْعَيْنَ وَتَطْلُبُ الأَثَر » يضرب لمن يترك السُّهولة إلَى الصُّعوبة. والأثير : الكريم عليك الذي تُؤْثِره بفَضْلِكَ وصِلَتك. والمرأة الأثيرة، والمصدر الأثَرَة، تقول عندنا أثَرَةٌ. قال أبو زَيد : رجل أَثِيرٌ على فَعيل، وجماعة أَثِيرُونَ، وهو بيّن الأثَرة، وجمع الأثير أُثَرَاء . قال الخليل : استأثر الله بفلان، إذا مات وهو يُرجَى له الجنّة . وفي الحديث : «إذا استأثر اللهُ بشيء فَالْهَ عنه» أي إذا نهَى عن شيء فاتركْه. أبو عمرو بن العلاء : أخذت ذلك بلا أثَرَة عليك؛ أَي لم استأثِر عليك. ورجلٌ أَثُرٌ على فَعُل ، يستأثر على أصحابه. قال اللِّحيانيّ : أخذتُه بِلاَ أُثْرَى عليك. وأنشد :
وفي الحديث : «سترون بعدي أَثَرَةً» أي مَنْ يستأثرون بالفَيء. قال ابن الأعرابيّ : آثرتُه بالشيء إيثاراً، وهي الأَثَرَة والإِثْرَة؛ والجمع الإِثَر. قال :
والأثَارة : البقيّة من الشَّيء، والجمع أثارات، ومنه قوله تعالَى : ) أَوْ أَثَارَة مِنْ عِلْم ( الاحقاف : 4. قال الأصمعيّ : الإبلُ على أَثارة؛ أَي على شحم قديم. قال :
قال الخليل : الأَثْرُ في السيف شبه الذي يقال له : الفِرِنْد، ويسمَّى السيفُ مأثوراً لذلك. يقال منه : أَثَرْتُ السيف آثُرُهُ أَثْراً إذا جلَوْتَه حتّى يبدُوَ فِرِنْدُه. الفرّاء : الأثر مقصور بالفتح أيضاً. وأنشد :
قال : وكان الفرّاء يقول : أثَرُ السيف محرّكة، وينشد :
قال النَّضر : المأثورة من الآبار التي اخْتُفِيت قَبلَك ثمّ اندفَنتْ ثمّ سقَطْتَ أنت عليها فرأيْتَ آثار الأرْشيةِ والحِبال، فتلك المأثورةُ. حكَى الكَلبيّ أثِرْت بهذا المكان أي ثبتُّ فيه. وأنشد :
قال أبو عمرو : طريق مأثورٌ؛ أَي حديث الأثَر. قال أبو عُبيد : إذا تخلَّص اللَّبَن من الزُّبد وخَلَص فهو الأُثْر. قال الأصمعيّ : هو الأُثْر بالضمّ. وكسَرَها يعقوبُ. والجمع الأُثُور. قال :
تواربك أي تَهُمُّك، من الأَرَب وهي الحاجة. والجوازم : وِطابُ اللبن المملوّة.
أثف : الهمزة والثاء والفاء يدلّ على التجمُّع والثَّبات. قال الخليل : تقول تأثَّفت بالمكان تأثُّفاً أي أقمتُ به، وأثَفَ القومُ يَأْثِفون أَثْفاً، إذا استأخروا وتخلَّفوا. وتأثَّف القوم اجتمعوا. قال النابغة :
ولو تأثَّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ
أي تكنَّفُوك فصاروا كالأثافيّ. والأثفيّة هي الحجارة تُنصَب عليها القِدْر، وهي أفْعُولة من ثَفّيت، يقال : قِدْرٌ مُثَفّاة. ويقولون : مؤثَّفة، والمُثَفّاة أعرف وأعمّ. ومن العرب من يقول مُؤَثْفَاةٌ بوزن مُفَعْلاة في اللفظ، وإنّما هي مُؤَفْعَلة؛ لأنّ أَثْفَى يُثْفَى على تقدير أفعل يُفعِل، ولكنّهم ربّما تركوا ألف أفعل في يُؤَفْعَل، لأنّ أفعل أُخرِجت من حدّ الثلاثي بوزن الرُّباعي.
وقد جاء : كِساءٌ مُؤَرْنَبٌ، أثبتوا الألفَ التي كانت في أرنب، وهي أفعل، فتركوا في مُؤفعل همزة. ورجل مُؤَنْمَل للغليظ الأنامل. قال :
وصَاليات كَكَما يُؤَثْفيْن
قال أبو عُبيد : يقال : الإثفيّة أيضاً بالكسرة. قال أبو حاتم : الأثافيّ كواكبُ بحيال رأس القِدْر ، كأثافي القِدْر. والقِدْر أيضاً كواكبُ مستديرة. قال الفرّاء : المثفّاة سِمَةٌ على هيئة الأثافيّ. ويقال : الأثافيّ أيضاً. قال : ويُقال : امرأةٌ مُثَفّاة أي مات عنها ثلاثة أزواج، ورجل مثَفّىً تزوّج ثلاثَ نسوة. أبو عمرو : أَثَفَه يأثِفُه طلَبَه. قال : والأثِف الذي يتّبع القوم، يقال : مرّ يَأثِفُهم ويُثَفِّيهم؛ أَي يتبعهم. قال أبو زيد : أثَفَه يأثِفُهُ طردَه. قال ابن الأعرابيّ : بَقِيَتْ من بني فُلان أُثْفِيّةٌ خَشْناء، إذا بقي منهم عددٌ كثير وجماعة عزيزة. قال أبو عمرو : المُؤثَّفُ من الرِّجال القصير العريض الكثير اللَّحم. وأنشد :
أثل : الهمزة والثاء واللام يدلُّ على أصْلِ الشَّيء وتجمُّعِه. قال الخليل : الأَثْل شجرٌ يُشبه الطَّرْفاء إلاّ أنّه أعظمُ منه وأجود عُوداً منه، تُصنَع منه الأقداحُ الجِياد. قال أبو زياد : الأثْل من المِضاهِ طُوَالٌ في السماء، له هَدَب طُوالٌ دُقَاقٌ لا شوكَ له. والعرب تقول : « هو مُولَعٌ بنحْتِ أَثْلَتِه » أي مُولَعٌ بثَلْبِهِ وشَتْمه. قال الأَعشَى :
قال الخليل : تقول : أَثَّلَ فلانٌ تأثيلاً، إذا كثر مالُه وحسُنَتْ حالُه. والمتأثِّل : الذي يجمع مالاً إلَى مال. وتقول : أثَّل الله مُلْكَك أي عظَّمه وكثّرهُ. قال :
أثَّلَ مُلْكاً خِنْدِفِيّاً فَدْغَما
قال أبو عمرو : الأثال المَجْد أو المال. وحكاها الأصمعيّ بكسر الهمزة وضمّها. وأثَلَة كلِّ شيء أصلُه. وتأثّلَ فلانٌ اتّخذ أصلَ مال. والمتأثِّل من فروع الشجر الأثيث. وأنشد :
قال الأصمعيّ : أثّلْتُ عليه الدُّيونَ تأثيلاً أي جمعتها عليها، وأثَّلْتُه برجال أي كثَّرْتُه بهم. قال الأخطل :
ويقال : تأثَّلْتُ للشِّتاء أي تأهَّبت له. قال أبو عبيدة : أُثال اسم جبل. قال ابن الأعرابيّ في قوله :
قال : تؤثِّل؛ أَي تلزمنيه. قال ابنُ الأعرابيّ والأصمعيّ : تأثلت البئر حفرتها. قال أبو ذؤيب :
وهذا قياسُ الباب؛ لأنّ ذلك إخراج ما قد كان فيها مؤثَّلاً.
أثم : الهمزة والثاء والميم تدلُّ على أصل واحد، وهو البطء والتأخُّر. يقال : ناقة آثِمةٌ أي متأخِّرة. قال الأَعشَى :
إذا كَذَب الآثِماتُ الهَجِيرا
والإِثم مشتقٌّ من ذلك، لأنّ ذا الإِثمِ بطيءٌ عن الخير متأخِّر عنه. قال الخليل : أثِمَ فلانٌ وقع في الإِثم، فإذا تَحَرَّج وكَفّ قيل تأثّم كما يقال، حَرِجَ وقع في الحَرَج، وتحرّج تباعد عن الحَرَج. وقال أبوزيد : رجل أثيمٌ أثُومٌ. وذكر ناسٌ عن الأخفش ـ ولا أعلم كيف صحّتُه ـ أنّ الإِثم الخمر، وعلى ذلك فسّر قوله تعالَى : ) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالاِْثْمَ( الاعراف : 33. وأنشد :
فإن كان صحيحاً فهو القياس؛ لأنّها توقِعُ صاحبَها في الإِثمِ.
أثن : الهمزة والثاء والنون ليس بأصل، وإنّما جاءت فيه كلمةٌ من الإبدال، يقولون الأُثُن لغة في الوُثُن . ويقولون الأُثْنَة حَرَجة الطَّلْح. وقد شَرَطْنا في أوَّلِ كتابنا هذا ألاّ نقيس إلاّ الكلامَ الصحيح.
أثوى : الهمزة والثاء والواو والياء أصلٌ واحدٌ تختلط الواو فيه بالياء، ويقولون أَثَى عليه يَأْثِي إِثَاوَةً وإِثَايَةً وأَثْواً وأَثْياً، إذا نَمَّ عليه. وينشدون :
ولا أكون لكم ذا نَيْرَب آث
والنيرب : النميمة. وقال :
أجأ : جبل لِطَيّ. وقد قلنا إنّ الأماكنَ لا تكاد تنقاس أسماؤها . وقال شاعرٌ في أجأ :
أجّ : وأمّا الهمزة والجيم فلها أصلان : الحَفِيف، والشدَّة إمّا حرّاً وإمّا ملوحة. وبيان ذلك قولهم أجَّ الظليمُ إذا عدا أجيجاً وأجّاً، وذلك إذا سمِعت حَفِيفه في عَدْوه. والأجيج : أجيج الكِير من حفيف النّار. قال الشاعر يصف ناقة :
وقال آخر يصف فرساً :
وأَجَّةُ القومِ : حفيفُ مشيهِم واختلاطُ كلامِهم، كلُّ ذلك عن ابن دُريد. والماء الأُجاج : الملح، وقال قومٌ : الأجاج الحارّ المشتعل المتوَهِّج، وهو من تأجّجَت النّار. والأجَّة : شدَّة الحرّ، يقال منه : ائتَجَّ النَّهار ائتجاجاً. قال حُميد :
ولهَبُ الفِتنةِ ذو ائتجاجِ
وقال ذو الرُّمّة في الأجّة :
وقال عُبيد بن أيوب العنبريّ يرثي ابنَ عمٍّ لـه :
أجح : الهمزة والجيم والحاء فرعٌ ليس بأصل، وذلك أنّ الهمزة فيه مبدلةٌ من واو، فالإُجاح : السِّتر، وأصله وَُِجاح. وقد ذُكر في الواو.
أجد : الهمزة والجيم والدال أصل واحد، وهو الشَّيء المعقود، وذلك أنّ الإجَاد الطّاقُ الذي يُعقَد في البِناء، ولذلك قيل ناقةٌ اُجُدٌ. قال النابغة :
ويقال : هي مُؤْجَدة القَرَى. قال طَرَفة :
وقيل : هي التي تكون فَقارُها عظماً واحداً بلا مَفْصِل، وهذا ممّا أجمع عليه أهل اللغة، أعني القياسَ الذي ذكرتُه.
أجر : الهمزة والجيم والراء أصلان يمكن الجمعُ بينهما بالمعنَى، فالأوّل الكِراء على العمل، والثاني جَبْر العظم الكَسِير. فأمّا الكِراء فالأَجر والأُجْرة. وكان الخليل يقول : الأجْر جزاء العمل، والفعل أَجَرَ يَأْجُرُ أَجْراً، والمفعول مأجور. والأجير : المستأجَر. والإَُجارة ما أعطيتَ مِنْ أجر في عمل. وقال غيره : ومن ذلك مَهر المرأة، قال الله تعالَى : ) فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ( النساء : 24. وأمَّا جَبْر العظم فيقال منه أُجِرَتْ يدُه. وناسٌ يقولون أَجَرَتْ يَدَه . فهذا الأصلان. والمعنَى الجامع بينهما أنَّ أُجْرَة العامِل كأنّها شيءٌ يُجْبر به حالُه فيما لحِقه من كَدٍّ فيما عمله. فأمّا الإجّار فلغةٌ شاميّة، وربّما تكلَّم بها الحِجازيّون. فيروَى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : «مَن باتَ على إِجّار ليس عليه ما يردُّ قدمَيْهِ فقد برِئَتْ منه الذِّمَّة». وإنّما لم نذكُرْها في قياسِ الباب لِمَا قُلْناه أنّها ليست من كلام البادية. وناسٌ يقولون إنْجار ، وذلك ممّا يُضعِف أمْرَها. فإنْ قال قائلٌ : فكيف هذا وقد تكلَّم بها رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قيل له : ذلك كقوله (صلى الله عليه وآله) : «قومُوا فقد صَنَع جابرٌ لكم سُوراً» وسُورٌ فارسيّة، وهو العُرْس ، فإنْ رأيتَها في شِعر فسبيلُها ما قد ذكرناه. وقد أنشد أبو بكر بن دريد :
كالحَبشِ الصَّفِّ على الإجَّارِ
شبّه أعناق الخيلِ بحَبَش صَفٍّ على إجّار يُشرِفُون.
أجص : الهمزة والجيم والصاد ليست أصلاً، لأنَّه لم يجئْ عليها إلاّ الإِجّاص. ويُقال : إنّه ليس عربيّاً، وذلك أنّ الجيم تقلّ مع الصاد.
أجل : اعلم أنّ الهمزة والجيم واللام يدلُّ على خمس كلمات متباينة، لا يكادُ يمكنُ حمْلُ واحدة على واحدة من جهة القياس، فكلُّ واحدة أصلٌ في نفسها. وَرَبُّكَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. فالأَجَل غاية الوقت في مَحَلِّ الدَّين وغيره. وقد صرّفه الخليلُ فقال : أَجِل هذا الشَّيءُ وهو يَأْجَلُ، والاسم الآجِل نقيض العاجل. والأجيل المُرْجأ؛ أَي المؤخَّر إلَى وقت. قال :
وغايةُ الأَجِيلِ مَهْوَاةُ الرَّدَى
وقولهم : « أجَلْ » في الجواب، هو من هذا الباب، كأنّه يريد انتهَى وبلغ الغاية. والإجْلُ : القطيع من بقر الوحش، والجمع آجال. وقد تأجَّل الصُِّوار : صار قَطِيعاً. والأجْلُ مصدر أَجَلَ عليهم شَرّاً؛ أَي جناه وبَحَثَه . قال خوّات بن جُبَير :
أي جانيه. والإجْل : وَجَع في العنق. وحكَى عن أبي الجرّاح : « بي أجْلٌ فأجِّلُوني »؛ أَي داووني منه. والمَأْجَلُ : شبه حوض واسع يؤجَّل فيه ماء البئر أو القناةِ أيّاماً ثمّ يُفَجَّر في الزّرع، والجمع مآجِل. ويقولون : أجِّلْ لنخلتك؛ أَي اجعل لها مثلَ الحوض. فهذه هي الأُصول. وبقيت كلمتان إحداهما من باب الإبدال، وهو قولهم أَجَلُوا ما لَهُم يأجِلونه أجْلاً أي حبَسوه، والأصل في ذلك الزاء « أزَلُوه ». ويمكن أن يكون اشتقاقُ هذا ومأجَلِ الماء واحداً، لأنّ الماء يُحبَس فيه. والأُخرَى قولهم من أجْلِ ذلك فعلتُ كذا؛ وهو محمول على أَجَلْت الشَّيءَ أي جنيته، فمعناه من أَنْ أُجِلَ كذا فَعلتُ؛ أَي من أن جُنِي. فأمّا أَجَلَى على فَعَلَى فمكان. والأماكن أكثرها موضوعة الأسماء، غير مَقِيسة. قال :
أجم : الهمزة والجيم والميم لا يخلو من التجمُّع والشدّة. فأمّا التجمُّع فالأَجَمَة، وهي مَنْبِت الشجر المتجمِّع كالغيضة ، والجمع الآجام. وكذلك الأُجُم وهو الحِصْن. ومثلُه أُطُم وآطام. وفي الحديث : «حتّى توارَتْ بآجَامِ المدينة». وقال امرؤ القيس :
وذلك متجمّع البُنيان والأهل.
وأمّا الشدّة فقولهم : تأجّم الحَرّ، اشتدّ. ومنه أَجَمْت الطعام مَلِلْته. وذلك أمرٌ يشتدُّ على الإنسان.
أجن : الهمزة والجيم والنون كلمةٌ واحدةٌ. وأجَنَ الماءُ يَأْجُنُ ويَأجِنُ إذا تغيَّر، وهي الفصيحة. وربّما قالوا : أجِنَ يأْجَنُ، وهو أَجُونٌ .
قال :
كَضِفْدِعِ ماءِ أَجون يَنِقّْ
فأمّا المِئجنة خشبة القَصَّار فقد ذكرت في الواو. والإِجّانُ كلامٌ لا يكاد أهل اللُّغة يحقُّونه .
أحّ : وللهمزة والحاء أصلٌ واحد، وهو حكاية السُّعال وما أشبهه من عطَش وغيظ، وكلُّه قريبٌ بعضه من بعض. قال الكِسائيّ : في قلْبي عليه أُحاح؛ أَي إحنةٌ وعَداوة. قال الفرّاء : الأحاح : العطش. قال ابن دُريد : سمعتُ لفلان أُحاحاً وأحيحاً، إذا توجَّعَ من غيظ أو حُزن. وأنشد :
يطوي الحيازيمَ علَى أُحاحِ
وأُحيحة اسم رجل، مشتقٌّ من ذلك. ويقال في حكاية السُّعال : أحّ أحّاً. قال :
وذكر بعضهم أنّه ممدودٌ : آح. وأنشد :
يقولُ مِن بَعْدِ السُّعالِ آحِ