حجن : الحاء والجيم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَيَل. فالحَجَن اعوجاجُ الخشبةِ وغيرها. والمِحْجَن : خشبةٌ أو عصاً معَقَّفة الرأس. واحتجَنْتُ بها الشَّيءَ : أَخَذْتُه. ويقال للمخاليب المعقّفة : حَجِنات. قال العجّاج :
بحَجِنات يتثَقَّبْن البُهَرْ
وهي الأوساط. وأَحْجَنَ الثُّمام : خرجت خُوصَتُه؛ ولعلَّها تكونُ حَجْناء. واحتجَنْتُ الشَّيءَ لنفسي، وذلك إمالتُك إيّاه إلى نَفْسك. ويقولون : احتجن عليه حَجْنة، كما يقال : حَجَرَ عليه.
ومن الباب قولهم : غَزْوةٌ حَجُونٌ، وذلك إذا أظهرْتَ غَيْرَها ثمّ مِلْتَ إليها . ويقال : غزاهم غَزْواً حَجُوناً.
حجا : الحاء والجيم والحرف المعتلّ أصلان متقاربان، أحدهما إطافةُ الشَّيءِ بالشيء وملازمتُه، والآخر القصد والتعمُّد.
فأمّا الأوّل فالحَجْوَةُ وهي الحَدَقة؛ لأنّها مِن أَحْدَقَ بالشيء. ويقال لنواحي البلاد وأطرافِها المحيطةِ بها : أَحْجاءٌ، قال ابنُ مُقْبِل :
ومحتملٌ أن يكون من هذا الباب الحَجَاة، وهي النُّفَّاخة تكون على الماء من قَطْر المطر؛ لأنّها مستديرة.
والأصل الثاني قولهم : تحجَّيت الشَّيءَ، إذا تحرَّيْتَه وتعمّدتَه. قال ذو الرُّمّة :
فجاءَتْ بأغْباش تَحَجَّى شَرِيعةً
ويقولون : حَِجِيتُ بالمكان وتحجَّيت به. قال :
حيث تَحَجّى مُطرِقٌ بالفالِقِ
والحَجْوُ بالشيء : الضَّنُّ به؛ يقال : حَجِئتُ به أي ضَنِنْت. وبه سمِّي الرجل حَجْوة. وحَجَأت به : فرحت. وقد قلنا إنّ البابين متقاربان، والقياس فيهما لمن نَظَرَ قياسٌ واحد.
فأمّا الأُحجِيَّة والحُجيَّا، وهي الأُغُلوطة يتعاطاها الناس بينهم، يقول أحدهم : أُحاجيك ما كذا؛ فقد يجوز أن يكون شاذّاً عن هذين الأصلين، ويمكن أن يُحمَل عليهما، فيقال : أُحاجيك؛ أَي اقصُدْ وانظُرْ وتعمَّد لِعِلم ما أسألك عنه.
ومنه أنتَ حَج أن تفعل كذا، كما تقول حرِيٌّ.
حدأ : الحاء والدال والهمزة أصلٌ واحد : طائرٌ أو مشبَّه به. فالحِدَأَة الطائر المعروف، والجمع الحِدَأ. قال :
كما تَدَانَى الحِدَأ الأُوِيُّ
وممّا يشبّه به وغُيِّرتْ بعضُ حركاته الحَدَأَةُ، شِبْهُ فأس تُنقر به الحجارة. قال :
كالحَدَأ الوَقيعِ
وممّا شذَّ عن الباب حَدِئ بالمكان : لَزِق.
حدب : الحاء والدال والباء أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشَّيء. فالحَدَب ما ارتفع من الأرض. قال الله تعالى : ) وَهُمْ مِن كُلِّ حَدَب يَنْسِلُون (. والحَدَب في الظَّهر؛ يقال : حَدِب واحدَوْدَب. وناقة حَدْباء، إذا بدت حراقفُها؛ وكذلك الحِدْبار . يقال : هُنّ حُدْبٌ حَدَابيرُ. فأمّا قولهم : حَدِبَ عليه إذا عطَف وأشفق، فهو من هذا؛ لأنَّه كأنّه جَنَأَ عليه من الإشفاق، وذلك شبيهٌ بالحَدَب.
حدث : الحاء والدال والثاء أصلٌ واحد، وهو كونُ الشَّيء لم يكُنْ. يقال : حدثَ أمرٌ بَعْدَ أن لم يكُن. والرجُل الحَدَثُ : الطريُّ السّن. والحديثُ مِنْ هذا؛ لأنَّه كلامٌ يحْدُثُ منه الشَّيءُ بعدَ الشَّيء. ورجلٌ حدثٌ : حَسَن الحديث. ورجل حِدْثُ نساء، إذا كانَ يتحدَّث إليهنّ. ويقال : هذه حِدِّيثَى حَسَنَةٌ، كخِطِّيَبي، يراد به الحديثُ.
حدج : الحاء والدال والجيم أصلٌ واحد يقُرب من حَدَق بالشيء إذا أحاط به. فالتَّحديج في النظر مثل التَّحديق. ومن الباب الحِدْج : مركبٌ من مَراكب النِّساء. يقال : حَدَجْتُ البعير، إذا شددْتَ عليه الحِدج. قال الأعشى :
ومن الباب الحَدَجُ، وهو الحنظل إذا اشتدَّ وصَلُب، وإنّما قُلْنا ذلك لأنَّه مستدير.
حدّ : الحاء والدال أصلان : الأوّل المنع، والثاني طَرَفُ الشَّيء.
فالحدّ : الحاجز بَيْنَ الشَّيئين . وفلان محدودٌ، إذا كان ممنوعاً. و« إنّه لَمُحارَفٌ محدود »، كأنّه قد مُنِع الرِّزْقَ. ويقال للبوَّاب : حَدّاد، لمنْعِه النّاسَ من الدخول. قال الأعشى :
وقال النابغة في الحدّ والمنْع :
وقال آخر :
كانَ لها ما عَمِرَتْ حَدَّادَا
أي يكون بَوّابَها لئلا تَهْرُب. وسمِّي الحديدُ حديداً لامتناعه وصلابته وشدّته. والاستحداد : استعمال الحديد. ويقال : حَدَّت المرأة على بَعْلها وأَحَدَّت، وذلك إِذا مَنَعَتْ نَفْسَها الزِّينةَ والْخِضاب. والمحادّة : المخالَفَة، فكأنّه الممانعةُ. ويجوز أن يكون من الأصل الآخَر.
ويقال : ما لي عن هذا الأمر حَدَدٌ ومُحْتَدٌّ؛ أَي مَعْدَل وَمُمتَنَع. ويقال : حَدَداً، بمعنى مَعَاذَ الله. وأصله من المَنْع. قال الكميت :
وحَدُّ العاصي سُمِّي حَدّاً لأنَّه يمنعه عن المعاوَدَة. قال الدّريديّ : « يقال : هذا أمر حَدَدٌ؛ أَي منيع ».
وأمّا الأصل الآخَر فقولهم : حَدُّ السَّيف وهو حَرْفه، وحدُّ السِّكِّين. وحَدُّ الشَّراب : صلابته. قال الأعشى :
وكأْس كعَيْنِ الديك باكَرْتُ حَدَّها
وحَدُّ الرّجل : بأسُه. وهو تشبيه.
ومن المحمول الحِدّةَ التي تعتري الإنسان من النَّزق. تقول : حَدَدت على الرّجل أَحِدُّ حِدَّةً.
حدر : الحاء والدال والراء أصلان : الهبوط، والامتلاء.
فالأوّل : حَدَرْتُ الشَّيءَ، إذا أَنزَلْتَه . والحُدُور فعل الحادر. والحَدُور، بفتح الحاء : المكان تَنْحدِر منه.
والأصل الثاني قولُهم للشَّيء الممتلئ حادر : يقال : عَينٌ حَدْرَة بَدْرَة : ممتلِئة. وقد مضى شاهدُه . وناقةٌ حادرةُ العينين، إذا امتلأتَا. وسُمِّيت حَدْراءَ لذلك. ويقال : الحيدرة الأسد ويمكن أن يكون اشتقاقُه من هذا. ومنه حَدَر جلْدُه : تورّم، يَحدُرُ حدوراً ، وأحدرتُه : إذا ضربتَه حتّى تؤثّر فيه. والحَدْرة ـ بسكون الدال ـ : قُرْحَةٌ تخرج بباطن جَفْن العين. ويقال : حَيٌّ ذو حُدورة؛ أَي ذُو اجتماع وكَثْرة. قال :
والحُدْرَة : الصِّرمة ؛ سُمِّيت بذلك لتجمُّعها.
وممّا شذَّ عن الباب الحادُور : القُرْط. ويُنشد :
بائِنةُ المَنْكِبِ مِنْ حادُورِها
حدرج : الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، و موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت. فمن المنحوت : المُحدْرَج : هو المفتول حتَّى يتداخَلَ بعضُه في بعض فَيَمْلاَسَّ. وهي منحوتةٌ من كلمتين، من حدر ودرج. فحدر فَتَل، ودَرَج من أدرجت.
حدس : الحاء والدال والسين أصلٌ واحدٌ يُشْبه الرّمْي والسُّرعة وما أشبه ذلك. فالحَدْس الظنّ وقياسُهُ من الباب، لأنّا نقول : رَجَمَ بالظّنّ، كأنّه رَمَى به. والحَدْس : سُرعة السَّير. قال :
كأنّها مِنْ بَعْدِ سَيْر حَدْسِ
ويقال : حَدَس به الأرضَ حَدْساً، إذا صَرَعَهُ. قال :
ومنه أيضاً حَدَسْتُ في لَبَّةِ البعير، إذا وجَأْتَ في لَبَّتِه. وحدَسْتُ الشَّيءَ برِجْلِي : وطئتُه. وحَدَسْت النّاقَة، إذا أنَخْتَها. وحَدَسْتُ بسهمي : رمَيت.
حدق : الحاء والدال والقاف أصلٌ واحدٌ، وهو الشَّيء يحيط بشيء. يقال : حَدَقَ القومُ بالرّجُل وأحدقوا به. قال :
وحَدَقَة العين مِن هذا، وهي السَّواد؛ لأنّها تحيط بالصَّبِيّ ؛ والجمع حِداق. قال :
والتّحديق : شِدّة النّظر. والحديقة : الأرضُ ذاتُ الشجَر. والجِنْدِيقة : الحَدَقَة .
حدل : الحاء والدال واللام أصلٌ واحد، وهو المَيَل. يقال : رجلٌ أحدَلُ، إذا كان فيه شِقِّه مَيَل، وهو الحَدَل. قال أبو عمرو : الأحدَل : الذي في مَنْكِبَيه ورقَبَته انكبابٌ على صدره. ويقال : قَوْسٌ مُحْدَلة وحَدْلاء، وذلك إذا تطامنَتْ سِيتُها. والحَدْل : ضِدُّ العَدْل. قال أبو زيد : حَدَلَ عن الأمر يحدِل حدْلاً. وإنّه لحَدْلٌ غير عَدْل. وممّا شذَّ عن الباب وما أدري أصحيحٌ هو أم لا، قولهم : الحَوْدل الذَّكر من القِرَدة .
حدم : الحاء والدال والميم أصلٌ واحد، وهو اشتداد الحرّ. يقال : احتدم النهار : اشتدّ حَرُّه. واحتدم الحرّ. واحْتَدَمَتِ النّار. وللنّار حَدَمةٌ، وهو شِدَّتُها، ويقال : صوت التهابِها. قال الخليل : أحْدَمَتِ الشمسُ الشَّيء فاحتدم، واحتَدَم صدْرُه غيظاً. فأمّا احتِدام الدّم فقال قوم : اشتدت حُمْرَتُه حتّى يسودَّ؛ والصحيح أن يشتدّ حرُّه . قال الفرّاء : قِدْرٌ حُدَمَةٌ، إذا كانت سريعةَ الغَلْي؛ وهي ضدّ الصَّلُود.
حدا : الحاء والدال والحرف المعتلّ أصلٌ واحد، وهو السَّوق. يقال : حَدَا بإبله : زجَر بها وغَنَّى لها. ويقال للحمار إذا قَدَم أُتُنَه : هو يَحْدُوها. قال :
حادِي ثلاث من الحُقبِ السماحيج
ويقال للسهم إذا مرّ حَداه رِيشُه، وهَدَاه نَصْلُه. ويقال : حَدَوْتُه على كذا؛ أَي سُقْتُه وبعثتُه عليه. ويقال للشَّمال حَدْواءُ، لأنّها تحدُو السحابَ؛ أَي تسُوقُه.
قال العجّاج :
حَدْواءُ جاءَتْ مِنْ أعالي الطّورِ
وقولهم : فلان يتحدَّى فلاناً، إذا كانَ يُبارِيه ويُنازِعُه الغَلَبة. وهو من هذا الأصل؛ لأنَّه إذا فعل ذلك فكأنّه يحدوه على الأمر. يقال : أنا حُدَيَّاكَ لهذا الأمر؛ أَي ابرُزْ لي فيه. قال عمرو بن كلثوم :
حُدَيَّا النَّاسِ كلِّهمُ جميعاً
حذّ : الحاء والذال أصلٌ واحدٌ يدلّ على القَطْع والْخِفّة والسُّرعة، لا يشذُّ منه شيءٌ. فالحذُّ : القَطْعُ. والأَحَذُّ : المقطوع الذّنَب. ويقال : للقطاةِ حَذّاءُ، لقِصَر ذَنَبها. قال :
وأمْرٌ أحذّ : لا متعلّق فيه لأحَد، قد فُرِغ منه وأُحْكِم. قال :
قال الخليل : الأحذّ : الذي لا يتعلَّق به الشَّيء. ويسمَّى القلبُ أحَذّ. قال : وقصيدة حَذَّاءُ : لا يَتعلَّقُ بها من العيب شيءٌ لجوْدتها. والحَذّاءُ : اليَمين المنكَرَة يُقْتَطَعُ بها الحقُّ .
ومن هذا الباب في المُطابَق : قَرَبٌ حَذْحاذٌ ؛ أَي سريعٌ حثيث.
وفي حديث عُتْبَةَ بنِ غَزْوان : « إنّ الدُّنْيا قد آذنَتْ بصُرْم ووَلَّت حَذَّاءَ، ولم تَبْق منها صُبابةٌ إلاّ كصُبابة الإناء ».
حذر : الحاء والذال والراء أصلٌ واحد، وهو من التحرُّز والتيقُّظ. يقال : حَذِر يَحْذَر حَذَراً. ورَجُلٌ حَذِرٌ وحَذُورٌ وحِذْرِيانٌ : متيقِّظٌ متحرّز. وحَذَارِ، بمعنى احذَرْ. قال :
حَذَارِ من أرْماحِنا حَذَارِ
وقرئت : ) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ( . قالوا : متأهِّبون. و ) حَذِرُونَ ( : خائفون. والمحْذُورة : الفزَع. فأمّا الحِذْرِيَةُ فالمكانُ الغليظ : ويمكن أنْ يكون سُمِّي بذلك لأنَّه يُحذَر المشْيُ عليه .
حذق : الحاء والذال والقاف أصلٌ واحد، وهو القَطْع. يقال : حَذَق السِّكِّين الشَّيءَ، إذا قطَعه. قـال :
فذلك سِكِّينٌ على الحَلْقِ حاذِق
ومن هذا القياس الرّجُل الحاذِق في صِناعته، وهو الماهر، وذلك أنّه يَحْذِق الأمرَ يَقْطَعُه لا يدع فيه مُتَعلِّقاً. ومنه حِذْق القرآن. ومن قياسِه الحُذَاقيُّ، وهو الفَصيحُ اللِّسان؛ وذلك أنّه يَفْصِل الأُمورَ يَقطعها. ولذلك يسمَّى اللِّسان مِفْصَلاً. والباب كلُّه واحد.
ومن الباب حَذَقَ فاهُ الخلُّ إذ حَمَزَه، وذلك كالتَّقطيع يقَعُ فيه.
حذلق : الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، و موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت. فمن المنحوت : الحَذْلَقة : أظنُّها ليست عربيَّةً أصلية، وإنّما هي مولَّدة واللام فيها زائدة. وإنّما أصله الحِذْق. والحَذْلقة : ادّعاء الإنسان أكثَرَ ممّا عنده، يريد إظهار حِذْق بالشّيْء.
حرب : الحاء والراء والباء أُصولٌ ثلاثة : أحدها السّلْب، والآخَر دويْبَّة، والثالث بعضُ المجالس.
فالأوّل : الحَرْب، واشتقاقها من الحَرَب وهو السَّلْب. يقال : حَرَبْتُه مالَه، وقد حُرِب مالَه؛ أَي سُلِبَه، حَرَباً. والحَريبُ : المَحروبُ. ورجلٌ مِحْرَابٌ : شجاعٌ قَؤُومٌ بأمر الحَربِ مباشرٌ لها. وحَريبَةُ الرَّجُلِ : مالُه الذي يعيش به، فإذا سُلِبَه لم يَقُمْ بعده. ويقال : أسَدٌ حَرِبٌ؛ أَي من شدّة غضبِه كأنّه حُرِب شيئاً أي سُلِبه. وكذلك الرجل الحَرِب.
وأمّا الدويْبَّة فــ ــالحِرباء. يقال : أرض مُحَرْبِئة، إذا كثُر حِرباؤُها. وبها شبّه الحِرْباء، وهي مسامير الدُّروع. وكذلك حَرَابيّ المَتن، وهي لَحَماتُهُ.
والثالث : المِحراب، وهو صدر المجلس، والجمع مَحاريب. يقولون : المِحراب الغُرفةُ في قوله تعالى : ) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ) مريم : 11. وقال :
وممّا شذَّ عن هذه الأُصول الحُرْبة. ذكر ابنُ دريد أنَّها الغِرارَة السَّوداء. وأنشد :
حربث : الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، و موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت. أمّا الذي هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون له قياسٌ خَفِيَ علينا موضعُه، فمنه : الحُرْبُث : نبتٌ.
حرت : الحاء والراء والتاء أصلٌ واحد، وهو الدَّلْك، يقال : حَرَته حَرْناً، إذا دلكه دَلْكاً شديداً.
حرث : الحاء والراء والثاء أصلانِ متفاوتان : أحدهما الجمع والكَسْب، والآخر أنْ يُهْزَل الشَّيء.
فالأوّل الحَرْث، وهو الكَسْب والجمع، وبه سمِّي الرجل حارثاً. وفي الحديث : « احْرُثْ لدُنْياكَ كأنَّك تعيش أبداً، واعمَلْ لآخرتِك كأنّك تموت غداً ».
ومن هذا الباب حرث الزَّرع. والمرأة حرث الزَّوج؛ فهذا تشبيه، وذلك أنّها مُزْدَرَع ولده. قال الله تعالى : ) نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ( البقرة : 223. والأحرِثة : مَجارِي الأوتار في الأفواق ؛ لأنّها تجمعها.
وأمّا الأصل الآخر فيقال : حَرَثَ ناقتَه : هَزَلها؛ وأحرثها أيضاً. ومن ذلك قول الأنصار لمّا قال لهم معاوية : ما فعلَتْ نواضحُكم؟ قالوا : أحْرثْنَاها يَوْمَ بَدْر.
حرج : الحاء والراء والجيم أصلٌ واحد، وهو معظم الباب وإليه مرجع فروعه، وذلك تجمُّع الشَّيء وضِيقُه. فمنه الحَرَج جمع حَرَجة، وهي مجتمع شجر. ويقال في الجمع حَرَجات. قال :
ويقال : حِراجٌ أيضاً. قال :
عايَنَ حيّاً كالحراج نَعَمُهْ
ومن ذلك الحرَجَ الإثم، والحَرَج الضِّيق. قال الله تعالى : ) وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) الأنعام : 125. ويقال : حَرِجَتِ العينُ تَحرَج؛ أَي تحَارُ. وتقول : حَرِج عَلَيَّ ظُلْمك؛ أَي حرُم. ويقال : أحْرَجَهَا بتطليقَة؛ أَي حرّمَها. ويقولون : أَكسَعَها بالمُحْرِجات، يريدون بثلاث تطليقات. والحَرَج : السَّرير الذي تُحمَل عليه الموتى. والمِحَفَّةُ حَرَجٌ. قال :
وناقة حَرَجٌ وحُرْجُوجٌ : ضامرة، وذلك تداخُلُ عظامِها ولحمها. ومنه الحَرِجُ الرّجل الذي لا يكاد يبرحُ القتال.
وممّا شذّ عن هذا الباب قولهم : إنّ الْحِرْجَ الوَدَعة، والجمع أحراج. ويقال هو نَصيب الكلْب من لحم الصَّيْد. قال جحدر :
ويقال : الحِرْج الحِبالُ تُنْصَب. قال :
كأنَّها حِرجُ حابِلِ
حرجف : الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، و موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت. أمّا الذي هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون له قياسٌ خَفِيَ علينا موضعُه، فمنه : الحَرْجَفُ : الرِّيحُ الباردةُ.
حرجل : الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، و موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت. أمّا الذي هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون له قياسٌ خَفِيَ علينا موضعُه، فمنه : الحُرْجُل : الطويل.
حرجم : الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، و موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت. فمن المنحوت : احرَنْجَمَت الإبل، إذا ارتدَّ بعضُها على بعض. واحرنجم القومُ، إذا اجتمعوا. وهذه فيها نون وميم، وإنّما الأصل الحَرَجُ، وهو الشجر المجتمع الملتف، وقد مرّ اشتقاقُهُ وقياسُه.
حرد : الحاء والراء والدال أُصولٌ ثلاثة : القصد، والغضَب، والتنحِّي.
فالأوّل : القصد. يقال : حَرَدَ حَرْدَهُ؛ أَي قصد قصده. قال الله تعالى : ) وَغَدَوْا عَلَى حَرْد قَادِرِينَ) القلم : 25. و قال :
ومن هذا الباب الْحُرُود : مَباعر الإبل، واحدها حِرْد.
والثاني : الغضب؛ يقال : حَرِدَ الرّجل غَضِبَ حَرْداً، بسكون الراء . قال الطرمّاح :
وابن سَلْمى على حَرْدِ
ويقال : أسَدٌ حارد. قال :
والثالث : التنحِّي والعُدول. يقال : نزلَ فلانٌ حريداً؛ أَي متنحِّياً. وكوكب حَريد. قال جرير :
قال أبوزيد : الحريد هاهنا : المتحوِّل عن قومه. وقد حَرَدَ حُرُوداً. يقول : إنَّا لا نَنْزِل في غير قومنا من ضعف وذِلّة؛ لقوّتنا وكثْرتنا. والمحرَّد من كلّ شيء : المعوَّج. وحارَدَتِ الناقة، إذا قلَّ لبَنُها، وذلك أنّها عَدَلَتْ عمَّا كانت عليه من الدّرّ. وكذلك حارَدَت السنة إذا قَلَّ مطرها. وحَبْلٌ مُحَرَّدٌ، إذا ضفُر فصارت له حِرفةٌ لا عوِجاجه.
حرذ : الحاء والراء والذال ليس أصلاً، وليست فيه عربيةٌ صحيحة. وقد قالوا إنّ الجِرذَون دويْبَّة.
حرّ : الحاء والراء في المضاعف له أصلان : فالأوّل ما خالف العُبودِيّة وبَرِئ من العيب والنَّقص. يقال : هو حُرٌّ بيِّنُ الْحَرُورِيّة والحُرّيّة. ويقال : طِينٌ حُرٌّ : لا رمْل فيه. وباتَتْ فلانةُ بلَيْلَة حُرَّة، إذا لم يصل إليها بَعْلُها في أوّلِ ليلَة؛ فإنْ تمكَّن منها فقد باتَتْ بليلة شَيْبَاءَ. قال :
وحُرُّ الدّار : وَسَطها. وحُمِل على هذا شيء كثيرٌ، فقيل لولد الحيّة حُرٌّ. قال :
ويقال لذكَر القَمَاريّ ساقُ حُرٍّ. قال حُمَيد :
وامرأةٌ حُرّةُ الذِّفْرَى : أي حُرَّةُ مَجَالِ القرْط. قال :
وحُرُّ البَقْل : ما يُؤكلُ غيرَ مطبوخ. فأمّا قول طَرَفة :
فهو من الباب؛ أَي ليس هذا منك بحَسَن ولا جَميل. ويقال : حَرَّ الرّجلُ يَحَرُّ، من الحُرِّيّة.
والثاني : خلاف البَرْد، يقال : هذا يومٌ ذو حَرٍّ، ويومٌ حارٌّ. والحَرُور : الريح الحارّة تكون بالنهار واللَّيل. ومنه الحِرَّة، وهو العطَش. ويقولون في مَثَل : « حِرَّةٌ تحْتَ قِرَّة ».
ومن هذا الباب : الحَرِير، وهو المحرور الذي تداخَلَهُ غيظٌ من أمر نزل به. وامرأةٌ حريرة. قال :
يريد بالمكتّبة الصُّفْر القِداحَ.
والحَرَّة : أرض ذات حجارة سوداء . وهو عندي من الباب لأنَّها كأنّها محترقة. قال الكسائيّ : نهشل بن حَرِّيٍّ ، بتشديد الراء، كأنّه منسوب إلى الحَرَّ. قال الكسائيّ : حَرِرتَ يا يومُ تَحَرّ وحَرَرْتَ تَحِرّ، إذا اشتدَّ حَرُّ النَّهار.
حرز : الحاء والراء والزاء أصل واحد، وهو من الحِفْظ والتَّحفظ. يقال : حَرَزْتُه واحترزَ هو؛ أَي تحفَّظَ. وناسٌ يذهبون إلى أنّ هذه الزّاءَ مبدلةٌ مِن سين، وأنَّ الأصل الحَرْس، وهو وجهٌ. وفي الكتاب الذي للخليل أنّ الحَرَزَ جَوْز محكوكٌ يُلعَب به، والجمع أحْراز. قلنا : وهذا شيءٌ لا يعرَّج عليه ولا مَعْنَى له.
حرزق : الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، و موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت. فمن المنحوت : حَرْزَقْتُ الرّجلَ : حبستُه، وهذا منحوتٌ من حَزَقَ وحَرَزَ، من قولهم : أحرزت الشَّيء فهو حريز. والحَزْقُ فيه ضربٌ من التشديد، كما يقال : حَزَقْتُ الوَتَرَ وغيرَه. قال الأعشى :
بِساباطَ حتَّى ماتَ وهو مُحَرْزَقُ
حرس : الحاء والراء والسين أصلان : أحدهما الحِفْظ والآخر زمانٌ.
فالأوّل حَرَسَه يَحْرُسُه حَرْساً. والحَرَس : الحُرَّاس. وأمَّا حَرِيسَة الجَبَل، التي جاءت في الحديث، فيقال هي الشاة يُدركها اللَّيل قَبْلَ أُوِيِّها إلى مأواها، فكأنّها حُرِسَتْ هناك. وقال أبو عبيدة في حريسة الجبل : يجعلها بعضهم السَّرِقَة نفَسها؛ يقال : حَرَس يَحْرِسُ حَرْساً، إذا سَرَق. وهذا إنْ صحَّ فهو قريبٌ من الباب؛ لأنَّ السارق يرقُب الشَّيء كأنّه يحرُسه حتَّى يتمكّن منه. والأوّل أصحّ. وذلك قول أهل اللُّغة : إنّ الحَريسَةَ هي المحروسة. فيقول : « ليس فيما يُحرسُ بالجبل قَطْعٌ » لأنَّه ليس بموضع حِرْز.
حرش : الحاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ يرجع إليه فروعُ الباب. وهو الأثَر والتحزيز. فالحَرْش الأَثَر، ومنه سمِّي الرجل حراشاً . ولذلك يسمُّون الدِّينارَ أحْرَش لأنّ فيه خشونة. ويسمُّون الضبَّ أحْرَشَ؛ لأنَّ في جلده خشونةً وتحزيزاً.
ومن هذا الباب حَرَشْتُ الضبَّ ، وذلك أنْ تمسح جُحْرَهُ وتحرّكَ يدَكَ حتَّى يَظنّ أنّها حيّة فيُخْرِج ذنَبَه فتأخذَه. وذلك المَسْح له أثَرٌ. فهو من القياس الذي ذكرناه. والْحَرِيش : نوعٌ من الحيّات أرقَطُ. وربَّما قالوا حيّة حَرْشَاء، كما يقولون رَقْطاء. قال :
والحَرْشاء : حَبَّة تنبُت شبيهةٌ بالخَرْدَلِ. قال أبو النجم :
وانْحَتَّ مِن حَرشاءِ فَلْج خَرْدَلهْ
فأمّا قولهم : حَرَّشْت بينَهم، إذا أغرَيْتَ وألقيتَ العداوة، فهو من الباب؛ لأنّ ذلك كتحريز يقع في الصُّدور والقلوب.
ومن ذلك تسميتهم النُّقْبة، وهي أوَّل الجَرَب يَبْدُو، حَرْشاء. يقال : نُقْبةٌ حَرْشاء، وهي الباثِرَة التي لم تُطْلَ. وأنشد :
فأمّا قوله :
كما تطايَرَ مَنْدُوفُ الحراشِين
فيقال : إنّه شيءٌ في القطن لا تدَيِّثُهُ المطارق ، ولا يكون ذلك إلاّ لخشونة فيه.
حرشف : الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، و موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت. أمّا الذي هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون له قياسٌ خَفِيَ علينا موضعُه، فمنه : حَرْشَفُ السِّلاحِ : ما زُيِّن به.
حرص : الحاء والراء والصاد أصلان : أحدهما الشّقّ، والآخر الجَشَع.
فالأوّل الحَرْصُ الشَّقُّ؛ يقال : حَرَص القَصَّار الثوبَ إذا شقَّه. والحارِصَة من الشِّجاج : التي تشقُّ الجلد. ومنه الحرِيصة والحارِصَةُ، وهي السحابة التي تَقْشِر وجْهَ الأرض مِن شِدّة وَقْع مطرِها. قال :
انهلالُ حريصَة
وأمّا الجَشَع والإفراط في الرَّغْبة فيقال : حَرَصَ إذا جَشَع يَحْرِصُ حِرْصاً، فهو حريصٌ. قال الله تعالى : ) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ) النحل : 37. ويقال : حُرِصَ المَرْعَى ، إذا لم يُتْرك منه شيء؛ وذلك من الباب، كأنّه قُشِر عن وجْه الأرض.
حرض : الحاء والراء والضاد أصلان : أحدهما نبت، والآخَر دليلُ الذَّهاب والتّلَف والهلاك والضَّعف وشِبهِ ذلك.
فأمَّا الأوّل فالحُرْض الأُشنان، ومُعالِجُه الحَرّاض. والإحْرِيض : العُصْفُر. قال :
مُلْتَهِبٌ كلَهَبِ الإحْرِيضِ
والأصل الثاني : الحَرَض، وهو المُشْرِف على الهلاك. قال الله تعالى : ) حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) يوسف : 85. ويقال : حَرَّضْتُ فلاناً على كذا. زعم ناسٌ أنّ هذا من الباب. قال أبو إسحاق البصريُّ الزَّجّاج : وذلك أنّه إذا خالف فقَدْ أفْسَد. وقوله تعالى : ) حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ) الأنفال : 65؛ لأنّهم إذا خالَفُوه فقد أُهلِكوا. وسائر البابِ مقاربٌ هذا؛ لأنّهم يقولون هو حُرْضَة، وهو الذي يُنَاوَلُ قِدَاحَ الميسر ليضرب بها.
ويقال : إنّه لا يأكل اللحمَ أبداً بثَمن، إنّما يأكل ما يُعْطَى، فيُسمَّى حُرْضَةً؛ لأنَّه لا خَيْرَ عنده.
ومن الباب قولُهم للذي لا يُقاتِل ولا غَنَاء عِنْدَه ولا سِلاح معَه : حَرَض. قال الطرِمّاح :
حُمَاةً للعُزَّلِ الأحراضِ
ويقال : حَرَض الشَّيءُ وأحرضَهُ غيره، إذا فَسَد وأفسَدهُ غيرُه. وأحْرَضَ الرّجُل، إذا وُلِد له وَلَدُ سَوْءٌ. وربّما قالوا : حَرَضَ الحالبان النّاقةَ، إذا احتلبا لبنَها كلَّه.
حرف : الحاء والراء والفاء ثلاثة أُصول : حدُّ الشَّيء، والعُدول، وتقدير الشَّيْءِ.
فأمّا الحدّ فحرْفُ كلِّ شيء حدُّه، كالسيف وغيره. ومنه الحَرْف، وهو الوجْه. تقول : هو مِن أمرِه على حَرْف واحد؛ أَي طريقة واحدة. قال الله تعالى : ) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْف) الحج : 11. أي على وجه واحد. وذلك أنّ العبد يجبُ عليه طاعةُ ربِّه تعالى عند السرّاء والضرّاء، فإذا أطاعَه عند السرّاء وعَصاه عند الضرّاء فقد عَبَدَه على حرف. ألا تراه قال تعالى : ) فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ) الحج : 11. ويقال للناقةِ حَرْفٌ. قال قوم : هي الضامر، شبِّهت بحرف السَّيف. وقال آخرون : بل هي الضَّخْمة، شبِّهت بحرف الجَبل، وهو جانبُه. قال أوس :
وقال كعب بن زهير :
والأصل الثاني : الانحراف عن الشَّيء. يقال : انحرَفَ عنه يَنحرِف انحرافاً. وحرّفتُه أنا عنه؛ أَي عدَلْتُ به عنه. ولذلك يقال : مُحَارَفٌ، وذلك إذا حُورِف كَسْبهُ فمِيلَ به عنه، وذلك كتحريف الكلام، وهو عَدْلُه عن جِهته. قال الله تعالى : ) يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِه ( .
والأصل الثالث : المِحراف، حديدة يقَدَّر بها الجِراحات عند العِلاج. قال :
وزعم ناسٌ أنّ المُحارَفَ من هذا، كأنّه قُدِّر عليه رزقُه كما تقدَّر الجِراحةُ بالمحْراف.
ومن هذا الباب : فلانٌ يَحْرُف لعِياله؛ أَي يكسِب. وأجْوَدُ مِن هذا أن يقال فيه إنّ الفاءَ مبدلةٌ من ثاء. وهو من حَرَث أي كَسَبَ وجَمَعَ. وربّما قالوا أحْرَفَ فلانٌ إحرافاً، إذا نَمَا مالُه وصَلَُح. وفلان حَرِيفُ فلان أي مُعامِلُه. وكلّ ذلك من حَرَفَ واحترف أي كسَب. والأصلُ ما ذكرناه.
حرق : الحاء والراء والقاف أصلان : أحدهما حكُّ الشَّيء بالشيء مع حرارة والتهاب، وإليه يرجع فروعٌ كثيرة. والآخَر شيءٌ من البَدَن.
فالأوّل قولهم : حَرَقْتُ الشَّيءَ إذا بردْتَ وحككْتَ بعضَه ببعض. والعرب تقول : « هو يَحْرُقُ عليك الأُرَّم غَيظاً »، وذلك إذا حكَّ أسنانَه بعضَها ببعض. والأُرَّم هي الأسنان. قال :