أمه : وأمّا الهمزة والميم والهاء فقد ذكروا في قول الله : ) وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمَة ( يوسف : 45 على قراءة من قرأها كذلك ، أنّه النِّسيان؛ يقال : أمِهْتُ إِذَا نسِيتَ. وذا حرفٌ واحد لا يُقاسُ عليه.
أموي : وأمّا الهمزة والميم و ما بعدها من المعتلِّ فأصلٌ واحد. وهو عُبوديّة المملوكة. قال الخليل : الأمَة المرأة ذات عُبوديّة. تقول : أقرّتْ الأمُوَّة. قال :
كما تَهْدِي إلَى العُرُسَاتِ آمِ
وتقول : تأمَّيت فُلانةَ جعلتُها أَمَةً. وكذلك اسْتَأْمَيْتُ. قال :
يرضَوْنَ بالتَّعْبيدِ والتّأَمِّي
ولو قيل : تَأَمَّتْ؛ أَي صارت أمةً، لكان صواباً. وقال في الأُمِيّ :
ولقد أَمِيتِ وتَأَمَّيْتِ أُمُوَّةً. قال ابنُ الأعرابيّ. يقال : استَأمَتْ إذا أشْبَهَت الإماء؛ وليست بمستأمية إذا لم تشبِهْهن. وكذلك عبدٌ مستعبِدٌ.
أنب : الهمزة والنون والباء، حرفٌ واحد، أنَّبْته تأنيباً أي وبّخته ولُمته. والأُنبوب ما بين كلِّ عُقْدتين. ويزعمون أنّ الأنَاتَ المِسْك ، واللهُ أعلمُ بصحّته. وينشدون قولَ الفرزدق :
أنت : الهمزة والنون والتاء، شذَّ عن كتاب الخليل في هذا النّسق، وكذلك عن ابن دريد . وقال غيرهما : وهو يأنِت أي يَزْحَرُ . وقالوا أيضاً : المأنُوتُ المعْيُون. هذا عن أبي حاتم. ويقال : المأنوت المُقَدَّر. قال :
هيهات منها ماؤُها المأَنُوتُ
أنث : وأمّا الهمزة والنون والثاء فقال الخليل وغيره : الأُنثى خلاف الذكر. ويقال : سيف أنِيثُ الحديدِ، إذا كان حديدته أُنثَى . والأُنثَيانِ : الخُصيتَان. والأُنْثَيانِ أيضاً : الأُذُنانِ. قال :
وأرضٌ أنِيثَةٌ : حسنَة النَّبات.
أنح : الهمزة والنون والحاء أصلٌ واحدٌ، وهو صوتُ تنحنُح وزَحِير، يقال : أَنَحَ يأنَِحُ أَنْحاً، إذا تنحنح من مَرض أو بُهْر ولم يئِنَّ. قال :
قال أبو عُبيد : وهو صوتٌ مع تنحنُح. ومصدره الأُنُوح. والفِئام : الجماعة يَأْنِحون لها، يريد للمنجنيق. قال أبو عمرو : الآنِح على مثال فاعل : الذي إذا سُئِل شيئاً تنحنح من بُخْلِه، وهو يأنَح ويأنِح مثل يزْحَِرَ سواء. والأَنَّاح فَعّال منه. قال :
قال النَّضر : الأَنوح من الرِّجال الذي إذا حَمَل حِمْلاً قال : أح أح. قال :
الجاذي : القصير.
أنس : الهمزة والنون والسين أصلٌ واحد، وهو ظهورُ الشَّيء، وكلُّ شيء خالَفَ طريقة التوحُّش. قالوا : الإِنْس خلاف الجِنّ، وسُمُّوا لظهورهم. يقال : آنَسْتُ الشَّيءَ إذا رأيتَه. قال الله تعالَى : ) فإِنْ آنَسْتمْ مِنْهُمْ رُشْداً ( النساء : 6. ويقال : آنَسْتُ الشَّيءَ إذا سمعتَه. وهذا مستعارٌ من الأوّل. قال الحارث :
والأُنْس : أنْسُ الإنسانِ بالشيء إذا لم يسْتَوْحِشْ منه. والعرب تقول : كيف ابن إِنْسِك؟ إذا سأله عن نفسه. ويقال : إنسان وإنسانان وأُناسيُّ. وإنسان العين : صَبِيّها الذي في السَّواد .
أنض : الهمزة والنون والضاد كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها، يقال : لحم أَنِيضٌ، إذا بقي فيه نُهُوءَةٌ؛ أَي لم يَنْضَج. وقال زهير :
تقول : آنَضْتُه إيناضاً، وأَنُضَ أَناضَةً.
أنف : الهمزة والنون والفاء أصلان منهما يتفرَّع مسائلُ الباب كلّها : أحدهما أخْذ الشَّيءِ من أوّلِه، والثاني أَنْف كلِّ ذي أَنْف. وقياسه التحديد. فأمّا الأصل الأوّل فقال الخليل : استأنفت كذا؛ أَي رجعتُ إلَى أوّله، وائتنفت ائتنافاً. ومُؤْتَنَف الأَمْر : ما يُبْتَدأُ فيه. ومن هذا الباب قولهم : فعل كذا آنِفاً، كأنّه ابتداؤه. وقال الله تعالَى : ) قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً) محمد : 16.
والأصل الثاني الأنف، معروف، والعدد آنُفٌ ، والجَمْع أُنُوفٌ. وبعيرٌ مأنوفٌ يساق بأنفه، لأنَّه إذا عَقَره الخِشاشُ انقاد. وبعير أَنِفٌ وآنِفٌ مقصور ممدود. ومنه الحديث : «المسلمون هَيِّنُون لَيِّنون، كالجمل الأَنِف، إِنْ قِيدَ انْقَاد، وإِن أُنِيخ اسْتَنَاخ ». ورجل أُنَافِيٌّ عظيم الأنف. وأَنَفْتُ الرَّجلَ : ضربْتُ أنْفَه. وامرأةٌ أَنُوفٌ : طيِّبة ريح الأنْف. فأمّا قولهم : أَنِفَ مِن كذا، فهو من الأنْف أيضاً، وهو كقولهم للمتكبِّر : « ورِمَ أنفُهُ ». ذكر الأَنْف دون سائر الجسَد لأنَّه يقال شمَخ بأنْفه، يريد رفع رأسه كِبْراً، وهذا يكون من الغَضَب. قال :
ولا يُهاجُ إذا ما أَنْفُه وَرِما
أي لا يُكلَّم عند الغضَب. ويقال : « وجَعُهُ حيثُ لا يضَعُ الرَّاقي أَنْفَه ». يضرَب لما لا دواءَ له. قال أبو عبيدة : بنو أنف النَّاقة بنو جعفر بن قُريع بن عَوف بن كعب بن سعد، يقال : إنّهم نَحَروا جَزُوراً كانوا غنِموها في بعض غَزَواتهم، وقد تخلّف جعفر بن قُريع، فجاءَ ولم يبقَ من النّاقة إلاّ الأنف فذهب به، فسمَّوه به. هذا قول أبي عُبيدَة. وقال الكَلبيّ : سُمُّوا بذلك لأنّ قُريع بن عوف نَحَرَ جزوراً وكان له أربعُ نِسوة، فبعث إليهنّ بلحم خلا أمَّ جعفر، فقالتْ أُمُّ جعفر : اذهَبْ واطلُبْ من أبيك لحماً. فجاء ولم يبق إلاّ الأنف فأخذهُ فلزِمَه وهُجِيَ به. ولم يزالوا يُسَبُّون بذلك، إلَى أن قال الحطيئة :
فصار بذلك مدحاً لهم. وتقول العرب : فلان أَنْفِي؛ أَي عِزِّي ومَفخَرِي. قال شاعر :
وأَنْفِي في المَقامَة وافتخارِي
قال الخليل : أنْف اللِّحية طرَفُها، وأنف كلِّ شيء أوّله. قال :
وقد أخَذَتْ مِنْ أَنْفِ لِحيتَك اليدُ
وأنف الجبَل أوّلُه وما بَدَا لك منه. قال :
قال يعقوب : أنف البرد : أشدُّه. وجاء يعدُو أَنْفَ الشدّ؛ أَي أشدّه. وأنف الأرض ما استقبل الأرضَ من الجَلَد والضَّواحي. ورجل مِئنافٌ يسير في أنْف النهار. وخَمْرَةٌ أُنُفٌ أوّلُ ما يَخرج منها. قال :
وجارية أُنُفٌ مُؤتَنِفَة الشَّبابِ. قال ابنُ الأعرابيّ : أَنَّفت السِّراج إذا أحْدَدتَ طرفَه وسوَّيته، ومنه يقال في مدح الفَرس : « أُنِّفَ تأنيف السَّيْر » أي قُدَّ وسُوِّي كما يسوَّى السَّيْر. قال الأصمعيّ : سنانٌ مؤنَّف أي محدَّد. قال :
والتأنيف في العُرقوب : التَّحديد، ويُستحَبُّ ذلك من الفرس.
أنق : الهمزة والنون والقاف يدلُّ على أصل واحد، وهو المُعْجِبُ والإعجاب. قال الخليل : الأَنَق الإعجاب بالشّيء، تقول : أنِقْت به، وأنا آنَقُ به أَنَقاً، وأنا به أَنِقٌ أي مُعْجَبٌ. وآنَقَنِي يُونِقُنِي إِيناقاً. قال :
وشيءٌ أنيقٌ ونباتٌ أنيق. وقال في الأَنِقِ :
لا أَمِنٌ جَليسُهُ ولا أَنِقْ
أبو عمرو : أنِقْتُ الشَّيءَ آنَقَهُ أي أحبَبْتُه. وتأَنَّقْتُ المكانَ أحبَبْته. عن الفَرّاء. وقال الشيبانيّ : هو يتأنَّق في الأَنَق. والأَنَقُ من الكلأ وغيرهِ. وذلك أن ينتقي أفضلَه. قال :
جاء بنُو عَمِّك رُوَّادُ الأَنَقْ
وقد شذّت عن هذا الأصل كلمةٌ واحدةٌ : الأَنُوقُ، وهي الرَّخَمَة. وفي المثل : « طَلبَ بَيْضَ الأَنوق ». ويقال : إنّها لا تبيض، ويقال : بَلْ لا يُقدَر لها على بيض. وقال :
أنك : الهمزة والنون والكاف ليس فيه أصلٌ، غير أنّه قد ذُكِر الآنُك. ويقال : هو خالص الرصاص، ويقال : بل جنسٌ منه.
أنّ : وأمّا الهمزة والنون مضاعفة فأصلٌ واحد، وهو صوتٌ بتوجّع. قال الخليل يقول : أنّ الرجل يئِنّ أنيناً وأنّاً، وذلك صوته بتوجُّع. قال ذو الرُّمَّة :
ويقال : رجل أنّانٌ؛ أَي كثير الأنين. اللِّحيانيّ : يقال : القوس تئنّ أنيناً، إذا لان صوتها وامتدّ. قال الشاعر :
قال يعقوب : الأَنّانة من النساء : التي يموتُ عنها زوجُها وتتزوّج ثانياً فكلَّما رأته رَنَّتْ وقالت : رحم الله فُلاناً.
أنى : الهمزة والنون وما بعدهما من المعتلّ، له أُصول أربعة : البُطء وما أشبهه مِن الحِلم وغيره ، وساعةٌ من الزمان، وإدراك الشَّيء، وظَرف من الظروف. فأمّا ا لأوّل فقال الخليل : الأناةُ الحِلم، والفعل منه تأنَّى وتأَيَّا. وينشد قول الكُمَيت :
ويروَى « وتأَيَّ ». ويقال للتمكُّث في الأُمور التأنِّي. وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للذي تَخَطَّى رقابَ النّاس يوم الجمعة : «رأيتك آذَيْتَ وآنَيْتَ» يعني أخّرت المجيءَ وأبطأْت ، وقال الحطيئة :
ويقال من الأَناة رجُلٌ أَنِيٌّ ذو أَنَاة. قال :
واحْلُمْ فذُو الرَّأْي الأَنِيُّ الأحْلَمُ
وقيل لابنه الخُسّ : هل يُلْقِحُ الثَّنِيّ. قالت : نعم وإلقاحه أَنِيٌّ. أي بطيّ.
ويقال : فلان خَيْرُهُ أَنِيٌّ؛ أَي بطيّ. والأَنا، من الأناة والتُّؤَدة. قال :
طالَ الأَنَا وَزَايَلَ الحقَّ الأَشَرْ
وقال :
وتقول للرّجل : إنّه لذو أَناة؛ أَي لا يَعجَل في الأُمور، وهو آن وقورٌ. قال النابغة :
الرِّفْق يُمْنٌ والأَناةُ سَعادَةٌ فاستأْنِ في رفق تلاق نجاحا
واستأنيت فلاناً؛ أَي لم أُعْجِلْه. ويقال للمرأة الحليمة المباركة أناةٌ، والجمع أنَوَاتٌ. قال أبو عُبيد : الأَناة المرأة التي فيها فُتورٌ عند القيام.
وأمّا الزَّمان فالإنَى والأَنَى، ساعةٌ من ساعات الليل. والجمع آناءٌ، وكلُّ إنَى ساعةٌ. وابنُ الأعرابيّ : يقال أُنِيٌّ في الجميع . قال :
إذ الدَّلاء حَملتْهُنّ الدُّلِي
يقول : فِي أيّ ساعة جئِتَه وجدتَه يَضحك.
وأمّا إدراك الشَّيء فالإنَى، تقول : انتظرنا إنَى اللَّحم؛ أَي إدراكه. وتقول : ما أَنَى لك ولم يَأْنِ لك، أَي لم يَحِنْ. قال الله تعالَى : ) أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا) الحديد : 16 أي لم يَحِنْ. وآنَ يَئينُ. واستأنَيت الطعامَ؛ أَي انتظرتُ إدراكه. وَ ) حَمِيم آن) الرحمن : 44 قد انتهَى حَرُّه. والفعل أَنَى الماءُ المسخَّنُ يَأْنِي. و« عَيْنٌ آنِيَةٌ » قال عبّاس :
قال ابنُ الأعرابيّ : يقال : آن يَئِين أَيْناً وأَنَى لك يأْنِي أَنْياً؛ أَي حان. ويقال : أتَيْتُ فلاناً آيِنَةً بعد آيِنَة؛ أَي أحياناً بعد أحيان، ويقال : تارةً بعد تارة. وقال الله تعالَى : ) غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ) الأحزاب : 53.
وأمّا الظّرف فالإناء ممدود، من الآنيةِ. والأوانِي جمع جمع، يُجْمَع فِعال على أفعِلة.
أهب : الهمزة والهاء والباء كلمتان متباينتا الأصل، فالأُولى الإِهاب. قال ابنُ دُريد : الإِهاب الجِلْد قبل أن يُدْبَغ، والجمع أَهَبٌ. وهو أَحَدُ ما جُمع على فَعَل وواحدُه فعيلٌ وفعولٌ وفِعال : أديمٌ وأَدَمٌ، وأَفِيقٌ وأَفَقٌ، وعمُود وعَمَدٌ، وإِهاب وأَهَبٌ. وقال الخليل : كلُّ جلد إهابٌ، والجمع أَهَبٌ .
والكلمة الثَّانية التَّأهُّب. قال الخليل : تأَهّبُوا للسَّير. وأخَذَ فلانٌ أهْبَتَهُ، وتطرح الألف فيقال : هُبَتَه.
أهر : الهمزة والهاء والراء كلمةٌ واحدةٌ، لست عند الخليل ولا ابنِ دُرَيد . وقال غيرهما : الأَهَرَةُ متاعُ البيت.
أهل : الهمزة والهاء واللام أصلان متباعدان، أحدهما الأَهْل. قال الخليل : أهل الرجل زَوْجُه. والتأهُّل التَّزَوّج. وأهْل الرّجُل أخصُّ النّاسِ به. وأهل البيت سُكَّانه. وأهل الإسلام مَن يَدِينُ به. وجميع الأهل أَهْلُون. والأهالِي جماعةُ الجماعة. قال النابغة :
وتقول : أهَّلْتُه لهذا الأمر تأهيلاً. ومكان آهِلٌ مَأهول. قال :
وقال الراجز :
وكلُّ شيء من الدوابّ وغيرها إذا ألف مكاناً فهو آهِلٌ وأَهْلِيٌّ. وفي الحديث : «نَهَى عن لُحومِ الحُمُر الأهليّة». وقال بعضهم : تقولُ العرب : « آهَلَكَ الله في الجنَّة إيهالاً »؛ أَي زَوَّجَك فيها.
والأصل الآخر : الإهالة، قال الخليل : الإهالة الأَلْيَة ونحوُها، يُؤخَذ فيُقَطّع ويذاب. فتلك الإهالة، والجميل ، والجُمَالة.
أهن : الهمزة والهاء والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها. قال الخليل : الإِهان العُرْجون، وهو ما فوقَ شماريخ عِذْق التَّمر؛ أَي النخلة. وقال :
والعَدَد آهِنَة، والجميع أُهُنٌ.
أهّ : وأمّا الهمزة والهاء فليس بأصل واحد، لأنّ حكايات الأصوات ليست أُصولاً يقاس عليها لكنّهم يقولون : أهّ أهَّةً وآهة. قال مثقِّب :
أو : كلمة شكٍّ وإباحة.
أوب : الهمزة والواو والباء أصلٌ واحد، وهو الرجوع، ثمّ يشتقّ منه ما يبعد في السَّمْع قليلاً، والأصل واحد. قال الخليل : آبَ فلانٌ إلَى سيفه أي ردَّ يدَه ليستلَّه. والأَوب : ترجِيع الأيدي والقوائم في السَّيْر. قال كعبُ بنُ زُهير :
والفعل منه التأوِيب، ولذلك يسمُّون سيرَ النَّهارِ تأويباً، وسَيرَ الليل إِسآداً. وقال :
قال : والفَعلْة الواحدة تأويبة. والتأويب : التَّسبيح في قوله تعالَى : ) يَا جِبَالُ أَوِّبي مَعَهُ والطَّيْرَ) سبأ : 10. قال الأصمعيّ : أوّبْتُ الإِبلَ إذا روَّحتَها إلَى مَباءتِها. ويقال : تأوَّبنِي أي أتانِي ليلاً. قال :
قال أبو حاتم : وكان الأصمعي يفسّر الشِّعر الذي فيه ذِكْر « الإِيابِ » أنه مع الليل، ويحتجّ بقوله :
تأوَّبنِي داءٌ مع اللَّيلِ مُنصِبُ
وكذلك يفسِّر جميع ما في الأشعار. فقلتُ له : إنّما الإِياب الرُّجوع، أيَّ وقْت رجَعَ، تقول : قد آبَ المسافرُ؛ فكأنّه أراد أو أُوضِّح له، فقلت : قولُ عَبيد :
أهذا بالعشِيّ؟ فذَهَبَ يكلِّمُني فيه، فقلت : فقولُ الله تعالَى : ) إِنْ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ( الغاشية : 25 أهذا بالعشيّ؟ فسكت. قال أبو حاتم : ولكنّ أكثرَ ما يجيء على ما قال. رحِمَنا الله وإيّاه.
والمآب : المرجِع. قال أبو زياد : أُبْتُ القوم؛ أَي إلَى القوم. قال :
أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ
قال أبو عُبَيد : يسمَّى مَخْرَجُ الدّقيقِ من الرَّحَى المآبَ، لأنَّه يَؤوب إليه ما كان تحتَ الرَّحَى. قال الخليل : وتقول آيت الشمسُ إياباً، إذا غابت في مَآبِها؛ أَي مَغِيبها. قال أُميّة :
فرأَى مغِيبَ الشَّمسِ عند إيابها
قال النَّضْر : المؤَوِّبة الشمس، وتأويبها ما بينَ المشرِق والمغرب، تدأبُ يومَها وتؤُوب المغرِب. ويقال : « جاؤوا من كلِّ أوب » أي ناحية ووَجْه؛ وهو من ذلك أيضاً. والأوْبُ : النَّحل. قال الأصمعيّ : سمِّيت لانتِيابها المباءة، وذلك أنّها تَؤُوب من مسارحِها. وكأَنَّ واحد الأَوْبِ آيب، كما يقال آبَكَ اللهُ أبعدك الله. قـال :
أود : الهمزة والواو والدال أصلٌ واحد، وهو العطف والانثناء. أُدْتُ الشَّيءَ عطفتُه. وتأوّدَ النَّبْتُ مثلُ تعطَّفَ وتعوَّج. قال شاعر :
وإلَى هذا يرجع آدَنِي الشَّيءُ يؤُودُني، كأَنَّه ثقلُ عليك حتّى ثَنّاك وعَطَفَك. وأَوْدٌ قَبيلة، ويمكن أن يكون اشتقاقها من هذا. وأُود موضع. قـال :
أور : الهمزة والواو والراء أصلٌ واحد، وهو الحرّ. قال الخليل : الأُوار حَرّ الشَّمس، وحَرّ التَّنُّور. ويقال : أرضٌ أَوِرَةٌ. قال : وربّما جمعوا الأُوَارَ على الأُورِ. وأُوَارةُ : مكان. ويوم أُوارةَ كان أنَّ عمرَو بنَ المنذرِ اللخميَّ بَنَّى زُرارةَ بن عُدس ابناً له يُقال له : أَسعد، فلمّا تَرَعرَع الغُلامُ مرّتْ به ناقةٌ كَوماءُ فرمى ضَرعَها، فشَدَّ عليه ربُّها سُوَيْدٌ أحدُ بني عبدِ الله بن دارم فقتله، ثمّ هرب سُوَيدٌ فلحق مكّة، وزُرارة يومئذ عند عمرو بن المنذر، فكتَمَ قتْلَ ابنه أسعد، وجاء عمرو بن مِلْقط الطائيُّ ـ وكانت في نفسه حَسيكةٌ على زُرارة ـ فقال :
فقال عمرو بن المنذر : يا زُرارةُ ما تقول ؟ . قال : كذب، وقد علمتَ عداوته لي، قال : صدقْتَ. فلمّا جَنَّ عليه اللَّيلُ أجلَوَّذَ زُرارة ولحق بقومه، ثمّ لم يلبث أن مرِض ومات، فلمّا بلغ عَمْراً موتُه غزا بني دارم، وكان حَلَفَ ليقتُلنَّ منهم مئةً، فجاء حتَّى أناخ على أُوارة وقد نَذِرُوا وفرّوا ، فقتل منهم تسعةً وتسعين، فجاءه رجلٌ من البراجم شاعرٌ ليمدحَه، فأخذَهُ فقتله ليُوَفِّيَ به المئةَ، وقال : « إنّ الشقيّ وافِدُ البَرَاجم ». وقال الأَعشَى في ذلك :
والأُوَار : المكانُ . قال :
أوس : الهمزة والواو والسين كلمةٌ واحدةٌ، وهي العطيّة. وقالوا : أُسْتُ الرّجُلَ أَؤُوسُه أَوساً أعطيته. ويقال : الأَوْس العِوَض. قال الجعديّ :
أي المُسْتَعاض. وأوسٌ : الذئب، ويكون اشتقاقه ممّا ذكرناه، وتصغيره أُوَيْس. قال :
ما فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنَمْ
أوق : الهمزة والواو والقاف أصلان : الأوّل الثِّقل، والثاني مكان منْهبط. فأمّا الأوّل فالأَوْق الثِّقَل. قال ابنُ الأعرابيّ : يقال : آقَ عليهم؛ أَي ثقُل. قال :
يقول : أثقلهنَّ ما أَنْزَلَ بالأوَّل القَدَرُ، فهن يَخَفْنَ مثلَه. قال يعقوب : يقال : أوَّقت الإنسانَ، إذا حَمَّلْتَه ما لا يُطيقه. وأمّا التّأويق في الطَّعام فهو من ذلك أيضاً؛ لأنّ على النفس منه ثِقَلاً، وذلك تأخيره وتقليله. قال :
وقال الراجز :
أو أن تُرَيْ كَأَباءَ لمْ تَبْرَنْشِقِي
وأمّا الثّاني فالأُوقة، وهي هَبْطَةٌ يجتمع فيها الماء، والجمْع الأُوَق. قال رؤبة :
وانغَمَس الرَّامِي لها بَيْنَ الأُوَقْ
ويقال : الأُوقة القَلِيب .
أول : الهزة والواو واللام أصلان : ابتداء الأمر، وانتهاؤه. أمّا الأوّل فالأوّل، وهو مبتدأ الشَّيء، والمؤنَّثة الأولى، مثل أفعل وفُعْلى، وجمع الأُولَى أولَيات مثل الأُخرَى. فأمّا الأوائل فمنهم من يقول : تأسيس بناء « أوّل » من بعد همزة وواو ولام، وهو القولُ. ومنهم مَن يقول : تأسيسُه من وَاوَينِ بعدهما لام. وقد قالت العربُ للمؤنَّثة أَوَّلَةٌ. وجمعوها أَوَّلاَت. وأنشد في صفة جَمَل :
أي خُيَلاءُ أبيهِ ظاهرٌ في أولاده. أبو زَيد : ناقَةٌ أَوّلة وجمل أوّل، إذا تقدّما الإبل. والقياس في جمعه أواوِل، إلاّ أنَّ كلَّ واو وقعَتْ طرفاً أو قريبةً منه بعد ألف ساكنة قُلِبَتْ همزة. الخليل : رأيتُه عاماً أوَّلَ يا فتَى؛ لأنَّ أوّلَ على بناء أفْعَل، ومن نوَّن حَمَله على النكرة. قال أبو النَّجْم :
ما ذَاقَ ثُفْلاً مُنْذُ عَام أوَّلِ
ابنُ الأعرابيّ : خُذْ هذا أوّلَ ذاتِ يَدَينِ. وأوَّلَ ذِي أوّل، وأَوَّلَ أوّل؛ أَي قَبْلَ كلِّ شيء. ويقولون : « أمّا أوَّل ذاتِ يَدَيْن فإنِّي أحمَدُ الله ». والصَّلاة الأُولَى سمِّيت بذلك لأنّها أوّل ما صُلِّي. قال أبو زيد : كان الجاهليَّة يسمُّون يومَ الأحد الأَوّل. وأنشدوا فيه :
والأصل الثّاني. قال الخليل : الأَيِّل الذّكَر من الوُعول، والجمع أيائِل. وإنّما سمّي أيِّلاً لأنَّه يَؤُول إلَى الجبل يتحصَّن. قال أبو النجم :
شبّه ما التزَقَ بأذنابهنّ من أبعارِهنّ فيَبِس، بقرون الأوعال. وقولهم : آل اللّبنُ أي خَثُر من هذا الباب، وذلك لأنَّه لا يخثر إِلاَّ آخِر أمْرِهِ. قال الخليل أو غيرُه : الإيال على فِعال : وعاءٌ يُجمع فيه الشَّرابُ أيّاماً حتّى يَجُود. قال :
وآلَ يَؤُول أي رجع. قال يعقوب : يقال : « أَوَّلَ الحُكمَ إلَى أهْلِه » أي أرجَعه ورَدَّه إليهم. قال الأَعشَى :
أؤَوِّلُ الحُكْمَ إلَى أهلِهِ
قال الخليل : آلَ اللّبَنُ يَؤُولُ أَوْلاً وأَوُولاً : خَثُرَ. وكذلك النبات. قال أبو حاتم : آلَ اللَّبَنُ على الإصبع، وذلك أن يَرُوب فإذا جعلت فيه الإصبعَ قيل آلَ عليها. وآلَ القَطِران، إذا خَثُرَ. وآلَ جِسمُ الرّجل إذا نَحُفَ. وهو من الباب، لأنَّه يَحُورُ ويَحْرِي؛ أَي يرجعُ إلَى تلك الحال. والإِيالة السِّياسةُ من هذا الباب، لأنّ مرجعَ الرّعيةِ إلَى راعيها. قال الأصمعيّ : آلَ الرّجلُ رعِيّتَه يَؤُولُها إذا أحْسَنَ سياستَها. قال الرّاجز :
يَؤُولُها أَوَّلُ ذي سِياس
وتقول العرب في أمثالها : « اُلْنَا وإيلَ عَلَيْنا » أي سُسْنا وساسَنا غيرُنا. وقالوا في قول لبيد :
بِمُؤَتَّز تأتاله إبْهَامُهَا
هو تفعتل من ألْتُهُ أي أصلحته. ورجل آيل مال، مثال خائل مال؛ أَي سائسه. قال الأصمعيّ : يقال : رددته إلَى آيلته أي طَبْعه وسُوسه. وآلُ الرّجُلِ أهلُ بيتِه من هذا أيضاً لأنَّه إليه مآلُهم وإليهم مآلُه. وهذا معنَى قولهم يالَ فلان. وقال طَرَفة :
والدليل على أنّ ذلك من الأوّل وهو مخَفَّفٌ منه، قول شاعر :
وآلُ الرّجلِ شخصُه من هذا أيضاً. وكذلك آلُ كلِّ شيء. وذلك أنّهم يعبِّرون عنه بآلِه، وهم عشيرته، يقولون آل أبي بكر، وهم يريدون أبا بكر وفي هذا غموضٌ قليل. قال الخليل : آلُ الجَبَلِ أطرافُه ونَواحِيه. قال :
وآل البعير ألواحه وما أشْرَفَ من أقطارِ جسمه. قال :
وقال آخر :
تَرَى له آلاً وجِسْماً شَرْجَعَا
وآلُ الخَيْمة : العَُمَُد. قال :
والآلة : الحالة. قال :
ومن هذا الباب تأويل الكلام، وهو عاقبتُهُ وما يؤُولُ إليه، وذلك قوله تعالَى : ) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ ( الأعراف : 53. يقول : ما يَؤُول إليه في وقت بعثهم ونشورهم. وقال الأَعشَى :
يريد مرجعَه وعاقبتَه. وذلك مِنْ آل يَؤُولُ.
أون : الهمزة والواو والنون كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الرفق . يقال : آن يَؤُون أَوْناً، إذا رَفَق. قال شاعر :
وسَفَرٌ كانَ قلِيلَ الأَوْنِ
ويقال للمسافر : أُنْ على نفسك؛ أَي انَّدِعْ. وأُنْتُ أَؤُون أَوْناً؛ ورجل آئِنٌ.
أوه : الهمزة والواو والهاء كلمةٌ لست أصلاً يقاس عليها. يقال : تأَوّه إذا قال أَوَّهْ وأَوْهِ . والعرب تقول ذلك. قال :
وقوله تعالَى : ) إِنَّ إِبْرَهِيمَ لاََوَّاهٌ حَلِيمٌ ( هو الدَّعَّاء. أَوَّهْ فيه لغاتٌ : مدُّ الألف وتشديد الواو، وقصر الألف وتشديد الواو، ومدّ الألف وتخفيف الواو. وأَوْه بسكون الواو وكسر الهاء، وَأَوِّهْ بتشديد الواو وكسرها وسكون الهاء، وآهِ، وآوِ، وأَوْتَاه.
أوى : الهمزة والواو والياء أصلان : أحدهما التجمُّع، والثاني الإشفاق. قال الخليل : يقال : أَوَى الرّجلُ إلَى منزله وآوَى غَيرَه أُوِيّاً وإِيواءً. ويقال : أَوَى إِواءً أيضاً. والأُوِيُّ أحسن. قال الله تعالَى : ) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ ( الكهف : 10، وقال : ) وَآوَيْنَاهمَا إِلى رَبْوَة) المؤمنون : 50. والمأْوَى مكانُ كلِّ شيء يأوي إليه ليلاً أو نهاراً. وأَوَت الإبِلُ إلَى أهلها تأوِي أَوِيّاً فهي آوِيَةٌ. قال الخليل : التأوِّي التجمُّع، يقال تأوَّت الطَّيرُ إذا انضمّ بعضُها إلَى بعض، وهنَّ أُوِيٌّ ومُتَأَوِّيات. قال :
كما تَدَانَى الحِدَأُ الاْوِيُّ
شبّه كلَّ أُثفِيَّة بحِدَأة.
والأصل الآخر قولهم : أَوَيْتُ لفلان آوِي له مَأْوِيَةً، وهو أَنْ يرِق له ويَرْحمه. ويقال في المصدر أَيَّة أيضاً . قال أبو عُبيد : يقال : استَأْوَيْتُ فلاناً؛ أَي سألته أن يَأْوِيَ لي. قال :
ولو أَنَّني استأْوَيْتُه ما أَوَى لِيا
أيد : الهمزة والياء والدال أصلٌ واحد، يدلّ على القوةِ والحِفْظ. يقال : أيّدَه الله أي قوّاه الله. قال الله تعالَى : ) وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْد ( الذاريات : 47. فهذا معنَى القوّة. وأمّا الحفظ فالإياد كلُّ حاجز الشَّيءَ يَحفُظُه. قال ذو الرُّمّة :
أير : الهمزة والياء والراء كلمةٌ واحدةٌ وهي الرِّيح. واختُلِف فيها، قال قوم : هي حارّة ذات أُوار. فإن كانَ كذا فالياء في الأصل واوٌ، وقد مضى تفسير ذلك في الهمزة والواو والراء. وقال الآخرون : هي الشَّمال الباردة بلغة هُذَيل. قال :
أيس : الهمزة والياء والسين ليس أصلاً يقاس عليه، ولم يأتِ فيه إلاّ كلمتان ما أحسَِبهما من كلام العرب، وقد ذكرناهما لذكر الخليل إيّاهما. قال الخليل : أَيْسَ كلمةٌ قد أُمِيتَتْ ، غير أنّ العرب تقول : « ائت به من حيثُ أَيْسَ وليس » لم يُستعمل أَيْسَ إلاّ في هذه فقط، وإنّما معناها كمعنَى حيث هو في حال الكينونة والوُجْد والجِدَة. وقال : إِنّ « ليس » معناها لا أَيْسَ؛ أَي لا وُجْدَ.
والكلمة الأُخرَى قول الخليل إنّ التأييس الاستقلال؛ يقال : ما أيَّسْنَا فلاناً أي ما استقلَلْنا منه خيراً.
وكلمةٌ أُخرَى في قول المتلمِّس :
تُطيف به الأيَّامُ ما يتَأَيَّسُ
قال أبو عبيدة : لا يتأيَّس لا يؤثِّر فيه شيء. وأنشد :
إِنْ كنت جُلْمودَ صَخْر لا يُؤَيّسُهُ
أي لا يؤثّر فيه.
أيض : الهمزة والياء والضاد كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الرّجوع والعَوْد، يقال : آضَ يَئيضُ، إذا رجع. ومنه قولهم : قال ذاك أيضاً، وفعَله أيضاً.
أيق : الهمزة والياء والقاف كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاس عليها. قال الخليل : الأَيق الوَظيف، وهو موضع القَيد من الفَرَس. قال الطرماح :
الأصمعيّ وأبو عمرو : الأَيق القَبْن، وهو موضع القَيْد من الوظيف.
أيك : الهمزة والياء والكاف أصلٌ واحد، وهي اجتماعُ شجر. قال الخليل : الأيكة غَيضةٌ تُنْبِتُ السِّدرَ والأراك. ويقال أيكةٌ أَيِّكَةٌ، وتكون من ناعم الشّجر. وقال أصحاب التفسير : كانوا أصحابَ شجر ملْتَفّ. يعني قوله تعالَى : ) كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ) الشعراء : 176 قال أبو زياد : الأيْكة جماعة الأَرَاك. قال الأخطل من النَّخيل في قوله :
أيم : الهمزة والياء والميم ثلاثة أُصول متباينة : الدُّخَان، والحيَّة، والمرأة لا زوج لها.
أمّا الأوّل فقال الخليل : الإُِيَام الدُّخَان. قال أبو ذؤيب :
يعني أنَّ العاسِل جَلاَ النَّحلَ بالدُّخان. قال الأصمعيّ : آمَ الرجل يؤوم إياماً، دَخَّنَ على الخليّة ليخرج نَحلُها فيشتار عسلَها، فهو آيم، والنَّحلة مَؤُومةٌ، وإن شئتَ مَؤُومٌ عليها.
وأمّا الثَّاني فالأيْم من الحيّات الأبيض، قال شاعـر :
وقال رؤبة :
قال يونس : هو الجانّ من الحيات. وبنو تميم تقول أيْنٌ. قال الأصمعيّ : أصله التشديد، يقال : أَيِّمٌ وَأَيْمٌ، كَهَيِّن وَهَيْن. قال :
والثالث الأيِّم : المرأة لا بَعْلَ لها والرجل لا مَرأَةَ له. وقال تعالَى : ) وَأَنْكِحُوا الاَْيَامَى مِنْكُمْ) النور : 32. وآمت المرأة تئيمُ أَيْمَةً وَأُيُوماً. قال :
أين : الهمزة والياء والنون يدلّ على الإعياء، وقُرب الشَّيء. أمّا الأوَّل فالأيْن الإعياء. ويقال : لا يُبْنَى منه فِعلٌ. وقد قالوا آنَ يَئين أَيْناً. وأمّا القُرب فقالوا : آنَ لَكَ يَئِينُ أَيْناً.
وأمّ الحيَّة التي تُدْعَى « الأيْن » فذلك إبدالٌ والأصل الميم. قال شاعر :
أيه : وأمّا الهمزة والياء والهاء فهو حرفٌ واحد، يقال : أَيَّهَ تأيِيهاً إذا صوَّت. وقد قلنا إنّ الأصواتَ لا يُقاس عليها.
أيّ : كلمة تعجُّب واستفهام، يقال : تأيّيتُ على تفعّلت : أي تمكَّثت . وهو قول القائل :
وعلمت أنْ ليست بدارِ تَئِيّة
وأمّا تأيَّيت والآيَة فقد ذكر في بابه. وآء ممدود شجرٌ، وهو قوله :
قال الخليل : يقال لحكاية الأصوات في العساكر ونحوها : آء. قال :
وقد قلنا : إنّ الأصوات في الحكايات ليست اُصولاً يقاس عليها.
أيى : الهمزة والياء والياء أصلٌ واحد، وهو النَّظَر . يقال : تأيَّا يتأيَّا تَأيِّياً؛ أَي تمكّث. قال :
قال لبيد :
أي انصرفتُ على تُؤَدة. ابن الأعرابيّ : تأيّيْت الأَمرَ انتظرت إمكانَه.
ويقال : ليست هذه بدار تَئِيّة ؛ أَي مُقام.
وأصلٌ آخر وهو التعمُّد، يقال : تآيَيْتُ، على تفاعلت، وأصله تعمَّدت آيَتَه وشخْصَه. قال :
به آتآيا كُلَّ شأْن ومَفْرِق
وقالوا : الآية العلامة، وهذه آيةٌ مَأْيَاةٌ، كقولك : عَلامَة مَعْلَمَة. وقد أيَّيْت . قال :
قالوا : وأصل آية أَأْيَة بوزن أعْية، مهموز همزتين، فخفّفت الأخيرة فامتدّت. قال سيبويه : موضع العين من الآية واو؛ لأنّ ما كان موضع العين منه واواً، واللام ياءً، أكثَرُ ممّا موضِع العينِ واللامِ منه ياءان، مثل شوَيتُ، هو أكثر في الكلام من حَيِيتُ. قال الأصمعيّ : آيةُ الرّجُل شخْصُه. قال الخليل : خرَجَ القوم بآيتهم أي بجماعتهم. قال بُرْج بن مُسْهِر :
ومنه آية القرآن لأنّها جماعةُ حروف، والجمعُ آيٌ. وإياة الشَّمس ضوؤُها، وهو من ذاك، لأنَّه كالعلامة لها. قال :